1 ـ ـــــــــــــــــــــ
(1)1 ـ الغيبة للنعماني: 11 ـ 13 باختصار و اختيار.
(2)2 ـ الغيبة للنعماني: 17.
لم يُخصّص النعماني باباً من الخمس و العشرين باباً بعلّة أو حكمة الغيبة، نعم خصّص الباب الحادي عشر منها بعنوان ماروى فيما يلحق الشيعة من التمحيص عند الغيبة، ونوّه إليه في مقدمته بعنوان باب مايلحق الشيعة من التمحيص و الغربلة والتفرقة، وقد قدّم في المقدمة من جملة ما أورده في ذلك الباب حديثين.
ونصّ النعماني على أن التمحيص علّة الغيبة في الباب السابع
قال: والغيبة.. للأمر الذي يريده الله والتدبير الذى أمضاه في الخلق بوقوع التمحيص و الإمتحان والبلبلة و الغربلة للتصفية فيمن يدّعى هذا الأمر.
و قال، اِن هذا الامام جُعل كمال الدين به وعلى يديه، وتمحيص الخلق وإمتحانهم وتمييزهم في غيبته لتحصيل الخاص الخالص الصافي منهم بالإقامة على نظام أمره و الإقرار بإمامته، و الديانة لله بانه حق و أنه كائن، و أن أرضه لا تخلو منه و أن غاب شخصه، تصديقاً و إيماناً و إيقاناً بكل ما قاله رسول الله و أمير المؤمنين والأئمة (ع) وبشّروا به من قيامه بعد غيبته بالسيف عند اليأس منه.
و ختم الباب بقوله: غيبة إلامام في هذا الزمان الذى نحن فيه لتمحيص مَنْ يُمَحَّص وهلكة مَنْ يهلك ونجاة مَنْ ينجو بالثبات على الحق ونفيّ الريب و الشك، والايقان بماورد من الأئمة (ع) من أنه: لابدّ من كون هذه الغمة ثم انكشافها عند مشيئة الله لا مشيئة خلقه و اقتراحهم.
جعلنا الله من المؤمنين المتمسّكين بحبله وممن ينجو من فتنة الغيبة التي يهلك فيها مَنْ اختار لنفسه ولم يرض باختيار ربّه واستجعل تدبير الله ولم يصبر كما أمر.
ومن رواياته في ذلك: مارواه عن الإمام الصادق (ع) عن الإمام علي (ع)، قال: وليبعثَنّ الله رجلاً من وُلدي فى آخر الزمان، يُطالب بدمائنا، و ليُغيّبنّ عنهم، تمييزاً لأهل
ـــــــــــــــــــــ
(1)1 ـ المصدر السابق: 14.
(2)2 ـ المصدر السابق: 115.
(3)3 ـ المصدر نفسه: 122.
(4)4 ـ المصدر السابق: 128.
الإمام الصادق (ع) قال: «اِن الله يمتحن قلوب الشيعة»(3) ثم ما رواه عن الإمام الباقر (ع) وقد مرّ وسيجىء استبعاد الشيخ الطوسي(ره) أن تكون المحنة وحكمة الغيبة. ومثله عن الرضا (ع)
2 ـ النعماني و علّة أن لا تكون عليه بيعة:
في الخبر السابع و الأربعين من باب: ماروى في غيبة الإمام المنتظر (عج) روى بسنده عن الكُناسي عن الإمام الباقر (ع) قال: «إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين (و) لا يقوم القائم ولأحد في عُنقه بيعة».
ثم روى ما رواه الكليني عن هُشام بن سالم عن الصادق قال: «يقوم القائم وليس لأحد في عُنقه عقد ولاعهد ولابيعة».
3 ـ النعماني و علّة الخوف على النفس:
و الأخبار الأربعة أو بالأحرى الأسناد الأربعة لخبر زرارة عن أحدهما (ع) التي رواها الكليني في «الكافى» رواها النعماني في غيبته وزاد عليها طريقين آخرين.
