عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

أبا جعفر(عليه السلام) يقول: " إن للقائم(عليه السلام) غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولم؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعنى القتل "(1).

أبا جعفر(عليه السلام) يقول: " إن للقائم(عليه السلام) غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولم؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعنى القتل "(1).

20 - وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي، عن العباس بن عامر بن رباح، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر الباقر(عليه السلام) يقول: " إن للغلام غيبة قبل أن يقوم، وهو المطلوب تراثه، قلت: ولم ذلك؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل ".

21 - وحدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا أبومحمد عبدالله بن أحمد بن المستورد الاشجعي قال: حدثنا محمد بن عبيدالله أبوجعفر الحلبي، قال: حدثنا عبدالله بن بكير، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبدالله جعفرا(عليه السلام) يقول: " إن للقائم(عليه السلام) غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولم ذلك؟ قال: إنه يخاف - وأوما بيده إلى بطنه - يعنى القتل".

أخبرنا محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد، عن الحسن بن معاوية(2)، عن عبدالله بن جبلة، عن عبدالله بن بكير، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول - وذكر مثله -.

___________________________________

(1) قال الشيخ في كتاب غيبة: لاعلة تمنع من ظهوره عليه السلام الا خوفه على نفسه من القتل لانه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار وكان يحتمل المشاق والاذى، فان منازل الائمة وكذلك الانبياء عليهم السلام انما تعظم لتحملهم المشاق العظيمة في ذات الله تعالى، فان قيل: هلا منع الله من قتله بما يحول بينه وبين من يريد قتله؟ قلنا: المنع الذى لا ينافى التكليف هو، النهى عن خلافه والامر بوجوب اتباعه ونصرته والزام الانقياد له، وكل ذلك فعله تعالى، واما الحيلولة بينهم وبينه فانه ينافى التكليف، وينتقض الغرض، لان الغرض بالتكليف استحقاق الثواب، والحيلولة تنافى ذلك، وربما كان في الحيلولة والمنع من قتله بالقهر مفسدة للخلق فلا يحسن من الله فعلها.انتهى.

أقول: وحكمه عليه السلام غير حكم آبائه عليهم السلام، فلا يناقض قول الشيح(ره) بفعل آبائه(ع).

(2) كذا في الكافى ولم أجده.

(*)

[178]

22 - حدثنا محمد بن همام، عن جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثني أحمد ابن ميثم، عن عبيدالله بن موسي(1) عن عبدالاعلى بن حصين الثعلبي، عن أبيه قال: " لقيت أبا جعفر محمد بن علي(عليهما السلام) في حج أو عمرة فقلت له: كبرت سني، ودق عظمي فلست أدرى يقضى لي لقاؤك أم لا فاعهد إلي عهدا وأخبرني متى الفرج؟ فقال: إن الشريد الطريد الفريد الوحيد، المفرد من أهله، الموتور بوالده(2)، المكنى بعمه هو صاحب الرايات، واسمه اسم نبي فقلت: أعد علي، فدعا بكتاب أديم أو صحيفة فكتب لي فيها ".

23 - وحدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا أبوعبدالله يحيى بن زكريا ابن شيبان من كتابه قال: حدثنا يونس بن كليب، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن صباح، قال: حدثنا سالم الاشل، عن حصين التغلبي(3) قال: لقيت أبا جعفر محمد

___________________________________

(1) أحمد بن ميثم من ثقات الكوفيين وفقهائهم.والظاهر كون عبيدالله بن موسى هو العبسى الكوفى.

وعبدالاعلى بن حصين التغلبى أو الثعلبى لم أجده، انما كان في أنساب السمعانى عبدالاعلى بن عامر الثعلبى ينسب إلى ثعلبية احدى منازل الحاج في البادية، وفى التقريب عنونه وقال: صدوق.

فيمكن أن يكون نسبة إلى الجد، وحصين بن عامر معنون في الجامع وقال يكنى ابا الهيثم الكلبى الكوفى وعده من أصحاب الصادق عليه السلام.فيحتمل بعيدا كونه عبدالاعلى بن حصين بن عامر.

