أسباب ثورته :
السؤال : ما هي أسباب قيام ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ؟
وما معنى قول زينب (عليها السلام) عندما خاطبت يزيد : " ما رأيت إلاّ جميلاً " (1) ؟
الجواب : أحاطت بالإمام الحسين (عليه السلام) عدّة من المسؤوليات الدينية والواجبات الاجتماعيّة وغيرها ، فحفّزته إلى الثورة ، ودفعته إلى التضحية والفداء ، وهذه بعضها :
1ـالمسؤولية الدينية : لقد كان الواجب الديني يحتّم عليه القيام بوجه الحكم الأمويّ ، الذي استحلّ حرمات الله ، ونكث عهوده ، وخالف سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
2ـ المسؤولية الاجتماعيّة : كان الإمام (عليه السلام) بحكم مركزه الاجتماعيّ مسؤولاً أمام الأُمّة ، عمّا منيت به من الظلم والاضطهاد من قبل الأمويّين ، ومن هو أولى بحمايتها وردّ الاعتداء عنها من غيره ؟
فنهض (عليه السلام) بأعباء هذه المسؤولية الكبرى ، وأدّى رسالته بأمانة وإخلاص ، وضحّى بنفسه وأهل بيته وأصحابه ، ليعيد عدالة الإسلام وحكم القرآن .
3ـ إقامة الحجّة عليه : قامت الحجّة على الإمام (عليه السلام) لإعلان الجهاد ، ومحاربة قوى البغي والإلحاد ، فقد تواترت عليه الرسائل والوفود من أهل
____________
1- لواعج الأشجان : 209 .
|
الصفحة 185 |
|
الكوفة ، وكانت تحمّله المسؤولية أمام الله إن لم يستجب لدعواتهم الملحّة ، لإنقاذهم من ظلم الأمويّين وبغيهم .
4ـ حماية الإسلام : من الأسباب التي ثار من أجلها (عليه السلام) هي حماية الإسلام من خطر الحكم الأمويّ ، الذي جهد على محوه ، وقلع جذوره ، فقد أعلن يزيد ـ وهو على كرسي الخلافة الإسلامية ـ الكفر والإلحاد بقوله :
لعبت هاشم بالملك فلا |
خبر جاء ولا وحي نزل (1) |
وكشف هذا الشعر عن العقيدة الجاهلية التي كان يدين بها يزيد ، فهو لم يؤمن بوحي ولا كتاب ، ولا جنّة ولا نار ، وبلغ به الاستهتار إلى الإعلان عن كفره واستهزائه بالإسلام .
5ـ صيانة الخلافة : من ألمع الأسباب التي ثار من أجلها (عليه السلام) تطهير الخلافة الإسلامية ـ التي هي لأهل البيت (عليهم السلام) من قبل الله تعالى ـ من أرجاس الأمويّين الذين نزو عليها بغير حقّ .
وقد رأى الإمام (عليه السلام) أنّ مركز جدّه قد صار إلى سكّير مستهتر ، لا يعي إلاّ شهواته ورغباته ، فثار ليعيد للخلافة الإسلامية كيانها المشرق وماضيها الزاهر .
6ـ تحرير إرادة الأُمّة : ولم تملك الأُمّة في عهد يزيد إرادتها واختيارها ، فقد كبلت بقيود ثقيلة سدّت في وجهها منافذ النور والوعي ، وحيل بينها وبين إرادتها .
لقد هبّ الإمام (عليه السلام) إلى ساحات الجهاد والفداء ، ليطعم المسلمين روح العزّة والكرامة ، فكان مقتله (عليه السلام) نقطة تحوّل في تاريخ المسلمين وحياتهم .
7ـ تحرير اقتصاد الأُمّة : انهار اقتصاد الأُمّة الذي هو شرايين حياتها الاجتماعيّة والفردية ، فقد عمد الأمويّون بشكل سافر إلى نهب الخزينة
____________
1- تاريخ الأُمم والملوك 8 / 188 .
|
الصفحة 186 |
|
المركزية ، وقد أعلن معاوية أمام المسلمين : إنّ المال مال الله ، وليس مال المسلمين ، فهو أحقّ به .
فقد ثار (عليه السلام) ليحمي اقتصاد الأُمّة ، ويعيد توازن حياتها المعيشية .
8 ـ المظالم الاجتماعيّة : انتشرت المظالم الاجتماعيّة في أنحاء البلاد الإسلامية ، فلم يعد قطر من الأقطار إلاّ وهو يعجّ بالظلم والاضطهاد من جورهم .
