عربي
Sunday 24th of November 2024
0
نفر 0

السؤال : لماذا تكفّرنا الوهابيّة عند ذبحنا الأضحية عند قبور الأئمّة (عليهم السلام) ؟

شرك عند الوهابيّة :

السؤال : لماذا تكفّرنا الوهابيّة عند ذبحنا الأضحية عند قبور الأئمّة (عليهم السلام) ؟ وفّقكم الله لكلّ خير ، وشكراً .

الجواب : لقد كفّر الوهابيّة المسلمين ، ونسبوهم إلى الشرك ، بزعمهم : أنّهم يذبحون وينحرون للأموات والقبور ، ويقرّبون لها القرابين ، وأنّ ذلك كالذبح والنحر للأصنام ، الذي كانت تفعله أهل الجاهلية الموجب للشرك .

ونقول : النحر والذبح قد يضاف لله تعالى ، فيقال : ذبح لله ونحر لله ، ومعناه : أنّه نحر لوجهه تعالى امتثالاً لأمره ، وتقرّباً إليه ، كما في الأضحية بمنى وغيرها ، والفداء في الإحرام ، والعقيقة وغير ذلك ، وهذا يدخل في عبادته تعالى .

وقد يضاف إلى المخلوق ، فيقال : ذبحت الدجاجة للمريض ، أو ذبحت الشاة للضيف ، وهذا لا محذور فيه .

وأمّا النوع الذي لا يجوز أو يعدّ شركاً هو ما يضاف إلى المخلوق بقصد التقرّب إليه ، كما يتقرّب إلى الله طلباً للخير من المخلوق ، مع كون هذا المخلوق حجراً وجماداً لا يضرّ ولا ينفع ، ولا يعقل ولا يسمع ، سواء كان


الصفحة 499


تمثالاً لنبيّ أو شخص صالح أو غير ذلك ، ويذكر اسم المخلوق على المنحور والمذبوح ، ويعرض عن اسم الله تعالى ، فيجعله نظيراً لله تعالى وندّاً له ، ويطلى بدم المنحور أو المذبوح قصد التقرّب إليه ، مع كون ذلك عبثاً ولغواً نهى عنه الله تعالى ، كما كان يفعل المشركون مع أصنامهم ، وهذا قبيح منكر بل شرك وكفر ، سواء سمّي عبادة أو لا .

وهذا ما توهّم الوهابيّة أنّ المسلمين يفعلون مثله للأنبياء والأوصياء والصلحاء ، فينحرون ويذبحون لهم عند مشاهدهم أو غيرها ، ويقرّبون لهم القرابين كما كان عبدة الأصنام والأوثان يفعلون ذلك بأصنامهم وأوثانهم ، وهو توهّم فاسد .

فإنّ ما يفعله المسلمون لا يخرج عن الذبح والنحر لله تعالى ؛ لأنّه يقصد إنّي أذبح هذا في سبيل الله لأتصدّق بلحمه وجلده على الفقراء مثلاً ، وأهدي ثواب ذلك لصاحب المشهد .

والذبح الذي يقصد به هذا ، يكون راجحاً وطاعةً لله تعالى وعبادة له ، سواء أهدي ثواب ذلك لنبيّ أو وليّ ، أو أب أو أُمّ ، أو أيّ شخص من سائر الناس ، ونظيره من يقصد إنّي أطحن هذه الحنطة لأعجنها وأخبزها وأتصدّق بخبزها على الفقراء ، وأهدي ثواب ذلك لأبوي ، فأفعاله هذه كلّها طاعة وعبادة لله تعالى لا لأبويه .

ولا يقصد أحد من المسلمين بالذبح لنبيّ أو غيره ما كانت تقصده عبدة الأوثان من التقرّب إليها بالذبح لها ، ولا يفعل ما كانت تفعله من ذكر اسمها على الذبيحة والإهلال بها لغير الله ، وطليها بدمها مع نهي الله تعالى لهم عن ذلك ، ولو ذكر أحد من المسلمين اسم نبيّ أو غيره على الذبيحة لكان ذلك عندهم منكراً وحرّمت الذبيحة .

