عربي
Saturday 23rd of November 2024
0
نفر 0

السؤال : شكراً على هذه المعلومات المفيدة التي تقدّموها لنشر الفكر

التوسّل بأهل البيت :

السؤال : شكراً على هذه المعلومات المفيدة التي تقدّموها لنشر الفكر

____________

1- النساء : 64 .


الصفحة 219


الإسلاميّ الأصيل ، وجزاكم الله كلّ خير .

أُودّ أن استفسر منكم يا سيّدي عن قدرة أهل البيت (عليهم السلام) في قضاء الحوائج حين التوسّل بهم .

والأمر الثاني هو : في قوله تعالى : { وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ } (1) هل من الممكن أن تكون الوسيلة هي الدعاء وطلب الحاجة من الله ؟ وكيف نوازن أُمور الدعاء مع قول الله تعالى : { فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا } (2) .

ولكم منّي جزيل الشكر والتقدير ، آملاً أن يدوم هذا التواصل بيننا .

الجواب : إنّ التوسّل بأهل البيت (عليهم السلام) يتصوّر على قسمين :

1ـ تارة نطلب من الله تعالى بحقّهم (عليهم السلام) ، ومنزلتهم عنده تعالى ، أن يقضي حوائجنا ، وهذا القسم لا علاقة له بقدرتهم (عليهم السلام) على قضاء الحوائج .

2ـ وتارة نطلب منهم (عليهم السلام) أن يطلبوا من الله تعالى قضاء حوائجنا ، وهذا القسم من التوسّل مقدور عندهم (عليهم السلام) ، فهو مجرد طلب من الله تعالى ، في قضاء الحاجات ، فالله تعالى هو القاضي لا هم (عليهم السلام) .

كما في قضية طلب أولاد يعقوب (عليه السلام) من أبيهم أن يستغفر لهم ، قال تعالى : { قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (3) .

وأمّا بالنسبة إلى الأمر الثاني نقول :

الوسيلة لا تنافي الدعاء ، لأنّ الدعاء هو الطلب من الله تعالى في قضاء الحوائج ، والوسيلة كما قلنا هو الطلب من الله تعالى بحقّ أهل البيت (عليهم السلام) أن يقضي الحوائج ، أو الطلب منهم (عليهم السلام) أن هم يطلبوا من الله تعالى في قضاء الحوائج ، لقربهم منه تعالى ، ولأمرنا بابتغاء الوسيلة إليه ، والوسيلة هم (عليهم السلام)

____________

1- المائدة : 35 .

2- الجنّ : 18 .

3- يوسف : 97 ـ 98 .


الصفحة 220


كما في الروايات .

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( الأئمّة من ولد الحسين ، من أطاعهم فقد أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله ، هم العروة الوثقى ، وهم الوسيلة إلى الله تعالى ) (1) .

ثمّ أنّ التوسّل بهم (عليهم السلام) لا يعني دعاءهم ، حتّى ينافي قوله تعالى : { فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا } ، فنحن كما قلنا ، لا نقول أنّهم (عليهم السلام) هم يقضون الحاجات ، وإنّما هم واسطة إلى الله تعالى في قضاء الحوائج .

فنحن متوكّلون على الله تعالى ، ونقرّ بربوبيته وقدرته ، ونعتقد أنّه تعالى هو القاضي للحاجات لا هم . على أنّه من الممكن أن يعطي الله سبحانه وتعالى قدرة التعرّف ببعض الأُمور التكوينيّة بيد الإمام ، فيكون الإمام هو من يقضي الحاجة ، ولكن بإذن الله ، كما أعطى الله عزّ وجلّ قدرة تدبير بعض الأُمور التكوينيّة بيد الملائكة { فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً }(2) أعطى هذه القدرة ـ وهو القادر على ما يشاء ـ لمحمّد وآل محمد (صلى الله عليه وآله) وعلى ذلك دلّت بعض الروايات ، فتأمّل .

فطلب الحاجة من أهل البيت (عليهم السلام) بما هم وسائل جعلها الله لذلك لا يتنافى مع دعاء الله فأنا عندما أطلب من شرب العسل الشفاء ، لا يعني هذا أنّني طلبت الشفاء من غير الله لأنّ الله جعل العسل وسيلة للشفاء فقال { فيه شفاء للناس } (3) فعلى هذا طلب الحاجة من محمّد وآل محمّد هو طلبها من الله عزّ وجلّ ودعاء لله تعالى .

