كيفية قياسها بالحجّ والعمرة :
السؤال : ورد في كتاب مفاتيح الجنان وضياء الصالحين ـ على سبيل المثال ـ : إنّ الزيارة تعادل ستين حجّة ، أو من قرأ الدعاء المذكور ، غفر الله ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ، ما المقصود بذلك ؟
الجواب : إنّ ما ورد في كتاب مفاتيح الجنان من الأجر العظيم ، لبعض الزيارات فهو شيء معقول ، لأنّ قضية الأجر والثواب قضية شرعيّة ـ أي بيد الشارع تحديد الأجر والثواب ـ وهذا لا يعني أنّ الزيارة أفضل أو مساوية للحجّ والعمرة أبداً ، ولكن المقصود هو : أنّ الزيارة حيث كانت لغرض مقدّس ـ الذي هو إحياء أمر الحسين (عليه السلام) ، وبالتالي إحياء لأمر الإسلام ، وتعظيم لشعائر الله تعالى ـ فحينئذ يدخل في باب الشعائر التي أهتمّ بها الشارع المقدّس ، وتعبيراً منه لهذا الاهتمام ، يقرّر مثلاً أنّ الزيارة الفلانية تعادل كذا حجّة وعمرة في الثواب والأجر ، وهذا ناظر إلى الحجّ والعمرة المستحبّتين دون
____________
1- ثواب الأعمال : 98 .
2- عيون أخبار الرضا 1 / 290 .
|
|
|
الواجبتين .
ونظير هذا ورد حتّى في كتب إخواننا السنّة : حيث ورد في بعض المستحبّات أنّها تعادل حجّة أو مائة حجّة ، مثلاً : الترمذيّ يروي حديث الرسول (صلى الله عليه وآله) : ( من سبّح الله مائة بالغداة ومائة بالعشي ، كان كمن حجّ مائة حجّة ... ) (1) ، فهذا ليس معناه أنّ التسبيح هو أفضل من الحجّ مطلقاً ، وإنّما لبيان عظمة التسبيح وأهمّيته ، وأنّ له ثواب كذا حجّة ، والمقصود هو الحجّات المستحبّة ، مضافاً إلى أنّ التسبيح لا يغني عن الحجّ .
وكذا ما رواه أحمد بن حنبل من حديث الرسول (صلى الله عليه وآله) : ( من مشى إلى صلاة مكتوبة ، وهو متطهّر ، كان له كأجر الحاج المحرم ... ) (2) .
فزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) باعتبارها من المستحبّات الأكيدة ، تدخل ضمن شعائر الله ، ولهذا تعادل بأجر الحجّة أو العمرة المستحبّتان .
( البحرانيّ . البحرين . 20 سنة . طالب حوزة )
السؤال : ما الدليل على جواز زيارة القبور ؟
الجواب : الأدلّة على جواز زيارة القبور هي :
أوّلاً : الكتاب الكريم ، قال تعالى : { وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } (3) .
نهت الآية عن الصلاة والقيام على قبر المنافق ، ومفهومها مطلوبية هذين الأمرين بالنسبة لغيره ـ أي للمؤمن ـ .
____________
1- الجامع الكبير 5 / 176 .
2- مسند أحمد 5 / 268 .
3- التوبة : 84 .
|
|
|
ثانياً : السنّة النبويّة ، فالنبيّ (صلى الله عليه وآله) جسّد بعمله مشروعية زيارة القبور ـ مضافاً إلى أنّه أمر بها ـ وعلّم كيفيّتها ، وكيف يتكلّم الإنسان مع الموتى ، فقد ورد أنّه (صلى الله عليه وآله) زار البقيع ، واليك بعض النصوص :
1ـ روى مسلم عن عائشة أنّها قالت : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلّما كان ليلتها منه ، يخرج من آخر الليل إلى البقيع ، فيقول : ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وأتاكم ما توعدون غداً مؤجّلون ، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللّهم أغفر لأهل بقيع الغرقد ) (1) .
2ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( نهيتكم عن ثلاث ، وأنا آمركم بهنّ : نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإنّ في زيارتها تذكرة ) (2) .
