أحد مصاديق الزواج الدائم :
السؤال : لا يوجد دليل شرعيّ على زواج المسيار ، بل هو من اختراع البعض من شرذمة من يدّعي الإسلام ، فأين الراوية أو الآية على جوازه ؟
الجواب : لا تطلق الأحكام الشرعيّة هكذا جزافاً ، فإنّ لاستنباط الحكم الشرعيّ سواء كان تكليفيّ أو وضعيّ قواعد وأُصول خاصّة يتبعها الفقيه ، لكي يفتي بجواز أو صحّة أو بطلان فعل أو سلوك أو تصرّف معيّن .
فأوّلاً ؛ أودّ أن أوضّح لك أنّ مصطلح الزواج المسيار مصطلح جديد ، لم يكن موجوداً في زمن التشريع ، وإنّما تعورف واتفق عليه عرف الناس في الوقت الحاضر ، بأنّه يدلّ على عقد زواج دائم بشروط معيّنة .
ومن هذا يتّضح لك أنّ الزواج المسيار هو في الأساس على حقيقته زواج دائم اشترط في عقده شروط معيّنة ، أي لو أنّ رجلاً وامرأة عاشا في قرون المسلمين السابقة ، وتعاقدا على مثل هذا العقد المسمّى الآن بالزواج المسيار ، فمن الواضح أنّ في زمانهما لم يكن يطلق عليه مثل هذه التسمية ، ولكن مع ذلك لا يخلو أمره من حكم شرعيّ ، ومنه تعرف أنّه لا مجال للاعتراض على مثل هذا الزواج بالقول أنّه لا رواية فيه أو آية ، وإنّما يجب أن يعرف حكمه بالرجوع إلى الأدلّة والقواعد الفقهيّة .
فنقول : كما عرفت فإنّ هذا الزواج المصطلح عليه الآن بالزواج المسيار
|
|
|
هو أحد مصاديق الزواج الدائم ، والزواج الدائم بإجماله جائز قطعاً لا يختلف فيه أحد من المسلمين ، ولكن عقد الزواج الدائم فيه شروط مذكورة في كتب الفقه ، ثمّ أنّه كغيره من العقود يمكن الاتفاق فيه بين الطرفين على شروط من خارجه .
فجاء الكلام في الشروط التي تنافي مقتضى العقد بين الفقهاء ، كشرط عدم الإرث ، أو عدم النفقة ، أو عدم السفر بها ، أو عدم التسرّي وغير ذلك ، فمن قائل بالجواز ، ومن قائل ببطلان أصل العقد ، ومن قائل بصحّة العقد ولغو الشرط ، وهذا الاختلاف مأخوذ من مجمل أقوال علماء المذاهب الإسلاميّة الخمسة .
وعليه ، فإنّ الحكم في الزواج المسيار يعود في الحقيقة إلى المختار في القول بالشرط المخالف لمقتضى العقد ، إذ ليس هو نوع مستقلّ من أنواع الزواج ، حتّى يحتاج إلى دليل خاصّ به ، كما في زواج المتعة مثلاً .
وعليه ، فنحن يجب أن نناقش من جوّزه أو حرّمه ، أو قال بأنّ الشرط لاغ في مبناه الفقهيّ في مسألة الشرط المخالف لمقتضى العقد .
ولكن لي كلمة أخيرة وهي : أنّ سبب اللجوء إلى مثل هكذا زواج بهذه الشروط ؛ هو نتيجة لتضييق شرع الله عندما حرّم عمر المتعة على المسلمين ، فألجأتهم الحاجة إلى اختراع مثل هكذا زواج .
وأخيراً : أنّه يمكن أن يكون بعض من يحرّم الزواج المسيار الآن ـ خاصّة من الفرقة الوهابيّة ـ يستند في فتواه وحكمه إلى الاستحسان وسدّ الذرائع وما إلى ذلك ، وهو نفس الدافع الذي دفع عمر إلى تحريم المتعة ، ألا وهو رأي أرتآه !! مخالفاً لما شرّع من قبل الله ، وجاء به الرسول (صلى الله عليه وآله) .
|
|
|
( أبو منتظر . السعودية . سنّي )
السؤال : إخواني الكرام ، أشكركم على تعاونكم معنا ، والله أنا أميل إلى الشيعة أكثر من السنّة ، لأنّ السنّة : معتقداتهم وهمية ، يمكن أن تناقشها على أيّ واحد بأسئلة ليست فكرية إلى حدّ ما ، وهو لا يجد كلام يقوله ، لذا نشكركم على حسن متابعتكم لنا ، وجزاكم الله خيراً ، ودمتم لنا ذخراً وشرفاً لنا إن شاء الله .
