عربي
Wednesday 3rd of July 2024
0
نفر 0

السؤال : ما هو رأيكم في تأويل الشيخ الصدوق لهذا الكلام ؟ وهو : وأهل السنّة مجمعون على أنّ القرآن الذي بين أيدينا هو ليس كاملاً ، حيث أنّهم يرون نسخ التلاوة .

بحث مفصّل للإمام الخوئيّ حول نسخ التلاوة :

السؤال : ما هو رأيكم في تأويل الشيخ الصدوق لهذا الكلام ؟ وهو : وأهل السنّة مجمعون على أنّ القرآن الذي بين أيدينا هو ليس كاملاً ، حيث أنّهم يرون نسخ التلاوة .

الجواب : ننقل لكم ما قاله السيّد الخوئيّ (قدس سره) حول موضوع نسخ التلاوة (1) :

( أقول : سيظهر لك ـ بعيد هذا ـ أنّ القول بنسخ التلاوة هو بعينه القول بالتحريف ، وعليه فاشتهار القول بوقوع النسخ في التلاوة ـ عند علماء أهل السنّة ـ يستلزم اشتهار القول بالتحريف .

3ـ نسخ التلاوة : ذكر أكثر علماء أهل السنّة : أنّ بعض القرآن قد نسخت تلاوته ، وحملوا على ذلك ما ورد في الروايات أنّه كان قرآناً على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فيحسن بنا أن نذكر جملة من هذه الروايات ، ليتبيّن أنّ الالتزام بصحّة هذه الروايات ، التزام بوقوع التحريف في القرآن :

1ـ روى ابن عباس : أنّ عمر قال فيما قال ـ وهو على المنبر ـ : ( إنّ الله بعث محمّداً بالحقّ ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان ممّا أنزل الله آية الرجم ، فقرأناها ، وعقلناها ، ووعيناها .

فلذا رجم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله ، فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله ، والرجم في كتاب الله حقّ على من زنى إذا أحصن من الرجال ... ثمّ إنّا كنّا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله : أن لا ترغبوا عن آبائكم ؛ فإنّه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ، أو : إنّ كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم ... ) (2) .

____________

1- البيان في تفسير القرآن : 201 .

2- صحيح البخاريّ 8 / 26 ، صحيح مسلم 5 / 116 ، سنن أبي داود 2 / 343 ، الجامع الكبير 2 / 442 ، السنن الكبرى للبيهقيّ 8 / 211 ، المصنّف للصنعانيّ 5 / 441 و 7 / 315 ، السنن الكبرى للنسائيّ 4 / 273 ، صحيح ابن حبّان 2 / 147 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 127 .


الصفحة 107


وذكر السيوطيّ : أخرج ابن اشته في المصاحف عن الليث بن سعد قال : ( أوّل من جمع القرآن أبو بكر ، وكتبه زيد ... وإنّ عمر أُتي بآية الرجم فلم يكتبها ؛ لأنّه كان وحده ) (1) .

أقول : وآية الرجم التي ادّعى عمر أنّها من القرآن ، ولم تقبل منه رويت بوجوه :

منها : ( إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتّة ، نكالاً من الله ، والله عزيز حكيم ) .

ومنها : ( الشيخ والشيخة فارجموهما البتّة ، بما قضيا من اللذّة ) .

ومنها : ( إنّ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة ) ، وكيف كان فليس في القرآن الموجود ما يستفاد منه حكم الرجم ، فلو صحّت الرواية فقد سقطت آية من القرآن لا محالة .

2ـ وأخرج الطبرانيّ بسند موثّق عن عمر بن الخطّاب مرفوعاً : ( القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف ) (2) .

بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار ، وعليه فقد سقط من القرآن أكثر من ثلثيه .

3ـ وروى ابن عباس عن عمر ، أنّه قال : إنّ الله عزّ وجلّ بعث محمّداً بالحقّ ، وأنزل معه الكتاب ، فكان ممّا أنزل إليه آية الرجم ، فرجم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورجمنا بعده ، ثمّ قال : كنا نقرأ : ( ولا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم ) ، أو : ( إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ) (3) .

