كان أسمر شديد السمرة :
السؤال : هل صحيح بأنّ الإمام الرضا (عليه السلام) كان أسمر اللون ؟ إن كان كذلك أو لم يكن ما هو الدليل ؟ ولكم جزيل الشكر .
الجواب : قد ذكر المؤرّخون أنّ الإمام كان أسمر شديد السمرة .
وكان أعداء أهل البيت (عليهم السلام) يشنعون على الإمام بسمرته ويصفونه بالسواد ، وقد قال ابن المعتّز مشنّعاً على الإمام (عليه السلام) :
وقالوا إنّه ربّ قدير |
فكم لصق السواد به لصوقا |
وهناك قول آخر يصف الإمام (عليه السلام) بأنّه أبيض معتدل القامة ، ولا يمكن وفقاً لما موجود من الأخبار البتّ في صفة الإمام (عليه السلام) الحقيقية ، ولكن أكثر المؤرّخين رجّحوا سمرة الإمام لكثرة الأخبار في ذلك دون الأخبار الأُخرى .
____________
1- تاريخ الخلفاء : 308 ، تذكرة الخواص : 319 .
2- البداية والنهاية 10 / 269 .
3- إعلام الورى 2 / 73 ، مقاتل الطالبيّين : 375 ، الإرشاد 2 / 261 ، كشف الغمّة 3 / 70 .
|
الصفحة 255 |
|
ولعلّ للمحيط الذي عاش به الإمام (عليه السلام) في كون غالبية أهله من البيض أثر في إظهار سمرته ، ممّا أدّى بأعدائه أن لا يجدوا شيئاً يعيبون به الإمام غير ذلك، وإلاّ فهو كأجداده ، بل وصفه بعضهم بأنّه شديد الشبه بجدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
|
الصفحة 256 |
|
( صادق اللواتي . عمان . ... )
السؤال : ما هو الدليل على إمامة الإمام الجواد (عليه السلام) ؟ مع أنّه كان صغير السن ؟
الجواب : إن كان الإشكال في السنّ فقد ثبت عدم دخل العمر في شرط الإمامة والقيادة عقلاً ونقلاً .
أمّا عقلاً ، فلا دليل على استحالة ذلك ، فيكون من الممكنات .
وأمّا نقلاً ، فهنالك آيات وروايات كثيرة ، ثبت من خلالها إمكان بل وقوع الإمامة والقيادة للأُمّة بسنّ صغير ، وهذا عيسى (عليه السلام) يشهد له القرآن بذلك ، إذ يقول : { قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ... } (1) ، وكذلك تحدّث عن يحيى (عليه السلام) فقال : { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا }(2) .
وإن كان الإشكال في شيء آخر فأخبرنا ونحن لك من الشاكرين .
( ... . البحرين . ... )
السؤال : لمّا ولد الإمام الجواد (عليه السلام) قال الإمام الرضا (عليه السلام) لأصحابه : " قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار ، وشبيه عيسى بن مريم ... " (3) .
فما هو وجه الشبه بين الإمام الجواد (عليه السلام) وبين هذين النبيّين (عليهما السلام) ؟
الجواب : الظاهر أنّ الإمام الرضا (عليه السلام) يقصد بكلامه هذا ـ على فرض صحّة
____________
1- مريم : 29 ـ 30 .
2- مريم : 12 .
3- بحار الأنوار 50 / 15 عن عيون المعجزات .
|
الصفحة 257 |
|
الرواية سنداً ـ بأنّ ولده الإمام الجواد (عليه السلام) قد شاءت المصلحة الإلهيّة أن لا يولد في أيّام شباب الوالد (عليه السلام) ، بل ولد يوم كان عمر الإمام الرضا (عليه السلام) خمسة وأربعين سنة تقريباً ، وهذا التأخير كان تمحيصاً شديداً وابتلاءً عظيماً للمؤمنين { حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ } (1) ، بحيث إنّ البعض قد بدأ يشكّك في مصداقية إمامة الإمام الرضا (عليه السلام) لعدم وجود عقب له ، فمن هذه الجهة تشابهت قصّة ولادته (عليه السلام) بموسى (عليه السلام) ، حيث إنّ بني إسرائيل يئسوا من ظهور المنقذ لهم من ظلم فرعون بسبب تأخيره ، حتّى أتاهم بعد فترة من الامتحان والاختبار .
