مقدمه
في البدايه يحسن أن نسجل عده ملاحضات مهمه ذات علاقه ببحث نظام العبادات، و إن كان بعضها له علاقه بالابحاث لاخري ايضاً.
الأولى: أن من الملاحظ أن دائره الاعمال المستحبه و خصوصاً في العبادات هي دائره واسعه جداً، و أن بعض هذه المستحبات و السنسن لم يثبت بطريق معتبر؛ و لذا فلا يمكن اثبات استحبابها و مشروعيتها من قبل الشارع المقدس ، فلابد من الإتيان بها برجاء أن تكون مطلوبه من الشارع الذي يعبر عنه الفقهاء ب (رجاء المطلوبيه).
و قد وردت عده روايات صحيحه السند تقول: إن المؤمن إذا بلغه عن رسول اللّه ثواب علي عمل فجاء به رجاء نيل هذا الثواب، كتب اللّه تعالي له هذا الثواب و إن كان الامر في الواقع ليس كما بلغه.
و يسمي مفاد هذه الروايات بقاعده التسامح في أدله السنن. و بالرغم من ذلك فإني قد أشير حسب فرصه البحث إلي السنن و المستحبات التي وردت فيها روايه معتبره تؤكّد استحبابها و مشروعيتها.
كما أنني أحاول أن أنتخب المصاديق من هذه السنن و المستحبات التي تنسجم بشكل عام مع الخط الثابت من السند الوارد عن طريق اهل البيت «عليه السلام»، فتكون مستحبه باعتبارها مصداقاً للخط العام و إن لم يرد دليل علي استحبابها بعنوانها الخاص.
الثانىه: أنه يلاحظ في المواسم العباديه التنوع و الجمع بين انواع العبادات، مثل الطهاره (الوضوء و الغسل) و الصلاه و الدعاء و الذكر و الصدقه و الصيام و نحوها، و هذا يكشف عن منهج و هدف خاصين بهذه المواسم، و هو أن التكامل الانساني إنما يمكن أن يتحقق من خلال هذا المزيج من العبادات، و أن الحاجات الروحيه و النفسيه في الانسان متنوعه و متعدده؛ و لذا فلابد من الاهتمام بهذا التنوع في كل موسم ليتحقق هذا النوع من التكامل، و عدم الاقتصار علي لون أو نوع خاص من العباده.
الثالثه: أن المنهاج المكثف للعبادات في المواسم أو في غيرها حتي اليوميه قد يوحي بتصور خاطئ، و هو أن الاسلام قد دعا الانسان إلي أن ينصرف عن أداء مهماته الاجتماعيه العامه أو الخاصه إلي ممارسه العباده، من الصلاه و الصيام و الدعاء و غيرها من العبادات، و يترتب علي ذلك بشكل طبيعي (الرهبنه) في الحياه الانسانيه.
و لذا لابد من الالتفات إلي الأبعاد الاجتماعيه التي أكدها الاسلام و التي اشرنا إليها في أبحاثنا في هذا الكتاب، هذه الابعاد التي فضلها و قدمها الاسلام علي الوان العباده المستحبه، مثل ما ذكرناه في النضام الاقتصادي من أن السعي في كسب المعيشه هو من افضل العبادات، و أن طلب العلم ساعه يفضل عباده سبعين سنه، و أن إصلاح ذات البين (إصلاح الخلافات الاجتماعيه) افضل من عامه الصلاه و الصيام، و هكذا في الاجتماع بالمؤمنين و الوفاء بحقوقهم الاجتماعيه إلي غير ذلك مما يؤكد هذا البعد.
و تصبح النظريه الاسلاميه في هذا المنهاج المكثف هي فسح المجال امام الانسان ليحوّل كل اوقاته إلي عباده للّه تعالى، مع إعطائه منهجاً في الاولويات دون الإخلال بالمعادله الاجتماعيه و الحيويه.
المنهاج العالم
عرفنا سابقاً أن نظام العبادات يتسم بالشموليه و التنوع باعتبار اهميه العباده و دورها في حياه الانسان، حيث إنها تمثل في مجمل ابعادها الهدف الاساسي من وجود الانسان و خلقته: (و ما خلقت الجن و الانس إلّا ليعبدون) 1
و من هذا المنطق جاء منهاج نظام العبادات الذي وضعه الاسلام و أوضحه و شرحه اهل البيت «عليه السلام»، جاء واسعاً و شاملاً سواء من حيث استيعابه للزمان أو من حيث تعدد انواع العبادات واصنافها.
فأما من حيث الزمان فقد جاء هذا المنهاج ضمن صنفين رئيسين:
الأول: العبادات المؤقته بأيام معينه كالعبادات اليوميه و الاسبوعيه.
الثانى: العبادات غير المؤقته بزمان معين.
الصنف الأول: العبادات المؤقته
أما الصنف الأول فيمكن تقسيمه إلي أربعه أقسام:
الأول: العبادات اليوميه التي يمارسها الانسان كل يوم.
الثانى: العبادات الاسبوعيه التي يؤديها الانسان كل اسبوع.
الثالث: العبادات الشهريه التي يقوم بها الانسان كل شهر.
الرابع: العبادات الموسميه أو السنويه التي يؤديها الانسان في المواسم العباديه المخصصه أو في السنه مره واحده.
و نلاحظ أن هذا المنهاج الذي بينه اهل البيت «عليه السلام» في استيعاب العباده لكل الاوقات، نجد له اصلاً و جذراً في العبادات في العبادات الواجيه و المستحبه التي شرعها السلام في اصل الشريعه و تفرعت عنها المفردات الاخرى.
فالصلاه اليوميه و نوافلها و صلاه الجمعه الاسبوعيه و الصوم و الحج السنوى، و كذالك الصوم المستحب الشهري للايلام الثلاثه تدل علي هذا النوع من الاستيعاب.
و سوف نلاحظ عند استعراض انواع العباده من خلال عناوينها الرئيسيه وجود هذا التقسيم و الاستيعاب للازمنه، بحيث يصبح واضحاُ أن السلام قد وضع منهاجاً شاملاً و واسعاً للعباده يمكنه أن يستوعب جميع الاوقات التي يعيشها الانسان.
و هذا الاستيعاب في درجه و مستويً منه يكون الزامياً أو شبه الزامى، و في درجه و مستويً آخرين يكون مفتوحاً امام الانسان ليترك له الفرصه في عباده ربه، و التكامل من خلالها ضمن خطه حكيمه في التربيه و التزكيه و التطهير.
و سوف نلاحظ أيضاً عمق و دقه و تكامل هذا المنهاج من خلال رؤيه اهل البيت «عليه السلام» ، واهتمامهم ببناء الجماعه الصالحه ضمن نظام العبادات و من خلال هذا المنهاج.
و أما من حيث انواع العبادات فقد اشتمل هذا المنهاج ايضاً علي مختلف انواع العبادات، من الصلوات، و الصيام، و الحج بمعناه الشامل (الحج و العمره و الزياره) و الجهاد، و الدعاء، و الذكر، و قراءه القرآن، و الانفاق، والصله و الاحسان، و العلم إلي غير ذلك من انواع العبادات الواجبه المستحبه.
و نحاول في هذا العرض أن نقصر الحديث علي العناوين و المفردات المهمه البارزه في هذا المنهاج، سواء من حيث الزمان أو انواع العبادات، و نترك التفصيل للمفردات الاخري حيث يمكن مراجعتها في الكتب المختصه؛ علماً بأن بعض مفردات العباده في هذا المنهاج سبق الحديث عنها في الابحاث و الانظمه السابقه، مثل الزياره أو الانفاق أو طلب العلم أو العقلات الاجتماعيه (الصله و الاحسان) أو الشعائر و الأيام و الأماكن المقدسه.
كما أننا سوف نتناول بعض مفردات انواع العبادات ضمن استعراض الاقسام الأربعه من الصنف الأول، و نستعرض انواع العبادات الرئيسيه في الصنف الثانى منه.
القسم الأول: العبادات اليومية
الصلاةاليومية و رواتبها و شؤونها
تجب الصلاه في الشريعه الاسلاميه كل يوم خمس مرات في سبع عشره ركعه، للصبح ركعتان ولكل من الظهر و العصر و العشاء أربع ركعات و للمغرب ثلاث ركعات؛ و هذا مما اجمع عليه المسلمون من اهل القبله. و تقصر الصلوات الرباعيه الثلاث في السفر علي تفصيل و شروط يختلف فيها فقهاء المذاهب الاسلاميه.
