عربي
Wednesday 3rd of July 2024
0
نفر 0

أهل البيت^ التجلي الكامل للحقائق

أهل البيت^ التجلي الكامل للحقائق

أهل البيت^ التجلي الكامل للحقائق

لقد بلغ أهل البيت^ الذرى في مقام العبودية لله تعالى والإخلاص والجهاد والاجتهاد، ولهذا استحال وجودهم إلى مرآة صافية تنعكس وتتجلى فيها الحقائق كاملة تامّة.

إنّ الحقائق تشرق على قلب المؤمن بقدر ما بلغ من مراتب في العبودية والإخلاص لله عز وجل.

إنّ مقام العبودية هو مقام رفيع تتجلى فيه أسماء الحق وصفاته، وهو المقام الذي تتجلى فيه الأخلاق وهو الدرجة التي ينمو فيها الإيمان ومنصّة الانطلاق صوب القرب من الحق والأرضية للقاء الله عز وجل.

وأهل البيت بلغوا الذروة في مراحل الإيمان وبلغوا الذروة في الأخلاق وبلغو القمم الشاهقة في الإنسانية، وهذه الحقائق هي التي بلغت بأهل البيت^ أن يصلوا مطلع فجر الحق فتتجلى فيهم أسماء الله وصفاته وأخلاقه؛ يقول الإمام علي الهادي× وهو يوضح جانباً من حقائق أهل البيت^:

إن أنبياء الله عز وجل ورسله الذين بعثهم الله إلى الناس جاءوا([15]) بالكتب من عنده، إنما بعثهم الله للتمهيد أمام بعثة رسول الله’ وظهوره في الدنيا وهو السبب في صعود الكائنات وبخاصّة الإنسان؛ فالنبي’ وآله الأطهار هم حبل الله وظل الله وهم أمناء الرحمن بدأوا حركتهم الصعودية وبلغوا مراتب الكمال التي تليق بشأنهم.

ولم يرسل الله سبحانه من نبي ولا رسول إلا أخذ الميثاق منه، وهو في تمهيد الأمر لظهور النبي’ ولم يخلِ سبحانه خلقه من نبي مرسل أو كتاب منزل أو حجة لازمة ... مأخوذاً على النبيين ميثاقه<([16]).

ولهذا قال رسول الله’ وهو الصادق المصدّق: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة»([17]).

أجل أن أهل البيت^ بلا أدنى شك هم الأوسع في طاقتهم الوجودية فهم وعاء وسع كل الحقائق المعنوية وتجلت فيهم الحقائق الإلهية وهم المصداق الحق: لما ورد في كتب الحديث: >والآخرون السابقون والسابقون الأولون وليس كمثلهم شيء<([18]).

يقول مولوي الشاعر المعروف:

هكذا يبدو الغصن أصل الثمر



 

والحقيقة أن الغصن للثمرة ثمر

ولولا الأمل في جني الثمر

 

ما رعى الفلاح في الأرض الشجر

إن بدت الأشجار أصلاً

 

للثمار فالثمار هي أصل وجذر

ولهذا قال المصطفى أن الأنبياء

 

من لدن آدم ورائي وأنا عندي اللواء

وقطاف الحكمة في هذا المقال

 

أنه سابق في الآخرين سابق في الأولين ([19])

وعلّة تقدمهم وبلوغهم هذه المراتب العالية هي أنه في علم الله ما لهذه النفوس النورانية من أخلاص، وحسب فاصطفاهم فبدأ بهم الوجود جعلهم برزخاً بين الواجب والممكن وجعلهم ختام ما بدأ، وقد وردت هذه الإشارة في الزيارة الجامعة الكبيرة:

>بكم فتح الله وبكم يختم ... وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم< وإذن وكما ذكرنا آنفاً فإن الأنبياء والمرسلين إنما جاءوا لتمهيد الأمر لظهور خاتم الرسل محمد’ وآله الأطهار^ في الدنيا.

