فأن تصحبه بالتفضل والإنصاف، وتكرمه كما يكرمك ولا تدعه يسبق إلى مكرمة، فان سبق كافأته، وتودّه كما يودك، وتزجره عما يهم به من معصية، وكن عليه رحمة ولا تكن عليه عذابا ولا قوة إلا بالله.
وأما
فإن غاب كفيته، وإن حضر رعيته، ولا تحكم دون حكمه، ولا تعمل برأيك دون مناظرته، وتحفظ عليه ماله، ولا تخونه فيما عز أو هان من أمره فإن يد الله تبارك وتعالى على أيدي الشريكين ما لم يتخاونا ولا قوة إلا بالله.
وأما
فأن لا تأخذه إلا من حله، ولا تنفقه إلا في وجهه، ولا تؤثر به على نفسك من لا يحمدك، فاعمل فيه بطاعة ربك ولا تبخل به فتبوء بالحسرة و الندامة مع التبعة ولا قوة إلا بالله.
وأما
الذي يطالبك فإن كنت موسرا أعطيته وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول ورددته عن نفسك ردا لطيفا.
و
أن لا تغره ولا تغشه ولا تخدعه وتتقي الله تبارك وتعالى في أمره.
و
، فإن كان ما يدعي عليك حقا كنت شاهده على نفسك، ولم تظلمه وأوفيته حقه، وإن كان ما يدعي به باطلا رفقت به ولم تأت في أمره غير الرفق، ولم تسخط ربك في أمره ولا قوة إلا بالله.
و
إن كنت محقا في دعواك أجملت مقاولته، و لم تجحد حقه وإن كنت مبطلا في دعواك اتقيت الله عزوجل وتبت إليه وتركت الدعوى.
و
إن علمت أن (في الامالي: إن علمت له رأيا حسنا) له رأيا أشرت عليه وإن لم تعلم أرشدته إلى من يعلم.
و
أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه وإن وافقك حمدت الله عز وجل.
و
أن تؤدي إليه النصيحة، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به.
و
أن تلين له جناحك وتصغي إليه بسمعك، فان أتى بالصواب حمدت الله عز وجل وإن لم وافق رجمته ولم تتهمه وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة، فلا تعبأ بشيء من أمره على حال ولا قوة إلا بالله.
و
توقيره لسنه، وإجلاله لتقدمه في الإسلام قبلك، وترك مقابلته عند الخصام، ولا تسبقه إلى طريق، ولا تتقدمه، ولا تستجهله وإن جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الإسلام وحرمته.
و
رحمته في تعليمه والعفو عنه والتسر عليه والرفق به والمعونة له.
و
إعطاؤه على قدر حاجته.
و
إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضلة، وإن منع فاقبل عذره.
و
به أن تحمد الله عزوجل أولا ثم تشكره.
و
أن تعفو عنه وإن علمت أن العفو يضر انتصرت قال الله تبارك وتعالى "ولمن انتصر من بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل" (الشورى/40).
و
إضمار السلامة لهم والرحمة لهم، والرفق بمسيئهم وتألفهم واستصلاحهم، وشكر محسنهم وكف الأذى عنهم، وتحب لهم ما تحب لنفسك، و تكره لهم ما تكره لنفسك، وأن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك، وشبابهم بمنزلة اخوتك، وعجائزهم بمنزلة أمك، والصغار بالمنزلة أولادك.
و
أن تقبل منهم ما قبل الله عز وجل [منهم] ولا تظلمهم ما وفوا لله عز وجل بعهده (الخصال ج2: 126).
أخرى ( من أمالي الصدوق )
لي: ابن موسى، عن الأسدي، عن البرمكي، عن عبدالله بن أحمد، عن إسماعيل بن الفضل، عن الثمالي، عن سيد العابدين علي بن الحسين عليه السلام قال: حق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عزوجل وحق اللسان إكرامه عن الخنى إلى آخر الخبر (أمالى الصدوق: 222 الرقم:59).
