عربي
Tuesday 23rd of July 2024
0
نفر 0

السؤال : أُودّ أن أستفسر عن هذه القصص ، حيث إنّها نشرت في إحدى النشرات في ليلة أربعين الإمام الحسين (عليه السلام) ، وهذه النشرات من التي تشجّع وتحثّ الشباب على التطبير ـ ضرب القامة ـ !! وإذا كانت صحيحة ، لماذا يفعل الله هذا بأنبيائه ؟

مواساة الأنبياء له :

السؤال : أُودّ أن أستفسر عن هذه القصص ، حيث إنّها نشرت في إحدى النشرات في ليلة أربعين الإمام الحسين (عليه السلام) ، وهذه النشرات من التي تشجّع وتحثّ الشباب على التطبير ـ ضرب القامة ـ !! وإذا كانت صحيحة ، لماذا يفعل الله هذا بأنبيائه ؟

لماذا يعذّبهم لذنب لم يقترفوه ؟ هل الله غير عادل ؟ حيث إنّ هذا ما توضّحه هذه القصص ، واليكم القصص كما نزلت :

أنبياء الله (عليهم السلام) سبقونا ، وأسالوا دماءهم مواساة للإمام الحسين (عليه السلام) في بدء الخليقة ، حيث لم يكن أحد من بني الإنسان إلاّ آدم وحوّاء (عليهما السلام) ، وصل أبونا آدم ذات مرّة إلى أرض تقع إلى جانب الفرات ، فبلغ موضعاً ، فهناك عثر بصخرة ، حتّى سال الدم من رجله ! فرفع رأسه إلى السماء وقال : إلهي هل حدث منّي ذنب آخر فتعاقبني به ؟ فأوحى الله إليه : يا آدم ما حدث منك ذنب ، ولكن يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلماً ، فسال دمك موافقة لدمه .

إذاً قد سال دم آدم بأمر الله تعالى مواساة للحسين !

وإذ هو راكب على جواده مرّ خليل الله إبراهيم (عليه السلام) بتلك الصحراء ، فعثرت


الصفحة 225


به وسقط إبراهيم وشجّ رأسه وسال دمه ، فأخذ بالاستغفار وقال : إلهي أيّ شيء حدث منّي ؟ فنزل إليه جبرائيل وقال : يا إبراهيم ما حدث منك ذنب ، ولكن هنا يقتل سبط خاتم الأنبياء ، وابن خاتم الأوصياء ، فسال دمك موافقة لدمه .

واتفق ذات يوم من زمان قديم أن سار كليم الله موسى مع وصيّه يوشع بن نون (عليهما السلام) ، فلمّا جاء إلى أرض كربلاء ، انخرق نعله ، وانقطع شراكه ، ودخل الحسك في رجليه ، وسال دمه ! فقال : إلهي أيّ شيء حدث منّي ؟ فأوحي إليه : إن هنا يقتل الحسين ، وهنا يسفك دمه ، فسال دمك موافقة لدمه .

فقال : ربّ ومن يكون الحسين ؟ فقيل له : هو سبط محمّد المصطفى ، وابن علي المرتضى ، فقال : ومن يكون قاتله ؟ فقيل : هو لعين السمك في البحار ، والوحوش في القفار ، والطير في الهواء .

فرفع موسى (عليه السلام) يديه ولعن يزيد ودعا عليه ، وأمّن يوشع بن نون على دعائه، ومضى لشأنه .

الجواب : قد ذكرت تلك القصص في بحار الأنوار من دون ذكر السند (1) ، وقد صرّح في أحدها بأنّ الخبر مرسلاً ، ولو فرض صحّة تلك القصص فإنّ دلالتها لا تقدح في عدل الله تعالى ، فإنّ الحاصل للأنبياء (عليهم السلام) ما هي إلاّ مصيبة من المصائب الصغيرة لرفع درجاتهم ، وتحصيل الثواب على حصول ذلك ، وهم (عليهم السلام) أكثر استعداداً وقدرة على تحمّل مصائب أعظم ممّا ذُكر ، وجميع المصائب الواقعة على الأنبياء (عليهم السلام) يعوّضون عليها من الجزاء ورفع الدرجات أضعاف مضاعفة ، والأنبياء (عليهم السلام) هم من أكثر الناس استعداداً لتحمّل المصائب ، وهم راضين بما يجري عليهم .

ثمّ إنّ في بعض الابتلاءات للأنبياء امتحان لهم ، كما في قضية ذبح إبراهيم لولده إسماعيل (عليهما السلام) ، وفي بعضها تعليم لهم ، فضلاً عن الثواب ورفع الدرجات ، الذي أشرنا إليه سابقاً .

____________

1- بحار الأنوار 44 / 242 .