وقد شاء الله أن يظهروا في اعتدال من الزمان والمكان والمقام وشاء الله سبحانه، أن يأتوا من سماء أرادته وقمة فعله وأوج رحمته فيهبطوا إلى حضيض الطبيعة ليستحيلوا إلى سبب كامل في الاتصال بين الله ومخلوقاته ويكونوا حجةً على العالمين.

وكان نزولهم إلى هذا الكوكب الترابي من حيث الزمان عند زوال شمس الوجود وهي فترة الظهر الوجودي، وفي فترة العصر الوجودي تبدأ الكائنات مرحلة القبض، ثم يعقب هذه الفترة وفترة ظهور النبي’ وآل بيته الأطهار^ وبخاصة الوجود المبارك لإمام العصر#([20]) فترة غروب شمس الزمان، فيدخل كل الوجود في حالة القبض المغلق وتكون الظلمة الثانية بعد أن مرّت ملايين السنين على الظلمة الأولى التي كانت قد بدأت قبل ظهور الوجود، وفي هذه الفترة (الظلمة الثانية) والقبض المطلق يقول الله عز وجل: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}([21]).

وحينئذ يبدأ يوم القيامة الذي يصرح القرآن الكريم بأنه سيكون يوماً أبدياً ودائمياً وسرمدياً ويمتد إلى ما لا نهاية وهو يوم نهاره لا ليل فيه.

وعندما نتأمل آيات القرآن الكريم وما صح من الروايات لا نجد أبداً تعبير ليلة القيامة، وإنما الاصطلاح الثابت والوحيد هو >يوم القيامة<.

ولما كان طلوع الشمس إيذاناً ببدء اليوم وطلوع النهار فإن ظهور يوم القيامة سيكون بسبب شروق الشمس المحمدية والنور الوجودي الأحمدي، وقد أشار القرآن الكريم إلى النبي’ ورمز له بـ >السراج المنير<([22]).

يعني السراج الذي سيضيئ ويتحقق به يوم القيامة، فهو أول من يرد على الله عز وجل في القيامة وبسبب وروده الذي هو وجه الله ونور الله تشرق ساحة الحشر والعالم الآخر يغمره النور ويبدأ اليوم الأبدي والنهار السرمدي ويتحقق به الوعد الإلهي.

{وَأَشْرَقَتِ الأَْرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ}([23]).

وهذه الآية المباركة الشريفة، إنما تتحدث عن يوم القيامة لا شك ولا ترديد، فقد تظافرت الروايات والتفاسير على هذا المعنى، وهو أن مصداق النور الإلهي والنور الربّاني هو النبي’ والأئمة الأطهار من آله^.

أجل سيبدأ صبح يوم القيامة مع شروق نور الرب الذي هو نور محمد’ وسيكون النهار أبدياً سرمدياً دائمياً؛ وببركة ذلك النور الأبدي تتجلى كل الحقائق، وتبلى كل السرائر وتبدأ ساعة الحساب.

يروي الإمام الباقر× عن جدّه رسول الله’ قوله:

«أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي، ثم أمتي، ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وبأهل بيتي»([24]).

أهل البيت^سفينة النجاة

أن الأرواح الطاهرة لأهل البيت^ ووجوداتهم النورانية أشرقت من أفق الرحمة الإلهية،وذلك قبل خلق الكائنات، فهي محدقة بعرش الله سبحانه وتسبح في بحر تسبيح الله وتقديسه وتنزيهه، حتى شاء الله أن يمن بهم على الناس للهداية، فكل روح من تلك الأرواح الطاهرة إذا ما حلّ وقت ظهورها وجاء زمانها ارتدت حلّة الجسم والبدن وظهرت للناس عياناً.

«خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين، حتى منّ علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه»([25]).

فكانوا^ وهم محدقون بعرش الرحمن كسفينة نوح تنقذ الناس من الغرق وكانوا وسيلة النجاة من الطوفان والسقوط في مستنقع البلاء.

>فبلغ الله بكم أشرف محلّ المكرمين وأعلى منازل المقرّبين وأرفع درجات المرسلين<([26]).

