الإدراك في أصل اللغة هو بلوغ أقصى الشيء ومنتهاه .
ويطلق في الإنسان على اطلاعه على الاُمور الخارجيّة التي تدرك بالحواسّ الخمسة زائداً على العلم .
فإنّه قد يعلم الإنسان شيئاً فيكون عالماً به ، ثمّ يراه عياناً فيكون مدركاً له .
لكن بالنسبة إلى الله تعالى الذي هو منزّه عن الحواس يدرك أقصى الشيء وغايته ومنتهاه إدراكاً لا بحاسّة .
بل هو مدرك للأشياء بمعنى أنّه عالم بالمدركات ، أي أنّه عالم بما يدرك بالحواس إدراكاً أعظم من إدراكنا ، حيث انّه قد يقع الخطأ فيما ندركه ، ولكن لا يخطئ الله جلّ شأنه في إدراكه .
فالمراد بإدراكه تعالى هو العلم الخاصّ ، كما أفاده في حقّ اليقين (1).
ومن هنا يعلم أنّ هذه الصفة الكمالية من صفات ذاته المقدّسة .
ويدلّ على هذه الصفة في الله أدلّة العلم الثلاثة المتقدّمة .
ويضاف إلى ذلك ما يستفاد من تقريب المعارف: «إنّ وجود المدرك وارتفاع الموانع تستلزم الإدراك ، والله تعالى كامل مستجمع لجميع صفات الكمال ، ولا سبيل للنقص والموانع إلى ذي الجلال ، فيكون مدركاً لكلّ محسوس ، وعالماً بكلّ ما يحسّ » (2).
ودلائل مُدركيّته واضحة بالعيان لكلّ ذي حسّ ووجدان ..
وكيف لا يدرك المحسوسات مَن هو عالم بالغيوب والخفيّات ، بل يعلم السرّ وأخفى ؟
يعلم ما أسرّه الإنسان وما نساه وغاب عن خاطره ويعلم الغيب والشهادة ، فيكون عالماً بالمحسوسات بالأولويّة القطعية .
فالله تعالى مدرك لجميع الأشياء المحسوسة ، وعالم بكلّ شيء محسوس وغير محسوس ، حاضر وغائب ، وكلّ غيب وحضور ، كما تلاحظ ذلك في الأحاديث الشريفة (3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حقّ اليقين : (ج1 ص30) .
(2) تقريب المعارف : (ص84) .
(3) بحار الأنوار : (ج4 ص79 ب2 ح2 و3) ، وقد مرّ آنفاً الحديثان الدالاّن عليه في بحث « إنّه تعالى عالم ... » .
source : اهل بیت