فهبّ الإمام (عليه السلام) في ميادين الجهاد ، ليفتح للمسلمين أبواب العزّة والكرامة ، ويحطّم عنهم ذلك الكابوس المظلم .
9ـ المظالم الهائلة على الشيعة : لقد كانت الإجراءات القاسية التي اتخذها الحكم الأمويّ ضدّ الشيعة من أسباب ثورته (عليه السلام) ، فهبّ لإنقاذهم من واقعهم المرير ، وحمايتهم من الجور والظلم .
10ـ محو ذكر أهل البيت : ومن ألمع الأسباب التي ثار من أجلها (عليه السلام) ، هو أنّ الحكم الأمويّ قد جهد على محو ذكر أهل البيت (عليهم السلام) ، واستئصال مآثرهم ومناقبهم ، وقد استخدم معاوية في هذا السبيل أخبث الوسائل .
وكان (عليه السلام) يودّ أنّ الموت قد وافاه ، ولا يسمع سبّ أبيه على المنابر والمآذن .
11ـ تدمير القيم الإسلامية : عمد الأمويّون إلى تدمير القيم الإسلامية ، فلم يعد لها أيّ ظل على واقع الحياة الإسلامية .
12ـ انهيار المجتمع : انهار المجتمع في عصر الأمويّين ، وتحلّل من جميع القيم الإسلامية .
وثار (عليه السلام) ليقضي على التذبذب والانحراف الذي منيت به الأُمّة .
13ـ الدفاع عن حقوقه : وانبرى الإمام (عليه السلام) للجهاد دفاعاً عن حقوقه التي نهبها الأمويّون واغتصبوها ، وأهمّها : الخلافة ، فهو الخليفة الشرعي بمقتضى معاهدة الصلح ، التي تمّ الاتفاق عليها ـ فضلاً عن كونه الخليفة الحقيقيّ من قبل الله تعالى ـ وعلى هذا فلم تكن بيعة يزيد شرعية ، ولم يخرج
|
الصفحة 187 |
|
الإمام (عليه السلام) على إمام من أئمّة المسلمين ، كما يذهب لذلك بعض ذوي النزعات الأمويّة ، وإنّما خرج على ظالم مغتصب لحقّه .
14ـ الأمر بالمعروف : ومن أوكد الأسباب التي ثار من أجلها (عليه السلام) إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإنّهما من مقوّمات هذا الدين ، والإمام بالدرجة الأُولى مسؤول عنهما .
وقد أدلى (عليه السلام) بذلك في وصيته لأخيه ابن الحنفية التي أعلن فيها عن أسباب خروجه على يزيد ، فقال : " وإنّي لم أخرج أشراً ، ولا بطراً ، ولا مفسداً ، ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي ، أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ... " (1) .
15ـ إماتة البدع : عمد الحكم الأمويّ إلى نشر البدع بين المسلمين ، التي لم يقصد منها إلاّ محق الإسلام ، وإلحاق الهزيمة به ، وقد أشار (عليه السلام) إلى ذلك في رسالته التي بعثها لأهل البصرة : " فإنّ السنّة قد أُميتت ، وإنّ البدعة قد أُحييت ... " (2) .
لقد ثار (عليه السلام) ليقضي على البدع الجاهلية التي تبنّاها الأمويّون ، ويحيي سنّة جدّه التي أماتوها ، ونشر راية الإسلام .
16ـ العهد النبوي : واستشف النبيّ (صلى الله عليه وآله) من وراء الغيب ما يمنى به الإسلام من الأخطار الهائلة على أيدي الأمويّين ، وأنّه لا يمكن بأيّ حال تجديد رسالته ، وتخليد مبادئه إلاّ بتضحية ولده الحسين (عليه السلام) ، فعهد إليه بالتضحية والفداء ، وقد أدلى الإمام الحسين بذلك حينما عدله المشفقون عليه من الخروج إلى العراق ، فقال (عليه السلام) لهم : " ورأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرني بأمر ، وأنا ماض له " (3) .
17ـ العزّة والكرامة : ومن أوثق الأسباب التي ثار من أجلها (عليه السلام) ، هي العزّة
____________
1- لواعج الأشجان : 30 .
2- تاريخ الأُمم والملوك 4 / 266 ، البداية والنهاية 8 / 170 ، انساب الأشراف : 78 .