4ـ عن نافع عن ابن عمر قال : ( لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كلّه

____________

1- الإتقان في علوم القرآن 1 / 163 .

2- المعجم الأوسط 6 / 361 .

3- مسند أحمد 1 / 47 ، صحيح البخاريّ 8 / 26 ، المصنّف للصنعانيّ 5 / 441 و 9 / 50 .


الصفحة 108


وما يدريه ما كلّه ؟ قد ذهب منه قرآن كثير ، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر ) (1) .

5ـ وروى عروة بن الزبير عن عائشة قالت : ( كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله) مائتي آية ، فلمّا كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلاّ ما هو الآن ) (2) .

ثمّ ينقل السيّد الخوئيّ بقية الروايات إلى أن يقول : وغير خفيّ أنّ القول بنسخ التلاوة بعينه القول بالتحريف والإسقاط .

وبيان ذلك : أنّ نسخ التلاوة هذا ، إمّا أن يكون قد وقع من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإمّا أن يكون ممّن تصدّى للزعامة من بعده ، فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فهو أمر يحتاج إلى الإثبات .

وقد اتّفق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد ، وقد صرّح بذلك جماعة في كتب الأُصول وغيرها (3) ، بل قطع الشافعيّ وأكثر أصحابه ، وأكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الكتاب بالسنّة المتواترة ، وإليه ذهب أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه ، بل إنّ جماعة ممّن قال بإمكان نسخ الكتاب بالسنّة المتواترة منع وقوعه (4) ، وعلى ذلك فكيف تصحّ نسبة النسخ إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) بأخبار هؤلاء الرواة ؟ مع أنّ نسبة النسخ إلى النبيّ تنافي جملة من الروايات التي تضمّنت أنّ الإسقاط قد وقع بعده .

وإن أرادوا أنّ النسخ قد وقع من الذين تصدّوا للزعامة بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فهو عين القول بالتحريف .

وعلى ذلك ، فيمكن أن يدّعى أنّ القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنّة ، لأنّهم يقولون بجواز نسخ التلاوة ، سواء أنسخ الحكم أم لم ينسخ،

____________

1- الإتقان في علوم القرآن 2 / 66 .

2- الدرّ المنثور 5 / 180 .

3- الموافقات 3 / 69 .

4- الإحكام في أُصول الأحكام للآمدي 3 / 165 .


الصفحة 109


بل تردّد الأُصوليّون منهم في جواز تلاوة الجنب ما نسخت تلاوته ، وفي جواز أن يمسّه المحدث ، واختار بعضهم عدم الجواز .

نعم ذهبت طائفة من المعتزلة إلى عدم جواز نسخ التلاوة (1) .

ومن العجيب أنّ جماعة من علماء أهل السنّة أنكروا نسبة القول بالتحريف إلى أحد من علمائهم ، حتّى أنّ الآلوسيّ كذّب الطبرسيّ في نسبة القول بالتحريف إلى الحشويّة ، وقال : ( إنّ أحداً من علماء أهل السنّة لم يذهب إلى ذلك ) ، وأعجب من ذلك أنّه ذكر ، أنّ قول الطبرسيّ بعدم التحريف نشأ من ظهور فساد قول أصحابه بالتحريف ، فالتجأ هو إلى إنكاره (2) ، مع أنّك قد عرفت أنّ القول بعدم التحريف هو المشهور ، بل المتسالم عليه بين علماء الشيعة ومحقّقيهم ، حتّى أنّ الطبرسيّ قد نقل كلام المرتضى بطوله ، واستدلاله على بطلان القول بالتحريف ، بأتمّ بيان وأقوى حجّة ) (3) .

إلى هنا تمّ كلامه (قدس سره) ، ومنه يظهر وجه الاحتجاج بهذا القول .

