عربي
Thursday 28th of March 2024
0
نفر 0

ارتباط البدن بالروح المجردة

ارتباط البدن بالروح المجردة :
المسألة الأخرى المطروحة هي أن حج مخ المرأة أو وزن مخها أقل من حجم و وزن مخ الرجل ، بناء على هذا فان الوزن الفكري الذي لدى الرجل ليس لدى المرأة ، لأن المخ هو أداة الفكر ، وإذا كانت الأداة ضعيفة ، فان الطاقة الفكرية ستكون ضعيفة .
إن هذا البيان رغم انه يبدو في الوهلة الأولى كاملاً ، ولكن بعد الدخول في فصل الإبحاث العقلية يتضح أنه رغم ان الإنسان لديه بدن وروح ، ولكن ليست الروح في قيد البدن .بل البدن هو في قيد الروح. البدن لا يبني الروح ، بل الروح تبني البدن . إذا صارت الروح قوية تستطيع بناء أداة قوية ، وإذا كانت الروح ضعيفة لا تستطيع بناء أداة قوية .
بيان المسألة هو أننا ليس لدينا أي عضو ثابت ، وذرة وخلية ثابتة في البدن ، ورغم أن من الممكن أن لا يتولى علم الطب ، أو الاقسام الأخرى للعلوم الطبيعية طرح هذه المسألة ، ولكن العلوم العقلية تتولى كاملاً هذا القسم ، وهو أن كل كائن مادي هو في حركة وتغير ، وتتبدل كل عدة سنوات جميع ذرات البدن ، والروح المجردة ثابتة والبدن المتحرك الذي هو متغير يظل مستقراً في ظل كائن مجرد ثابت .
عندما يصل الإنسان إلى سن الثمانين مثلا تتبدل جميع ذرات بدنه ثمان مرات على الأقل ، وتبديل هذه الذرات والأجزاء هو بعهدة الروح وإذا كانت الروح قوية تستطيع بتاء أجزاء بدن قوية ، وإذا كانت ضعيفة تبني ضعيفة ، وبناء على هذا المعيار وهو أن البدن ليس أمراً ثابتاً وهو في تحول وتغير دائما ، عند ذلك لا يمكن القول : إن هذا البدن كم يستطيع أن يبقى إذن ؟ لأنه عند ذلك ليس هناك هذا البدن وذلك البدن حتى يقال : إن لكل


(168)


بدن قابلية معينة ، البدن كما ذكر العلماء في النثر والنظم والأدب العرفاني هو مثل حوض يقع في وسط نهر جار ، إذا كان هناك نهر جاري في بيت شخص وحفر صاحب المنزل حوضاً في وسط منزله بحيث يمر هذا النهر من طرف ويخرج من طرف آخر ، فإن هذا الحوض يكون فيه ماء بشكل دائم ، ولكن صاحب المنزل الساذج يتصور ان هذا الماء هو نفسه الماء الذي كان في الحوض قبل عدة أيام أو عدة أشهر أو عدة سنوات ، فماء الحوض يتبدل كل لحظة ، ولكن هذا الشخص يتخيل أن هذا الماء في الحوض هو نفسه الماء الذي كان في الحوض أمس (1) .
إن الشخص الذي يرى صورته أو صورة القمر والنجوم في سطح نهر جار بهدوء يتصور ان هذا النهر الجاري هو مثل مرآة تبين الصورة الثابتة ، ويتخيل أنه رأى صورته الثابتة أو صورة القمر الثابتة في الماء الجاري ساعة ، بينما هذه الصورة تتغير كل لحظة ، ولكن لأنها تتغير بالتدريج وبصورة ظريفة فان مشاهدها يتصورها ثابتة . أن أعضاءنا في تغير وحركة كل لحظة .
الخلاصة هي أن الروح تبني البدن ، ولو كانت الروح مثل روح الإنسان الكامل الإمام ولي عصر عليه السلام ، فانها تستطيع المحافظة على بدنها ملايين السنين ، ولهذا فان هذا السؤال ليس مطروحاً عند أولي الألباب أساساً وهو كيف يعيش إنسان مليون أو مليوني سنة ؟ الآن مضى من عمر الإمام عليه السلام حوالي ألف ومائتي سنة ، ولو مرت ألف مليون سنة أيضاً . لا إشكال عند أصحاب العقول ، لأن البدن تبنيه الروح المجردة ، وليست في البدن أية ذرة ثابتة حتى يقول طبيب : إن هذه الذرة لا تستطيع المقاومة ، أو ان هذا العنصر لا يدوم أكثر من هذا ؛ لأنه ليس لدينا أساساً عنصر ثابت في البدن .
____________
(1) مثنوي مولوي .