ثالثاً : الفطرة ، فالنفوس السليمة تشتاق إلى زيارة من له بها صلة روحية أو مادّية ، والإسلام دين الفطرة .
رابعاً : سيرة المسلمين ، فإنّها جرت على زيارة قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) منذ وفاته ، وإلى يومنا هذا .
خامساً : تصريح أكابر الأُمّة الإسلاميّة وفقهائها على زيارة قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فقد خصّ الإمام السبكيّ الشافعيّ في كتابه ( شفاء السقام في زيارة خير الأنام ) باباً لنقل نصوص العلماء على استحباب زيارة قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وقد بيّن أنّ الاستحباب أمر مجمع عليه بين المسلمين .
كما نقل العلاّمة الأميني في ( الغدير ) كلمات أعلام المذاهب الأربعة بما يتجاوز الأربعين كلمة حول الزيارة (3) .
هذا ، وقد تضافرت الأحاديث عن أهل البيت (عليهم السلام) حول زيارة قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله)، منها مثلاً :
____________
1- صحيح مسلم 3 / 63 .
2- سنن أبي داود 2 / 189 ، السنن الكبرى للبيهقيّ 9 / 292 ، كنز العمال 15 / 648 .
3- الغدير 5 / 109 .
|
|
|
1ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( من زارني في حياتي وبعد موتي ، فقد زار الله تعالى ... ) (1) .
2ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة ) (2) .
ثمّ بالإضافة إلى هذه الأدلّة ، هناك آثار تربوية وأخلاقية واجتماعيّة تنطوي عند زيارة القبور ، ومن يشكّك في استحباب زيارة قبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، في الواقع يشكّك في الأُمور المسلّمة ، والمتّفق عليها عند المسلمين .
( محمّد . ... . ... )
لا تنافي لا تتخذوا القبور مساجد :
السؤال : ما هو الردّ ـ من الكتاب أو السنّة ـ عند الشيعة على حديث : ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) (3) .
وعلى حديث : ( ألا وإن من كان قبلكم ، كانوا يتّخذون قبور أنبيائهم مساجد وصالحيهم مساجد ، ألا فلا تتّخذوا القبور مساجد ، إنّي أنهاكم عن ذلك ) (4) .
ما هو الردّ على هذين الحديثين ، ومدى صحّتهما .
الجواب : إنّ احترام العظماء والصلحاء ، وعلى رأسهم الأنبياء والأولياء ، نشأت عليها جميع الشعوب والأُمم على مدى التاريخ ، فهل من المعقول أن يقابله الدين الحنيف مع ما فيه من تعظيم ، وتركيز للأُسس والمفاهيم الدينية ؟
فهذا القرآن الكريم في نقله لقصّة أصحاب الكهف ، يذكر بناء مسجد على قبورهم ، مع تأييده لهذا العمل ، لعدم ردعهم عنه { قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى
____________
1- عيون أخبار الرضا 2 / 106 .
2- كامل الزيارات : 41 .
3- صحيح البخاريّ 1 / 110 .
4- صحيح مسلم 2 / 68 .
|
|
|
أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا } (1) فهل هذا حرام ؟ أو على العكس فهو إحياء لذكرى هؤلاء ، وإشارة واضحة لتأييد عملهم ؟
وأيضاً قوله تعالى : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ } (2) ، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : بأنّ هذه البيوت بيوت الأنبياء ، وحتّى بيت علي وفاطمة (3) .
ومن المعلوم : أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) دفن في بيته ، فزيارته والصلاة والدعاء عند قبره ، يعتبر مشمولاً للنصّ القرآنيّ .
وأمّا الروايتان التي أشرتم إليها ، فمع غضّ النظر عن سندها ، فهما محمولتان على صورة عبادة القبر أو صاحبه ؛ فيا ترى هل يوجد شخص مسلم ـ حتّى مع الوعي القليل ـ ينوي العبادة للقبور ؟!
مضافاً إلى أنّه توجد هناك روايات كثيرة بألفاظ متقاربة ، تحثّ على زيارة القبور .