و تمثل هذه الصلاه بخصوصياتها احد الاركان المهمه في وحده الأمه الاسلاميه لاتفاقهم عليها.
كما أن هذه الصلاه هي افضل العبادات بعد معرفه اللّه تعالي علي الاطلاق، كما دلت علي ذلك الروايات، و لعلها لأجل ذلك لا تسقط بأي حال من الأحوال، بل يجب الإتيان بها في الصحه و المرض و الامن و الخوف، و بالقدر المستطاع من الكمال حتي لو كان ذلك بالايماء و الإشاره ، 2 و من السنن المستحبه الإتيان بقدر من الركعات قلبها أو بعدها، و تسمي هذه الصلوات و الركعات بالرواتب أو النوافل اليوميه.
و قد ورد في روايات اهل البيت «عليه السلام» أن هذه الرواتب هي ضعف الصلوات اليوميه من حيث عدد الركعات، أي أربع و ثلاثون ركعه، ركعتان للفجر قبلها، و ثمان ركعان للظهر قبلها، و ثمان ركعات للعصر قبلها، و اربع ركعات للمغرب بعدها، و ركعتان من جلوس للعشاء بعدها تعدان بركعه واحده، و ثمان ركعات صلاه الليل تؤدي بعد منتصف الليل إلي الفجر، و بعدها الشفع ركعتان و الوتر ركعه واحده . 3
فقد روي الكليني بسند صحيح عن حنان قال: «سأل عمرو بن حريث أبا عبد اللّه «عليه السلام» و أنا جالس فقال له: جعلت فداك، أخبرني عن صلاه رسول اللّه «عليه السلام» فقال: كان النبي (ص) يصلّي ثمان ركعات الزوال و أربعاً الأولى، و ثمانياً (ثماني) بعدها، و أربعاً العصر، و ثلاثاً المغرب، و أربعاً بعد المغرب، و العشاء الآخره أربعاً، و ثمان (ثاني) صلاه الليل، و ثلاثاً والوتر، و ركعتي الفجر و صلاه الغداه ركعتين» . 4
و قد ورد عن الامام الصادق «عليه السلام» أنه قال: «شيعتنا أهل الورع و الاجتهاد، و اهل الوفاء و الأمانه، و اهل الزهد و العباده، و أصحاب الإحدي و خمسين ركعه في اليوم و الليله، القائمون بالليل، الصائمون بالنهار، يزكّون أموالهم، و يحجّون البيت، و يجتنبون كل محرّم» . 5
و في كتاب المصباح للشيخ الطوسي عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري «عليه السلام» قال: «علامات المؤمن خمس: صلاه الخمسين، و زياره الأربعين، و التختم في اليمين، و تعفير الجبين، و الجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم» . 6
امتيازات اخري
و بهذا الصدد نلاحظ أن مدرسه اهل البيت «عليه السلام» امتازت في موضوع الصلاه و شؤونها علي المدارس الاخري بعده امتيازات، يحسن بنا الإشاره إليها:
الأول: هو الالتزام بالقراءه في الصلاه في الركعتين الاوليين بسوره الفاتحه و سوره أخري تامه من سور القرآن . 7
و كذلك الالتزام بقراءه البسمله في الفاتحه و في كل سوره؛ لأنها جزء قرآني من الفاتحه و من كل سوره في نظرهم، و هم ما دلت عليه كثير من النصوص و الشواهد التي يأتي في مقدمتها الرسم القرآني الذي تداوله المسلمون بأمانه منذ عهد رسول اللّه حتي يومنا الحاضر.
و بالاضافه إلي ذلك يرون الجهر بالبسمله حتي في الصلوات الإخفاتيه كالظهر و العصر، و هذا هو ما أشار إليه الحديث السابق. و يبدو أن هذا الموضوع تحول إلي قضيه سياسيه في عهد معاويه تميز بها المسلمون الصالحون عن جماعه الأمويين، كما يشير الي ذلك بعض النصوص التاريخيه.
الثانى: هو الالتزام بالسجود علي الأرض و ما أنبتت غير المأكول منه و الملبوس، استناداً إلي ما ورد عن اهل البيت «عليه السلام» من قول الصادق «عليه السلام»: «لايجوز السجود إلّا علي الأرض، أو ما أنبتته إلّا ما أُكل أو لُبس» كما ورد عن طريقهم النهي عن السجود علي القطن و الكتان لقول الباقر «عليه السلام»: «لا يُسجد علي الثوب الكرسف، و لا علي الصوف، و لا علي شيء من الحيوان و لا علي حطام و لا علي شيء من الثمار و لا علي شيء من الرياش». 8
و يؤكده ما رواه البخاري و مسلم و الترمذي و النسائي و ابن ماجه و الدارمي و احمد بن حنبل من قوله (ص): «جُعلت لي الأرض مسجداً و طهوراً» و كذلك قوله: «الأرض لك مسجد» الذي رواه البخاري و مسلم و النسائي . 9
و كذالك ما ورد من طريق الجمهور عن رسول اللّه (ص) أنه قال: «لا تتم صلاه أحدكم حتي يتوضأ كما أمر اللّه تعالي ثم يسجد ممكناً جبهته من الأرض» . 10
و كذلك ما ورد عن خباب من قوله: «شكونا إلي رسول اللّه (ص) حرَّ الرمضاء في جباهنا و أنفنا فلم يشكنا» . 11
و قد خالف في ذلك جميع فقهاء الجمهور فأجازوا السجود علي كل شيء.
و من هنا نجد أتباع اهل البيت «عليه السلام» يتقيدون بهذا الحكم، و يستصحبون معهم - احياناً قطعه من الطين اليابس أو الحجاره النظيفه لاستخدامها في السجود عليها عندما لا يجدون أرضاً يسجدون عليها.
و قد حاول أعداؤهم التشويش عليهم و إثاره الشبهات و الاتهامات ضدهم، بادعاء أنهم يعبدون هذه الحجاره، مع أنهم يسجدون (عليها) و ليس (لها) نغوذ باللّه . 12
الثالث: الالتزام في كل من الأذان و الإقامه بقول «حي علي خير العمل» مرتين بعد «حي علي الفلاح»؛ و ذلك لما ورد عن ائمه اهل البيت «عليه السلام» من تأكيد أن ذلك هو جزء من الأذان و الإقامه.
و تلتزم (الزيديه) 13 من المذاهب الاسلاميه بذلك أيضاً، بحيث أصبح ذلك من مميزات شيعه أهل البيت «عليه السلام» علي خلاف بقيه المذاهب الاسلاميه.
و أما الشهاده الثالثه لعلي «عليه السلام» بالولايه فلا شك بين فقهاء الجماعه الصالحه أنها ليست جزءاً من الأذان أو الإقامه، و لا يصح الإتيان بها بنيه الجزئيه فإن ذلك يكون بدعه محرمه.
و لكن اتباع اهل البيت «عليه السلام» اعتادوا علي الإتيان بها ضمن الإتيان بالأذان و الإقامه، حتي أصبحت شعاراً لهم يعرفون به بين المسلمين، و السبب في ذلك يرجع إلي عاملين رئيسين:
أحدهما: هو التعبير عن ولائهم للامام علي «عليه السلام» و التأكيد لذلك، هذا الامام الذي تعرض إلي مختلف ألوان الظلم، و من أشد انواعه ظلم الامويين و النواصب الذين استنّوا سبّ الإمام علي «عليه السلام» علي منابر المسلمين و في خطب صلاه الجمعه، فكان شيعه اهل البيت «عليه السلام» يحاولون بذلك أن يواجهوا هذا اللون من الظلم بتأكيد هذا الولاء، عندما تهيأت لهم الفرصه المناسبه لذلك.
ثانيهما: أن شيعه اهل البيت «عليه السلام» تعرضوا في مختلف الادوار إلي الاضطهاد و المطارده بسبب الاتهامات الظالمه لهم، و منها الاتهام لهم بالغلو في عليّ و أولاده، فكان أن التزموا بهذا الشعار من أجل تأكيد أن عقيدتهم في الامام علي «عليه السلام» لا تتعدي الولاء له و الاعتقاد بإمامته و ولايته، و ذلك التزاماً بسنه رسول اللّه الذي قال في علي «عليه السلام» يوم الغدير: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللّهم وال من والاه و عاد من عاداه».و أن علياً هو عبداللّه و ولي من اولياء اللّه، و لا يتعدي الامر ذلك.