(2) الموتور بوالده أى قتل والده ولم يطلب بدمه، والمراد بالوالد أما العسكرى عليه السلام أو الحسين صلوات الله عليه أو جنس الوالد ليشمل جميع الائمة عليهم السلام، وقوله " المكنى بعمه " لعل كنية بعض أعمامه أبوالقاسم، أو هو عليه السلام مكنى بأبى جعفر أو ابى الحسين أو أبى محمد أيضا، ولا يبعد أن يكون المعنى لا يصرح بأسمه بل يعبر عنه بالكناية خوفا من عمه جعفر، والاوسط أظهر، ولا ينافى التكنية بابى القاسم.وقوله " اسمه اسم نبى " يعنى نبينا.

وعبر عنه بهذه العبارة خوفا، وللنهى عن التسمية.والبيان مأخوذ من البحار.

(3) كذا وتقدم الكلام فيه.

(*)

[179]

ابن على(عليهما السلام) وذكر مثل الحديث الاول إلا أنه قال: " ثم نظر إلي أبوجعفر عند فراغه من كلامه، فقال: أحفظت [أم] أكتبها لك؟ فقلت: إن شئت، فدعا بكراع من أديم أو صحيفة فكتبها لي، ثم دفعها إلي، وأخرجها حصين إلينا فقرأها علينا ثم قال: هذا كتاب أبى جعفر(عليه السلام) ".

24 - وحدثنا محمد بن همام قال: حدثنى جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثني عباد بن يعقوب، قال: حدثني الحسن بن حماد الطائي، عن أبي الجارود عن أبي جعفر محمد بن علي(عليهما السلام) أنه قال: " صاحب هذا الامر هو الطريد الشريد(1) الموتور بأبيه، المكنى بعمه، المفرد من أهله، اسمه اسم نبي ".

25 - حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا حميد بن زياد قراء‌ة عليه من كتابه قال: حدثنا ااحسن بن محمد الحضرمي، قال: حدثنا جعفر بن محمد(عليهما السلام) ; و عن يونس بن يعقوب عن سالم المكي، عن أبي الطفيل قال(2): قال لي عامر بن واثلة: " إن الذي تطلبون وترجون إنما يخرج من مكة، وما يخرج من مكة حتى يرى الذى يحب، ولوصار أن يأكل الاغصان أعصان الشجرة ".

فأى أمر أوضح وأي طريق أفسح من الطريقة التى دل عليها الائمة(عليهم السلام) في هذه الغيبة ونهجوها لشيعتهم حتى يسلكوها مسلمين غير معارضين، ولا مقترحين، ولا شاكين، وهل يجوز أن يقع مع هذا البيان الواقع في أمر الغيبة شك؟ وأبين من هذا في وضوح الحق لصاحب الغيبة وشيعته ما.

26 - حدثنا به محمد بن همام قال: حدثنا أحمد بن مابنداذ قال: حدثنا أحمد ابن هلال، قال: حدثنا أحمد بن علي القيسي، عن ابى الهيثم الميثمي(3) عن أبي - عبدالله جعفر بن محمد(عليهما السلام) أنه قال: " إذا توالت ثلاثة أسماء محمد وعلي والحسن كان

___________________________________

(1) في بعض النسخ " الطريد الفريد ".

(2) يعنى قال سالم المكى: قال لى عامر بن واثلة أبوالطفيل.

(3) لم أجده وكأنه ابراهيم بن شعيب الميثمى وصحف ابراهيم بأبى الهيثم للتشابه الخطى.

(*)

[180]

رابعهم قائمهم "(1).

27 - محمد بن همام قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن أبي يعقوب البلخي قال: سمعت أبا الحسن الرضا(عليه السلام) يقول: " إنكم ستبتلون بما هو أشد وأكبر، تبتلون بالجنين في بطن أمه، والرضيع حتى يقال: غاب ومات، ويقولون: لا إمام، وقد غاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وغاب وغاب(2) وها أناذا أموت حتف أنفي ".

