عربي
Saturday 23rd of November 2024
0
نفر 0

السؤال : هناك من يقول أنّ موسى الكاظم لم يكن أعلم الناس كما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، فكيف يكون الردّ على هكذا قول ؟

تنوّع علومه :

السؤال : هناك من يقول أنّ موسى الكاظم لم يكن أعلم الناس كما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، فكيف يكون الردّ على هكذا قول ؟ وجزاكم الله ألف خير وشكراً .

الجواب : لقد اشتهر كالشمس في رائعة النهار بين الخاصّة والعامّة سعة أُفق علم الأئمّة (عليهم السلام) أجمع ، فضلاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام) بذاته .

أمّا بالنسبة إلى الخاصّة فلا مجال للنقاش أو الشكّ بعد الإقرار بكونهم أئمّة معصومين ، وإنّ علمهم وراثي وإلهامي وتنبّؤي .

وأمّا العامّة بجميع مذاهبها فإنّها أقرّت بسعة علوم أهل البيت (عليهم السلام) ، بما يميّزها عن غيرها .

هذا وقد أشاد الإمام الصادق (عليه السلام) بعلم ولده الكاظم (عليه السلام) ، فقال : " يا عيسى :

____________

1- معجم رجال الحديث 18 / 162 نقلاً عن الصدوق .

2- الكافي 1 / 384 .


الصفحة 249


إنّ ابني هذا الذي رأيت ، لو سألته عمّا بين دفّتي المصحف لأجابك فيه بعلم " (1) ، وقال أيضاً : " وعنده علم الحكمة والفهم ، والسخاء والمعرفة بما يحتاج إليه الناس فيما اختلفوا فيه من أمر دينهم " .

ويكفي لمعرفة وفور علمه رواية العلماء عنه جميع الفنون من علوم الدين وغيرها ، ممّا ملأوا به الكتب ، وألّفوا المؤلّفات الكثيرة ، حتّى عرف بين الرواة بالعالم .

وقال الشيخ المفيد (قدس سره) : " وقد روى الناس عن أبي الحسن موسى فأكثروا ، وكان أفقه أهل زمانه " (2) .

وقد حوى (عليه السلام) علوم جمّة فمنها : علمه باللغات ، وعلمه بالنجوم ، وعلمه بالتاريخ ، وعلمه بالحساب ، وعلمه بالفقه والتفسير ، وعلمه بالطبّ ، وعلمه بالمغيّبات ، وغير ذلك .

____________

1- قرب الإسناد : 335 .

2- الإرشاد 2 / 235 .


الصفحة 250


الإمام الرضا (عليه السلام) :

( إيمان . البحرين . ... )

تزويجه بنت المأمون :

السؤال : هل صحيح أنّ الإمام الرضا (عليه السلام) تزوّج بنت المأمون ؟ وكيف ذلك ، والمأمون يعتبر مغتصب لحقّ الإمام (عليه السلام) في الخلافة ؟ ودمتم سالمين .

الجواب : لا ملازمة بين أن يكون المأمون مغتصباً لحقّ الإمام الرضا (عليه السلام) وبين أن يتزوّج الإمام (عليه السلام) ابنته ، إذ لا يشترط في البنت التي يريد أن يتزوّجها أحد أن يكون أبوها عادلاً غير غاصب للإمامة ، هذا أوّلاً .

وثانياً : فإنّ المعصوم مكلّف بالعمل بالظاهر ، وخير شاهد على ذلك أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يعلم بمن يرتكب المعاصي من الصحابة ، فهل كان يجري عليهم الحدود والتعزيرات من دون أن تقوم عليهم بيّنة ؟

الجواب : لا ، لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) والمعصوم (عليه السلام) مكلّف بالعمل بالظاهر ، وما هو عليه الإنسان فعلاً ، مع غضّ النظر عن علمه بما ستكون عاقبته ، لذلك نشاهد أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) تزوّج بعائشة وحفصة ، وكذلك قال تعالى : { ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } (1) .

وثالثاً : كما أنّ ولاية العهد كانت مؤامرة أجبر المأمونُ الإمامَ الرضا (عليه السلام) على قبولها ، كذلك تزويج المأمون ابنته أُمّ حبيب له (عليه السلام) ، وضرب اسم الإمام (عليه السلام) على الدنانير والدراهم ، كلّ ذلك كان من المخطط الذي رسمه المأمون ، وأُجبر عليه الإمام (عليه السلام) .

____________

1- التحريم : 10 .


الصفحة 251


هذا ، ونعلمكم بأنّ كلّ مخطّطات المأمون باءت بالفشل ، وذلك بتدبير من الإمام الرضا (عليه السلام) ، حيث كشف المأمون على حقيقته للناس .

