ما ورد عن ابن الحنفيّة في أبي بكر وعمر ضعيف :
السؤال : لقد فادني موقعكم في أمر ديننا ودنيانا كثيراً .
هناك حديث يردّده دائماً السلفيّون وهو : أنّ محمّد بن الحنفيّة سأل أمير المؤمنين عن من هو أفضل بعد النبيّ ، فقال : ( أبو بكر وعمر ) ، ثمّ قال : ( أنا واحد من المسلمين ... ) .
وأنّه (عليه السلام) كان يجلد كلّ من قال : إنّ عليّاً أفضل من ابن الخطّاب وابن أبي قحافة ... ، ولكن العقل السليم يرفض هذا الحديث ، لأنـّه لا يمكن لأبي بكر وعمر مغتصبي الخلافة ، ومغتصبي حقّ الزهراء (عليها السلام)، أن يكونا أفضل من علي (عليه السلام) ، وأن يدخلا الجنّة كأنّهما لم يفعلا شيئاً ، وإنّي سمعت أنّ هذا الحديث افتراه ابن تيمية ، فما تقولون في هذا الحديث وصحّته ؟ الرجاء إفادتي .
____________
1- مسند أحمد 3 / 393 ، صحيح البخاريّ 4 / 160 و 6 / 66 ، صحيح مسلم 8 / 19 .
|
الصفحة 428 |
|
الجواب : نلخّص الإجابة بنقاط :
1ـ ما ورد في كتب أهل السنّة ليس بحجّة علينا ، وإلاّ كانت رواياتنا حجّة عليهم أيضاً .
2ـ إنّ السلفيّين يدعون تواتر مضمون هذا الحديث ، وقد يكون تبعاً لمجمل كلام ابن تيمية ، فإنّ له عدّة عبارات في كتبه غير منضبطة المعنى ، ولكن إدعاء تواتره دعوى بلا دليل ، ويعجزون عن إثباتها قطعاً ، وإنّما هي حجّة لإحراج الشيعيّ ، لا تصمد أمام النقد والاستقصاء .
3ـ هذه الرواية عن ابن الحنفيّة وردت في البخاريّ (1) وهي ضعيفة السند ، إذ فيه محمّد بن كثير العبدي ، قال فيه ابن معين : ( لم يكن بثقة ) (2) ، وفيه سفيان الثوري ، وكان يدلّس عن الضعفاء (3) .
( كرّار أحمد المصطفى . الكويت . 19 سنة . طالب جامعة ومبلّغ دين )
عدم مشاركة الأئمّة في فتوحاتهم :
السؤال : هل كان أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) يقومون بفتح الدول تحت لواء مغتصبي الخلافة ؟ فمثلاً هل قام الإمام الحسن (عليه السلام) بحركات فتح لدول غير إسلامية تحت إمرة أحد ولاة عمر أو أبي بكر ؟
وإذا كان ذلك صحيحاً ألا يعتبر ذلك إضفاء نوع من الشرعيّة على خلافة هؤلاء ؟ وماذا عن نشر الدين الإسلاميّ بصورة مبتورة ؟ فهم بذلك يفتحون الدول تحت اسم إسلام ناقص من مفهوم الإمامة ؟
الجواب : ورد في بعض كتب السير والتاريخ ما يشير إلى هذا الموضوع ،
____________
1- صحيح البخاريّ 4 / 195 .
2- مقدمة فتح الباري : 441 .
3- الجرح والتعديل 4 / 225 ، مسند ابن الجعد : 279 .
|
الصفحة 429 |
|
ولكن بطرق غير سليمة ، إمّا لعدم وجود السند ، وإمّا لضعفه ، فلا يثبت منه حتّى مورد واحد لكي يحتجّ به .
على أنّنا نجد عدم ذكر الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الفتوحات !! وهو الأحرى أن يكون قائداً لها ، أو مشاركاً فيها على الأقل .
مضافاً إلى أنّ أئمّة الحقّ (عليهم السلام) كانوا لا يرون في الاشتراك في هذه الحروب مصلحة ، بل لا يرون نفس تلك الحروب خيراً ، فقد روي أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) قال لعبد الملك بن عمرو : ( يا عبد الملك مالي لا أراك تخرج إلى هذه المواضع التي يخرج إليها أهل بلادك ) ؟ قال : قلت : وأين ؟
قال : ( جدّة ، وعبّادان ، والمصيصة ، وقزوين ) ، فقلت : انتظاراً لأمركم ، والاقتداء بكم ، فقال : ( إي والله ، لو كان خيراً ما سبقونا إليه ) (1) .