28 - وحدثنا محمد بن همام قال: حدثنا أحمد بن ما بنداذ ; وعبدالله بن جعفر الحميرى قالا: حدثنا أحمد بن هلال، قال: حدثنا الحسن بن محبوب الزراد قال: قال لي الرضا(عليه السلام): " إنه يا حسن سيكون فتنة صماء صيلم(3) يذهب فيها كل وليجة وبطانة - وفي رواية " يسقط فيها كل وليجة وبطانة " - وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي، يحزن لفقده أهل الارض والسماء، كم من مؤمن ومؤمنة متأسف متلهف حيران حزين لفقده(4)، ثم أطرق، ثم رفع رأسه، وقال: بأبي وأمي سمي جدي وشبيهي وشبيه موسى بن عمران، عليه جيوب النور(5) يتوقد

___________________________________

(1) في بعض النسخ " رابعهم القائم ".

(2) أى كان له غيبات كثيرة كغيبته في حراء وشعب ابى طالب وفى الغار وبعد ذلك إلى أن دخل المدينة، ويمكن أن يكون فاعل الفعلين محذوفا بقرينة المقام أى غاب غيره من الانبياء، ويمكن أنه عليه السلام ذكرهم وعبر الراوى هكذا اختصارا.

(3) الفتنة الصماء هى التى لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في دهائها لان الاصم لا يسمع الاستغاثة والصيلم: الداهية.

(4) في عيون أخبار الرضا(ع) " كم من حرى مؤمنة وكم من مؤمن متأسف حيران حزين عند فقدان الماء المعين ".

ووليجة الرجل: دخلاؤه وخاصته، وبطانة الرجل: الذى هو صاحب سره.

(5) لعل المعنى أن جيوب الاشخاص النو رانية من كمل المؤمنين والملائكة المقربين وأرواح المرسلين تشتعل للحزن على غيبته وحيرة الناس فيه، وأنما ذلك لنور ايمانهم الساطع من شموس عوالم القدس، ويحتمل أن يكون المراد بجيوب النور الجيوب المنسوبة إلى النور والتى يسطع منهاأنوار فيضه وفضله تعالى، والحاصل أن عليه صلوات الله عليه أثواب قدسية وخلع ربانية تتقدمن جيوبها انوار فضله وهدايته تعالى، ويؤيده ما ورد في خبر آخر عن النبى صلى الله عليه وآله " جلا بيب النور " ويحتمل أن يكون " على " تعليلية، أى ببركة هدايته وفيضه عليه السلام يسطع من جيوب القابلين أنوار القدس من العلوم والمعارف الربانية كذا قاله العلامة المجلسى رحمه الله.

 

[181]

من شعاع ضياء القدس، كأنى به آيس ما كانوا، قد نودوا نداء يسمعه من بالبعد كما يسمعه من بالقرب، يكون رحمة على المؤمنين، وعذابا على الكافرين، فقلت: يأبي وأمي أنت وما ذلك النداء؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب، أولها: " ألا لعنة الله على الظالمين " والثاني " أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين " والثالث يرون يدا بارزا(1) مع قرن الشمس ينادي: " ألا إن الله قد بعث فلانا على هلاك الظالمين " فعند ذلك يأتي المؤمنين الفرج، ويشفى الله صدورهم، ويذهب غيظ قلوبهم ".

29 - محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا محمد بن أحمد المديني(2)، قال: حدثنا علي بن أسباط، عن محمد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي قال: " قلت لابي عبدالله(عليه السلام): جعلت فداك قد طال هذا الامر علينا حتى ضاقت قلوبنا ومتنا كمدا(3)، فقال: إن هذا الامر آيس مايكون منه وأشده غما ينادى مناد من السماء باسم القائم واسم أبيه، فقلت له: جعلت فداك ما اسمه؟ فقال: اسمه اسم نبي، واسم أبيه اسم وصي "(4).

30 - وحدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثني محمد بن على التيملي، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ; وحدثنى غير واحد، عن منصور بن يونس بزرج(5)، عن

___________________________________

(1) كذا، وفى جل النسخ " بدنا بارزا ".ثم القياس بارزة.

(2) في بعض النسخ " المدائنى ".

(3) أى حزنا.وكمد - من باب فرح يفرح -: أى تغير لونه أو مرض قلبه.

(4) لم يصرح باسمه واسم أبيه لئلا يشتهر.