( ... . ... . ... )

إصرار المأمون عليه بقبول ولاية العهد :

السؤال : لماذا كان المأمون يصرّ على الإمام الرضا (عليه السلام) قبوله ولاية العهد ؟ فهل كان يعتقد بإمامته ؟

الجواب : لا يعقل التزام المأمون بمبدأ الإمامة ، وإلاّ كان يجب عليه أن لا يتولّى الحكم بنفسه ابتداء ، أو تنحّيه ثانيةً ، وشيء من هذا لم يحصل ، بل كلّ ما في الأمر أنّه اقترح التنازل عن السلطة لصالح الإمام (عليه السلام) ، وعندما رأى مخالفة الإمام (عليه السلام) أجبره في قبول ولاية العهد ، وذلك لأسباب معيّنة ودواعي غير خفية :

منها : ـ وهو الأهمّ ـ إنّه أراد أن يحتوي الحركات الشيعيّة والموالية لأهل البيت (عليهم السلام) ، فدخول الإمام (عليه السلام) في السلطة يعني إعطاء الصفة الشرعية لها ـ على حدّ زعمه ـ وقد استطاع بهذا الاحتيال امتصاص نقمة الشيعة على العباسيّين إلى حدّ كبير ، فلا ترى لتلك الحركات شيء يذكر بعد هذا الحدث التاريخيّ .

ومنها : إنّ الخطّ العباسيّ ـ على نحو العموم ـ كان يميل مع محمّد الأمين ، أخ المأمون ، وبعد هزيمته وقتله بقي الحقد الدفين في نفوس بني العباس ، فأراد المأمون بتنفيذه خطّة ولاية العهد أن يكسر شوكة مناوئيه في العائلة المالكة ، ويفرض سلطته عليهم ، ويبعد العباسيّين عن دفّة الحكم بقدر الإمكان .

وقد نجح في هذا المجال ، بحيث أحدثت العملية ضجّة علنية في أوساطهم ، تنكّروا لها بين آونة وأُخرى ، وعندئذ اشترط المأمون عليهم الولاء لنفسه إزاء إرجاع الخلافة إلى مجاريها المتعارفة عندهم ، فسلّموا له الأمر ، وكان هذا


الصفحة 252


أيضاً فوزاً عظيماً له في داخل الخطّ العباسيّ .

ومنها : إنّ المأمون كان يعتبر نفسه أعلم من أمثال أبي بكر وعمر وغيرهما، فكان لا يرى لمعظم تصرّفاتهما ـ ومنها غصب الخلافة ـ وجهاً صحيحاً طالما كان المنازع لهما أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، ومن هذا المنطلق كان ينتقدهما بصراحة ، ولكن بما أنّه كان يواجه الصعوبات في هذه المواجهة اضطرّ إلى الاستمداد من الإمام (عليه السلام) في المقام ، فكفاه الإمام (عليه السلام) ـ وهو جدير بذلك ـ فترى أنّه كان يعقد مجالس المناظرة والبحث في سبيل إثبات أولوية أهل البيت (عليهم السلام) ، والحطّ من كرامة علماء العامّة ، والنيل من التراث المصطنع عندهم .

وهذا لا يعني بالملازمة اعتقاد المأمون بإمامة أهل البيت (عليهم السلام) ، بل كان يريد إثبات عدم شرعية سبق الأوّل والثاني وأتباعهما على الآخرين ، ثمّ يبرهن على أفضليّته عليهم لمعرفة هذه الحقائق وتسليمه للحقّ .

( ... . البحرين . ... )

نسب السادة الرضوية :

السؤال : إلى من ينتسبون السادات الرضوية ؟

الجواب : الظاهر أنّهم من أعقاب الإمام الجواد (عليه السلام) ، إذ لم يكن للإمام الرضا (عليه السلام) ولد غيره على المشهور .

وأمّا حكمة تسميتهم بالسادات الرضوية بدلاً من السادات الجوادية أو التقوية ، فيحتمل أن يكون بسبب شهرة الإمام الرضا (عليه السلام) عند العامّة والخاصّة ، حتّى أنّ عدداً من الأئمّة (عليهم السلام) من ولده كانوا يعرفون بـ " ابن الرضا " عند الناس .

( ... . السعودية . ... )

علّة استشهاده :

السؤال : هناك من يقول بأنّ الإمام الرضا (عليه السلام) مات حتف أنفه ، أو سمّه غير


الصفحة 253


المأمون العباسيّ ، أو غير ذلك من العلل التي تدفع عن المأمون تهمة القتل .