ذكر ثلاثة طرق لخبر المفضّل بن عمر عنه (ع) قال: «إذا قام القائم تلا هذه الآية: ( ففررتُ منكم لمّا خِفْتُكُم )،(7) ثم علّق عليها قال: هذه الأحاديث مصداق قوله: اِنّ فيه سُنّةً من موسى و أنه خائف يترقّب».
ـــــــــــــــــــــ
1 ـ المصدر السابق: 92.
2 ـ م.ن: 100، 101.
3 ـ م.ن: 110.
(4)4 ـ م.ن: 140 ح 17 و 15.
(5)5 ـ م.ن: 113 و 114 ح 47 و 48 و كرّره في 127 ح 91 و في: 228 مثله او نحوه.
(6)6 ـ م.ن: 117، 118 و راجع: 110 ح 35.
7 ـ الشعراء: 26/21.
(8)8 ـ الغيبة للنعمانى: 116 ح 55 و 56 و 57.
4 ـ كراهية التوقيت؟
مرّ أن الشيخ الكليني في «الكافي» عقد ثمانية أبواب لصاحب الزمان (عج) سادسها بعنوان: (باب كراهية التوقيت)، روى فيه خبرين عن الإمام الباقر(ع) و خمسة أخبار عن الإمام الصادق (ع)(1) في نفى التوقيت لظهوره (عج)، و يبقى أنه لماذا عبّر عنه بالكراهية دون الحرمة؟
عسى ولعلّه ورد في بعض الأخبار عنهم (ع) و بالخصوص في خبرين عن الصادق (ع)، ذكرهما النعماني في الباب نفسه وأولهما الخبر 86 عن الكليني ـ وليس في الكافي ـ بسنده عن علي بن أبي حمزة البطائني، عنه (ع) قال:
لابدّ لصاحب الأمر من غيبة.. و ما بثلاثين من وحشة.
و الثاني هو الخبر التسعون بسنده عنه(ع) قال: القائم من ولدي يُعمّر عمر الخليل: مائة و عشرين سنة ويظهر في صورة شاب ابن اثنين وثلاثين سنة.
ثم علّق عليهما فقال: إن قولهم الذي يُروى عنهم في الوقت إنّما هو على جهة التسكين للشيعة والتقريب للأمر عليها; اِذ كانوا قد قالوا:
إنّا لانوقّت، و مَنْ روى لكم عنّا توقيتاً فلا تصدقوه (بل) ولاتهابوا أن تُكذّبوه ولا تعملوا عليه.
ثم عنون النعمانى باباً بعنوان: ما جاء في المنع عن التوقيت و التسمية لصاحب الأمر (ع)، أورد فيه خمسة عشر خبراً، السبعة الأخيرة منها هى التى أوردها شيخه الكليني في باب كراهية التوقيت من «الكافي».
سادسها: ما رواه بسنده، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين عن ابيهما عن الإمام الكاظم (ع) قال: يا علي، إن الشيعة تُربّى بالأماني منذ مئتيّ سنة.
ـــــــــــــــــــــ
1 ـ اصول الكافي 1: 368، 369.
(2)2 ـ الغيبة للنعماني: 125 ح 86 و 90.
وكان ابوه يقطين من موالي بني العباس فقال لابنه علي:
ما بالنا قيل لنا فكان، وقيل لكم فلم يكن؟!
فأجابه علىّ ابنه قال: إن الذي قيل لنا ولكم كان من مخرج واحد، غير أنّ أمركم حضر فأعطيتم محضه فكان كما قيل لكم، و إن أمرنا لم يحضر فعلِّلنا بالأماني إذ لو قيل لنا، إن هذا الأمر لايكون إلا إلى مئتي سنة أو ثلاثمائة سنة ليئست القلوب وقست، ولرجع عامة الناس عن الإيمان إلى الإسلام، ولكن قالوا: ما اسرعه وما أقربه تألّفاً لقلوب الناس و تقريباً للفرج.
الفصل الثالث: الشيخ الصدوق وثاني كتاب في الغيبة
يبدو أن ولادة الشيخ على بن بابويه القميّ ـ نسبه إلى مدينة قم في ايران ـ كان بها حدود سنة 260 هـ(2) أيّ متقارنة بسنة وفاة الامام الحسن العسكري (ع).