ولكن عندي استفسار : هناك بعض الشيعة يدخلون المشاهد التي يدخلها الملايين من البشر ، ومع ذلك فهناك بعض كأنّه يعبد القبر عبادة عمياء ، لا يدري أنّه بشر مثلنا ، وهو يقول مثلاً : اشفع لنا يوم القيامة ، ألا تعتبر أن هذا شرك بالله ، والله هو الوحيد الذي يغفر ذنوب الأنس والجنّ ، ولكن أنا أدعو الناس إلى زيارة القبور ، لأنّها توعّي الإنسان ، ولكن لا أن توصل إلى عبادة القبر ، فما هو دليلكم على هذا السؤال ؟
الجواب : نسأل الله تعالى لكم التوفيق في التعرّف على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) أكثر فأكثر ، والتعمّق فيه ومعرفة مبانيه وأدلّته ، ليكون اختياركم لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) عن دليل وقناعة كافية .
وأمّا بالنسبة إلى ما ذكرت ، فإنّه لا يوجد شيعيّ واحد يعبد القبور ، وإنّما هي زيارة وتبرّك وعبادة لله تعالى في أماكن يستجاب فيها الدعاء ، لأنّها أماكن تضمّ قبور الأنبياء والأئمّة والصالحين ، وإن كان مرادك أنّ مطلق التبرّك هو عبادة للقبر ، فنجيبك بما يلي :
|
|
|
أنّه لم نجد قولاً بالحرمة لأحد من أعلام المذاهب الأربعة ، ممّن لهم ولآرائهم قيمة في المجتمع ، وإنّما القائل بالنهي عنه من أُولئك يراه تنزيهاً لا تحريماً ، ويقول بالكراهة ، مستنداً إلى زعم أنّ الدنوّ من القبر الشريف يخالف حسن الأدب ، ويحسب أنّ البعد منه أليق به ، وليس من شأن الفقيه أن يفتي في دين الله بمثل هذه الاعتبارات ، التي لا تبنى على أساس ، وتختلف باختلاف الأنظار والآراء .
نعم ، هناك أُناس شذّت عن شرعة الحقّ وحكموا بالحرمة ، قولاً بلا دليل، وتحكّماً بلا برهان ، ورأياً بلا بيّنة ، وهم معروفون في الملأ بالشذوذ ، لا يعبأ بهم وبآرائهم .
وأمّا بالنسبة إلى طلب الحوائج منهم (عليهم السلام) ، فإنّما هي في الحقيقة أنّ الشيعة تطلب الحوائج من الله تعالى ليقضيها لهم بحقّ صاحب القبر ومنزلته من الله ، أو طلب الحاجة من صاحب القبر ليطلبها هو من الله تعالى ، فإنّ عقيدتنا أنّ النبيّ والأئمّة (عليهم السلام) كما كانوا يدعون لشيعتهم في حياتهم ويحيطون بهم علماً ، فكذلك بعد وفاتهم .
( جاسم محمّد غلوم بدر . البحرين . 24 سنة . دبلوم )
السؤال : لماذا يضربون على القبر بالحجر ؟ وبعض الأحيان باليد ، قبل قراءة الفاتحة ، أو قراءة الزيارة ؟ وهل لهذا الفعل استحباب أو أنّه بدعة ؟ وإذا كان العمل مستحبّ ، أرجو ذكر الدليل .
الجواب : قد ورد استحباب وضع اليد على القبر وقراءة سورة { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } سبع مرّات ، فإنّ الميت يرى بعد ذلك الزائر لقبره ببركة قراءة هذه السورة ، وهذا كثيراً ما يعمله الناس .
أمّا ضرب القبر بالحجر أو باليد ، فلعلّها عادة بعضهم عند زيارة قبور
|
|
|
موتاهم ، ظنّاً منهم أنّ ذلك أبلغ في وصول ما يهديه من الفاتحة ، ولم يرد في هذا المجال شيء من الروايات أو السيرة .
( ... . ... . ... )
السؤال : أحياناً يقال : أنّ زيارة المعصوم تعادل كذا حجّة وعمرة ، أُريد أن أعرف هل هذا موجود في الروايات ؟
الجواب : من الأُمور المتعارف عليها أن يقاس بعض الأشياء بأشياء أُخرى ، إذا كان الشيء الثاني معلوماً ، فمثلاً يقاس قبح الغيبة بالزنا ، لأنّ قبح الزنا معلوم لكلّ مسلم ، بل لكلّ موحّد ، بل لكلّ عاقل ، ومعلومية الأشياء تختلف باختلاف الثقافات والأشياء ، والأعصار والأمصار كما هو واضح .