(5) منصور بن يونس القرشى مولاهم أبويحيى يقال له: بزرج كوفى ثقة.

(*)

[182]

إسماعيل بن جابر، عن ابى جعفر محمد بن علي(عليهما السلام) أنه قال: " يكون لصاحب هذا الامر غيبة في بعض هذه الشعاب - وأوما بيده إلى ناحية ذي طوى(1) - حتى إذا كان قبل خروجه أتى المولى الذي كان معه حتى يلقى بعض أصحابه، فيقول: كم أنتم ههنا؟ فيقولون: نحو من أربعين رجلا، فيقول: كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: والله لو ناوى بنا الجبال لناويناها معه، ثم يأتيهم من القابلة ويقول: أشيروا إلى رؤسائكم أو خياركم عشرة، فيشيرون له إليهم، فينطلق بهم حتى يلقوا صاحبهم، ويعدهم الليلة التى تليها.

ثم قال أبوجعفر(عليه السلام): والله لكأني أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر فينشدالله حقه ثم يقول: يا أيها الناس من يحاجني في الله فأنا أولى الناس بالله، أيها الناس من يحاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، أيها الناس من يحاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، أيها الناس من يحاجنى في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، أيها الناس من يحاجني في موسى فأنا أولى الناس بموسى، أيها الناس من يحاجني في عيسى فأنا أولى الناس بعيسى، أيها الناس من يحاجني في محمد فأنا أولى الناس بمحمد(صلى الله عليه وآله)، أيها الناس من يحاجنى في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ثم ينتهي إلى المقام فيصلى عنده ركعتين وينشد الله حقه.

ثم قال أبوجعفر(عليه السلام): وهو والله المضطر الذي يقول الله فيه " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض(2) " فيه نزلت وله ".

31 - حدثنا على بن أحمد، عن عبيدالله بن موسى العلوي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول: " لايزالون ولا تزال حتى يبعث الله لهذا الامر من لا يدرون خلق أم لم يخلق ".

___________________________________

(1) ذوطوى - بالضم - موضع عند مكة، وقيل: هو بالفتح، وقيل: بالكسر، ومنهم من يضمهما، والفتح أشهر: واد بمكة، قيل: هو الابطح.

(2) النمل: 62.

(*)

[183]

32 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ; وقد حدثنى عبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد ابن عيسى قالا جميعا: حدثنا محمد بن سنان، عن أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) قال: " لا تزالون تمدون أعناقكم إلى الرجل منا تقولون: هو هذا فيذهب الله به حتى يبعث الله لهذا الامر من لا تدرون ولد أم لم يولد، خلق أم لم يخلق ".

33 - حدثنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن محمد بن أحمد القلانسي، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن أبى الجارود قال: سمعت أبا جعفر(1)(عليه السلام) يقول: " لا يزال ولا تزالون تمدون أعينكم إلى رجل تقولون: هو هذا إلا ذهب حتى يبعث الله من لا تدرون خلق بعد أم لم يخلق ".

34 - حدثنا على بن الحسين(2) قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي قال: حدثنا محمد بن علي(3)، عن محمد بن سنان، عن رجل، عن ابي جعفر(عليه السلام) أنه قال: " لا تزالون ولا تزال حتى يبعث الله لهذا الامر من لا تدرون خلق أم لم يخلق ".

أليس في هذه الاحاديث يا معشر الشيعة - ممن وهب الله تعالى له التمييز و شافى التأمل والتدبر لكلام الائمة(عليهم السلام) - بيان ظاهر ونور زاهر؟ هل يوجد أحد من الائمة الماضين(عليهم السلام) يشك في ولادته، واختلف في عدمه ووجوده، ودانت طائفة من الامة به في غيبته، ووقعت الفتن في الدين في أيامه، وتحير من تحير في أمره؟ وصرح أبوعبدالله(عليه السلام) بالدلالة عليه بقوله: " إذا توالت ثلاثة أسماء: محمد و علي والحسن كان رابعهم قائمهم " إلا هذا الامام(عليه السلام) الذي جعل كمال الدين به و على يديه، وتمحيص الخلق وامتحانهم وتمييزهم بغيبته، وتحصيل الخالص

___________________________________

(1) في بعض النسخ " أبا عبدالله عليه السلام ".