2 - ف: رسالة علي بن الحسين عليه السلام المعروفة برسالة الحقوق:
اعلم رحمك الله أن لله عليك حقوقا محيطة بك في كل حركة حركتها، أو سكنة سكنتها، أو منزله نزلتها، أو جارحة قلبتها أو آلة تصرفت بها، بعضها أكبر من بعض وأكبر حقوق الله عليك ما أوجبه لنفسه تبارك وتعالى من حقه الذي هو أصل الحقوق ومنه تفرع، ثم ما أوجبه عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك على اختلاف جوارحك فجعل لبصرك عليك حقا، ولسمعك عليك حقا، وللسانك عليك حقا وليدك عليك حقا، ولرجلك عليك حقا، ولبطنك عليك حقا [ ولفرجك عليك حقا، فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال. ثم جعل عزوجل لأفعالك حقوقا: فجعل لصلاتك عليك حقا ]، ولصومك عليك حقا، ولصدقتك عليك حقا، ولهديك عليك حقا، ولأفعالك عليك حقا. ثم تخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك، وأوجبها عليك حقا أئمتك ثم حقوق رعيتك، ثم حقوق رحمك. فهذه حقوق يتشعب منها حقوق فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك حق سائسك بالسلطان، ثم [ حق ] سائسك بالعلم، ثم حق سائسك بالملك وكل سائس إمام وحقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك حق رعيتك بالسلطان ثم حق رعيتك بالعلم فان الجاهل رعية العالم وحق رعيتك بالملك من الأزواج وما ملكت من الايمان وحقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة. فأوجبها عليك حق أمك ثم حق أبيك، ثم حق ولدك، ثم حق أخيك ثم الأقرب فالأقرب والأول فالأول، ثم حق مولاك المنعم عليك، ثم حق مولاك الجاري نعمته عليك، ثم حق ذي المعروف لديك ثم حق مؤذنك بالصلاة، ثم حق إمامك في صلاتك، ثم حق جليسك، ثم حق جارك، ثم حق صاحبك ثم حق شريكك، ثم حق مالك، ثم حق غريمك الذي تطالبه، ثم حق غريمك الذي يطالبك، ثم حق خليطك، ثم حق خصمك المدعي عليك ثم حق خصمك الذي تدعي عليه، ثم حق مستشيرك، ثم حق المشير عليك
ثم حق مستنصحك، ثم حق الناصح لك، ثم حق من هو أكبر منك، ثم حق من هو أصغر منك، ثم حق سائلك، ثم حق من سألته، ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل أو مسرة بذلك بقول أو فعل عن تعمد منه أو غير تعمد منه ثم حق أهل ملتك عامة، ثم حق أهل الذمة، ثم الحقوق الحادثة بقدر علل الأحوال وتصرف الأسباب فطوبى لمن أعانه الله على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه ووفقه وسدده. فأما حق الله الأكبر فأنك تعبده لا تشرك به شيئا، فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة، ويحفظ لك ما تحب منها. وأما حق نفسك عليك فأن تستوفيها في طاعة الله، فتودي إلى لسانك حقه وإلى سمعك حقه، وإلى بصرك حقه، وإلى يدك حقها، وإلى رجلك حقها، وإلى بطنك حقه ، وإلى فرجك حقه وتستعين بالله على ذلك. وأما حق اللسان فإكرامه عن الخنى، وتعويده الخير، وحمله على الأدب وإجمامه إلا لموضع الحاجة والمنفعة للدين والدنيا، وإعفاؤه عن الفضول الشنعة القليلة الفائدة التي لا يؤمن ضررها مع قلة عائدتها، ويعد شاهد العقل، والدليل عليه وتزين العاقل بعقله [ و ] حسن سيرته في لسانه ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وأما حق السمع فتنزيهه عن أن تجعله طريقا إلى قلبك إلا لفوهة كريمة تحدث في قلبك خيرا أو تكسبك خلقا كريما