الرابع: الجمع بين الصلاتين في الظهر و العصر و في المغرب و العشاء، من دون وجود عذرأ و حاجه في هذا الجمع؛ و ذلك استناداً لما ورد عن رسول اللّه «صل اللّه عليه و اله» في كتب الجمهور التي يعتقدون صحتها، عن ابن عباس: أن النبي «صل اللّه عليه و اله» صلّي بالمدينه سبعاً و ثمانياً الظهر و العصر و المغرب و العشاء. روي ذلك الخمسه، و لفظ مسلم: «جمع رسول اللّه «صل اللّه عليه و اله» بين الظهر و العصر و المغرب و العشاء بالمدينه من غير خوف و لا مطر». و قد قيل لابن عباس: «ما اراد إلي ذلك؟ قال: أراد ألّا يحرج أمته» . 14
و قد روي الصدوق في علل الأحكام بسند معتبر عن أبي عبد اللّه الصادق «عليه السلام» قال: «إن رسوله اللّه «صل اللّه عليه و اله» صلي الظهر و العصر في مكان واحد من غير عله و لا سبب، فقال له عمر و كان أجرأ القوم عليه: أحدث في الصلاه شيء؟ قال: لا، ولكن أردت أن أوسع علي أمتي» (15) . لكن الملاحظ أن أبناء الجماعه الصالحه يكادون يلتزمون بلاجمع بين الصلاتين، حيث أخذوا بهذه الرخصه مع أن النبي «صل اللّه عليه و اله» و ائمه اهل البيت «عليه السلام» كانوا يفرقون بين الصلوات بشكل عام، كما تشير إلي ذلك النصوص . 16 و إنما كان الجمع رخصه.
الخامس: الالتزام بمسح الرأس و الرجلين معاُ في الوضوء للصلاه، علي خلاف الالتزام الفقهي العام لجمهور المسلمين الذين يتقيدون بغسل الرجلين عاده، إلّا في حالات خاصه و هي المسح علي الخفين في بعض المذاهب الاسلاميه.
ويستند اهل البيت «عليه السلام» و أتباعهم إلي قوله تعالي في الآيه الكريمه «يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلي الصلاه فاغسلوا و جوهكم و أيديكم إلي المرافق و امسحوا برؤوسكم و ارجلكم إلي الكعبين» 17 التي تدل بظاهرها علي الأمر بمسح الرجلين عطفاً علي مسح الرأس. و قد تأول جمهور الناس الآيه الكريمه فعطفوا الرجلين علي الوجه واليدين في الآيه علي خلاف ظاهرها، استناداً إلي بعض الروايات.
التعقيب
و من العبادات اليوميه التعقيب بعد الصلواه، و هو عباره عن الذكر و الدعاء في أعقاب الصلوات. و قد ورد تأكيده في أحاديث رسول اللّه «صل اللّه عليه و اله» و اهل البيت «عليه السلام»، و هو سنه مؤكده يلتزم بها جميع المسلمين.
ولكن ما يميز اهل البيت «عليه السلام» و الجماعه الصالحه هو سعه و شمول التعقيب، و كثره ما ورد له من أذكار و ادعيه في روايات اهل البيت «عليه السلام»، و اختصاص كل صلاه من الصلوات اليوميه الواجبه بل المستحبه بتعقيبات خاصه بها، بالاضافه إلي التعقيبات العامه للصلوات جميعاً.
و من أفضل مفردات التعقيب هو التكبير ثلاثاً، و الصلاه علي النبي و آله ثلاثاً، و دعاء «لا إله إلّا اللّه إلهاً واحداً و نحن له مسلمون، لا إله إلّا اللّه و لا نعبد إلّا إياه مخلصين له الدين و لو كره المشركون، لا إله إلّا اللّه ربنا و رب آبائنا الأولىن، لا إله إلّا اللّه وحده وحده وحده انجز وعده و نصر عبده و أعزّ جنده و هزم الأحزاب وحده، فله الملك و له الحمد يحيي و يميت و يميت و يحيى، و هو حي لا يموت بيده الخير و هو علي كل شيء قدير».
و قراءه التسبيح المعروف عند الجماعه الصالحه بتسبيح الزهراء «عليها السلام»، و هو أربع و ثلاثون تكبيره و ثلاث و ثلاثون تحميده و ثلاث و ثلاثون تسبيحه . 18
و كذلك قراءه آيه الكرسي و المعوذتين و قل هو اللّه أحد، و الإتيان بسجده الشكر و غيرها مما يذكر في كتب الدعاء . 19
قراءه القرآن
و من العبادات اليوميه قراءه القرآن الكريم، فقد ورد عن الامام الصادق «عليه السلام» بسند معتبر: «القرآن عهد اللّه إلي خلقه، فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر إلي عهده، و أن يقرأ منه في كل يوم خمسين آيه» .
و في روايه أخري معتبره عن الامام الرضا «عليه السلام» قال: «ينبغي للرجال إذا أصبح أن يقرأ بعد التعقيب خمسين آيه».
و في روايه أخري عن النبي «صلي الله عليه و اله» أنه قال: «من قرأ كل يوم منه آيه في المصحف بترتيل و خشوع و سكون، كتب اللّه له من الثواب بمقدار ما يعمله جميع أهل الأرض، و من قرأ مئتي آيه كتب اللّه له من الثواب ما يعمله أهل السماء و أهل الأرض» . 20
و يبدو من خلال الروايات الكثيره أنه يحسن قراءه القرآن بتدبر و تأمل، و وقوف عند ذكر الجنّه و النار و موارد الاعتبار، و أن تكون قراءته بالحزن و الخشوع و التباكى، و عدم الإسراع في قراءته المعبَّر عنها بالروايات بالهذر، و ألّا يقرأ في اليوم اكثر من جزء، أي ألّا يختم القرآن بأقل من شهر . 21
أوقات الفضيله في اليوم
و يبدو من الروايات و النصوص أن أفضل أوقات العباده في اليوم و الليه هما: وقت السحر، و هو الثلث الأخير من الليل - الذي يبدأ من غروب الشمس إلي طلوع الفجر و كذلك وقت ما بين الطلوعين (طلوع الفجر و طلوع الشمس)، فإن هذين الوقتين يختصان بالصلاه و الدعاء و الذكر و المناجاه.
و قد تم التأكيد كما أشرنا لقيام وقت السحر و إحيائه بالعباده، و كذلك جاء النهي عن نوم ما بين الطلوعين، و إحيائه بالدعاء و الذكر و قراءه القرآن و السعي في طلب الرزق.
و من جمله هذه الأوقات التي ورد تأكيدها في القرآن الكريم وقت شروق الشمس و غروبها، حيث يستحب ذكر اللّه فيها (واذكر اسم ربك بكره و أصيلاً) و لذلك وردت أدعيه و أذكار متعدده للصباح و المساء، أشار إلي بعضها العلامه القمي في مفاتيح الجنان ، 22 و من أهمها دعاء العشرات و دعاء الإمام زين العابدين عند الصباح و المساء.
التطوع بالصلاة 23 و صلاةساعةالغفلة
لقد ورد في الروايات و أحاديث اهل البيت «عليه السلام» الحث علي التطوع بالصلاه، بالإضافه إلي النوافل و الرواتب اليوميه التي سبق الحديث عنها. و قد جاء تأكيد هذا التطوع في الليل خاصه.
و من موارد هذا التطوع المفردات الآتيه:
1-التطوع بصلاه عشر ركعات بعد صلاه المغرب.
2-التطوع بصلاه اثنتي عشره ركعه كل يوم.
3-التطوع بأربع ركعات بعد صلاه العشاء.
4-التطوع بأربع ركعات مخصوصه قبل الزوال أو عنده.