وأمّا وجه الشبه بينه (عليه السلام) وعيسى (عليه السلام) فهو أنّ عيسى (عليه السلام) آتاه الله تعالى الكتاب والنبوّة وهو طفل رضيع ، وتكلّم في المهد وهو صبيّ ، كذلك الإمام الجواد (عليه السلام) آتاه الله الإمامة وهو طفل ، وكان يكلّم الناس بكلام الحكماء والعرفاء ، وهو في مرحلة الطفولة .
( ... . محمّد . ... )
إجابته على مسائل كثيرة في مجلس واحد :
السؤال : ما تقولون في حديث ورد في بعض الكتب عن الإمام الجواد (عليه السلام) ، أنّه أجاب على ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد ؟ فهل هذا ممكن عقلاً ؟ وهل يمكن إسناده إلى المعصوم (عليه السلام) ؟
الجواب : نعم ، جاء هذا الخبر في بعض مصادر الحديث بدون الإسناد إلى كلام الإمام (عليه السلام) ، بل إنّه من كلام إبراهيم بن هاشم راوي الواقعة (2) .
ومن هنا يجب أن نلاحظ نقطتين :
1ـ إنّ مراجعة الأئمّة (عليهم السلام) من قبل الشيعة وغيرهم أمر طبيعي ، خصوصاً عند وفاة الإمام السابق ، وابتداء إمامة اللاحق ، فكانوا يأتونه لمعرفة إمامهم والتيقّن من شخصه ، وتمييزه عن غيره في تلك الظروف الصعبة ، وعليه فالظاهر أنّ هذا الخبر ثابت من حيث المضمون .
____________
1- آل عمران : 179 .
2- الكافي 1 / 496 ، كشف الغمّة 3 / 156 ، مناقب آل أبي طالب 3 / 290 .
|
الصفحة 258 |
|
2ـ ومع التسليم لأصل القضية ، يمكن توجيه مواصفاتها المذكورة بعدّة صور ، ذكر بعضها العلاّمة المجلسيّ في " بحار الأنوار " في ذيل الحديث (1) .
والذي يبدو منها قريباً إلى الواقع هو : إنّ الإمام (عليه السلام) قد تكلّم بقواعد عامّة تتفرّع منها مسائل كثيرة ، فيصحّ أن يعبّر في المقام : إنّه (عليه السلام) أجاب على كلّ هذه الأسئلة ، والعلم عند الله تعالى .
( ... . السعودية . ... )
السؤال : هل أنّ الإمام الجواد (عليه السلام) قد أتى إلى طوس من المدينة بصورة غير عادية لتجهيز أبيه الإمام الرضا (عليه السلام) والصلاة عليه ، كما تتحدّث بعض الأخبار بهذا ؟ وهل هذا ممكن عقلاً ؟ ثمّ كيف ينكره السيّد المرتضى (2) ولا يلتزم بهذا الأمر ؟
الجواب : أطبقت الشيعة بعلمائها وغيرهم على أنّ المتولّي لتجهيز الإمام السابق والصلاة عليه لا يكون إلاّ الإمام اللاحق ، وهذا رأيهم يعتمد على أحاديث كثيرة وردت في هذا المجال .
ثمّ لا يخفى أنّ موضوع طيّ الأرض ليس فيه أيّ حظر عقليّ من جهة الإمكان ، فهو ممكن وواقع عقلاً ونقلاً ، كما ورد في القرآن الكريم في قصّة إحضار عرش بلقيس عند سليمان (عليه السلام) .
وأمّا المحاذير التي ذكروها في المقام فليست هي إلاّ وجوه استبعادية لا تفيد الجزم بالمنع .
وأمّا إنكار السيّد المرتضى للموضوع وملازماته فهو بسبب التزامه بمبنى عدم قبول خبر الواحد في باب الأخبار ، أي أنّه لا يرى أخبار المقام في حدّ التواتر أو الاستفاضة حتّى تفيد علماً له ، وهذا المبنى مردود عند المحققّين كما قرّر في علم الأُصول .