فإنه باب الكلام إلى القلب يودي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شر ولا قوة إلا بالله. وأما حق بصرك فغضه عما لا يحل لك، وترك ابتذاله إلا لموضع عبرة، تستقبل بها بصرا أو تستفيد بها علما، فان البصر باب الاعتبار. وأما حق رجليك فأنلا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك، ولا تجعلها مطيتك في الطريق المستخفة بأهلها فيها، فانها حاملتك وسالكة بك مسلك الدين، والسبق لك ولا قوة إلا بالله. وأما حق يدك فأن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك فتنال بما تبسطها إليه من الله العقوبة في الأجل ، ومن الناس بلسان اللائمة في العاجل، ولا تقبضها مما افترض الله عليها ولكن توقرها به : تقبضها عن كثير مما لا يحل لها، وتبسطها بكثير مما ليس عليها فإذا هي قد عقلت وشرفت في العاجل وجب لها حسن الثواب من الله في الأجل. وأما حق بطنك فأن لا تجعله وعاء لقليل من الحرام ولا لكثير، وأن تقتصد له في الحلال ولا تخرجه من حد التقوية إلى حد التهوين وذهاب المروة، فان الشبع المنتهى بصاحبه إلى التخم مكسلة ومثبطة ومقطعة عن كل بر وكرم وإن الرأي المنتهى بصاحبه إلى السكر مسخفة ومجهلة ومذهبة للمروة. وأما حق فرجك فحفظه مما لا يحل لك والاستعانة عليه بغض البصر فإنه من أعون الأعوان ، وضبطه إذا هم بالجوع والظمأ، وكثرة ذكر الموت والتهدد لنفسك بالله، والتخويف لها به ، وبالله العصمة والتأييد ولا حول ولا قوة إلا به. ثم حقوق الأفعال فأما حق الصلاة فأن تعلم أنها وفادة إلى الله وأنك قائم بها بين يدي الله فإذا علمت ذلك كنت خليقا أن تقوم فيها مقام الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي المسكين المتضرع، المعظم من قام بين يديه بالسكون والإطراق وخشوع الأطراف، ولين الجناح، وحسن المناجاة له في نفسه و [ الطلب ] إليه في فكاك رقبتك التي أحاطت بها خطيئتك، واستهلكتها ذنوبك ولا قوة إلا بالله . وأما حق الصوم فأن تعلم أنه حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وفرجك وبطنك ليسترك به من النار، وهكذا جاء في الحديث " الصوم جنة من النار " فان سكنت أطرافك في حجبتها رجوت أن تكون محجوبا وإن أنت تركتها تضطرب في حجابها وترفع جنبات الحجاب فتطلع إلى ما ليس لها بالنظرة الداعية للشهوة والقوة الخارجة عن حد التقية لله، لم يؤمن أن تخرق الحجاب، وتخرج منه، ولا قوة إلا بالله. وأما حق الصدقة فأن تعلم أنها ذخرك عند ربك، ووديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد، فإذا علمت ذلك كنت بما استودعته سرا أوثق بما استودعته علانية، وكنت جديرا أن تكون أسررت إليه أمرا أعلنته، وكان الأمر بينك وبينه فيها سرا على كل حال ولم يستظهر عليه فيما استودعته منها إشهاد الإسماع والإبصار عليه بها، كأنها أوثق في نفسك وكأنك لا تثق به في تأدية وديعتك إليك ثم لم تمتن بها على أحد لأنها لك، فإذا امتننت بها لم تأمن أن يكون بها مثل تهجين حالك منها إلى من مننت بها عليه، لان في ذلك دليلا على أنك لم ترد نفسك بها، ولو أردت نفسك بها لم تمتن بها على أحد ولا قوة إلا بالله. وأما حق الهدي فأن تخلص بها الإرادة إلى ربك، والتعرض لرحمته وقبوله ولا ترد عيون الناظرين دونه، فإذا كنت كذلك لم تكن متكلفا ولا متصنعا