5-التطوع بركعتين بين المغرب و العشاه تسمي في بعض الروايات بصلاه الوصيه، و في بعضها بصلاه ساعه الغفله، و هي صلاه الغفيله المعروفه في أوساط أبناء الجماعه الصالحه، و لها أداء مخصوص حيث يقرأ في الركعه الاولي بعد الفاتحه آيه (و ذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادي في الظلمات ألّا إله الا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له و نجيناه من الغم و كذلك ننجي المؤمنين) ، و في الركعه الثانىه بعد الفاتحه آيه (و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلّا هو و يعلم ما في البر و البحر و ما تسقط من روقه إلّا يعلمها و لا حبه في ظلمات الأرض و لا رطب و لا يابس إلّا في كتاب مبين)، ثم يقنت و يدعو: «اللّهم إني اسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلّا أنت أن تصلي علي محمد و آل محمد» و يذكر حاجته (حوائج الدنيا و الآخره) ثم يقول: «اللّهم أنت ولي نعمتي و القادر علي طلبتي تعلم حاجي فأسألك بحق محمد و آل محمد لما قضيتها لي» و يسأل حاجه فقد ورد في الحديث أن اللّه يقضيها له . 24
السادس: التطوع في اليوم و الليله بصلاه ألف ركعه، و قد كان هذا التطوع مما يعمل به أئمه اهل البيت «عليه السلام» . 25
القسم الثانى: العبادات الأسبوعيه
1-يوم الجمعة و ليلته
مضي الحديث في الأيام عن مجموعه من العبادات الأسبوعيه في يوم الجمعه و ليلته، و لا نحتاج هنا أن نعيد، و لكن يحسن بنا أن نذكر ملاحظه هي أن هذا اليوم و ليلته يمثلان قمه العمل العبادي في الأسبوع، فبالإضافه إلي الممارسه العباديه اليوميه يكون يوم الجمعه زماناً لتصعيد الحاله العباديه.
و هذا من منهاج الاسلام في عمليه التدرج و التصعيد في الممارسه العباديه، حيث نلاحظ في اليوم أن عمليه التصعيد و التكثيف للعمل العبادي تتم في الليل و في فتره السحر إلي أداء صلاه الصبح عند طلوع الفجر.
و في الأسبوع تكون عمليه التصعيد و التكثيف للعباده في ليله الجمعه و يومها.
و في الشهر تكون عمليه التكثيف علي ما سوف نعرف في منتصف الشهر و في ليالي التشريق عاده.
و في السنه تكون عمليه التصعيد و التكثيف كما سوف نعرف في شهر رمضان، بعد أن يبدأ الاستعداد و التهيؤ منذ بدايه رجب.
و في شهر رمضان تتصاعد العمليه العباديه كما سوف نعرف في العشر الأواخر منه ، و لا سيما في ليالي القدر، و تختم بليله عيد الفطر. و لا نحتاج هذا أن نعيد الحديث مره أخري عن ذلك.
2- أدعيه الأيام
لقد اختص كل يوم من أيام كل يوم من أيام الأسبوع بدعاء خاص، و قد عرف مجموع ذلك بأدعيه أيام الأسبوع، و هي مرويه عن الامام زين العابدين «عليه السلام» ، و تشتمل علي مضامين عاليه، و يذكر في كل واحد منها اسم اليوم المختصه به، و قد تضمنتها بعض نسخ الصحيفه السجاديه ملحقاً لها، كما ذكرها العلامه القمي في مفاتيح الجنان في الصفحات 23 28.
3 - صلوات الأيام
روي الشيخ الطوسي في (مصباح المتهجد) مرسلاً عن النبي «صلواه اللّه عليه و اله» أو عن أنس عن النبي «صلواه اللّه عليه و اله» صلوات خاصه بأيام الأسبوع و لياله باستثناء ليله الجمعه و يومها، كما روي السيد ابن طاووس في كتاب (جما لاأسبوع) بإسناده عن الإمام أبي الحسن العسكري «عليه السلام» صلوات مخصوصه لكل يوم من أيام الأسبوع، كما روي الكفعمي في كتابه المصباح أكثر هذه الصلوات و جمله من الصلوات السابقه . 26
و بالاضافه لذلك روي الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد عن أئمه الهدي مرسلاً صلوات تهدي إلي النبي وبقيه المعصومين «عليه السلام»: يختص فيها كل يوم بأحد المعصومين حسب تسلسل الأيام و المعصومين، و يقسمون علي أسبوعين . 27
القسم الثالث: العبادات الشهرية
صلاة أول الشهر
يبدو من مراجعه المنهاج العبادي الشهري أن الأعمال العباديه التي تتكرر في كل شهر هي عبادات محدوده. و لعل السبب في ذلك هو الاعتماد علي المنهاج اليومي و الاسبوعي من ناحيه، و المنهاج السنوي أو منهاج الأيام و الليالي و المناسبات الموجوده في مختلف الشهور من ناحيه أخرى، و مع كل ذلك وردت بعض العبادات الخاصه في دوره الشهر.
منها صلاه أول الشهر التي لها أعمال مخصوصه، و كان يلتزم بها بعض الفقهاء (28) و يهتم بها خاصه، هي كما رواها الشيخ الطوسي في مصباح المجتهد بسند صححه بعض العلماء كالوحيد البهبهاني «قدس سره» عن الامام الجواد «عليه السلام» قال : «إذا دخل شهر جديد يصلّي في أول يوم منه ركعتين، يقرأ في أول ركعه الحمد مره و قل هو اللّه أحد لكل يوم إلي آخره، و في الثانىه الحمد و إنا أنزلناه في ليله القدر مثل ذلك، و يتصدق بما يتسهل، يشتري به سلامه ذلك الشهر كله» . 29
كما روي ابن طاووس مرسلاً عن الصادق «عليه السلام» صلاه أخري من ركعتين يقرأ سوره الانعام بعد الفاتحه، و يؤديها في ليله أول الشهر.
صيام ثلاثة أيام من الشهر
و منها صيام ثلاثه أيام من كل شهر ، و هو من الأعمال المستحبه المؤكده التي كان يواظب عليها النبي «صلي اللّه عليه و اله» إلي آخر حياته، كما دلت علي ذلك النصوص العديده.
فقد روي الصدوق في من لا يحضر الفقيه بسند معتبر عن أبي عبد اللّه الصادق «عليه السلام» قال: «صام رسول الله «صلي اللّه عليه و اله» حتي قيل: ما يفطر، ثم أفطر حتي قيل: ما يصوم، ثم صام صوم داود «عليه السلام» يوما و يوما لا، ثم قبض «صلي اللّه عليه و اله» علي صيام ثلاثه أيام في الشهر و قال: يعدان صوم الدهر (الشهر)، و يذهبن بوحر الصدر، و قال حمّاد: الوحر: الوسوسه، قال حمّاد: فقلت: و أي الأيام هى؛ قال: أول خميس في الشهر، و أول اربعاء بعد العشر منه ، و آخر خميس» . 30
و في روايه أخري معتبره يعلق الامام الصادق «عليه السلام» علي هذا الموضوع بقوله: «و قد كان أبي «عليه السلام» يقول: ما من أحد أبغض إلي اللّه تعالي من رجل يقال له: كان رسول اللّه «صلي اللّه عليه و اله» يفعل كذا و كذا فيقول: لا يعذبني اللّه علي أن اجتهد في الصلاه و الصوم، كأنه يري أن رسول اللّه «صلي اللّه عليه و اله» ترك شيئاً من الفضل عجزاً عنه» . 31
و قد روي المفيد في (المقنعه) عن النبي «صلي اللّه عليه و اله» أنه قال: «عرضت علي أعمال أمتي فوجدت في أكثرها خللاً و نقصاً، فجعلت مع كل فريضه مثليها نافله: ليكون من أتي بذلك قد حصلت له الفريضه؛ لأن اللّه تعالي يستحي أن يعمل له العبد عملاً فلا يقبل منه الثلث. ففرض اللّه الصلاه في كل يوم و ليله سبع عشر ركعه، و سن رسول اللّه «صلي اللّه عليه و اله» اربعاً و ثلاثين ركعه، و فرض اللّه صيام شهر رمضان في كل سنه، و سن رسول اللّه «صلي اللّه عليه و اله» صيام ستين يوماً في السنه، ليكمل فرض الصوم، فجعل في كل شهر ثلاثه أيام: خميساً في العشر الأول منه و هو أول خميس في العشر، و أربعاء في العشر الأوسط منه، و هو أقرب إلي النصف من الشهر، و ربما كان النصف بعينه، و آخر خميس في الشهر» . 32
و قد وردت نصوص أخري تؤكد أن المهم هو صوم أيام ثلاثه من كل شهر إذا لم يتمكن من الالتزام بهذه الأيام خاصه، أو كان فيها تعب، و جاءت الرخصه بتأخيرها إلي الشتاء أو غير ذلك من التقديم و التأخير، كما جاءت النصوص بقضائها ايضاً أو التعويض عنها بالصدقه بمد من طعام عن كل يوم، كما ورد في بعض النصوص الحث علي صيام أيام البيض من الشهر، و هي الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر.
