عربي
Saturday 16th of November 2024
0
نفر 0

القرآن يسند ما أسند إلى العلة المادية إلى الله تعالى‏

القرآن يسند ما أسند إلى العلة المادية إلى الله تعالى‏

ثم إن القرآن كما يثبت بين الأشياء العلية و المعلولية و يصدق سببية البعض للبعض كذلك       

                 الميزان في تفسير القرآن، ج‌1، ص: 79


 يسند الأمر في الكل إلى الله سبحانه فيستنتج منه أن الأسباب الوجودية غير مستقلة في التأثير و المؤثر الحقيقي بتمام معنى الكلمة ليس إلا الله عز سلطانه. قال تعالى: «أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ»: الأعراف- 53، و قال تعالى «لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ»: البقرة- 284، و قال تعالى: «لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ»: الحديد- 5، و قال تعالى: «قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»: النساء- 77. إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على أن كل شي‌ء مملوك محض لله لا يشاركه فيه أحد، و له أن يتصرف فيها كيف شاء و أراد و ليس لأحد أن يتصرف في شي‌ء منها إلا من بعد أن يأذن الله لمن شاء و يملكه التصرف من غير استقلال في هذا التمليك أيضا، بل مجرد إذن لا يستقل به المأذون له دون أن يعتمد على إذن الإذن، قال تعالى: «قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ»: آل عمران- 26، و قال تعالى: «الَّذِي أَعْطى‌ كُلَّ شَيْ‌ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى‌»: طه- 50، إلى غير ذلك من الآيات، و قال تعالى أيضا: «لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ»: البقرة- 255، و قال تعالى: «ثُمَّ اسْتَوى‌ عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ»: يونس- 3.
فالأسباب تملكت السببية بتمليكه تعالى، و هي غير مستقلة في عين أنها مالكة.
و هذا المعنى هو الذي يعبر سبحانه عنه بالشفاعة و الإذن، فمن المعلوم أن الإذن إنما يستقيم معناه إذا كان هناك مانع من تصرف المأذون فيه، و المانع أيضا إنما يتصور فيما كان هناك مقتض موجود يمنع المانع عن تأثيره و يحول بينه و بين تصرفه.
فقد بان أن في كل السبب مبدأ مؤثرا مقتضيا للتأثير به يؤثر في مسببه، و الأمر مع ذلك لله سبحانه.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

علماء السنة يجيزون لعن يزيد بن معاوية
الاخلاص
المهدي المنتظر في كلمات محي الدين بن عربي/ ق2
لعن الله ظالميك يا فاطمة
معنى و درجات معرفة الله الفطرية
البعثة وحقيقة النبوة
اللغة والكلام وأثرهما في المدارس اللسانية
كتاب صفات الشيعة
المقاربة بين الأفكار
علم الله الشامل

 
user comment