وكنت إنما تقصد إلى الله. واعلم أن الله يراد باليسير ولا يراد بالعسير كما أراد بخلقه التيسير ولم يرد بهم التعسير، وكذلك التذلل أولى بك من التدهقن لان الكلفة والمؤنة في المتدهقنين فأما التذلل والتمسكن فلا كلفه فيهما، ولا مؤنة عليهما، لأنهما الخلقة وهما موجودان في الطبيعة، ولا قوة إلا بالله. ثم حقوق الأئمة فأما حق سائسك بالسلطان فأن تعلم أنك جعلت له فتنة وأنه مبتلى فيك بما جعله الله له عليك من السلطان، وأن تخلص له في النصيحة وأن لا تماحكه وقد بسطت يده عليك، فتكون سبب هلاك نفسك وهلاكه وتذلل وتلطف لإعطائه من الرضى مايكفه عنك ولا يضر بدينك، وتستعين عليه في ذلك بالله، ولا تعازه ولا تعانده فانك إن فعلت ذلك عققته وعققت نفسك، فعرضتها لمكروهه، وعرضته للهلكة فيك، وكنت خليقا أن تكون معينا له على نفسك وشريكا له فيما أتى إليك ولا قوة إلا بالله. وأما حق سائسك بالعلم فالتعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه والإقبال، عليه، والمعونة له على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم، بأن تفرغ له عقلك، وتحضره فهمك، وتذكي له [ قلبك ] وتجلي له بصرك بترك اللذات، ونقض الشهوات وأن تعلم أنك فيما ألقى، رسوله إلى من لقيك من أهل الجهل فلزمك حسن التأدية عنه إليهم، ولا تخنه في تأدية رسالته، والفيام بها عنه، إذا تقلدتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وأما حق سائسك بالملك فنحو من سائسك بالسلطان إلا أن هذا يملك ما لا يملكه ذاك، تلزمك طاعته فيما دق وجل منك إلا أن تخرجك من وجوب حق الله فان حق الله يحول بينك وبين حقه وحقوق الخلق فإذا قضيته رجعت إلى حقه فتشاغلت به ولا قوة إلا بالله. ثم حقوق الرعية فأما حقوق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنك إنما استرعيتهم بفضل قوتك عليهم، فانه إنما أحلهم محل الرعية لك ضعفهم وذلهم، فما أولى من كفاكه ضعفه وذله حتى صيره لك رعية وصير حكمك عليه نافذا لا يمتنع منك بعزة ولا قوة ولا يستنصر فيما تعاظمه منك إلا بالله: بالرحمة والحياطة والأناة وما أولاك إذا عرفت ما أعطاك الله من فضل هذه العزة والقوة التي قهرت بها أن تكون لله شاكرا ومن شكر الله أعطاه فيما أنعم عليه ولا قوة إلا بالله. وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله قد جعلك لهم [ قيما ] فيما آتاك من العلم وولاك من خزانة الحكمة فان أحسنت فيما ولاك الله من ذلك وقمت به لهم مقام الخازن الشفيق الناصح لمولاه في عبيده الصابر المحتسب الذي إذا رأى ذا حاجة أخرج له من الأموال التي في يديه راشدا وكنت لذلك آملا معتقدا وإلا كنت له خائنا و لخلقه ظالما ولسلبه وغيره متعرضا. وأما حق رعيتك بملك النكاح فأن تعلم أن الله جعلها سكنا ومستراحا وانسا وواقية وكذلك كل واحد منكما يجب أن يحمد الله على صاحبه ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها، وإن كان حقك عليها أغلظ وطاعتك لها ألزم فيما أحببت وكرهت ما لم تكن معصية، فان لها حق الرحمة والمؤانسة، وموضع السكون إليها قضاء اللذة التي لا بد من قضائها وذلك عظيم ولا قوة إلا بالله. وأما حق رعيتك بملك اليمين فأن تعلم أنه خلق ربك ولحمك ودمك وأنك تملكه لا أنت صنعته دون الله ولا خلقت له سمعا ولا بصرا ولا أجريت له