القسم الرابع: العبادات السنويه
تحتل العبادات السنويه مساحه واسعه من نظام العبادات، و ذلك ضمن ثلاثه مذاهج اساسيه:
المنهج الأول: منهج الأيام و الليالي الذي سبق الحديث عنه، فإنه يدخل في جانب منه في العبادات السنويه، حيث إننا و إن ذكرناه ضمن نظام الشعائر فإن محتوي هذه الشعائر كان هو أنواع من العبادات كما ذكرنا جاءت في إطار هذه الشعائر لتصبح بمجموعها تعبيراً عن هذا الشعار.
المنهج الثانى: هو منهج الأشهر الثالثه المباركه رجب و شعبان و رمضان، حيث يتوج هذا المنهج و الموسم بشهر الرمضان المبارك، و حيث تشكل عباده الصوم القاعده الاساسيه في هذا المنهج، فإنه يستحب فيه صوم شهر رجب و يتأكد فيه استحباب صوم شعبان بما كان يلتزم به رسول اللّه «صلي اللّه عليه و اله» من صومه بكامله، و يجب فيه صوم شهر رمضان بالشروط التي يذكرها الفقهاء في كتبهم الفقهيه و في مقدمتها الحضور و عدم المرض أو الشيخوخه المانعه من الصوم.
المنهج الثالث: هو منهج عباده الحج و موسم العشر الأوائل من شهر ذي الحجه.
هذه العباده الفريده و المتميزه التي تكاد أن تجمع في محتواها وادائها مجمل العبادات الاسلاميه (الصلاه، والزكاه، والصوم، والجهاد) ، بالإضافه إلي أبعادها الروحيه و السياسيه و الاجتماعيه و الاقتصاديه العظيمه.
و سوف نحاول أن نتناول المنهجين الأخيرين بشيء من الشرح و الاختصار.
منهج الأشهر الثلاثة
أ- شهر رجب
لقد وردت نصوص كثيره عن اهل البيت تؤكد فضل شهر رجب، فقد روي الصدوق في المجالس و ثواب الأعمال بأسناده عن أبي سعيد الخدرى، عن النبي «صلي اللّه عليه و اله» أنه قال: «قال رسول اللّه «صلي اللّه عليه و اله» : ألا إن رجباً شهر اللّه الأصم و هو شهر عظيم، و إنما سمي الأصم لأنه لا يقاربه شيء من الشهور حرمه و فضلاً عند اللّه، و كان اهل الجاهليه يعظمونه في جاهليتهم، فلما جاء الاسلام لم يزدد إلّا تعظيماً و فضلاً. ألا إن رجب شهر اللّه، و شعبان شهرى، و رمضان شهر أمتى. ألا فمن صام من رجب يوماً ايماناً و احتساباً استوجب رضوان اللّه الاكبر...» ، ثم ذكر لصيام أي عدد من الأيام ثواباً و أجراً و آثاراً و فوائد . 33
كما روي الصدوق عن الامام أبي الحسن موسي بن جعفر الكاظم «عليه السلام» أنه قال: «رجب نهر في الجنّه أشد بياضاً من اللبن و أحلي من العسل، فمن صام يوماً من رجب سقاه اللّه من ذلك النهر».
و روي عنه أيضاً: «رجب شهر عظيم يضاعف اللّه فيه الحسنات و يمحو السيئات. و من صام يوماً من رجب تباعدت عنه النار مسيره سنه، و من صام ثلاثه أيام وجبت له الجنه» . 34
و قد روي عن أبي عبد اللّه الصادق «عليه السلام» بأسانيد متعدده بعضها معتبر أنه قال: «إن نوحاً «عليه السلام» ركب السفينه أول يوم من رجب، فأمر عليه السلام من معه أن يصوموا ذلك اليوم و قال: من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيره سنه، و من صام سبعه أيام أغلقت عنه أبواب النيران السبعه، و من صام ثمانيه أيام فتحت له أبواب الجنان الثمانيه، و من صام خميسه عشر يوماً اُعطي مسألته، و من زاد زاده اللّه عزوجل» . 35
و قد قسم العلامه القمي في مفاتيح الجنان أعمال شهر رجب إلي قسمين:
القسم الأول: الأعمال العامه التي تؤدي في جميع الشهر و لا تخص أياماً منه، و هي أمور:
الأول: الدعاء، و قد ذكر عده مفردات و مصاديق من الأدعيه المخصوصه و هي ذات مضامين عاليه، و ذلك عن الامام زين العابدين «عليه السلام» و الامام الصادق «عليه السلام» و الامام الحجه عجل اللّّه فرجه الشريف . 36
الثانى: الزياره المخصوصه التي يزار بها في جميع مشاهد الأئمه «عليه السلام» ، و هي المعروفه بالزياره الرجبيه . 37
الثالث:الذكر مثل الاستغفار للّه تعالي بصيغ متعدده، و منها «استغفر اللّه الذي لا إله إلّا هو وحده لا شريك له و أتوب إليه» مئه مره و التصدق بعدها . 38
أو التهليل ألف مره، أو التسبيح مئه مره «سبحان الإله الجليل، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلّا له، سبحان الأعزم الأكرم، سبحان من لبس العز و هو له أهل» و قد ورد أن هذا التسبيح يعوض عن الصيام لمن لا يقدر عليه . 39
الرابع: قراءه القرآن و منه قراءه الإخلاص عشره آلاف مره . 40 و كذلك يُقرأ في كل يوم من رجب و شعبان و رمضان الحمد و آيه الكرسي و الكافرون و المعوذتين ثلاث مرات ثم يقول: «سبجان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلّا اللّه و اللّه اكبر و لا حول و لا قوه إلّا باللّه العلي العظيم»، ثلاث مراث، و «اللّهم صل علي محمد و أل محمد» ثلاث مرات، و «اللّهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات» ثلاث مرات، و أربعمئه مره «استغفر اللّه و أتوب إليه»، فقد ورد أن هذا العمل يوجب غفران الذنوب مهمها كثرت.و هذا العمل يجمع بين قراءه القرآن و الذكر و الدعاء.
الخامس: الصلاه بصيغ متعدده، كركعتين في ليله من ليالي رجب يقرأ فيها بعد الفاتحه التوحيد مئه مره، أو عشر ركعات يقرأ فيها بعد الفاتحه الكافرون مره و التوحيد ثلاث مرات، أو صلاه ستين ركعه في كل ليله ركعتان يقرأ فيها الحمد مره و الكافرون ثلاث مرات و التوحيد مره واحده، فإذا سلم رفع يديه إلي السماء و قال: «لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو حي لا يموت بيده الخير و هو علي كل شيء قدير، و إليه المصير و لا حول و لا قوه إلّا اللّه العلي العظيم. اللّهم صل علي محمد النبي و الأمي و آله» و يمرر يده علي وجهه؛ فقد ورد لهذه الصلوات ثواب عظيم . 41
القسم الثانى: في الأعمال الخاصه بليالٍ و أيام خاصه من رجب، و في هذا القسم توجد أعمال عديده نشير إلي أهمها:
الأول: أعمال الليله الأولى و اليوم الأول من رجب، و هي عباره عن صومه و الدعاء عند رؤيه الهلال في ليلته، و كذلك الغسل و زياره الامام الحسين «عليه السلام» في اليوم و الليله كما سبق في الزيارات، و صلاه عشرين ركعه بعد صلاه المغرب يقرأ فيها بالفاتحه و التوحيد، و الليله الاولي من رجب هي إحدي الليالي الأربعه التي تحي بالعباده كما ذكرنا، و هناك صلاه أخري من ثلاثين ركعه بالفاتحه و الكافرون مره و التوحيد ثلاث مرات، و صلاه أخري بركعتين يقرأ فيها بالفاتحه و الانشراح ثلاث مرات.