وقد يؤيّد هذا البعض رأي بعض علماء الشيعة كالأربليّ صاحب كشف الغمّة ، والسيّد ابن طاووس ، والشيخ المفيد ، فما مدى صحّة هذا القول ؟ وهل يوجد من أهل السنّة من يسند القتل المذكور إلى المأمون ؟

الجواب : ممّا تسالم عليه الشيعة هو: أنّ الإمام الرضا (عليه السلام) قد استشهد مسموماً على يد المأمون ، وإن نسب إلى الشيخ المفيد والسيّد ابن طاووس ما يوهم توقّفهما في ذلك ، أو أنّ الأربليّ قد مال إلى خلاف ذلك في كتابه " كشف الغمّة " .

وممّا يوهن الرأي المخالف هو : أنّ النسبة المذكورة غير ثابتة ، وأنّ الأربليّ قد أبدى استنتاجه الحدسي في الموضوع ، وهذا لا يقابل الإخبارات الحسّية عن الواقع المذكور .

( ... . ... . ... )

ولاية عهده كانت خطّة مدروسة من قبل المأمون :

السؤال : ما هو الدليل على أنّ المأمون لم يكن صادقاً مع الإمام الرضا (عليه السلام) في ترشيحه لولاية العهد ؟

الجواب : لا مجال لأن نتوهّم صدق المأمون مع الإمام الرضا (عليه السلام) في الموضوع ، وذلك لعدّة أُمور :

منها : إنّ المأمون حاول إقناع الإمام (عليه السلام) لقبول الخلافة ، وأصرّ على ذلك بشدّة ، ثمّ لمّا رأى رفض الإمام (عليه السلام) عدل عن ذلك ، وطلب منه (عليه السلام) قبول ولاية العهد .

فنرى أنّه يحاول بشتّى الوسائل ربط الإمام (عليه السلام) بدائرة الحكم ليس إلاّ ، فإن لم يستطع ذلك بالخلافة استبدله بولاية العهد ، وهذا صريح في سوء سريرته .

منها : تهديده الإمام (عليه السلام) في المسألة (1) ، فإن كان الإمام (عليه السلام) هو الأولى في الموضوع فما معنى اجباره على ذلك ، إذ هو (عليه السلام) يعرف المصلحة ويتصرّف

____________

1- علل الشرائع 1 / 238 ، عيون أخبار الرضا 1 / 152 ، الأمالي للشيخ الصدوق : 126 ، روضة الواعظين : 224 ، مقاتل الطالبيين : 301 ، مناقب آل أبي طالب 3 / 472 .


الصفحة 254


على وفقها .

منها : ارتباكه في توضيح الهدف من عمله هذا ، فتراه تارةً يريد به مكافأة علي ابن أبي طالب (عليه السلام) في ولده (1) ، وأُخرى حرصه على طاعة الله تعالى وخير الأُمّة (2) ، وأحياناً وفاؤه بنذره في ظفره بأخيه (3) ، بل ورابعة بأنّه أراد بذلك التشويه بسمعة الإمام (عليه السلام) عند الشيعة وتمويه الأمر عندهم .

منها : إنّ خطّ السير من المدينة إلى مرو كان عن طريق المدن السنّية ، مثل البصرة ونيشابور ، ولم يتح الوفد للإمام (عليه السلام) أن يمرّ بالمناطق الشيعيّة مثل قم وكاشان ، وهذا أيضاً دليل واضح على عدم حسن نوايا المأمون ، إذ كان لا يريد أن يظهر الإمام (عليه السلام) لمواليه ويتّصل بهم .

ومنها : غير ذلك ممّا يجعلنا على يقين من خبث سريرة المأمون في معاملته مع الإمام (عليه السلام) ، وأنّ ما تظاهر به آنذاك كان لأسباب خاصّة تصبّ جميعها في مصلحته .

( علي . البحرين . 22 سنة . طالب جامعة )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

هل منزلة الأئمة الأطهار أرفع منزلة من الأنبياء ...
السؤال : من المؤكّد أنّ العصمة الموعودة من الله ...
الخطبة الشقشقية
لماذا صار يوم عاشوراء اعظم الايام مصيبة
السؤال : هذه شبهة وردت في إحدى مواقع الوهّابية في ...
السؤال : هل توجد رواية في كتب أهل السنّة تبيّن ...
ما هو سرّ الخليقة وفلسفة الحياة؟!
السؤال : قال الإمام علي أمير المؤمنين : " أنا الذي ...
ان زيارة عاشورا المشهورة ( التي نقرأها جميعا ) هي ...
السؤال: إنّه ليحزّ في نفسي أن أجد مثل هذه الإجابة ...

 
user comment