رزقا ولكن الله كفاك ذلك بمن سخره لك و ائتمنك عليه واستودعك إياه لتحفظه فيه وتسير فيه بسيرته فتطعمه مما تأكل، وتلبسه مما تلبس، ولا تكلفه ما لا يطيق، فان كرهته خرجت إلى الله منه واستبدلت به، ولم تعذب خلق الله ولا قوة إلا بالله. وأما حق الرحم فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا، وأنها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة بذلك فرحة موبلة محتملة لما فيه مكروهها وألمه وثقله وغمه، حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض فرضيت أن تشبع وتجوع هي وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمأ، وتظلك وتضحى وتنعمك ببؤسها وتلذذك بالنوم بأرقها وكان بطنها لك وعاء، وحجرها لك حواء وثديها لك سقاء، ونفسها لك وقاء، تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك، فتشكرها على قدر ذلك ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه. وأما حق أبيك فتعلم أنه أصلك وأنك فرعه وأنك لولاه لم تكن فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه واحمد الله واشكره على قدر ذلك [ ولا قوة إلا بالله ]. وأما حق ولدك فتعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه والمعونة له على طاعته فيك وفي نفسه، فمثاب على ذلك ومعاقب فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا المعذر إلى ربه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه والأخذ له منه ولا قوة إلا بالله. وأما حق أخيك فتعلم أنه يدك التي تبسطها وظهرك الذي تلتجي إليه وعزك الذي تعتمد عليه، وقوتك التي تصول بها، فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ولا عدة للظلم بخلق الله، ولا تدع نصرته على نفسه، ومعونته على عدوه والحول بينه وبين شياطينه وتأدية النصيحة إليه ، والإقبال عليه في الله فان انقاد لربه وأحسن الإجابة له، وإلا فليكن الله آثر عندك وأكرم عليك منه.
وأما حق المنعم عليك بالولاء فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله، وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وانسها وأطلقك من أسر الملكة وفك عنك حلق العبودية وأوجدك رائحة العز وأخرجك من سجن القهر، ودفع عنك العسر وبسط لك لسان الإنصاف ، وأباحك الدنيا كلها فملكك نفك وحل أسرك وفرغك لعبادة ربك واحتمل بذلك التقصير في ماله فتعلم أنه أولى الخلق بك بعد أولي رحمك في حياتك وموتك وأحق الخلق بنصرك ومعونتك، ومكانفتك في ذات الله فلا تؤثر عليه نفسك ما احتاج إليك أبدا. وأما حق مولاك الجارية عليه نعمتك فأن تعلم أن الله جعلك حامية عليه، وواقية وناصرا ومعقلا وجعله لك وسيلة وسببا بينك وبينه، فبالحري أن يحجبك عن النار فيكون في ذلك ثوابك منه في الأجل ويحكم لك بميراثه في العاجل إذا لم يكن له رحم مكافاة لما أنفقته من مالك عليه وقمت به من حقه بعد إنفاق مالك، فان لم تخفه خيف عليك أن لا يطيب لك ميراثه ولا قوة إلا بالله. وأما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه وتنشر به القالة الحسنة وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله سبحانك فانك إذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية ثم إن أمكنك مكافأته بالفعل كافأته وإلا كنت مرصدا له