(2) هو على بن الحسين الصدوق - رحمه الله -.

(3) هو ابوسمينة الكوفى، وفى بعض النسخ " محمد بن الحسين " والظاهر كونه تصحيفا.

(*)

[184]

الصافى منهم على ولايته(1) بالاقامة على نظام أمره والاقرار بإمامته وإدانة الله بأنه حق وأنه كائن وأن أرضه لاتخلو منه وإن غاب شخصه، تصديقا وإيمانا وإيقانا بكل ما قاله رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأميرالمؤمنين والائمة(عليهم السلام) وبشروا به من قيامه بعد غيبته بالسيف عند اليأس منه، فليتبين متبين ما قاله كل واحد من الائمة(عليهم السلام) فيه، فأنه يعينه على الازدياد في البيان ويلوح منه البرهان، جعلنا الله وإخواننا جميعا أبدا من أهل الاجابة والاقرار، ولا جعلنا من أهل الجحود والانكار، وزادنا بصيرة ويقينا وثباتا على الحق وتمسكا به، فإنه الموفق المسدد المؤيد(2).

35 - أخبرنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا يحيى بن سالم، عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) أنه قال: " صاحب هذا الامر أصغرنا سنا، وأخملنا شخصا، قلت: متى يكون ذاك؟ قال: إذا سارت الركبان ببيعة الغلام، فعند ذلك يرفع كل ذي صيصية لواء، فانتظروا الفرج(3) ".

ولا يعرف فيمن مضى من الائمة الصادقين(عليهم السلام) أجمعين ولا في غيرهم ممن ادعيت له الامامة بالدعاوي الباطلة من أوتم به في صغر سن إلا هذا الامام صلى الله عليه الذى حباه الله الامامة والعلم [كما أوتي عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا الكتاب والنبوة والعلم والحكم صبيا]، والدليل على ذلك قول أبي عبدالله(عليه السلام): فيه شبه من أربعة أنبياء "(4) أحدهم عيسى بن مريم(عليه السلام) لانه أوتي الحكم صبيا

___________________________________

(1) في بعض النسخ " على قلبه "، وفى بعضها " على وليه ".

(2) في نسخة " الموفق للصواب برحمته ".

(3) الصيصة والصيصية: شوكة الحائك التى يسوى بها السداة واللحمة، وشوكة الديك، وقرن البقر والظباء، والحصن، وكل ما امتنع به، كذا في اللغة، والمراد اظهار كل ذى قوة لواء.

وقال العلامة المجلسى: " أصغرنا سنا " يعنى عند الامامة، و " سارت الركبان " أى انتشر الخبر في الافاق بان بويع الغلام أى القائم عليه السلام.

(4) تقدم انه " فيه سنن من أربعة أنبياء ".

(*)

[185]

والنبوة والعلم، وأوتي هذا(عليه السلام) الامامة، وفي قولهم(عليهم السلام): " هذا الامر في أصغرنا سنا وأخملنا ذكرا"(1) دليل عليه وشاهد بأنه هو لانه ليس في الائمة الطاهرين(عليهم السلام) ولا في غير الائمة ممن ادعي له الد عاوي الباطلة من أفضى إليه الامر [بالامامة] في سنة، لان جميع من أفضيت إليه الامامة(2) من أئمة الحق وممن أدعيت له أكبر سنا منه، فالحمد لله الذي يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين(3).

36 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا أحمد بن ما بنداذ قال: حدثنا أحمد ابن هلال، عن أمية بن علي القيسى(4) قال: " قلت لابي جعفر محمد بن علي الرضا(عليهما السلام): من الخلف بعدك؟ فقال: ابني علي وابنا علي، ثم أطرق مليا، ثم رفع رأسه، ثم قال: إنها ستكون حيرة، قلت: فإذا كان ذلك فإلى أين؟ فسكت ثم قال: لا أين - حتى قالها ثلاثا -(5) فأعدت عليه، فقال: إلى المدينة، فقلت: أي المدن؟ فقال: مدينتنا هذه، وهل مدينة غيرها؟ ".