فليس الذبح لهم بل عنهم ، بمعنى أنّه عمل يهدى ثوابه إليهم ، كسائر أعمال الخير ، أو لهم باعتبار ثوابه ، ولذلك لا ينافيه قولهم : ذبحت لفلان ، أو أُريد


الصفحة 500


أن أذبح لفلان ، أو عندي ذبيحة لفلان ، لو فرض وقوعه ، فالمقصود في الكلّ كونها له باعتبار الثواب ، وهذا كما يقال : ذبحت للضيف أو للمريض أو نحو ذلك .

والحاصل : أنّ المسلمين لا يقصدون من الذبح للنبيّ أو الولي غير إهداء الثواب ، أمّا العارفون منهم ، فحالهم واضح في أنّهم لا يقصدون غير ذلك ، وأمّا الجهّال فإنّما يقصدون ما يقصد عرفاؤهم ولو إجمالاً ، حتّى لو فرض وقوع إضافة الذبح إلى النبيّ أو الولي ، فليس المقصود إلاّ كون ثوابها له ، لا يشكّ في ذلك إلاّ معاند .

ولو سألنا عارفاً أو عامّياً أيّاً كان : هل مرادك الذبح لصاحب المشهد تقرّباً إليه ، كما كان المشركون يذبحون لأصنامهم ؟ أو مرادك إهداء الثواب له ؟ لقال : معاذ الله أن أقصد غير إهداء الثواب ، ولو فرضنا أنّنا شككنا في قصده أو خفي علينا وجه فعله ، لما جاز لنا أن نحمله إلاّ على الوجه الصحيح ، لوجوب حمل أفعال المسلمين وأقوالهم على الصحّة حتّى يعلم الفساد ، ولم يجز لنا أن ننسبه إلى الشرك ، ونستبيح دمه وماله وعرضه بمجرّد ظنّنا أنّ قصده الذبح لها كالذبح للأصنام .


الصفحة 501


رؤية الله تعالى :

( المستجير بالله . السعودية . ... )

ممكنة بالرؤية القلبية :

السؤال : كيف يرى الله بالرؤية القلبية ؟ لقول أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( ويلك ما كنت أعبد ربّاً لم أره ) (1) .

الجواب : إنّ الرؤية على قسمين : رؤية مادّية حسّية بصرية ، ورؤية معنوية قلبية عقلية .

أمّا بالنسبة إلى القسم الأوّل : فالله تعالى منزّه عن الرؤية المادّية الحسّية البصرية ، لقوله تعالى : { لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ ... } (2) ، ولقوله تعالى لموسى (عليه السلام) : { ... لَن تَرَانِي ... } (3) ، ولقول أمير المؤمنين (عليه السلام) لذعلب اليماني : ( لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ) (4) ، يعني : أنّ رؤيته ليست بالعين وبمشاهدة القوّة البصرية الجسمانية ، فإنّ هذه غير جائزة على الله تعالى ، لما يستلزمه من الجسمية والمكانية والجهتية وغيرها ، والله تعالى منزّه عن ذلك لقوله : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } (5) .

وأمّا بالنسبة إلى القسم الثاني : وهو الرؤية المعنوية القلبية العقلية ، وهي

____________

1- الكافي 1 / 98 .

2- الأنعام : 103 .

3- الأعراف : 143 .

4- شرح نهج البلاغة 10 / 64 .

5- الشورى : 11 .


الصفحة 502


أن ينتقل بنا العقل من معلوم إلى مجهول ، ومن شاهد محسوس إلى شاهد غائب .

فلقد رأت العيون الخلق ، وحكم العقل وجزم بوجود الخالق ، واعتقد القلب وآمن ، وهذا ما عناه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله لذعلب : ( تدركه القلوب بحقائق الإيمان ) ، أي آمن القلب حقّاً وواقعاً ؛ لأنّه رأى بعين الحسّ والعقل .