موطنا نفسك عليها. وأما حق المؤذن فأن تعلم أنه مذكرك بربك وداعيك إلى حظك وأفضل أعوانك على قضاء الفريضة التي افترضها الله عليك فتشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك وإن كنت في بيتك متهما لذلك لم تكن لله في أمره متهما، وعلمت أنه نعمة من الله عليك لا شك فيها فأحسن صحبة نعمة الله بحمد الله عليها على كل حال. ولا قوة إلا بالله. وأما حق إمامك في صلاتك فأن تعلم أنه قد تقلد السفارة فيما بينك وبين الله والوفادة إلى ربك، وتكلم عنك ولم تتكلم عنه ودعا لك ولم تدع له، وطلب فيك ولم تطلب فيه، وكفاك هم المقام بين يدي الله والمسألة له فيك ولم تكفه ذلك فان كان في شئ من ذلك تقصير كان به دونك، وإن كان آثما لم تكن شريكه فيه، ولم يكن لك عليه فضل، فوقى نفسك بنفسه، ووقى صلاتك بصلاته، فتشكر له على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله. وأما حق الجليس فأن تلين له كنفك، وتطيب له جانبك وتنصفه في مجاراة اللفظ، ولا تغرق في نزع اللحظ إذا لحظت وتقصد في اللفظ إلى إفهامه إذا لفظت وإن كنت الجليس إليه كنت في القيام عنه بالخيار وإن كان الجالس إليك كان بالخيار ولا تقوم إلا بإذنه ولا قوة إلا بالله. وأما حق الجار فحفظه غائبا، وكرامته شاهدا، ونصرته ومعونته في الحالين جميعا لا تتبع له عورة، ولا تبحث له عن سوءة لتعرفها، فإن عرفتها منه من غير إرادة منك ولا تكلف، كنت لما علمت حصنا حصينا وسترا ستيرا لو بحثت الأسنة عنه ضميرا لم تتصل إليه لانطوائه عليه، لا تستمع عليه من حيث لا يعلم. لا تسلمه عند شديدة، ولا تحسده عند نعمة، تقيله عثرته، وتغفر زلته، ولا تذخر حلمك عنه إذا جهل عليك، ولا تخرج أن تكون سلما له ترد عنه لسان الشتيمة، وتبطل فيه كيد حامل النصيحة وتعاشره معاشرة كريمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وأما حق الصاحب فأن تصحبه بالفضل ما وجدت إليه سبيلا وإلا فلا أقل من الإنصاف وأن تكرمه كما يكرمك وتحفظه كما يحفظك، ولا يسبقك فيما بينك وبينه إلى مكرمة، فان سبقك كافأته ولا تقصر به عما يستحق من المودة تلزم نفسك نصيحته وحياطته ومعاضدته على طاعة ربه، ومعونته على نفسه فيما يهم به من معصية ربه، ثم تكون [ عليه ] رحمة ولا تكون عليه عذابا ولا قوة إلا بالله. وأما حق الشريك فإن غاب كفيته، وإن حضر ساويته، ولا تعزم على حكمك دون حكمه، ولا تعمل برأيك دون مناظرته، تحفظ عليه ماله وتنفي عنه خيانته ، فيما عز أوهان، فانه بلغنا أن يدالله على الشريكين مالم يتخاونا ولا قوة إلا بالله. وأما حق المال فأن لا تأخذه إلا من حله، ولا تنفقه إلا في حله، ولا تحرفه عن مواضعه، ولا تصرفه عن حقائقه، ولا تجعله إذا كان من الله إلا إليه، وسببا إلى الله ولا تؤثر به على نفسك من لعله لا يحمدك، وبالحرى أن لا يحسن خلافتك في تركتك، ولا يعمل فيه بطاعة ربك فتكون معينا له على ذلك أو بما أحدث في مالك أحسن نظرا لنفسه فيعمل بطاعة ربه، فيذهب بالغنيمة وتبوء بالإثم والحسرة والندامة مع التبعة ولا قوة إلا بالله. وأما حق الغريم الطالب لك فان كنت موسرا أوفيته وكفيته وأغنيته ولم ترده وتمطله، فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " مطل الغني ظلم " وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول، وطلبت