كما يوجد دعاء خاص بهذه الليله روي عن الامام الجواد «عليه السلام»، و أعمال اخري . 42
و في اليوم الأول بالاضافه إلي الصوم يبدأ بصلاه سلمان الفارسي التي هي ثلاثون ركعه، يؤتي بعشره منها في اليوم الأول و عشره في منتصف رجب و عشره في آخره، و هي صلاه جليله بعدها ذكر و دعاء و فيها تفصيل . 43
الثانى: صلاه الرغائب، و هي صلاه في أول ليله جمعه من رجب بعد صيام يوم الخميس منه، حيث يصلي بين العشاء و العتمه اثنتي عشره ركعه، فإذا فرغ من صلاته صلي علي النبي و آله سبعين مره، ثم يسجد و يقول في سجوده سبعين مره: «سبوح قدوس رب الملائكه و الروح» ثم يرفع رأسه و يقول: «رب اغفر و ارحم و تجاوز عما تعلم إنك أنت العلي الأعظم» ثم يسجد سجده أخري و يقول فيها ما قال في الأولى، ثم يسأله حاجته فإنها تقضي إن شاء اللّه. و قد روي عن رسول اللّه «صلي اللّه عليه و اله» في هذه الصلاه أنه قال: «والذي نفسي بيده لا يصلي عبدأ و أمه هذه الصلاه إلّا غفر له جميع ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر، و يشفع يوم القيامه في سبعمئه من اهل بيته ممن استوجب النار» الحديث . 44
الثالث: صلاه الليالي البيض في رجب و شعبان و رمضان، و هي صلاه ورد أن من جاء بها حاز فضيله الأشهر الثلاثه و غفر اللّه له كل ذنب سوي الشرك باللّه.
و هي ركعتان في الليله الثالثه عشره، و اربعه في الرابعه عشره، و سته في الخامسه عشره، يقرأ في كل ركعه الحمد مره و سوره يس و الملك و التوحيد كلاً منها مره واحده، و يسبّح بعد كل ركعتين.
و فيها عمل أم داود المعروف الذي يؤتي به في اليوم الخامس عشر بعد الصيام لقضاء الحاجات و كشف الكروب و دفع الظالمين، و يشتمل علي قراءه القرآن و الدعاء بالإضافه إلي الصيام، و قد جاء تفضيله في المفاتيح . 45
و كذلك صيام الأيام و هي الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر منه.
الرابع: أعمال ليله النصف من رجب و فيها الغسل و زياره الامام الحسين «عليه السلام»، و الإحياء بالعباده من الصلاه التي ذكرت لها مصاديق خاصه إلي الذكر، و هناك صلاه مشتركه بينها و بين ليله السابع و العشرين من رجب.
و كذلك أعمال يوم النصف من رجب الذي فيه الغسل و الزياره للامام الحسين «عليه السلام» و بقيه صلاه سلمان الفارسى، بالاضافه إلي صلاه و دعاء خاصين.
الخامس: أعمال الليله السابعه و العشرين من رجب و يومها الذي تقدم الحديث عنه في الأيام، و هو اليوم الذي كان فيه المبعث النبوي الشريف.
و قد ورد في ثواب العمل في هذه الليله عن الامام الجواد «عليه السلام» « و ان للعامل فيها من شيعتنا أجر عمل ستين سنه. قيل: و ما العمل فيها؟ قال: إذا صليت العشاء ثم أخذت مضجعك ثم استيقظت أي ساعه من ساعات الليل كانت قبل منتصفه، و صليت اثنتي عشره ركعه كل ركعه بالحمد و سوره خفيفه من المفصل (والمفصل سوره محمد «صلي اللّه عليه و اله» إلي آخر القرآن) و تسلم بعد كل ركعتين، فإذا فرغت من الصلاه جلست بعد السلام و قرأت الحمد سبعاً و المعوذتين سبعاً و قل هو اللّه أحد و قل يا أيها الكافرون سبعاً و إنا أنزلناه و آيه الكرسي كل منها سبعاً، و تقول بعد ذلك كله: الحمد للّه الذي لم يتخذو لداً و لم يكن له شريك في الملك و لم يكن له ولي من الذل و كبره تكبيرا. اللّهم اسألك بمعاقد عزك علي أركان عرشك و منتهي الرحمه من كتابك، و باسمك الأعظم الأعظم الأعظم و ذكرك الأعلي الأعلي الأعلى، و بكلماتك التامات أن تصلي علي محمد و آله و أن تفعل بي ما أنت أهله ثم ادع بما شئت» . 46
و يستحب في هذه الليله الغسل و زياره أمير المؤمنين علي «عليه السلام»، و الصلاه التي ورد ذكرها في ليله النصف من رجب . 47
و في اليوم الأخير منه بقيه صلاه سلمان الفارسى، كما ورد فيه الغسل و الصوم و أنه يوجب غفران الذنوب ما تقدم منها و ما تأخر . 48
ب- شهر شعبان
فضيله شهر شعبان
لقد وردت روايات متظافره عديده في فضل شهر شعبان و العباده فيه، فهو شهر منسوب إلي رسول اللّه، و كان يلتزم بصيامه - كما اشرنا - و يحث الناس علي هذه السنّه فيه، و وصل صيامه بصيام شهر رمضان. و قد ذكر العلامه القمي خلاصته لبعض هذه الروايات الشريفه: «وروي عن الصادق «عليه السلام» أنه قال: كان السجاد علي بن الحسين «عليه السلام» إذا دخل شعبان جمع أصحابه و قال «عليه السلام»: يا أصحابى، أتدرون ما هذا الشهر؟ هذا شهر شعبان، و كان النبي «صلي اللّه عليه و اله» يقول: شعبان شهرى فصوموا هذا الشهر حباً لنبيكم و تقرباً إلي ربكم. أقسم بمن نفسي بيده لقد سمعت أبي الحسين «عليه السلام»، يقول: سمعت أمير المؤمنين «عليه السلام» يقول: من صام شعبان حباً لرسول اللّه «صلي اللّه عليه و اله» و تقرباً إلي اللّه أحبه اللّه و قربه إلي كرامته يوم القيامه، و أوجب له الجنّه» . 49
و في روايه أخري للشيخ الطوسي عن صفوان الجمال قال: «قال لي الصادق «عليه السلام»: حثّ من في ناحيتك علي صوم شعبان، فقلت: جعلت فداك، تري فيه شيئاً؟ فقال: نعم، إن رسول اللّه «صلي اللّه عليه و اله» كان إذا رأي هلال شعبان أمر منادياً ينادي في المدينه: يا أهل يثرب، إني رسول رسول اللّه «صلي اللّه عليه و اله» إليكم: ألا إن شعبان شهرى فرحم اللّه من أعانني علي شهرى. ثم قال : إن أمير المؤمنين «عليه السلام» كان يقول: ما فاتني صوم شعبان منذ سمعت منادل رسول اللّه «صلي اللّه عليه و اله» ينادي في شعبان، و لن يفوتني أيام حياتي صوم شعبان إن شاء اللّه. ثم كان يقول «عليه السلام»: صوم شهرين متتابعين توبه من الله » . 50
ورودي إسماعيل بن عبد الخالق قال: «كنت عن الصادق «عليه السلام» فجري ذكر صوم شعبان، فقال الصادق: إن في فضل شعبان كذا و كذا، حتي إن الرجل ليرتكب الدم الحرام فيغفر له» . 51
روي الكيني بسند معتبر علن الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه «عليه السلام» : هل صام أحد من آبائك شعبان قط؟ قال: صامه خير آبائي رسول اللّه «صلي الله عليه و اله» ».