أجل بلغ الله عز وجل بأهل البيت أشرف مقامات المكرمين وأعلى درجات المقربين ومنازل الأنبياء والمرسلين.

ولقد جاء في الروايات المعتبرة وفي تفسير الأمام الحسن العسكري× أن آدم لما هبط من مقامه وكان قبل ذلك جليساً للملائكة فحرم من هذه الحالة وفقد مكانه في الجنة، ووقع عنه رداء الكرامة والحياء ألهمه الله عز وجل أن يقول: «اللهم بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين، والطيبين من آلهم لما تفضلت عليّ بقبول توبتي وغفران زلّتي، وإعادتي من كراماتك إلى مرتبتي».

فقال الله عز وجل له: قد قبلت توبتك برضواني عليك وصَرَفت آلائي ونعمائي إليك وأعدتك إلى مرتبتك من كراماتي ووفرت نصيبك من رحمائي، فذلك قوله عز وجل: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}([27]).

وسيلة النجاة

كان أبو ذر آخذاً بعضادة الكعبة الشريفة فسمع النبي’ يقول: >ألا أن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك<([28]).

وقال رسول الله’: «نحن سفينة النجاة من تعلق بها نجا ومن حاد عنها هلك، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت»([29]).

وجاء في حديث للإمام علي أمير المؤمنين× لكميل بن زياد:

« يا كميل قال رسول الله’ قولاً ـ والمهاجرون والأنصار متوافرون يوماً بعد العصر يوم النصف من شهر رمضان ـ قائماً على قدميه فوق منبره: علي وابناي منه الطيبون مني وأنا منهم وهم الطيبون بعد أمهم وهم سفينة من ركبها نجا ومن تخلف عنها هوى والناجي في الجنة والهاوي في لظى»([30]).

وعنه× قال: «من اتبع أمرنا سبق، ومن ركب غير سفينتنا غرق»([31]).

وإذا كانت السفن التي تمخر عباب البحار تهتدي بالنجوم فلا تضل طريقها ومسارها وتبلغ شاطئ الأمان، فإن النبي’، قد شبه أهل بيته بالنجوم لأهل الأرض يهتدون بها في طريقهم وسط أمواج الحياة المتلاطمة فلا يضلون ويبلغون شاطئ النجاة، فأهل البيت هم أمان للأمة المسلمة.

قال’: >النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتهم قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس<([32]).

وعن النبي الأكرم محمد’ قال: إنما أهل بيتي فيكم مثل باب في بني حطة إسرائيل من دخله غُفر له»([33]).

وقال الإمام علي×: >نحن باب حطة وهو باب السلام من دخله نجا ومن تخلف منه هوى<([34]).

وعنه× أيضاً قال: «ألا أن العلم الذي هبط به آدم وجميع ما فضلت به النبيّون إلى خاتم النبيين في عترة خاتم النبيين، فأين يتاه بكم، وأين تذهبون، وأنهم فيكم كأصحاب الكهف ومثلهم مثل باب حطّة وهم باب السلام في قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ}([35]).

وقال رسول الله’: « نحن سفينة النجاة من تعلق بها نجا ومن حار عنها هلك فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت»([36]).

وجاء في حديث للإمام علي أمير المؤمنين× لكميل بن زياد:

«يا كميل قال رسول الله’ قولاً ـ والمهاجرون والأنصار متوافرون يوماً بعد العصر يوم النصف من شهر رمضان ـ كأنما على قدميه فوق منبره: علي وابناي منه الطيبون مني وأنا منهم وهم الطيبون بعد أمهم وهم سفينة من ركبها نجا ومن تخلف عنها هوى والناجي في الجنة والهاوي في لظى»([37]).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

قبس من حياة المؤلف
>وَقَدَّسَ أَرْواحَهُمْ بِسِرِّهِ وَبِرِّهِ<
النفس ومراحلها السبعة:
مراحل عبادة العارفين:
أهل البيت أحباء الحق
أهل البيت^ في الزبور
أهل البيت^ ومقام العصمة
الخوف من سوء العاقبة
أهل البيت^ في الزبور -4
الخوف:

 
user comment