إليه طلبا جميلا ورددته عن نفسك ردا لطيفا، ولم تجمع عليه ذهاب ماله وسوء معاملته، فان ذلك لؤم ولا قوة إلا بالله. وأما حق الخليط فأن لا تغره ولا تغشه ولا تكذبه ولا تغفله ولا تخدعه، ولا تعمل في انتقاظه عمل العدو الذي لا يبقي على صاحبه وإن اطمأن إليك، استقصيت له على نفسك وعلمت أن غبن المسترسل ربا، ولا قوة إلا بالله. وأما حق الخصم المدعي عليك فان كان ما يدعي عليك حقا لم تنفسخ في حجته ولم تعمل في إبطال دعوته، وكنت خصم نفسك له، والحاكم عليها، والشاهد له بحقه دون شهادة الشهود وإن كان مايدعيه باطلا رفقت به وروعته وناشدته بدينه، وكسرت حدته عنك بذكر الله، وألقيت حشو الكلام ولفظة [ السوء ] الذي لا يرد عنك عادية عدوك بل تبوء بإثمه، وبه يشحذ عليك سيف عداوته، لان لفظة السوء تبعث الشر والخير مقمعة للشر ولا قوة إلا بالله . وأما حق الخصم المدعى عليه فإن كان ما تدعيه حقا أجملت في مقاولته بمخرج الدعوى فان للدعوى غلظة في سمع المدعى عليه، وقصدت قصد حجتك بالرفق وأمهل المهلة وأبين البيان وألطف اللطف ولم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل والقال، فتذهب عنك حجتك ولا يكون لك في ذلك درك ولا قوة إلا بالله. وأما حق المستشير فان حضرك له وجه رأي جهدت له في النصيحة، وأشرت عليه بما تعلم أنك لو كنت مكانه عملت به، وذلك ليكن منك في رحمة ولين، فان اللين يونس الوحشة، وإن الغلظ يوحش من موضع الإنس وإن لم يحضرك له رأي وعرفت له من تثق برأيه وترضى به لنفسك، ودللته عليه وأرشدته إليه، فكنت لم تأله خيرا ولم تدخره نصحا ولا [ حول ولا قوة إلا بالله.] وأما حق المشير عليك فلا تتهمه فيما يوافقك عليه من رأيه إذا أشار عليك فإنما هي الآراء وتصرف الناس فيها واختلافهم، فكن عليه في رأيه بالخيار، إذا اتهمت رأيه فأما تهمته فلا تجوز لك إذا كان عندك ممن يستحق المشاورة، ولا تدع شكره على ما بدا لك من إشخاص رأيه، وحسن وجه مشورته، فإذا وافقك حمدت الله وقبلت ذلك من أخيك بالشرك والأرصاد بالمكافأة في مثلها إن فزع إليك ولا قوة إلا بالله. وأما حق المستنصح فان حقه أن تؤدي إليه النصيحة على الحق الذي ترى له أن يحمل، ويخرج المخرج الذي يلين على مسامعه وتكلمه من الكلام بما يطيقه عقله، فان لكل عقل طيقة من الكلام، يعرفه ويجيبه وليكن مذهبك الرحمة ولا قوة إلا بالله. وأما حق الناصح فأن تلين له جناحك، ثم تشرأب له قلبك، وتفتح له سمعك، حتى تفهم عنه نصيحته، ثم تنظر فيها فان كان وفق فيها للصواب حمدت الله على ذلك، وقبلت منه وعرفت له نصيحته، وإن لم يكن وفق لها فيها رحمته ولم تتهمه وعلمت أنه لم يألك نصحا إلا أنه أخطأ إلا أن يكون عندك مستحقا للتهمة فلا تعني (فلا تعبأ خ) بشيء من أمره على كل حال، ولا قوة إلا بالله. وأما حق الكبير فان حقه توقير سنة وإجلال إسلامه إذا كان من أهل الفضل في الإسلام بتقديمه فيه وترك مقابلته عند الخصام، لا تسبقه إلى طريق ولا تؤمه في طريق ولا تستجهله وإن جهل عليك تحملت وأكرمته بحق إسلامه مع سنه فإنما حق السن بقدر الإسلام، ولا قوة إلا بالله. وأما حق الصغير فرحمته وتثقيفه وتعليمه، والعفو عنه والستر عليه، والرفق به والمعونة [ له، والستر ] على جرائر حداثته فانه سبب للتوبة والمداراة له وترك مما حكته فان ذلك أدنى لرشده.