( مصطفى بطّة . الأردن . سنّي . 21 سنة . طالب جامعة )

نشير إلى نقاط ريثما يتأمّل فيها المحقّقون :

السؤال : نشكر لكم جهودكم في هذا الموقع ، ونتمنّى أن نرى لكلّ مذهب موقعاً معتبراً كهذا ، يحلّ الإشكال ، ويجيب على التساؤلات .

سؤالي إليكم حول موضوع تحريف القرآن الكريم ، وتحديداً وجود بعض الحذف منه والنقص فيه ، والذي يثيره السنّة باستمرار ، وما قد يلحظه المبتدئ من شيء من التناقض بين كتب الكلام ، من أمثال الإلهيّات الذي

____________

1- المصدر السابق 3 / 154 .

2- روح المعاني 1 / 25 .

3- مجمع البيان 1 / 43 .


الصفحة 110


جمع من محاضرات للأُستاذ الكبير السبحانيّ ، وكتاب شرح عقائد المظفّر ، التي تنفي التحريف مطلقاً ، وبين الكتب الروائية المتقدّمة ، من أمثال الكافي وبحار الأنوار ، والتي تروي عدداً لابأس به من الروايات ، التي تؤكّد وقوع الحذف ، خاصّة من الآيات التي فيها تصريح بولاية علي (عليه السلام) .

وهذه الروايات تصرّح بوقوع الحذف لفظاً ومعنى وإعراباً ، ومعظمها مروي عن الأئمّة المعصومين ، نرجو إجابتنا إجابة وافية ملزمة ، نتمكّن من عرضها على أخوتنا الأشاعرة في المنطقة ، الذين يثيرون هذا الموضوع باستمرار ، لعدم وجود ردّ .

وبارك الله فيكم .

الجواب : نشكركم على متابعتكم للموقع ، ونتمنّى أن نكون قد وفّقنا لأداء المسؤولية حول الدين والمذهب في ردّ الشبهات ، وإنارة الطريق ، والله هو الموفّق .

وأمّا ما ذكرتموه في موضوع التحريف ، فقد أجبنا عنه كراراً ومراراً ، وذكّرّنا الإخوة : بأنّ المسألة لا ثمرة لها عند المسلمين ، بل إنّ المستفيد الأوّل والأخير هم أعداء العقيدة ، فالصفح عنها أحرى وأجدر ؛ ولكن بما أنّ الإخوة يلحّون في المطلب ، نشير إلى عدّة نقاط ، ريثما يتأمّل فيها المحقّقون ، ولكي ينصفوا ، والله من وراء القصد :

1ـ إنّ الروايات التي تدلّ بظاهرها على التحريف موجودة في كتب أهل السنّة ، وبأعداد مضاعفة عمّا في كتب الشيعة ، وعلى سبيل المثال ـ لا الحصرـ يمكن المراجعة إلى الصحاح والمسانيد .

2ـ مضافاً إلى ورود هذه الروايات ، فقد صرّح بعض علماء التفسير عندهم بوقوع التحريف (1) .

____________

1- روح المعاني 1 / 26 ، الدرّ المنثور 5 / 180 .


الصفحة 111


ومنهم من تبنّى هذا القول كابن أبي داود السجستانيّ في كتابه ( المصاحف )، وابن الخطيب في كتابه ( الفرقان ) .

3ـ إنّ ورود بعض الروايات في كتب الحديث عند الشيعة ، لا يعني اعتقاد الشيعة بهذه الفكرة ، ولا حتّى التزام مؤلّفيها بها ، بل هو من باب جمع الأحاديث ، كالعمل في الموسوعات فحسب ، والذي يدلّنا في المقام هو :

أوّلاً : إنّ الشيعة من الصدر الأوّل حتّى الآن ، لا تعتقد بوجود كتاب صحيح من أوّله إلى آخره إلاّ القرآن ، وعليه فكلّ تأليف فيه الخطأ والصواب تبعاً للأدلّة المطروحة في كلّ مجال ، وهنا تختلف الشيعة عمّن يعتقد بصحّة روايات الصحاح ، أو الصحيحين على الأقل ، فهو ملزم بما ورد فيها .