ففضيلة الحجّ والعمرة معلومة لكلّ مسلم من خلال مصدر التشريع الإسلاميّ ـ من الآيات القرآنيّة والسنّة الشريفة ـ فكان الحجّ مقياساً للفضيلة والثواب ، كما أنّ الشهيد يُعدّ من المقاييس في بيان الفضائل والأجر والثواب .
ومن هذا المنطلق ، نجد الروايات التي تخبر عن مقام الزائر للعتبات المقدّسة ، وزيارة الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) لأجل بيان الثواب والأجر العظيم يقاس بالحجّ والعمرة ، والروايات في مقام العدد مختلفة ، فمثلاً في زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) ورد أنّها يكتب للزائر سبع حجج ، وفي بعضها سبعين ، وفي آخر مائة حجّة ، ومائة عمرة مقبولة ، وفي آخر مائة ألف حجّة مقبولة ، هذه الدرجات والأعداد إنّما هي باعتبار ما يحمل الزائر من المعرفة بإمامه المزور ، فمن الزائرين والزائرات ما يعطى لهم ثواب سبع حجج ، ومنهم ما يعطى لهم ثواب مائة ألف حجّة ، وهذا من الأمر الطبيعي والوجدانيّ والعقلي ، فلو كان العطاء واحداً والناس يختلفون في علمهم ومعرفتهم وثقافتهم لكان خلافاً للعدل ، بل من العدالة أن يعطى كلّ واحد بما يستحقّه ، فإنّ العدل بمعنى
|
|
|
وضع الشيء في موضعه .
وأمّا الروايات التي فيها أجر الزائر قياساً بالحجّ ، فإليك جملة منها :
1ـ عن محمّد بن سليمان قال : سألت أبا جعفر محمّد بن علي الرضا (عليهما السلام) عن رجل حجّ حجّة الإسلام ، فدخل متمتّعاً بالعمرة إلى الحجّ ، فأعانه الله تعالى على حجّه وعمرته ، ثمّ أتى المدينة فسلّم على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ أتى أباك أمير المؤمنين (عليه السلام) عارفاً بحقّه ، يعلم أنّه حجّة الله على خلقه ، وبابه الذي يؤتى منه ، فسلّم عليه ، ثمّ أتى أبا عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) فسلّم عليه ، ثمّ أتى بغداد فسلّم على أبي الحسن موسى (عليه السلام) ، ثمّ انصرف إلى بلاده .
فلمّا كان في هذا الوقت رزقه الله تعالى ما يحجّ به ، فأيّهما أفضل ؟ هذا الذي حجّ حجّة الإسلام يرجع أيضاً فيحجّ ، أو يخرج إلى خراسان إلى أبيك علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) فيسلّم عليه ؟ قال (عليه السلام) : ( بل يأتي خراسان فيسلّم على أبي (عليه السلام) أفضل ، وليكن ذلك في رجب ... ) (1) .
2ـ عن أبي الصلت الهروي قال : سمعت الرضا (عليه السلام) يقول : ( والله ما منّا إلاّ مقتول شهيد ) ، فقيل له : فمن يقتلك يا بن رسول الله ؟
قال : ( شرّ خلق الله في زماني يقتلني بالسمّ ، ثمّ يدفنني في دار مضيعة وبلاد غربة ، ألا فمن زارني في غربتي كتب الله عزّ وجلّ له أجر مائة ألف شهيد ، ومائة ألف صدّيق ، ومائة ألف حاج ومعتمر ، ومائة ألف مجاهد ، وحشر في زمرتنا ، وجعل في الدرجات العلى من الجنّة رفيقنا ) (2) .
3ـ عن أحمد البزنطي قال : قرأت كتاب أبي الحسن الرضا (عليه السلام) : ( أبلغ شيعتي أنّ زيارتي تعدل عند الله عزّ وجلّ ألف حجّة ) .
قال : فقلت لأبي جعفر (عليه السلام) ـ الإمام الجواد ـ : ألف حجّة ؟
____________
1- عيون أخبار الرضا 1 / 289 .
2- المصدر السابق 1 / 287 .
|
|
|
قال (عليه السلام) : ( أي والله ، وألفا حجّة لمن زاره عارفاً بحقّه ) (1) .
4ـ عن سليمان بن حفص المروزي قال : سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) يقول : ( من زار قبر ولدي علي كان له عند الله تعالى سبعون حجّة مبرورة ) .
قلت : سبعون حجّة ؟ قال : ( نعم سبعين ألف حجّة ) ، ثمّ قال : ( ربّ حجّة لا تقبل ، من زاره أو بات عنده ليلة كان كمن زار الله في عرشه ... ) (2) .
( يعرب البحرانيّ . الإمارات . ... )