الصفحة 226


وأهمّية استشهاد الحسين(عليه السلام) ومحوريتها وتأثيرها في المسار العام للدين الإلهيّ تأهّلها لأن تكون غاية لمعرفة الأنبياء لها ، ومعرفة تفاصيلها ، ومقام الحسين (عليه السلام) وأصحابه ومقام شيعته والباكين عليه ، فليس بدعاً أن يكون الأنبياء مواسين للحسين في مصيبته ، ولكن لابدّ للعلم بقصّة الاستشهاد من طريقة ، ولابدّ للمواساة من طريقة ، وقد جاءت بهذا الشكل في هذه الروايات ، هذا طبعاً إن ثبتت صحّتها .

( أبو عبد العزيز . سنّي . الجزائر . 33 سنة . دكتوراه )

الأقوال في مكان دفن رأسه :

السؤال : سؤالي يتعلّق بموقع رأس الحسين بعد أن قطع عن جسده الشريف ، وأخذ ليعرض لعدوّ الله والأُمّة ، السفّاح يزيد بن معاوية في دمشق ؟

الجواب : لقد اختلفت الروايات والأقوال في ذلك إلى سبعة أقوال ، بل ثمانية كما سيأتي بيانها ، ولمّا كان القطع واليقين محالاً في بعضها ، وإن ذهب إلى القول بذلك بعض الأعلام ـ كما سيأتي بيانه ـ غير أنّ أقربها للقبول والمعقول هو ما اشتهر عند العلماء من الفريقين الشيعة والسنّة ، بأنّه أُعيد إلى جثّته (عليه السلام) بعد أربعين يوماً ، وهذا الاتفاق يوحي باطمئنان الرجحان في ذلك .

والآن نبيّن الأقوال ، ونستعرض أسماء القائلين بها تنويراً لكم :

القول الأوّل : إنّه مدفون بكربلاء عند جثّته الطاهرة ، أُعيد إليها بعد أربعين يوماً ، ذهب إلى ذلك من أعلام الفريقين :

1ـ هشام بن محمّد بن السائب الكلبيّ ، حكى ذلك عنه السبط ابن الجوزيّ في تذكرة الخواص (1) وغيره .

2ـ السيّد المرتضى ، حكى ذلك عنه كلّ من الطبرسيّ في " أعلام الورى " ، وابن شهر آشوب في " المناقب " (2) .

3ـ الشيخ الطوسيّ ، حكى ذلك عنه ابن شهر آشوب في " المناقب " ، وقال عنه أنّه قال : ومنه زيارة الأربعين (3) .

____________

1- تذكرة الخواص 2 / 206 ط المجمع العالمي لأهل البيت .

2- إعلام الورى 1 / 477 ، مناقب آل أبي طالب 3 / 231 .

3- مناقب آل أبي طالب 3 / 231 .


الصفحة 227


4ـ الحافظ ابن شهر آشوب، ذكر ذلك في " المناقب " كما أشرنا إليها آنفاً.

5ـ الفتّال النيسابوريّ ، ذكر ذلك في " روضة الواعظين " (1) .

6ـ الشيخ الطبرسيّ ، ذكر ذلك في " أعلام الورى " كما أشرنا إليه آنفاً .

7ـ ابن نما الحلّيّ في " مثير الأحزان " ، حيث قال : " والذي عليه المعوّل من الأقوال أنّه أُعيد إلى الجسد ، بعد أن طيف به في البلاد ودفن معه " (2) .

8 ـ العلاّمة المجلسيّ في " بحار الأنوار " ، حيث قال : " والمشهور بين علمائنا الإمامية أنّه دفن رأسه مع جسده ، ردّه علي بن الحسين (عليهما السلام) " (3) .

9ـ القزويني في " عجائب المخلوقات " ، حيث قال : " في العشرين من صفر ردّ رأس الحسين (عليه السلام) إلى جثّته " .

10ـ ابن حجر الهيثميّ في شرحه همزية البوصيريّ ، حيث قال : " أُعيد رأس الحسين بعد أربعين يوماً من مقتله " .

11ـ المنّاويّ في " الكواكب الدرّية " ، حيث نقل اتفاق الإمامية على أنّه أُعيد إلى كربلاء ، ولم يعقّب بشيء ، وحكى ترجيحه عن القرطبي ، ونسب إلى بعض أهل الكشف أنّه حصل له اطلاع على أنّه أُعيد إلى كربلاء (4) .

12ـ الشيخ الشبراويّ في " الإتحاف بحبّ الأشراف " ، قيل : إنّه أُعيد إلى جثّته بعد أربعين يوماً (5) .

13ـ وأخيراً : قال أبو الريحان البيرونيّ : " وفي العشرين ـ أي من صفر ـ رُدّ رأس الحسين إلى جثّته حتّى دفن مع جثّته " (6) .