____________

1- عيون أخبار الرضا 1 / 63 ، ينابيع المودّة 2 / 318 و 3 / 292 .

2- النازعات : 5 .

3- النحل : 69 .


الصفحة 221


( السيّد عبّاس . البحرين . ... )

بغير النبيّ وآله :

السؤال : الإخوة في مركز الأبحاث العقائديّة ، وفّقكم الله على الجهود التي تقومون بها في خدمة المذهب الحقّ والدفاع عنه في هذا العصر ، الذي تكالبت فيه جنود الشيطان على أهل الإيمان ، وبهذا الصدد أود إعلامكم بأنّنا بحاجة إلى بعض الروايات عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) ، والتي تفيد بجواز التوسّل بالأولياء الصالحين والمؤمنين من العلماء ، وذلك للردّ على بعض المناظرين حيث أنّهم يؤمنون بضرورة التوسّل بالمعصومين (عليهم السلام) فقط ، أمّا غير المعصومين فلا يجوز التوسّل بهم .

ودمتم محروسين وموفّقين بعين الله .

الجواب : جاء في الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين (عليه السلام) في دعائه في كلّ يوم من شهر رمضان التوسّل بالملائكة المقرّبين ، إذ يقول (عليه السلام) : ( اللهم ربّ الفجر وليال عشر ، والشفع والوتر ، وربّ شهر رمضان وما أنزلت فيه من القرآن ، وربّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ، وجميع الملائكة المقرّبين ... وأسألك بحقّك عليهم ، وبحقّهم عليك ... ) (1) .

وفي كلام للإمام علي (عليه السلام) عن القرآن الكريم : ( فاسألوا الله به ، وتوجّهوا إليه بحبّه ) (2) .

وقد ورد في بعض الأدعية تعليم التوسّل بالملائكة المقرّبين والأنبياء السابقين، وكتب الله المنزلة ، وعباده الصالحين ، وبالأعمال الصالحة ، ولكن تبقى عمدة التوسّل والاستشفاع هو بالنبيّ وآله المعصومين (عليهم السلام) .

ومن روايات الحثّ على زيارة بعض أبناء الأئمّة وذرّيتهم (عليهم السلام) كالسيّدة معصومة (عليها السلام) في قم الواردة بأسانيد صحيحة ومعتبرة ، يمكن استفادة رجحان التوسّل بها ، واستجابة الدعاء عندها .

____________

1- الصحيفة السجادية : 237 .

2- شرح نهج البلاغة 10 / 19 .


الصفحة 222


 


الصفحة 223


الجبر والاختيار :

( أمير العرادي . الكويت . ... )

معنى القضاء والقدر :

السؤال : هل الإنسان مخيّر أم مسيّر ؟ وإذا كان مخيّراً فما هو إذاً القضاء والقدر ؟

الجواب : لا يوجد تعارض بين القول بالاختيار للإنسان ، وبين الالتزام بالقضاء والقدر ، وذلك إذا عرفنا معنى القضاء والقدر .

فمعنى التقدير هو : أن يكون لوجود كلّ شيء حدّاً وقدراً ، كما لتحقيق وجوده قضاءاً وحكماً مبرماً في جانبه تعالى ، فكلّ شيء يقدّر أوّلاً ، ثمّ يحكم عليه بالوجود .

وهذه الشبهة كانت عالقة في بعض الأذهان منذ القدم ، وقد أجاب عنها أئمّة أهل البيت (عليه السلام) .

فعن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام) : دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين ، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( ... أجل يا شيخ ، فالله ما علوتم تلعة ، ولا هبطتم من وادٍ ، إلاّ بقضاء من الله وقدره ) .

فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين ـ ومعنى هذه الجملة : إنّي لم أقم بعمل اختياري ، ولأجل ذلك أحتسب عنائي ـ .

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( مهلاً يا شيخ ، لعلّك تظنّ قضاءً حتماً وقدراً لازماً ، لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، والأمر والنهي والزجر ، واسقط معنى الوعد والوعيد ، ولم تكن على المسيء لائمة ، ولا لمحسن محمّده ،


الصفحة 224


ولكان المحسن أولى باللائمة من المذنب ، والمذنب أولى بالإحسان من المحسن ، تلك مقالة عبدة الأوثان ، وخصماء الرحمن ، وقدرية هذه الأُمّة ومجوسها . يا شيخ إنّ الله كلّف تخييراً ، ونهى تحذيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، ولم يُعص مغلوباً ، ولم يُطع مكرهاً ، ولم يملك مفوّضاً ، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً ... ) (1) .