روى الشيخ الطوسي في الغيبة بسنده عن مشايخ من أهل قم قالوا: كان ابن بابويه قد تزوّج ابنة عمّه محمد بن موسى بن بابويه فلم يُرزق منها ولداً، فكتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح(ره) بأن يسال الحضرة ان يدعوا الله ان يرزقه أولاداً فقهاء.
فجاء الجواب: «إنّك لا تُرزق من هذه، وستملك جارية ديلميّة وترزُق منها ولدين فقيهين».
و كان ذلك في أوائل سفارة الحسين بن روح بعد موت محمد بن عثمان العَمريأي بعد سنة 305 هـ. و عليه فولادة الشيخ الصدوق كان في حدود 307 هـ وفي ما قبل الخمسين من عمر والده.
فلما بلغ اشدّه اربعين سنة طرق صيت فضله الآفاق بما فيها الرّي مدينته فالتمس أهلها
ـــــــــــــــــــــ
(1)1 ـ أصول الكافي 1: 369، ح 6 والغيبة للنعماني: 198 ح 14 و اللفظ له و هو أصح، و قارن.
2 ـ مقدمة معاني الأخبار للمرحوم الربّاني الشيرازي: 83.
(3)3 ـ الغيبة للطوسي: 308.
(4)4 ـ كمال الدين: 276 ط حجر والغيبة للطوسي: 320.
منه الهجرة اليهم، فأجاب طلبهم و هاجر اليها.
و انتشرت شهرته حتى بلغت الملك ركن الدين أبا علي الحسن بن بويه الديلمى، فارسل إليه يستدعي حضوره لديه، فحضر عنده، زُهاء عشرة سنين من 342 إلى 352 حيث عزم على السفر إلى خراسان لزيارة مشهد الإمام الرضا (ع) و ذلك في شهر رجب الحرام.
فلما قضى و طره من زيارة الإمام الرضا(ع) رجع إلى نيشابور (فى شهر شعبان) و قام بها، فوجد أكثر المتردّدين عليه من الشيعة «قد حيّرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر القائم (ع) الشبهة» حتى ورد اليه من بخارا شيخ من أهل الفضل والعلم والنباهة في بلدة قم وهو الشيخ نجم الدين أبو سعيد محمد بن الحسن ابن الصلت القمّي، فبينا هو يحدّثه ذات يوم إِذ ذكر له عن رجل لقيه في بخارا من كبار الفلاسفة والمنطقيين، ذكر عنه كلاماً في القائم (ع) قد حيّر الشيخ نجم الدين القمّي و شككّه في امره (ع) لطول غيبته وانقطاع أخباره.. و سال الشيخ نجم الدين القمّي من الشيخ الصدوق أن يصنِّف له كتاباً في هذا المعنى، فوعده الشيخ الصدوق باجابة ملتمسه وجمع ما ابتغاه منه عند عودته إلى وطنه ومستقرّه في الرىّ.
(للأخبار) إلى الآراء والمقاييس(4) لذلك فهو قبل تفصيله الفصول برواية أخبار في الغيبة عن النبي والأئمة (ع)، يبدأ بمناقشة الشُبه بالآراء والمقاييس خليطة بالأخبار.
فيقول: إنّ خصومنا قالوا: إِنّه قد مضى على قولكم من عصر وفاة النّبي أحد عشر إماماً،
ـــــــــــــــــــــ
(1)1 ـ عيون أخبار الرضا(ع) 2: 279.
(2)2 ـ كمال الدين: 2 و 3 ط الغفّاري.
3 ـ كمال الدين: 2.
4 ـ المصدر السابق.
كلّ منهم كان موجوداً معروفاً باسمه وشخصه بين الخاص والعام، فإن لم يوجد صاحب زمانكم كوجود مَن تقدمه من آبائه الأئمة (ع) فقد فسد عليكم أمر مَن تقدم من أئمتكم كفساد أمر صاحب زمانكم هذا في تعذّر وجوده.