وأما حق السائل فإعطاؤه إذا تهبأت صدقه، وقدرت على سد حاجته والدعاء له فيما نزل له، والمعاونة له على طلبته، وإن شككت في صدقه وسبقت إليه التهمة له لم تعزم على ذلك، ولم تأمن أن يكون من كيد الشيطان أراد أن يصدك عن حظك ويحول بينك وبين التقرب إلى ربك. وتركته بستره، ورددته ردا جميلا وإن غلبت نفسك في أمره وأعطيته على ما عرض في نفسك منه، فان ذلك من عزم الأمور. وأما حق المسؤول إن أعطى فاقبل منه ما أعطى بالشكر له، والمعرفة لفضله، واطلب وجه العذر في منعه وأحسن به الظن واعلم أنه إن منع ماله منع، وأن ليس التثريب في ماله وإن كان ظالما فان الإنسان لظلوم كفار. وأما حق من سرك الله به وعلى يديه، فإن كان تعمدها لك حمدت الله أولا ثم شكرته على ذلك بقدره في موضع الجزاء وكافأته على فضل الابتداء، وأرصدة له المكافأة، وإن لم يكن تعمدها حمدت الله وشكرته، وعلمت أنه منه توحدك بها وأحببت هذا إذا كان سببا من أسباب نعم الله عليك، وترجو له بعد ذلك خيرا فان أسباب النعم بركة حيث ما كانت وإن كان لم يتعمد ولا قوة إلا بالله. وأما حق من ساءك القضاء على يديه بقول أو فعل، فان كان تعمدها كان العفو أولى بك، لما فيه له من القمع وحسن الأدب، مع كبير أمثاله من الخلق فان الله يقول: " ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل " إلى قوله " من عزم الأمور " (الشورى: 40.) وقال عز وجل: " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به وإن صبرتم لهو خير للصابرين " (النحل: 126.) هذا في العمد فإن لم يكن عمدا لم تظلمه بتعمد الانتصار منه فتكون. كافأته في تعمد على خطاء، ورفقت به ورددته بألطف ما تقدر عليه، ولا قوة إلا بالله. وأما حق أهل بيتك عامة فإضمار السلامة، ونشر جناح الرحمة، والرفق بمسيئهم، وتألفهم واستصلاحهم، وشكر محسنهم إلى نفسه وإليك، فان إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك إذا كف عنك أذاه، وكفاك مؤنته، وحبس عنك نفسه، فعمهم جميعا بدعوتك وانصرهم جميعا بنصرتك، وأنزلهم جميعا منك منازلهم، كبيرهم بمنزلة الوالد، وصغيرهم بمنزلة الولد، وأوسطهم بمنزلة الاخ، فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة، وصل أخاك بما يجب للأخ على أخيه. وأما حق أهل الذمة فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله وتفي بما جعل الله لهم من ذمته وعهده، وتكلمهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم وأجبروا عليه، وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك، فيما جرى بينك [وبينهم] من معاملة، وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده وعهد رسوله صلى الله عليه وآله حائل فانه بلغنا أنه قال: " من ظلم معاهدا كنت خصمه " فاتق الله ولا حول ولا قوة إلا بالله. فهذه خمسون حقا محيطة بك لا تخرج منها في حال من الأحوال يجب عليك رعايتها، والعمل في تأديتها، والاستعانة بالله جل ثناؤه على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله رب العالمين (تحف العقول:260 -278). إنما أوردناه مكررا للاختلاف الكثير بينهما. وقوة سند الأول وكثرة فوائد الثاني.
3 - ضا: روي لا تقطع أوداء أبيك فيطفى نورك، وروي أن الرحم إذا بعدت غبطت وإذا تماست عطبت، وروي سر سنتين بر والديك، سر سنة صل رحمك، سر ميلا عد مريضا، سر ميلين شيع جنازة سر ثلاثة أميال أجب دعوة، سر أربعة أميال زر أخاك في الله، سر خمسة أميال انصر مظلوما، وسر ستة أميال أغث ملهوفا، سر عشرة أميال في قضاء حاجة المؤمن. وعليك بالاستغفار. ونروي: بروا أبا كم يبر كم أبناؤكم. كفوا عن نساء الناس يعف نساء كم وأروي: الأخ الكبير بمنزلة الأب، وأروي: أن رسول الله كان يقسم لحظاته بين جلسائه وما سئل عن شئ قط فقال: لا، بأبي وأمي ولا عاتب أحدا على ذنب أذنب، ونروي: من عرض لأخيه المؤمن في حديثه فكأنما خدش وجهه، ونروي أن سول الله صلى الله عليه وآله لعن ثلاثة: آكل زاده وحده، وراكب الفلاة وحده، والنائم في بيت وحده، وأروي: أطرفوا أهاليكم في كل جمعة بشئ من الفاكهة واللحم حتى يفرحوا بالجمعة حق الذمة.