و في روايه أخري للكليني بسند معتبر عن أبي عبد اللّه «عليه السلام» قال: «كن نساء النبي «صلي الله عليه و اله» إذا كان عليهن صيام أخّرن ذلك إلي شعبان كراهه أن يمنعن رسول الله «صل الله عليه و اله» حاجته، فإذا كان شعبان صمن و صام معهن رسول الله. و كان رسول الله «صلي الله عليه و اله» يقول: شعبان شهرى» . 52
كما روي الصدوق في الفقيه بسند معتبر عن بعض العلماء و غيره بأسانيد متعدده عن أبي جعفر الباقر «عليه السلام» قال: من صام شعبان كان له طهوراً من كل ذله و وصمه و بادره. قال أبو حمزه: فقلت لأبي جعفر «عليه السلام»: ما الوصمه؟ قال: اليمين في المعصيه و النذر في المعصيه. قلت: فما البادره؟ قال: اليمين عند الغضب و التوبه منها الندم عليها» . 53
و قد روي الصدوق في ثواب الاعمال بسند معتبر عن إسماعيل بن زياده عن أبي عبد الله قال: «قال رسول الله «صلي الله عليه و اله» : شعبان شهرى، و رمضان شهر الله و هو ربيع الفقراء، و إنما جعل الأضحي ليشبع مساكينكم من اللحم فأطعموهم» . 54
كما ورد في صومه أنه سبب لشفاعه رسول اللّه في يوم القيامه ، 55 و أن إكثار الصوم فيه سبب لإصلاح المعيشه و الوقايه من شر الأعداء و دخول الجنه» . 56
أعمال شهر شعبان
و قد قسم العلامه القمي كعادته أعمال شهر شعبان إلي قسمين: الأول: الأعمال العامه التي تؤدي في مختلف أيام الشهر، و الثانى: الأعمال الخاصه بأيام أو ليالِ خاصه من الشهر.
أما أعمال القسم الأول فيمكن تلخيصها في أمور:
الأول: الصيام، و هو أهمها و آكدها، و يكاد أن يتميز به هذا الشهر، كما فهمناه من الروايات السابقه المتظافره و الصحيحه.
الثانى: الذكر الله تعالي و لا سيما الاستغفار، فقد ورد في عده روايات الحث علي الاستغفار سبعين مره في كل يوم؛ لأن فيه ثواباً عظيماً إذ يحشر يوم القيامه في زمره رسول الله «صلي الله عليه و اله» ، و تجب له الكرامه من الله تعالى، و تكتب له البراءه من النار و الجواز علي الصراط للجنه و حلول دار القرار، و يغفر الله له ذنوبه و لو كانت بعدد النجوم، وورد أن الاستغفار فيه سبعين مره مثل الاستغفار في سائر الشهور سبعين ألف مره، و صيغته «استغفر الله و اسأله التوبه» أو «أستغفر الله الذي لا إله الّا هو الرحمن الرحيم الحي القيوم و اتوب إليه» . 57
و من الأذكار المرويه مرسله عن النبي «صل الله عليه و اله» - كما في الإقبال - : «لا إله إلّا الله و لا نعبد إلّا إياه مخلصين له الدين و لو كره المشركون» يقولها ألف مره في شعبان، فإن فيها ثواباً جزيلاً . 58
الثالث: الصدقه علي الفقراء و المحتاجين كما أشير إليه في الروايات السابقه من أن شعبان ربيع الفقراء. و قد جاء التأكيد لذلك في عده روايات، و أن «من تصدق بصدقه في شعبان رباها الله جل و عزّ له كما يربي أحدكم فصليه، حتي يوا في يوم القيامه و قد صارت مثل أحد» ، 59 كما أن التصدق فيه و لو بشق تمره يوجب تحريم جسد الانسان علي النار . 60
الرابع: الصلاه علي رسول الله و آله و الإكثار منها.
و قد روي احمد بن عيسي في (نواده) بسند معتبر عن أبي عبدالله الصادق «عليه السلام» قال: «قال رسول الله «صلي الله عليه و اله» : رجب شهر الاستغفار لأمتى، اكثروا فيه من الستغفار، فإنه غفور رحيم؟ [ إلي أن قال ] و أكثروا في شعبان من الصلوات علي نبيكم [ ثم قال ] : و إنما سمي شعبان شهر الشفاعه لأن رسولكم يشفع لكل من يصلّي عليه فيه» . 61
و قد ورد في بعض الروايات صيغه رائه من الصلاه علي رسول الله و أهل البيته، مع دعاء جميل لله تعالي يتوسل فيه الانسان برسول الله في شعبان . 62
الخامس : الدعاء و المناجاه لله تعالى، و لم تترك نصوص خاصه في هذا الموضوع، إلّا أنه عرفت في هذا المجال المناجاه التي رواها ابن خالويه و ذكر أنها مناجاه أمير المؤمنين و الأئمه من ولده، و هي مناجاه رائه و ذات مضامين عرفانيه عاليه . 63
القسم الثانى: و هو الأعمال الخاصه بالأوقات من الليالي و الأيام، فيبدو من خلال كتب الزياره و الأعمال و كذلك ما يستفاد من بعض النصوص أن هناك أوقاتاً خمسه جاء الاهتمام بها خاصه.
الأول: هو اليوم الأول من شعبان وليلته. حيث جاء تأكيد صيامه، و ذكر السيد ابن طاووس في الإقبال صلاه لليلته بل لليالي الأولى الثلاث منه.
الثانى: يوم الخميس من الشهر الذي ذكر فيه الصلاه بركعتين يقرأ فيها فاتح الكتاب مره و التوحيد مئه مره، و يعقب بعدهما بالصلاه علي النبي و آله مئه مره ليقضي له كل حاجه من أمور دينه و دنياه.
الثالث: اليوم الثالث من شعبان الذي هو يوم مولد الإمام الحسين «عليه السلام»، فقد ورد فيه كما ذكر الشيخ الطوسي في المصباح عن الامام العسكري «عليه السلام» أنه يستحب صيامه و الدعاء فيه بدعاء لله تعالي خاص فيه توسل بالله بحق الحسين و الأئمه منه ولده «عليه السلام»، و هو دعاء يتضمن مضامين عاليه و يعبر عن الولاء للحسين و الأئمه من ولده «عليه السلام»، و الالتزام بنهجهم.
و كذلك ورد فيه عن الصادق «عليه السلام» الدعاء بما دعا به الامام الحسين «عليه السلام» يوم عاشوراء عندما رأي كثره أعدائه . 64
الرابع: ليله النصف من شعبان، و قد تقدم الحديث عنها في الشعائر عندما تناولنا الأيام و اليالى.
الخامس: الأيام الأخيره من الشهر و منها آخر ليله فيه، حيث ورد عن الرضا «عليه السلام» أنه قال: «من صام ثلاثه أيام من آخر شعبان و وصلها بشهر رمضان كتب الله تعالي له صيام شهرين متتابعين» .
و عن أبي الصلت الهروي قال: «دخلت علي الامام الرضا «عليه السلام» في آخر جمعه من شعبان فقال لى: يا أباصلت، إن شعبان قد مضي أكثره، و هذا آخر جمعه فيه فتدارك فيما بقي تقصير فيما مضي منه، و عليك بالإقبال علي ما يعنيك، و أكثر من الدعاء و الستغفار و تلاوه القرآن و تب إلي الله من ذنوبك؛ ليقبل شهر رمضان إليك و أنت مخلص لله عزوجل، و لا تدعنّ أمانه في عنقك إلّا أديتها، و لافي قلبك حقداً علي مؤمن إلّا نزعته، و لا ذنباً إلّا أقلعت عنه، و اتق الله و توكل عليه في سر أمرك و علانيتك، و من يتوكل علي الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً ، و اكثر من أن تقول فيما بقي من هذا الشهر: اللّهم إن لم تكن غفرت لنا فيما مضي من شعبان فاغفر لنا فيما بقي منه، فأن الله تبارك و تعالي يعتق في هذا الشهر رقاباً من النار لحرمه هذا الشهر» . 65 كما ورد عن الصادق «عليه السلام» دعاء يدعي به في آخر ليله من شعبان و أول ليله من رمضان .
--------------------------------------------------------------------------------
1 . الذريات : 56.
2 .و قد ورد عن رسول الله «صلي الله عليه و اله» بطرق معتبره أنه قال عند موته: «ليس مني من استخف بصلاته و لا يرد عليَّ الحوض...».
كما ورد بطريق معتبر عن اللامام الصادق «عليه السلام» أنه قال عند موته: «لا تنال شفاعتنا من استخف بالصلاه» عن وسائل الشيعه 3:16، ح 7 و 3.
3 .هذا المنهج بعذ العدد مما يمتاز به اهل البيت «عليه السلام» عن بقيه المذاهب الاسلاميه، و هذا ما حفظه اهل البيت «عليه السلام» عن رسول الله «صلي الله عليه و اله» و اتقنوه. و نافله الصبح (الغداه) و نافله الليل هما افضل هذه النوافل، و قد ورد في تأكيدهما و بيان فضلهما و آثارهما روايات كثيره.