وبعبارة أُخرى : تدركه القلوب ـ أي تدركه العقول الصافية عن ملابسة الأبدان ـ بحقائق الإيمان ، أي بالأنوار العقلية الناشئة من الإيمان القوي ، والعلم والإذعان الخالص بوجود الباري عزّ وجلّ ، وأنّ الإيمان إذا اشتدّ يصبح مشاهدة قلبية ورؤية عقلية .

ولا يخفى أنّ إدراك القلوب فوق إدراك العيون ، لعدم وقوع اللبس والاشتباه في إدراكها بخلاف إدراك العيون ، فيقع اللبس والاشتباه فيها كثيراً ، ولبعضهم : لئن لم تَرَكَ العينُ فقد أبصركَ القلبُ .

والخلاصة : أنّ الإنسان المؤمن إذا وصل إلى أعلى مراتب الإيمان ، بحيث حصل له القطع واليقين والعلم المتين بوجود الخالق العظيم ، من خلال الآثار والحقائق والآيات الدالّة عليه ، سوف يرى الله تعالى ـ بقلبه ووجدانه وعقله المذعن الخالي عن المادّيات ، والصافي من الشكوك والأوهام ـ رؤية نورانية معنوية .

( ... . البحرين . ... )

مستحيلة دنياً وآخرة :

السؤال : ما هو برهانكم بعدم رؤية الله في الآخرة ؟

الجواب : إنّ القول بجواز الرؤية على الله تعالى فيه التزامات مستحيلة عليه ـ تعالى عنها علوّاً كبيراً ـ منها : القول بالتجسيم في حقّه ، والجهة ، وأنّه ذو أبعاد ، والمحدودية ، والتناهي ، وأنّه ذو أجزاء وأبعاض .


الصفحة 503


فلذا امتنع القول برؤيته مطلقاً ـ في الدنيا والآخرة ـ ولابدّ من طرح جميع ما ظاهره جواز وإمكان الرؤية ، أو تأويله لمخالفته للعقل والنقل الصحيح .

واليك تفصيل الكلام :

1ـ إنّ الرؤية إنّما تصحّ لمن كان مقابلاً ـ كالجسم ـ أو ما في حكم المقابل ـ كالصورة في المرآة ـ والمقابلة وما في حكمها ، إنّما تتحقّق في الأشياء ذوات الجهة ، والله منزّه عنها ، فلا يكون مرئياً .

2ـ إنّ الرؤية لا تتحقّق إلاّ بانعكاس الأشّعة من المرئي إلى أجهزة العين ، وهو يستلزم أن يكون سبحانه جسماً ذا أبعاد .

3ـ إنّ الرؤية إمّا أن تقع على الذات كلّها ، أو على بعضها ، فعلى الأوّل يلزم أن يكون المرئي محدوداً متناهياً ، وعلى الثاني يلزم أن يكون مركّباً ذا أجزاء وأبعاض ، والجميع مستحيل في حقّه تعالى .

( سامي العبسي . البحرين . سنّي )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : هل كانت الشيعة في زمن الرسول ؟ وما رأي ...
السؤال : لماذا نرى بالمذهب الشيعي الصلاة على ...
هل منزلة الأئمة الأطهار أرفع منزلة من الأنبياء ...
السؤال : من المؤكّد أنّ العصمة الموعودة من الله ...
الخطبة الشقشقية
لماذا صار يوم عاشوراء اعظم الايام مصيبة
السؤال : هذه شبهة وردت في إحدى مواقع الوهّابية في ...
السؤال : هل توجد رواية في كتب أهل السنّة تبيّن ...
ما هو سرّ الخليقة وفلسفة الحياة؟!
السؤال : قال الإمام علي أمير المؤمنين : " أنا الذي ...

 
user comment