في مراقد الأئمّة :
السؤال : يقول مخالفوا أهل البيت : بأنّ الشيعة مشركون ؛ لأنّهم يدعون من غير الله ، ويطلبون حوائجهم من أئمّتهم ، فما هو الجواب ؟
الجواب : إنّ الدعاء في مراقد أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ، وطلب قضاء الحاجة منهم ، يتصوّر على نحوين :
1ـ تارة نطلب من الله بحقّهم (عليهم السلام) أن يقضي حوائجنا .
2ـ وتارة نطلب من الإمام (عليه السلام) أن يطلب من الله قضاء حوائجنا .
قال الله تعالى في كتابه الكريم : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ
|
الصفحة 493 |
|
فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا } (1) .
وقال تعالى حكاية عن أولاد يعقوب (عليه السلام) : { قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (2) .
وربما قائل يقول : إنّ هذا جائز في حال الحياة ، أمّا بعد الممات فلا ، لكونه شركاً بالله تعالى .
فيقال : إنّ الشيء لا ينقلب عمّا هو عليه ، وإذا كان جائزاً فلا فرق سواء كان في حياته أو بعد مماته ، إذ أنّ النبيّ أتاه الله الدرجة الرفيعة ، وهو الوسيلة إلى الله في الدنيا والآخرة ، فلا بدع لو توسّل به المؤمن في كلّ يوم وقال : يا وجيهاً عند الله اشفع لنا عند الله .
وروي عن عثمان بن حنيف أنّه قال : ( أنّ رجلاً ضريراً أتى النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال : أدع الله أن يعافيني ، فقال (صلى الله عليه وآله) : ( إن شئتَ دعوتُ لك ، وإن شئتَ أخّرت ذاك فهو خير ) ، قال : فادعه ، فأمره (صلى الله عليه وآله) أن يتوضّأ فيحسن وضوءه ويصلّي ركعتين ، ويدعو بهذا الدعاء : ( اللهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك نبيّ الرحمة ، يا محمّد إنّي أتوجّه بك إلى ربّي في حاجتي هذه فتُقضى لي ، اللهم شفّعه فيّ ) .
قال ابن حنيف : فو الله ما تفرّقنا وطال بنا الحديث ، حتّى دخل علينا كأن لم يكن به ضرر ) (3) .
وقال الرفاعي الوهابيّ المعاصر : ( لاشكّ أنّ هذا الحديث صحيح ومشهور ، وقد ثبت فيه بلا شكّ ولا ريب ارتداد بصر الأعمى بدعاء رسول الله ) .
وروي عن عمر بن الخطّاب ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : ( لمّا اقترف آدم
____________
1- النساء : 64 .
2- يوسف : 97 ـ 98 .
3- مسند أحمد 4 / 138 ، المستدرك 1 / 313 و 519 و 526 ، السنن الكبرى للنسائيّ 6 / 169 ، صحيح ابن خزيمة 2 / 226 ، العهود المحمّدية : 112 ، تاريخ مدينة دمشق 6 / 24 ، تهذيب الكمال 19 / 359 ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى 1 / 322 ، دفع الشبه عن الرسول : 149 .
|
الصفحة 494 |
|
الخطيئة قال : يا ربّ أسألك بحقّ محمّد لما غفرت لي ... ) (1) .
هذا ، وقد جرت سيرة المسلمين في حياة النبيّ وبعد وفاته (صلى الله عليه وآله) على التوسّل به وبالأولياء الصالحين (عليهم السلام) ، والاستشفاع بمنزلتهم وجاههم عند الله تعالى .
( ... . البحرين . ... )
يستحبّ بالخاتم العقيق أو الفيروزج :
السؤال : يستحبّ في الدعاء لبس خاتم من عقيق أو من فيروزج ، وذلك لقول الإمام الصادق (عليه السلام) : ( ما رُفِعَت كفٌّ إلى الله عزّ وجلّ أحبُّ إليه من كفٍّ فيها عقيق ) (2) .