(169)


قدرة الروح الإنسانية وقضية خيبر :
ذكر المرحوم الصدوق في كتاب الأمالي والمرحوم الطوسي وغيرهما من علماء الحديث والحكمة أن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال عندما قلع باب قلعة خيبر ورماها بعيداً :
« ما قلعت باب خيبر ورميت به خلف ظهري أربعين ذارعاً بقوة جسدية ولا حركة غذائية لكني أيدت بقوة ملكوتية ونفس بنور ربها مضيئة » (1) .

أنواع تلقي الكمالات :
الجواب الآخر هو أن جميع الكمالات لا تتعلق بالأفكار النظرية ، فأحياناً يفهم الإنسان جيداً ولكن مقروناً بالعنف ، إذا كان على صنفين ، قسم أعمالهم قوية هم الرجال ، وبعض أعمالهم دقيقة هم النساء ، كذلك الاسماء الإلهية على صنفين ، والإنسان يحصل على الكمالات عن طريقين ، بعض الكمالات عن طريق الحرب والقيام والكفاح ومحاربة الظلم ومظهر قوة وجلال الله ، وبعض عن طريق المحبة والرأفة والعاطفة وجمال ولطف الله . وإذا كان أحد هذين الصنفين أقوى في أقسام النظر والعنف والفكر ، فليس هذا دليلاً على أنه أقوى لمحبة والعاطفة في أقسام المحبة والعاطفة واللطف والرأفة والصفاء والصميمية والرقة .

القوة في أمر المحبة :
أحياناً يكون طريق العاطفة والمحبة والرحمة أكثر انجازاً للعمل من طريق القوة . الله تعالى يدير العالم على محور المحبة ، وكثير من آيات القرآن تعطي درس المحبة ، والمرأة تدرك طريق المحبة أفضل من الرجل ، رغم أن
____________
(1) بحار الأنوار ، ج 21 ، ص 26 .


(170)


من الممكن ان يدرك الرجل طريق القوة أفضل من المرأة ، الأحاديث والأشعار العرفانية والنثر والنظم والأدب العرفاني يؤثر في المرأة اكثر من الرجل وتأثير الآيات والكلام الحماسي والأحاديث والنثر والأدب الحماسي في الرجل أكثر ، وهذا نوع من تقسيم العمل .
وإذا بلغت المرأة إلى ذلك الكمال النهائي تستطيع موازنة القوى ، والرجل أيضاً إذا بلغ ذلك الكمال النهائي يستطيع موازنة القوى ، أما المتوسطين فانهم يستعينون بكل من الفروع الخاصة ـ من باب تقسيم الكمالات ـ إن فرع المحبة ليس أقل من فرع القوة ، بل يجب تعريف المحبة بقائد القوة ، والقوة مطلوبة عندما تدار تحت قيادة المحبة ، إن الله تعالى عندما يعتبر إبراهيم عليه السلام أبانا كلنا يذكره بعنوان خليل ويقول :
( واتخذ الله إبراهيم خليلاً ) (1) .
أي أنه يعطي درس ( الخلّة ) للأبناء ، كما جاء في القرآن الكريم :
( ملّة أبيكم إبراهيم ) (2) .
أي أن أباكم هذا هو خليل الرحمن وأنتم أبناء الخليل ، وابن الخليل يتعلم درس الخلّة ، المحبة ، الصداقة والصميمية ، كما أن إبراهيم عليه السلام قال :
( فمن تبعني فإنه مني ) (3) .
أي أنني أعطي درس الخلة ودرس الصفا والصميمية . رغم أني أصدرت أمر تحطيم الأصنام .
____________
(1) سورة النساء ، الآية : 125 .
(2) سورة الحج ، الآية : 78 .
(3) سورة إبراهيم ، الآية : 36 .


(171)