والحديث الشريف جمع بين القول بالقضاء والقدر ، وكون الإنسان مخيّراً لا مسيّراً .

( عبد الرسول . الكويت . ... )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

السؤال : إنّ إجابتكم على سؤال الأخ أمير العراديّ غير كافية ، وذلك لأنّ الموضوع صعب ، ويحتاج إلى مزيد من التوضيح ، وخصوصاً الرواية التي ذكرتموها ، هذه الرواية تحتاج إلى شرح وافي .

الجواب : إنّ الإنسان مخيّر وليس مسيّراً ، لأنّه يملك بصريح الوجدان والقرآن كامل حرّيّته في الاختيار ، ودليل حرّيته في الاختيار تردّده في الانتخاب ، ومسؤوليّته عن فعله ، وإحساسه بالندم والراحة عند انتخاب ما يصلح ، وما لا يصلح ، والوجدان أقوى شاهد على هذه الحقيقة ، هذا أوّلاً .

وثانياً : العقلاء يمدحون العادل والمحسن إلى الناس ، ويذمّون الظالم الجائر، والمسيء إلى الناس ، ولو لم يكن الإنسان هو الفاعل باختياره ، لما استحقّ المدح أو الذمّ .

وثالثاً : إنّ العقاب على الأعمال أكبر دليل على الاختيار ، قال الله تعالى : { وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } (2) .

____________

1- عيون أخبار الرضا 2 / 127 .

2- السجدة : 14 .


الصفحة 225


ثمّ إنّ القول باختيار الإنسان لا يتعارض مع القضاء والقدر ، الذي هو من الأُصول المسلّمة في الكتاب والسنّة ، وليس لمسلم واع أن ينكر واحداً منهما ، إلاّ أنّ المشكلة في توضيح ما يراد منهما ، فإنّه المزلقة الكبرى في هذا المقام ، ولأجل ذلك نذكر المعنى الصحيح لهذين اللفظين ، الذي يدعمه الكتاب ، وأحاديث العترة الطاهرة .

أمّا القدر : فالظاهر من موارد استعماله أنّه بمعنى الحدّ والمقدار ، وإليه تشير الآيات التالية :

1ـ قوله تعالى : { قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا } (1) .

2ـ قوله تعالى : { وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } (2) .

3ـ قوله تعالى : { وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } (3) .

وأمّا القضاء : فقد ذكروا له معاني كثيرة .

والظاهر أنّه ليس له إلاّ معنى واحد ، وما ذكر من المعاني كلّها مصاديق لمعنى واحد .

وأوّل من تنبّه لهذه الحقيقة ، هو اللغويّ المعروف أحمد بن فارس بن زكريا ، يقول : القضاء أصل صحيح يدلّ على إحكام أمر وإتقانه ، وإنفاذه لجهته ، قال الله تعالى : { فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ } (4) ، أي احكم خلقهن ... إلى أن قال : والقضاء الحكم ، قال الله سبحانه في ذكر من قال : { فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ } (5) ، أي اصنع وأحكِم ، ولذلك سمّي القاضي قاضياً ، لأنّه يُحكم الأحكام ويُنفذها .

____________

1- الطلاق : 3 .

2- المزمل : 20 .

3- الحجر : 21 .

4- فصّلت : 12 .

5- طه : 70 .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

هل منزلة الأئمة الأطهار أرفع منزلة من الأنبياء ...
السؤال : من المؤكّد أنّ العصمة الموعودة من الله ...
الخطبة الشقشقية
لماذا صار يوم عاشوراء اعظم الايام مصيبة
السؤال : هذه شبهة وردت في إحدى مواقع الوهّابية في ...
السؤال : هل توجد رواية في كتب أهل السنّة تبيّن ...
ما هو سرّ الخليقة وفلسفة الحياة؟!
السؤال : قال الإمام علي أمير المؤمنين : " أنا الذي ...
ان زيارة عاشورا المشهورة ( التي نقرأها جميعا ) هي ...
السؤال: إنّه ليحزّ في نفسي أن أجد مثل هذه الإجابة ...

 
user comment