ولقوله (عليه السلام) : ( قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : قال الله سبحانه : إنّي لأستحي من عبدٍ يرفع يدَه وفيها خاتم فيروزج فأَرُدَّهَا خائبة ) (3) .
السؤال : ما هو السرّ في هذا الحجر الذي يستحبّ أن يُدعى به ؟
الجواب : إنّ جميع الأحكام الشرعيّة ومنها المستحبّة لا يستطيع الفقهاء إدراك العلل الواقعية لها ، إذا لم يكن مصرّحاً بها عن النبيّ وآله (عليهم السلام) ، وقد وردت الروايات الكثيرة التي تحبّذ التختّم بالعقيق والفيروزج وغيرهما ، والفقهاء تبعاً لتلك الروايات يفتون باستحباب التختّم بالعقيق والفيروزج .
وما ورد عنهم (عليه السلام) من صفات هذه الأحجار الكريمة ، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) : ( يا علي تختم فإنّها فضيلة من الله عزّ وجلّ للمقرّبين ) ، قال : ( بم أتختم يا رسول الله ) ؟ قال : ( بالعقيق الأحمر فإنّه أوّل جبل أقرّ لله تعالى بالربوبية ، ولي بالنبوّة ، ولك بالوصية ، ولولدك بالإمامة ، ولشيعتك
____________
1- المستدرك 2 / 615 ، كنز العمّال 11 / 455 ، تاريخ مدينة دمشق 7 / 437 ، البداية والنهاية 1 / 91 و 2 / 393 ، السيرة النبويّة لابن كثير 1 / 320 ، دفع الشبه عن الرسول : 137 ، سبل الهدى والرشاد 1 / 85 و 12 / 403 ، الدرّ المنثور 1 / 58 .
2- ثواب الأعمال : 174 .
3- بحار الأنوار 90 / 321 .
|
الصفحة 495 |
|
بالجنّة ، ولأعدائك بالنار ) (1) .
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال : ( تختّموا بالعقيق ... وهو الجبل الذي كلّم الله عزّ وجلّ عليه موسى تكليماً ) (2) .
وعن بشير الدهّان قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : جعلت فداك ، أيّ الفصوص أفضل أركبه على خاتمي ؟ فقال : ( يا بشير ، أين أنت عن العقيق الأحمر ، والعقيق الأصفر ، والعقيق الأبيض ، فإنّها ثلاثة جبال في الجنّة .
فأمّا الأحمر فمطلّ على دار رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأمّا الأصفر فمطلّ على دار فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، وأمّا الأبيض فمطلّ على دار أمير المؤمنين (عليه السلام) ، والدور كلّها واحدة ... .
وإنّ هذه الجبال تسبّح الله وتقدّسه وتمجّده ، وتستغفر لمحبّي آل محمّد (عليهم السلام) ... ) (3) .
وأنّ الولاية عرضت على الجبال ، فأوّل جبال أقرّت بذلك ثلاثة جبال : العقيق ، وجبل الفيروزج ، وجبل الياقوت ، فلعلّ هذه الصفات أعطت ميزة لهذه الأحجار على غيرها .
فخصّها الله بخصائص ، وضّحها لنا الأئمّة المعصومون (عليهم السلام) ، ومن تلك الخصائص استجابة الدعاء لمن يتختّم بها حال الدعاء ، والأمر كلّه راجع إلى الأُمور الغيبية التي نأخذها من الروايات ، ولم يستطع العقل البشري لحدّ الآن من الولوج في هذا المضمار .
____________
1- من لا يحضره الفقيه 4 / 374 .
2- مكارم الأخلاق : 87 .
3- الأمالي للشيخ الطوسيّ : 38 .
|
الصفحة 496 |
|
( زيد . ... . ... )
السؤال : تحية عطرة إلى كلّ العامليّن بهذا الموقع الرائع .