4 .وسائل الشيعه 33:3، ح 6.
5 .وسائل الشيعه 41:3، ح 26، عن كتاب صفات الشيعه
6 .وسائل الشيعه 373:10، ح 1. و المقصود من صلاه الخمسين صلاه إحدي و خمسين، حيث جاء التعبير بالخمسين عنها في كثير من الروايات اختصاراً.
7 .هذا هو المشهور المعروف عند فقهاء مذهب اهل البيت، و إن وجد من بينهم من يقول بعدم و جوب السوره التامه.
8 .كتاب الخلاف 436:2.
9 .التاج الجامع للاصول 230:1 و 234، و كذلك المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، ماده مسجد 424:2 و 428.
10 . كتاب الخلاف 434:2 ، عن سنن أبي داود 227:1، ح 858.
11 . الخلاف 434:2، و قد ذكر في هاشمه أن مسلماً أخرجه في صحيحه 433:1، ح 619 ، و سنن ابن ماجه 222:1، ح 675، و سنن النسائي 247:1، و مسند احمد 108:5 110، و سنن البيهقي 105:2.
12 . من الملا حظ اهتمام أبناء الجماعه الصالحه باستصحاب قطعه من الطين مأخوذ من تراب كربلاء للسجود عليها، و قد تناول هذا الموضوع بالشرح و التفسير العلامه الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في كراس أسماه «التربه الحسينيه»، و يحسن بأبناء الجماعه الصالحه أن يسجدوا علي الصخور التي تفرش بها المساجد خصوصاً المسجد الحرام، أو علي الحصير أو غيره مما يحقق هذا الشرط دون التخاذ قطع الحجاره، ابتعاداً عن إثاره الشبهات و مراعاه لتجنب آثار هذه الحرب الاعلاميه الظالمه ضدّهم. و الله ولي التوفيق و السداد و النصر.
13 . الزيديه هم الذين يقولون بأمامه زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب بعد أبيه علي بن الحسين، و من معتقداتهم انه يشترط في الأمام أن يقوم بالسيف ضد اطغاه، و لهم مدرسه فقيهه متأثره الي حدٍ كبير بالمدرسه العامه لفقه الجمهور، و هم ينتشرون الآن في اليمن الشمالى، و إن كان لهم تاريخ في بعض مناطق ايران.
14 . التاج الجامع للاصول 148:1.
15 . وسائل الشيعه 161:3، ح 2.
16 . هذه الموضوع يحتاج إلي دراسه، فإن الرخصه لاشك فيها، و عمل النبي و الأئمه صلوات الله و سلامه عليهم العام هو التفريق، فلما ذا هذا الالتزام بالجمع؟ و لا شك أن الجمع أيسر و لا سيما إذا اخذنا بنظر الاعتبار الظروف الاجتماعيه المعاصره و طبيعه الاعمال و تركيبه المدن و المجتمعات، فهل كان الالتزام بهذا اليسر يعبر عن منهج اراد منه اهل البيت أن يضعوه لمستقبل الحياه الانسانيه، أم أن هذا الالتزام يعبر عن ظروف اجتماعيه و سياسيه عاشها اتباع اهل البيت في التاريخ الاسلامي جعلتهم يخففون من أدائهم للصلاه؟
علي أن هناك روايه معتبره السند قد يفهم منها أن المقصود من الجمع هو الاتيان بالصلاتين في وقت الفضيله لأحدهما، ولكن بدون نافله و تطوع بينهما، أما إذا تطوع بينهما فلا جمع: «الجمع بين الصلاتين إذا لم يكن بينهما تطوع، فإذا كان بينهما تطوع فلا جمع». وسائل الشيعه 163:3
ح3. و عند ذلك تكون الممارسه العامه للمتفقهين من أبناء الجماعه الصالحه هي التفريق؛ لأنهم يتطوعون عاده بين الصلاتين خصوصاً في المغرب و العشاء.
و علي أي حال فالمفروض أن يتوجه أبناء الجماعه الصالحه إلي هذه السنه النبويه المستحبه و الأدب الرسالي المطلوب.
17 . المائده: 6.
18 . ورد في روايات الجمهور ذكر هذا التسبيح و لكن بترتيب آخر، و هو ثلاث و ثلاثون لكل من التسبيح، و التحميد، و التكيبر، و يبدأ بالتسبيح و يختم بالتكبير، باستثناء روايه واحده تذكر التكبير أربعاً و ثلاثين.
19 . راجع مفاتيج الجنان: 12- 22. فقد ذكر التعقيبات العامه و تعقيبات كل واحده من الفرائض الخمسه.
20 . جامع احاديث الشيعه 48:15، ح 1 و 2 و 3.
21 . جامع احاديث الشيعه 51:15، باب 13 من أبواب فضائل القرآن.
22 . مفاتيح الجنان: 22 23، كذلك راجع جامع احاديث الشيعه 444:15 457.
23 . قد يبدو من بعض النصوص أن بعض هذه الصلوات يتداخل مع الرواتب اليوميه و الله اعلم.
24 . هذه الصلوات ذكرها في وسائل الشيعه في الجزء الخامس، و هي حسب التسلسل في الصفحات التاليه: 247، 246، 250، 286، 247 و 249.
25 . وسائل الشيعه 71:3، باب استحباب صلاه الف ركعه في كل يوم و ليله.
26 . وسائل الشيعه ه: 289 294.
27 . نفسه: 284.
28 . كان المرحوم الامام الحكيم (ره) يواظب علي هذه الصلاه.
29 . وسائل الشيعه ه: 286.
30 . وسائل الشيعه 303:7، ح 1.
31 . نفسه 305:7، ح 5.
32 . وسائل الشيعه 7: 311، ح 27، كما الستين بإضافه استحباب صوم شعبان كما أشير إليه في بعض الروايات الاخرى.
33 . وسائل الشيعه 352:7، ح 9. و قد ورد في عده نصوص أخري كما سوف تعرف أن شهر الله هو شهر رمضان، و هو المعروف بين المسلمين، و لذا فمن المتحمل أن يكون هناك اشتباه في ضبط النص في هذه الروايه فيما يتعلق بهذا الموضوع.
34 . نفسه: 350، ح 3،4.
35 . نفسه: 348:7، ح 1 و 2. عن من لا يحضره الفقيه و المقنع و المقنعه و مصباح المتهجد و ثواب الأعمال و الخصال و التهذيب و غيرها. و قد ذكر الشيخ الحر العاملي في وسائل الشيعه و العلامه القمي في مفاتيح الجنان روايات أخري في فضل شهر رجب و فضل الاستغفار و العباده فيه، فراجعها.
36 . مفاتيح الجنان: 132- 137.
37 . نفسه: 136.
38 . وسائل الشيعه 359:7، ح 3.
39 . نفسه 358:7، ح 1.
40 . نفسه: 361، ح 6.
41 . مفاتيح الجنان: 138.
42 . مفاتيح الجنان: 140 141.
43 . نفسه: 142.
44 . وسائل الشيعه ه: 233، و كذلك مفاتيج الجنان: 139.
45 . مفاتيح الجنان: 144 148.
46 . مفاتيح الجنان: 148.
47 . نفسه: 149.
48 . نفسه: 154.
49 . مفاتيح الجنان: 154.
50 . وسائل الشيعه 378:7، ح 33، عن المصباح.
51 . نفسه 372:7، ح 11، عن ثواب الاعمال.
52 . وسائل الشيعه 360:7، ح 1 و 2، عن فروع الكافي و غيره.
53 . نفسه 362:7 ، ح 7. عن الفقيه و الكافي و مصباح المتهجد و معاني الأخبار، و ثواب الأعمال و التهذيب.
54 . نفسه 372:7، ح 12، عن ثواب الاعمال.
55 . المصدر السابق: 373، ح 16.
56 . المصدر السابق: 375، ح 24.
57 . وسائل الشيعه 378:7 380، ح 1 و 2 و 4 و 5 و6.
58 . نفسه ح 8.
59 . نفسه ح 3 و 7.
60 . نفسه ح 1.
61 . نفسه: 381، ح 10.
62 . نفسه: 365، 18، و ذكرها في مفاتيج الجنان: 156.
63 . مفاتيح الجنان: 156 159.
64 . مفاتيح الجنان: 164 165.
65 . مفاتيح الجنان: 171.