فهذا القول هو الراجح والأولى بالقبول ، لاتفاق كثير من أعلام الفحول من

الفريقين ، الدالّ على القبول حسب النقول .

القول الثاني : إنّه عند أبيه بالنجف ، لورود أخبار بذلك وردت في الكافي والتهذيب وغيرهما ، لا تخلو بعض أسانيدها من المناقشة .

القول الثالث : إنّه مدفون بظهر الكوفة دون قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) ، كما في

____________

1- روضة الواعظين : 192 .

2- مثير الأحزان : 85 .

3- بحار الأنوار 45 / 145 .

4- الآثار الباقية : 294 .

5- الكافي 4 / 571 ، تهذيب الأحكام 6 / 35 .

6- الكافي 4 / 571 .


الصفحة 228


خبر عن الإمام الصادق (عليه السلام) رواه الكلينيّ في الكافي .

وهذان القولان من مختصّات الإمامية ، ولم يقل بها أحد من غيرهم .

القول الرابع : إنّه دفن بالمدينة عند قبر أُمّه فاطمة (عليها السلام) ، قال به ابن سعد في " الطبقات " (1) ، وقال به غيره .

القول الخامس : إنّه بدمشق بباب الفراديس ، حكاه سبط ابن الجوزيّ عن ابن أبي الدنيا ، وكذا ذكر البلاذريّ في تاريخه ، وكذا الواقديّ (2) .

القول السادس : إنّه بمسجد الرقّة على الفرات بالمدينة المشهورة ، حكاه السبط أيضاً عن عبد الله بن عمر الورّاق (3) .

القول السابع : إنّه بمصر ، نقله الفاطميون من باب الفراديس إلى عسقلان ، ثمّ نقلوه إلى القاهرة ، وله فيها مشهد عظيم يزار ، نقله سبط ابن الجوزيّ (4) .

القول الثامن : إنّه في حلب ، أشار إليه ابن تيمية في رسالته جواباً عن سؤال عن رأس الحسين (عليه السلام) ، وهي مطبوعة حقّقها وطبعها محبّ الدين الخطيب ، وقد تجاوز الحدّ في سوء الأدب مع الحسين(عليه السلام) حتّى علا وغلا على صاحب الرسالة في حماه المسعورة .

وقد ساق ابن تيمية سبعة وجوه في نفي أن يكون الرأس مدفوناً بالقاهرة ، متحاملاً فيها على من يقول بها ، ولم تخل الرسالة متناً وهامشاً من تعريض وتصريح بالحسين ونهضته ، ودفاع عن يزيد وجريمته ، ولا يستنكر اللؤم من معدنه ، فجزى الله كلاّ على نيّته ، وحشره مع من يتولاّه ، إنّه سميع مجيب .

ولنختم الجواب بما قاله السبط ابن الجوزيّ في تذكرة الخواص : " وفي الجملة ، ففي أيّ مكان كان رأسه أو جسده فهو ساكن في القلوب والضمائر ، قاطن في الأسرار والخواطر ، أنشدنا بعض أشياخنا في هذا المعنى :

 

لا تطلبوا المولى الحسين

بأرض شرق أو بغرب

ودعوا الجميع وعرّجوا

نحـوي فمشـهده بقلبي " (5)

 

____________

1- الطبقات الكبرى 5 / 238 .

2- لواعج الأشجان : 248 .

3- المصدر السابق : 249 .

4- نفس المصدر السابق .

5- تذكرة الخواص : 2 / 209 ط المجمع العالمي لأهل البيت .


الصفحة 229


.ونضيف نحن قول ابن الورديّ في تاريخه :

 

أرأس السبط ينقل والسـبايا

يطاف بها وفوق الأرض رأس

وما لي غير هذا السبي ذخر

وما لي غير هذا الرأس رأس (1)

 

( علي مبارك . الكويت . 19 سنة . طالب جامعة )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

رد شبهة ان الانتظار يساوق الجمود
السؤال : ما رواه زيد النرسيّ في كتابه عن عبد الله ...
أمّا سعد بن أبي وقّاص ـ أحد العشرة المبشّرة ـ ...
المقصود من بعض كلمات الامام السجاد(ع) - خطبته مع ...
السؤال : ما هو المقصود بالتشيّع ؟ ومن هم الشيعة ؟
السؤال: من المعلوم أنّ الشيخ الكليني مؤلّف ...
ما حکم من طلّقها زوجها طلاقاً رجعیّاً و لزمت عدّة ...
السؤال : هل صحيح أنّ سيف ذو الفقار للإمام علي ...
من هو شيخ الأنبياء ومن هو سيد البطحاء وشيخ ...
السؤال : لماذا الشيعة لا يصلّون صلاة التراويح ؟ ...

 
user comment