____________
1- بحار الأنوار 50 / 93 .
2- رسائل المرتضى 3 / 156 .
|
الصفحة 259 |
|
فالنتيجة : إنّ إنكاره لا يدلّ على نفي الواقع ، بل هو رأي خاصّ به ، قد ثبت بطلانه بأدلّة وافية وشافية .
وعليه ، فالإمام الجواد (عليه السلام) ـ وكذا باقي الأئمّة (عليهم السلام) ـ قد حضروا وتولّوا تجهيز آبائهم والصلاة عليهم .
وأمّا ما روي من تولّي هذه المراسيم بيد الآخرين فهي ـ مع فرض صحّة أسانيدها ـ لا تنفي ما ذكرناه ، فقد يجوز أن يكون ذلك على مستوى الظاهر ولحفظ حالة التقية والكتمان .
( عبد الله . ... . ... )
السؤال : هناك من يعترض على إمامة الإمام الجواد (عليه السلام) لصغر سنّه (1) ، ويؤيّد كلامه بوجود اختلاف بين الشيعة نفسهم في ذلك ، نقلاً عن كتاب فرق الشيعة (2) .
فإنّه يذكر : إنّ بعض الشيعة أنكروا إمامته مستدلّين بأنّ الإمام لا يجوز أن يكون إلاّ بالغاً ، ولو جاز أن يأمر الله تعالى بطاعة غير البالغ لجاز أن يكلّف الله غير البالغ ، والتالي باطل فالمقدّم مثله .
كيف نردّ عليهم هذه الدعوى والاستدلال الباطل ؟
الجواب : نختصر الجواب في عدّة نقاط :
1ـ صغر السنّ بما هو لا يكون مانعاً عقلاً في المقام ، فلا نرى فيه أيّ محذور كما هو واضح .
وأمّا نقلاً ، فمضافاً إلى عدم ورود منع شرعي لذلك جاء في القرآن الكريم { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا } (3) ، فالاستبعاد في الموضوع لا يرجع إلى شيء .
2ـ إنّ كتاب " فرق الشيعة " للنوبختي لم يصل إلينا بطريق وسند صحيح يمكن الاعتماد عليه ، كما هو رأي المحقّقين .
نعم ثبت في محلّه بأنّ النوبختي كان له كتاب بهذا الاسم ، ولكن لا يمكننا
____________
1- بين الشيعة وأهل السنّة : 55 .
2- فرق الشيعة : 88 .
3- مريم : 12 .
|
الصفحة 260 |
|
الجزم بأنّ هذه النسخة المتداولة هي الأصل ، بل من المحتمل والمظنون قويّاً تلاعب بعض الأيدي في متنها .
3ـ لا ملازمة بين عدم تكليف غير البالغ وموضوع الإمامة والنبوّة ، فإنّهما رتبتان يهبهما الله تعالى حيث يشاء من عباده وفقاً للمصلحة التي يراها .
وأمّا عدم تكليف الصبي فهو امتنان وشفقة عليه ، أي إنّه من باب رفع المشقّة ، لا أنّه لا يصحّ تكليفه عقلاً ، ألا ترى صحّة عباداته ومشروعيّتها على المشهور .
وبعبارة واضحة : إنّ الصبي ـ وعلى الأخصّ المميّز منه ـ قد رفع عنه التكليف لصالحه ، ولكن النبوّة والإمامة أمران إلهيان يضعهما الله تعالى في مواضع قد قدّر استيعابهما فيها مسبقاً ، فلا امتنان في رفعهما عن تلك المواضع .
4ـ ولو سلّمنا أنّ بعض الشيعة أنكر إمامته لصغر سنّه فهؤلاء حينئذ لا يطلق عليهم شيعة اثنى عشرية ، فحالهم حال الشيعة الإسماعيلية حين أنكروا إمامة الإمام الكاظم (عليه السلام) ، وحالهم حال الشيعة الزيدية حين أنكروا إمامة الإمام الباقر (عليهم السلام) .
( حسين جبّاري . البحرين . 23 سنة . طالب )