وثمّة عدّة روايات أُخرى تدلّ على أنّهم (عليهم السلام) كانوا لا يشّجعون شيعتهم ، بل ويمنعونهم من الاشتراك في تلك الحروب .
وهل هذا كلّه ينسجم مع ما ذكرته تلك الكتب من مشاركتهم في الحروب ؟!
وأخيراً : جاء في بعض الكتب أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) قد اشترك في فتح جرجان ، وهذا إن ثبت فإنّه يحمل على كونه أيّام خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، كما صرّح به بعضهم وقال : ( فإن ثبت هذا يدلّ على أنّه كان في أيّام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ) (2) .
( غانم فرحان . الكويت . 30 سنة . دبلوم )
تعامل أبي بكر وعمر مع الأحداث :
السؤال : كثيراً ما يحتجّ البعض حول مسألة الفتوحات الإسلاميّة في عهد أبي
____________
1- الكافي 5 / 19 ، التهذيب 6 / 126 .
2- تاريخ جرجان : 48 .
|
الصفحة 430 |
|
بكر وعمر ، بأنّها انتصار ودليل على حسن القيادة في ذلك الوقت ووحدة المسلمين ، ولو أخذنا الموضوع بشكل سطحي ، قد يتبادر إلينا أنّ هذا الاعتقاد صحيح ؟
لكن بالمقابل وعند قراءة التاريخ الإسلاميّ والتمعّن فيه ، لا يذكر لهذه الوحدة بشيء ، ولم يتطرّق إلاّ للمشاكل والفتن في عهد الخلفاء الثلاثة ، فكيف يمكن أن نوفّق بين الفتوحات والمشاكل والفتن في ذلك الزمن ؟ مع الشكر الجزيل .
الجواب : إنّ المراحل الأُولى من الخلافة كانت مرحلة استقرار سياسي بالنسبة للخلفاء ، فلم يكن أحد يعارض أبا بكر وعمر على الخلافة ، بعدما أظهرا من القسوة والغلظة الشديدة مع الخصوم ، وهذا ما يعبّر عنه بالوحدة التي حصلت تحت سطوة سيف الخليفة ودرّة عمر ، فصار لهما المجال لتوسيع النفوذ على المناطق المجاورة للدولة الإسلاميّة .
يقول الكاتب المصري سعيد أيوب : ( ولولا غلظة عمر في التعامل مع بعض رؤوس القوم ، لوجد أعداء الدولة لهم ثغرات يعملون فيها على انقراض الإسلام بصورة من الصور ، ولكن عمر وهو المشهور بالتصدّي لهم ، وعلى سبيل المثال فعمر هو القائل في سعد بن عبادة ـ وهو رئيس الأنصار وسيّدها ـ : اقتلوا سعداً قتل الله سعداً .
وعمر هو الذي شتم أبا هريرة ، وعمر هو الذي خوّن عمرو بن العاص ، ونسب إليه سرقة مال الفيء ، وعمر شتم خالد بن الوليد وطعن في دينه ، وحكم بفسقه وبوجوب قتله ، فسرعة عمر إلى محاسبة البعض جعلت البعض الآخر يعيش يومه ) (1) .
نعم كانت في بداية خلافة أبي بكر وقائع ، استخدم معهم أبو بكر السيف ،
____________
1- معالم الفتن 1 / 393 .
|
الصفحة 431 |
|
حتّى استتب له أمر الخلافة ، فجهّز الجيوش للفتوحات .
( أحمد . البحرين . 29 سنة . ماجستير )
السؤال : يقولون أنّ الإمام الخميني قد سبّ الشيخين في كتابه كشف الأسرار، حيث قال : ( ولا شغل لنا الآن مع الشيخين ، ومع مخالفتهما للقرآن ، وتلاعبهما بأحكام الله ، والتحليل والتحريم من أنفسهم ، والظلامات التي ألحقوها بفاطمة بنت النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وجهلهما بأحكام الله ، … وأمثال هؤلاء الأشخاص من الجهّال الظالمين لا يليقون بالإمامة ، وليسوا بأولي الأمر ) (1) .