( فجعلهم جذاذاً إلا كبيراً لهم ) (1) .
أنتم أبناء الخليل ، ولا يمكن القول : إن الرجال هم أبناء الخليل أكثر من النساء ، ولعله يمكن القول ان تقدم النساء في مدرسة الخلة والمحبة والصفاء هو أكثر من الرجال . بناء على هذا فرغم أن من الممكن أن يفهم الرجال مناجاة غير المحبين أفضل من النساء ، ولكن مناجاة المحبين المروية عن الإمام السجاد عليه السلام تدركها النساء اللواتي من أهل السير والسلوك أفضل ؛ لأن روح العاطفة والرغبة والمحبة في هذا الصنف هي أكثر من الرجال ، أي أن المرأة المتوسطة تدرك مناجاة العارفين ومناجاة المحبين أفضل من الرجل المتوسط ، كما أن من الممكن ان يدرك الرجل بعض المناجاة الأخرى مثل مناجاة طلب الجهاد و « نسأل الله منازل الشهداء » (2) أفضل من المرأة ، وهذه المسألة تتعلق بكلا الصنفين ، وعندما يصلان إلى الكمال يكونان متساويين ومتشابهين .
الغرض هو انه حتى إذا كان بعض الاقسام البدنية والذرات المخية في بعض الأقسام ضعيفة ، فهي قوية في أقسام أخرى ، أي أن طريق العقل يمكن ان يختلف ، ولكن طريق القلب يختلف أيضاً من هذه الجهة ، لأن طريق القلب إذا لم يكن أقوى من طريق العقل ، فهو ليس أقل من طريق العقل ، ولا يمكن القول أبداً ان المرأة في طريق القلب ناجحة أقل من طريق الرجل ، وقد تحصل على نجاحات أفضل وأكثر ، غاية الأمر انه كما ان طريق العقل يجب انقاذه من لصوص الخيال والوهم ، حتى يستطيع العقل السيطرة على الوهم والخيال ، كذلك يجب انقاذ طريق القلب من المحبات العاطلة والباطلة التي هي لصوص حتى يقطع طريق المحبة صحيحاً ، طبعاً المحبة الصادقة وليس
____________
(1) سورة الأنبياء ، الآية : 58 .
(2) نهج البلاغة ، صبحي الصالح ، الخطبة 23 .


(172)


المحبة الكاذبة ، لأن المحبة الكاذبة قد تحل محل المحبة الصادقة . لكن الطريق مفتوح لكلا المجموعتين بشرط ان يتخلص الإنسان من شر قطاع الطرق .

أمة الحبيب :
الله تعالى جعلنا أمة الحبيب ، وعرّف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوصفه حبيب الله ، وقد عرفه الله تعالى بوصفه معلم المجتمعات البشرية وقال :
( ويعلمهم الكتاب والحكمة ) (1) .
أعطى النبي وصفاً ومنصباً ، المعلم هو لقب عام ، أما الوصف الذي يعطى لذلك المعلم ، فانه يحدد تعليمه وفرعه التدريسي ، أي أن الشخص الذي يعطي الدرس الرياضي هو معلم ، والشخص الذي يدرس الهندسة ، هو معلم ، والشخص الذي يدرس الطب ، هو معلم والشخص الذي يدرس الأدبيات هو معلم والشخص الذي يدرس الفقه والفلسفة والعرفان هو معلم ، ولكن هذا هو لقب عام لا يحدد فرعه التخصصي . ولكن إذا قيل : إن المهندس يدرس يعني يعطي درس هندسة . وإذا قيل الأديب يدرس ، يعني يعطي درس الأدبيات .
ورغم ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو معلم الكتاب والحكمة ، ولكن هذا التعليم هو لقب عام ، حيث ان جميع الأنبياء لديهم ذلك اللقب . اللقب الاختصاصي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي يبين فرعه التخصصي ، هو المحبة . فهو حبيب الله ، وعندما يقال : إن حبيب الله يدرس ، يعني يعطي درس المحبة ، وعندما يقال ان رسول الله هو معلمكم وحبيبكم يعني يعطي درس المحبة .
____________
(1) سورة البقرة ، الآية : 129 .


(173)


محبة الحق ومحبة الباطل :
كما ان القراءة قسمان : خطأ وصحيح ، والأديب الماهر هو الذي يسطيع تشخيص القراءة الخطأ من القراءة الصحيحة ، وكما ان العلاج قسمان : خطأ وباطل وصحيح وحق ، والطبيب الحاذق هو الذي يميز الخطأ من الصحيح ، وكذلك بقية الفروع التخصصية ، كذلك المحبة أيضاً ، هناك محبة باطلة ومحبة حقة ، عندما يكون الحبيب معلم الكتاب والحكمة ، يعطي درس المحبة ، وعمله هو ان يفصل المحبة الباطلة عن المحبة الحقة وعندما يفصل المحبة الباطلة عن المحبة الحقة فان الشخص الذي وعاء قبوله لمحبة أكثر من الآخرين سوف يكون في ذلك الصف التخصصي أكثر جدية في عمله من الآخرين ويعتبر حب الزوج والابن والمال أداة وليس طريق الكمال ، لذا يقول الله تعالى :
( تحبون العاجلة ) (1) ( وتحبون المال حباً جمّاً ) (2) .
يقول تعالى : إن هذه الأنواع من المحبة لا تدخل إلى قلوبكم وان هذه الأنواع من المحبة الصقوها بالطين وليس بالقلب ؛ لأنها أدوات عمل وإذا دخلت إلى القلب تستولي عليه .
بناء على هذا عندما يتعرف الإنسان على هذه العلوم ، يفهم أن المال هو شيء جيد ، ولكنه جيد للبدن ، الحيوان شيء جيد لكنه جيد للبدن ، لذا يصبح صاحب قلب ، وعند ذلك يصبح سائراً باتجاه كثير من أنواع المحبة الصادقة . فأنتم قليلاً ما تلاحظون دعاء ليس فيه درس محبة ، غاية الأمر ان المحبة من كثرة ما هي مليحة ولطيفة ورقيقة لا تقال للجميع وفي كل مكان ،
____________
(1) سورة القيامة ، الآية : 20 .
(2) سورة الفجر ، الآية : 20 .