( أبو احمد الأمين . الدانمارك . 53 سنة . بكالوريوس )
الإنسان مخلوق من الطين ، وكذا جميع المخلوقات على البسيطة ، ولما يموت الحيوان ـ ناطقاً كان أو غير ناطق ـ يدفن أو يذرى على البسيطة ، وعلى رأي المخالفين إن صحّ عندهم عدم جواز الصلاة على القبور أو عند القبور ، فأين إذن نذهب لنصلّي ، هل على القمر ؟
إذ الخليقة ـ أي الكرة الأرضية ـ منذ أن خلق الله تعالى عليها كلّ دابة هي مكان لقبور هذه الحيوانات ، فلا أرض إلاّ وفيها قبور ، فكلّ الديار قبور منذ
____________
1- الكهف : 21 .
2- النور : 36 .
3- روح المعاني 9 / 367 ، الدرّ المنثور 5 / 50 .
|
|
|
أن خلق الإنسان والحياة على الأرض ، إذاً معناه يجب أن نبطل الصلاة ولا نصلّي ، لأنّ الأرض كلّ بقعة فيها ، أمّا قبراً أو تراباً لجسد .
( محسن . كندا . 25 سنة . طالب )
السؤال : أحد الخطباء قال : زيارة عاشوراء مجعولة ، وليست من كلام المعصوم ، بل هي من كلام أحد العلماء ، ولذلك لا يجوز قراءة هذه الزيارة ، هذه القضية أثارت الشكّ في قلوب شباب الشيعة هنا في كندا .
فأرجو تزويدنا بإسناد هذه الزيارة ومعلومات حولها ، حتّى نزيل الشكّ من قلوب الشباب ، أفيدونا مأجورين .
الجواب : زيارة عاشوراء من الزيارات التي وردت نسبتها إلى الإمام المعصوم (عليه السلام) ، وليست هي من تأليف أحد العلماء ـ كما يدّعي ذلك الخطيب ـ وكان بإمكانكم الرجوع إلى مفاتيح الجنان وملاحظة سند الرواية ، ونسبتها إلى الإمام الباقر (عليه السلام) مرّة ، وأُخرى إلى عمل الإمام الصادق (عليه السلام) بها .
وإن كان البعض يرى ضعف سند الرواية ، إلاّ أنّ عمل المشهور جابر لضعف السند ، أي أنّ كلّ خبر عمل به المشهور فهو حجّة ، سواء كان الراوي ثقة أو غير ثقة .
( محمّد حسين . مصر . 32 سنة )
زيارة الناحية إحدى زيارات الإمام الحسين :
السؤال : ما حكم زيارة الناحية المقدّسة الواردة عن الإمام المهديّ (عليه السلام) ؟ هل هي صحيحة ؟ مع العلم أنّها تحتوي على بعض الأُمور التي نفاها علماؤنا ، كخروج الهاشميّات من خيامهن ، وهن ناشرات الشعور ، لاطمات الخدود ... !!
|
|
|
الجواب : قد ذكر زيارة الناحية الشيخ محمّد بن المشهديّ ، ونسبها إلى الناحية المقدّسة (عليه السلام) عن طريق أحد الأبواب (1) ، ولهذا وبملاحظة عدم وجود سند واضح يعتمد عليه ، لا يمكن البتّ القاطع بصحّتها ، ولكن لا يضرّ هذا في صحّة العمل بها ، وهي ـ أي الزيارة ـ من الأُمور المستحبّة ، كما وقد عمل بزيارة الناحية مجموعة كبيرة من العلماء والصلحاء .
أمّا ما يرد عن بعض العلماء من نفي بعض الأُمور ، فهو نفي للأُمور المحرّمة ، التي تحتملها مضامين تلك الفقرات ، ولكن إذا أمكن تأويل المراد من تلك الفقرات ـ وهو ممكن ـ بما يصحّح تلك الأفعال ، فليس هناك ما يقدح بدلالة تلك الزيارة .
( محمّد إسماعيل قاسم . الكويت . 16 سنة . طالب )