كيف يمكن الردّ على مثل هذه الأقاويل ، جزاكم الله خير الجزاء عن أهل البيت .
الجواب : مسألة سبّ السيّد الخميني (قدس سره) للشيخين ، فإنّ قوله فيهم ليس من السبّ والشتم ، وإنّما هو في مقام نقد رجال يتصدّون لمواقع الإمامة والقيادة ، وهنا ليس هو جائزاً فحسب ، وإنّما الواجب على العالم بعدم استحقاق من يتصدّى لذلك أن يبيّن للناس الواقع والحقّ ، ولا حرج منه أبداً كما يفعل علماء الجرح والتعديل ، مثلاً وكما قال ابن سيرين : ( هذا الحديث دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم ) (2) .
وهذا الأمر لا ينفرد به السيّد الخميني ، بل نقل مسلم في صحيحه عن الإمام علي (عليه السلام) بأنّه نسب ذلك وأكثر لأبي بكر وعمر ، فقال على لسان عمر : ( فرأيتماه ـ أي أنت يا علي والعباس ـ كاذباً آثماً غادراً خائناً ، والله يعلم إنّه لصادق بار راشد تابع للحقّ ، ثمّ توفّي أبو بكر ، وأنا ولي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ،
____________
1- كشف الأسرار : 119 .
2- فيض القدير 6 / 497 ، الجرح والتعديل 2 / 15 .
|
الصفحة 432 |
|
وولي أبي بكر ، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً ، والله يعلم أنّي لصادق بار راشد تابع للحقّ ... ) (1) .
____________
1- صحيح مسلم 5 / 152 .
|
الصفحة 433 |
|
( رؤوف . السعودية . 27 سنة . طالب )
لا منافاة بين علمه تعالى وبين خلقه :
السؤال : إذا كان الله تعالى يعلم من سيدخل النار فلماذا خلقه ؟ هل ينسجم هذا مع الرحمة الإلهيّة ؟
الجواب : إنّ الله تعالى يعلم من سيدخل النار ، ومن سيدخل الجنّة بلا شك في ذلك ، إلاّ أنّه لا منافاة ولا تعارض بين علمه تعالى وبين خلقه ، فعلمه لا يعني إجبار الإنسان أن يدخل النار ، فهو خلقه وترك له الاختيار للصلاح والطاعة { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } (1) .
فالله تعالى قد خلق خلقه ، وأوضح لهم سبل الهداية ، وترك لهم الاختيار ، فإمّا الطاعة وإمّا المعصية ، وهذا لا ينافي علمه تعالى في خلقه ، وعلمه تعالى لا يؤثّر في طاعة المطيع ، ولا في معصية العاصي .
( كميل . عمان . 22 سنة . طالب جامعة )
العلم الإلهيّ لا يولّد وظيفة قط :
السؤال : يراودني سؤال هو : إذا كان الله تعالى يعلم بأنّ فلان في النار ، فلماذا أوجده ؟ وما هي العلّة من خلق المعذّبين في النار ؟
الجواب : فملّخص القول في المقام هو : أنّ العلم الإلهيّ لا يتولّد منه وظيفة
____________
1- الإنسان : 3 .
|
الصفحة 434 |
|
عملية ، أي أنّه لا يكون علّة تشريعيّة لأفعال العباد ، وعليه فلا جبر من جانبه تعالى ، بل إنّ الناس في سعةٍ واختيار ، بالنسبة لتكاليفهم وقراراتهم الشخصية .
نعم ، إنّ الله تعالى ومن منطلق علمه الذاتيّ ، يعلم بما يؤول إليه أفعال الإنسان ، وهذا أمر آخر لا يفرض تلك الأفعال على الإنسان ، فالأفعال التي تصدر منه تكون اختيارية ، وإن كان معلوماً مسبقاً في علم الله تعالى .
وأمّا علّة خلق المعذّبين بالنار ، فهو في الحقيقة التساؤل عن حكمة مطلق الخلق والوجود ، والجواب هو : القول بالتفضّل الإلهيّ ، إذ إنّ الوجود ـ في مقابل العدم ـ فضل وميزة بلا كلام ونقاش ، وأمّا الخصوصيّات الأُخرى ـ مثل معصية الإنسان التي توجب النار وغيرها ـ خارجة عن حكمة أصل الوجود ، بل إنّها من صفات عمل الفرد .
( محمّد إبراهيم الإبراهيم . الكويت . ... )