أودّ من سماحتكم الإجابة على هذا السؤال : ما الغاية من تكرار الدعاء نفسه في عدّة فترات ، مع أنّ الله تعالى يسمع ، وفّقكم الله تعالى في خدمة أهل البيت (عليهم السلام) .
الجواب : ورد في كثير من الأحاديث استحباب الإلحاح في الدعاء ، الذي هو عبارة عن تكراره ، ويمكن أن يقال في تفسير الإلحاح في الدعاء عدّة أُمور :
أوّلاً : أنّ الدعاء هو نوع من الرابط الروحي بين العبد وربّه ، وكلّما تكرّر الدعاء وصار فيه نوع من الإلحاح ، كلّما زاد هذا الرابط بين العبد وربّه .
ثانياً : أنّ الدعاء هو نوع من ترويض النفس على طاعة ربّ العالمين والاجتناب عن معاصيه ، وفي تكراره والإلحاح فيه وصول بالنفس إلى أن تكون لها ملكة الطاعة ، والبعد عن المعصية .
ثالثاً : ذكرت عدّة شروط لاستجابة الدعاء ، فإذا لم تتحقّق شروط الاستجابة لم يستجب الدعاء ، فعلى العبد أن يكرّر الدعاء ويلحّ فيه ، لعلّ دعاءه تتحقّق فيه شروط الاستجابة التي من أهمّها صفاء النيّة والإخلاص ورقّة القلب .
|
الصفحة 497 |
|
( سيف الإسلام . السعودية . سنّي )
السؤال : هل يجوز الذبح للقبور ؟
الجواب : لا يجوز عندنا الذبح للقبور ، كما لا يجوّزه أحد من المسلمين .
وأمّا الذبح لله تعالى عند القبور ـ لوفاء نذر وشبهه ـ فهذا جائز ، وليس فيه محذور ، لأنّ الذبح حصل لله تعالى ، فلا يحصل الخلط بين المسألتين .
وكذلك يأتي الفرق بين من تقرّب للقبر ونحوه ، وبين من تقرّب لله عزّ وجلّ في مسجد ، أو عند قبر نبيّ من الأنبياء (عليهم السلام) ، أو ولي من الأولياء ، فهو تقرّب لله عزّ وجلّ في أماكن يحبّ الله أن يتقرّب له فيها .
( إبراهيم . الكويت . ... )
السؤال : بارك الله فيكم ، يقال : لا يجوز أكل طعام الحسين الذي يصنع ويوزّع في المساجد والحسينيات عندنا ، فكيف ذلك والناس تأكل منه ؟
الجواب : الطعام الذي يصنع ويوزّع في المناسبات الدينية ـ كإحياء مجالس أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) ـ جائز وليس بمحرّم ، بل أكثر من هذا الناس تأكله بنية الشفاء والعافية ، باعتبار أنّه طعام منسوب إلى الإمام الحسين (عليه السلام) ، فيتبرّكون به .
والذي يقول بحرمته وعدم جواز أكله حصل له تصوّر خاطئ ، إن لم نقل جهل بالحكم الشرعيّ ، فتصوّر أنّ الطعام الذي يعطى باسم الحسين (عليه السلام)
|
الصفحة 498 |
|
مصنوع من لحم مذبوح لغير الله تعالى ، لأنّه مذبوح للحسين (عليه السلام) ، وكلّ مذبوح لغير الله تعالى لا يجوز أكله ، بل أكله محرّم .
والواقع والحقيقة أنّ المذبوح ذبح لله تعالى وبالطريقة الشرعيّة الجائزة ، من التسمية عليه واستقبال القبلة ، ولكن باسم الإمام الحسين (عليه السلام) أيّ لأجل الحسين (عليه السلام) ، كما نذبح الذبيحة لقدوم الحاج ، فهو ذبح لله ، وهكذا ذبح الذبيحة لشراء بيت ، أو لمولود جديد كما في العقيقة ، فهذا كلّه لله تعالى جائز أكله ، ولا نقصد منه التقرّب به لغير الله .
( ... . السعودية . 27 سنة )