ثانياً : إنّ الروايات المذكورة معارضة بروايات أُخرى وردت بإزائها ، تدلّ بالصراحة على نفي التحريف ، وفي مثل هذا المقام تعرض المعارضتان على القرآن ـ على طبق القواعد الأُصولية ـ ومن ثمّ تنفي حجّية الموهم للتحريف .

ثالثاً : توجد روايات صريحة عند الشيعة بعدم حجّية الخبر المخالف للقرآن رأساً ، أو عند المعارضة ، وهذا لا ينسجم مع القول بالتحريف .

رابعاً : إنّ الروايات المذكورة بأجمعها يعتريها ، إمّا ضعف السند ، وإمّا ضعف الدلالة ، أو كلاهما كما بحثه المحقّقون من الشيعة في مظانّها ؛ وأيضاً كلّها قابلة للتأويل جمعاً بينها وبين الأخبار النافية للتحريف ، فبعضها مثلاً من باب الشرح المزجي للآيات مع تفاسيرها ، وبعضها من باب الإشارة إلى المصاديق المأوّلة في الآيات ، وأحياناً بعضها الآخر فيها التصريح ، أو التلويح بشأن النزول ، وهكذا .

4ـ إنّ الرأي العام للشيعة قديماً وحديثاً هو الالتزام والاعتقاد بعدم التحريف ، وهذا هو قول العلماء الذين يعتبرون واجهة الشيعة ، وأيضاً هو كلام الوسط الشيعيّ حتّى الآن .


الصفحة 112


وأمّا ما كتبه بعضهم في هذا المجال خلافاً لهذا الإجماع القطعيّ ـ كالشيخ النوريّ الطبرسيّ والسيّد الجزائريّ ـ فيرد عليه أنّهما لم يمثّلا في مسألة التحريف عقيدة مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، مضافاً إلى أنّ الروايات التي اعتمد عليها النوريّ لإثبات مدّعاه في كتابه فصل الخطاب ، أكثرها من أحاديث أهل السنّة في هذا المجال ، فهو كما ترى !

5ـ وأخيراً : فإنّ التأويل المخرج لأهل السنّة من مأزق رواياتهم المذكورة ، لهي أنسب بأن تكون إحدى الطرق عند الشيعة للوقوف في مقابل بعض رواياتهم ، التي قد توهم الموضوع المذكور .

6ـ ولا يفوتنا أن نشير هنا أنّ البحث عن هذا الموضوع قد جاء مفصّلاً في كلّ من ( البيان ) للسيّد الخوئيّ (قدس سره) ، و( آلاء الرحمن ) للشيخ البلاغيّ (قدس سره) ، و( صيانة القرآن ) للشيخ هادي معرفة ، و ( التحقيق في نفي التحريف ) للسيّد الميلانيّ ، وبقية التفاسير الشيعيّة ، كـ ( مجمع البيان ) للشيخ الطبرسيّ (قدس سره) ، و ( التبيان ) للشيخ الطوسيّ (قدس سره) ، وغيرهم ، فللمزيد من المعلومات لابأس بالمراجعة إليها .

( أحمد . البحرين . 42 سنة . طالب أكاديمي )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

روّاد التشیّع فى عصر النبیّ صلى الله علیه و آله
من هو شيخ الأنبياء ومن هو سيد البطحاء وشيخ ...
السؤال : هل كانت الشيعة في زمن الرسول ؟ وما رأي ...
س: هذه رسالة وجيزة في معنى العبد حسب النصوص ...
السؤال: إنّ أبا بكر لم يؤذن لحضور جنازة فاطمة ...
سؤال عن من الذي أجهز على الامام الحسين عليه ...
السؤال : هل يجوز البكاء على الميّت القريب جدّاً ، ...
السؤال : تستدلّون على التوسّل بالنبيّ والأئمّة ...
السؤال : لماذا نتوسّل بأهل البيت (عليهم السلام) ؟ ...
السؤال : متى يظهر الإمام المهديّ (عليه السلام) ؟ ...

 
user comment