3- البداية والنهاية 8 / 176 و 181 .
|
الصفحة 188 |
|
والكرامة ، فقد أراد الأمويّون إرغامه على الذلّ والخنوع ، فأبى إلاّ أن يعيش عزيزاً ، وقد أعلن ذلك يوم الطفّ بقوله : " ألا وإنّ البغيّ ابن البغيّ قد ركز بين اثنتين ، بين السلّة والذلّة ، وهيهات منّا الذلّة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله ، والمؤمنون ، وحجور طابت ، وبطون طهرت ، وأنوف حمية، ونفوس أبية ... " (1) .
18ـ غدر الأمويّين وفتكهم : وأيقن (عليه السلام) أنّ الأمويّين لا يتركونه ، ولا تكفّ أيديهم عن الغدر والفتك به حتّى لو سالمهم وبايعهم ، وقد أعلن ذلك لأخيه محمّد ابن الحنفية : " والله يا أخي، لو كنت في جحر هامّة من هوام الأرض لاستخرجوني منه حتّى يقتلوني " (2) .
فاختار (عليه السلام) أن يعلن الحرب ، ويموت ميتة كريمة تهزّ عروشهم ، وتقضي على جبروتهم وطغيانهم .
هذه بعض الأسباب التي حفّزت الإمام الحسين (عليه السلام) إلى الثورة على حكم يزيد .
وأمّا قول زينب (عليها السلام) فهو دليل على رضاها لمشيئة الله تعالى ، وإيمانها بالقضاء والقدر ، وتوكّلها على الله تعالى ، وأنّ الذي حصل ما كان إلاّ خيراً ، وما كان إلاّ جميلاً ، وذلك لأنّه لم يكن إلاّ حفظاً لأصل الإسلام ، وذهبت مخطّطات بني أُمية ـ التي رامت محو الإسلام ـ إدراج الرياح .
( حمد الهاشم . السعودية . ... )
السؤال : اذكر الأدلّة على زيارة الحسين (عليه السلام) يوم الأربعين ؟
____________
1- تاريخ مدينة دمشق 14 / 219 .
2- بحار الأنوار 45 / 99 ، لواعج الأشجان : 256 .
|
الصفحة 189 |
|
الجواب : إنّ استحباب زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) يوم الأربعين ثابت ، حتّى روي عن الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) أنّه قال : " علامات المؤمن خمس : صلاة الإحدى والخمسين ، وزيارة الأربعين ، والتختّم باليمين ، وتعفير الجبين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم " (1) .
وأمّا بخصوص ألفاظ زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) المعروفة فهي مروية عن الإمام الصادق (عليه السلام) ، حيث قال في زيارة الأربعين : " تزور عند ارتفاع النهار فتقول : السلام على وليّ الله وحبيبه ، السلام على خليل الله ونجيبه ... " (2) .
( حسين عبد الله . البحرين . ... )
الإمام السجّاد تولّى عملية دفنه :
السؤال : من الذي دفن جسد الإمام الحسين (عليه السلام) ؟ وإذا كان الإمام السجّاد (عليه السلام)، فكيف يكون ذلك ، وهو أسير مع أهل بيته ، وهم مقتادون إلى الشام ، خصوصاً أنّ الدفن كان بعد ثلاثة أيّام من يوم شهادته ؟ أرجو ذكر السند والمصدر .
الجواب : توجد قاعدة أوّلية وهي : إنّ الإمام المعصوم لا يقوم بتجهيزه والصلاة عليه إلاّ الإمام المعصوم الذي يليه .
إذا عرفت هذا ، فإنّ السيّد نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية ، والدربندي في أسرار الشهادة (3) ، والسيّد محمّد تقي آل بحر العلوم في مقتل الحسين (عليه السلام) (4) ، نقلوا : أنّ بني أسد لمّا أرادوا دفن الأجساد الطاهرة جاءهم الإمام السجّاد (عليه السلام) ، وهو الذي تولّى عملية الدفن بمساعدتهم .
____________
1- المزار للشيخ المفيد : 53 ، تهذيب الأحكام 6 / 52 ، روضة الواعظين : 195 .
2- مصباح المتهجّد : 788 ، إقبال الأعمال 3 / 101 .
3- أسرار الشهادة 3 / 225 .
4- مقتل الحسين لبحر العلوم : 466 .
|
الصفحة 190 |
|
وأمّا أنّ الإمام السجّاد (عليه السلام) كيف جاءهم وهو أسير ، فهذا بالقدرة الإلهيّة التي يتمتّع بها المعصوم (عليه السلام) .
( السيّد محمّد . البحرين . ... )