(174)


ولا تقرا في أذان الجميع ، لان تشخيص المحبة الصادقة من المحبة الكاذبة ، هو عمل الناس العقلاء .
في دعاء كميل تلاحظون انه عندما تمت تصفية الماضي والمستقبل وطهر الإنسان نفسه وطلب المغفرة وغفرت جميع ذنوبه ، عند ذلك يدعو الله :
« واجعل قلبي بحبك متيماً » (1) .
وجملة ( قلبي بحبك متيماً ) هذه هي ( واسطة العقد ) لدعاء كميل ، وتعدّ من غرر جمل دعاء كميل ، أو عندما تقرؤون دعاء أبي حمزة الثمالي في أسحار شهر رمضان ، يقول هذه الجملة :
( اللهم املأ قلبي حباً لك وخشية منك و ... شوقاً إليك ) (2) .
عندما يتضح لماذا يقول الإمام السجاد عليه السلام في بداية مناجاة المحبين :
( من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام منك بدلاً ، ومن الذي آنس بقربك فابتغى عنك حولاً ) (3) . درس المحبة هذا ، يعطيه لنا ذلك الحبيب ، وذلك الحبيب ، هو معلم الكتاب والحكمة ، ولكن لمن يعطي درس المحبة ؟ درس المحبة هذا ، لا يفيد الأشخاص القساة والمتظاهرين بالقوة ، هنا يشترى القلب المنكر والبدن المتعب ، وإذا استطاع شخص ان يكون أكثر رقة في قسم القلب ، يؤثر فيه كلام المحبة أكثر ويجب عدم القول انه لأن وزن مخ المرأة أو حجم مخ المراة هو أقل ، فإنها أكثر تأخراً عن الرجل في طريق
____________
(1) دعاء كميل ، مفاتيح الجنان .
(2) دعاء أبي حمزة الثمالي ، مفاتيح الجنان .
(3) مناجاة المحبين ، مفاتيح الجنان .


(175)


السير والسلوك أو في طريق الكمال الإنساني وبقية الطرق الإلهية ، إن طريق القلب إذا لم يكن أقوى من طريق العقل فهو بمستواه ، وطريق القلب يتطلب رقة ومحبة وعاطفة ، وأمثال ذلك ، فالشخص الذي يبكي متأخراً قليلاً ما ينجح في درس المحبة ، والشخص البكاء هو أكثر رقة في القلب ، وإذا استطاع فصل العاطفة الحيوانية عن المحبة الإنسانية ، ودخل إلى حدود المحبة وتخلص من شر ضعف النفس ولم يضع ضعف النفس بدل الرأفة خطأ ، عند ذلك يصبح الطريق ممهداً له لدخول درس المحبة ، ويستطيع كل منهم أن يكون مظهر اسم من أسماء الله . غاية الأمر إن مجموعة بذلك الشكل ومجموعة بهذا الشكل ، حتى يصلوا إلى ذلك المقام الرفيع حيث الكلام هناك هو عن توازن الاسماء وليس ترجيح اسم على اسم آخر . الإنسان الذي يصل إلى مظهر الاسم الأعظم لديه جميع الاسماء متساوية ، فهو يصل إلى العدالة الكبرى ، وفي العدالة الكبرى كل القوى متوازنة .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

طرق الكسب المشروع
الرجل والمرأة في المجتمع
ليالي القدر ليالي التقدير والإبرام والإمضاء
تفسير آية الوضوء
النظر إلى الحبيب يخفف الألم
الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
ما يحتاجه الطفل بعد الولادة
الظواهري: البغدادي كذّاب؛ خالف اوامرنا بعدم ...
لماذا تتغير المرأة بعد الزواج ؟
ثمان وثمانون وصية في التربية

 
user comment