وقال أحمد بن هلال: أخبرني محمد بن إسماعيل بن بزيع أنه حضر أمية بن علي القيسى وهو يسأل أبا جعفر(عليه السلام) عن ذلك فأجابه بهذا الجواب.

وحدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا عبيدالله بن موسى، عن أحمد بن الحسين(6)،

___________________________________

(1) كان فيما مر " أخملنا شخصا ".

(2) أفضى اليه الشئ أى وصل اليه.

(3) الدابر المتأخر والتابع وآخر كل شئ، والمراد انقراضهم.

(4) امية بن على القيسى ضعيف ضعفه أصحابنا، ولكن ضعفه لا يضر، لما يأتي الخبر عن ابن بزيع الثقة.

(5) " لا أين " أى لا يهتدى اليه وأين يوجد ويظفر به، ثم أشار عليه السلام إلى أنه يكون في بعض الاوقات في المدينة أو يراه بعض الناس فيها.(البحار).

(6) الظاهر كونه أحمد بن الحسين بن سعيد القرشى، وفى بعض النسخ " أحمد بن الحسن " ويحتمل كونه احمد بن الحسن بن على بن فضال.

(*)

[186]

عن أحمد بن هلال، عن امية بن على القيسى - وذكر مثله -.

37 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثني أبوعبدالله محمد بن عصام قال: حدثنا أبوسعيد سهل بن زياد الآدمي، قال: حدثنا عبدالعظيم بن عبدالله الحسنى، عن أبى جعفر محمد بن علي الرضا(عليهما السلام) أنه سمعه يقول: " إذا مات ابني علي بدا سراج بعده ثم خفي، فويل للمرتاب، وطوبى للغريب الفار بدينه، ثم يكون بعد ذلك أحداث تشيب فيها النواصي، ويسير الصم الصلاب "(1).

أى حيرة أعظم من هذه الحيرة التى أخرجت من هذا الامر الخلق الكثير و الجم الغفير؟ ولم يبق عليه ممن كان فيه إلا النزر اليسير، وذلك لشك الناس و ضعف يقينهم وقلة ثباتهم على صعوبة ما ابتلي به المخلصون الصابرون، والثابتون والراسخون في علم آل محمد(عليهم السلام) الراوون لاحاديثهم هذه، العالمون بمرادهم فيها، الدارون(2) لما أشاروا إليه في معانيها الذين أنعم الله عليهم بالثبات وأكرمهم باليقين، والحمدلله رب العالمين.

38 - حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن أحمد ابن إدريس(3)، عن محمد بن أحمد، عن جعفر بن القاسم، عن محمد بن الوليد الخزاز، عن الوليد بن عقبة، عن الحارث بن زياد، عن شعيب، عن أبى حمزة قال: " دخلت على أبي عبدالله(عليه السلام) فقلت له: أنت صاحب هذا الامر؟ فقال: لا، فقلت: فولدك؟ فقال: لا، فقلت: فولد ولدك؟ فقال: لا، قلت: فولد ولد ولدك؟ قال: لا، قلت: فمن هو؟ قال: الذي يملاها عدلا كما ملئت [ظلما و] جورا، لعلى فترة من الائمة

___________________________________

(1) سيرالصم الصلاب كناية عن شدة الامر وتغير الزمان حتى كأن الجبال زالت عن مواضعها، أو عن تزلزل الثابتين في الدين عنه.

(2) يعنى أهل الدراية والفهم لمغزى كلامهم ومقاصد ألفاظهم وتعابيرهم.

(3) كذا وليس في الكافى " محمد بن يحيى " وهو الصواب لعدم رواية محمد بن يحيى عن أحمد بن إدريس، واتحاد طبقتهما.

(*)

[187]

[يأتي]، كما أن النبى(صلى الله عليه وآله) بعث على فترة من الرسل "(1).

39 - حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا علي بن محمد، عن بعض رجاله، عن أيوب بن نوح، عن أبي الحسن الثالث(عليه السلام)(2) أنه قال: " إذا رفع علمكم من بين أظهر كم فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم "(3).

40 - محمد بن يعقوب قال: حدثنا أبوعلى الاشعري، عن محمد بن حسان، عن محمد بن على، عن عبدالله بن القاسم، عن المفضل بن عمر، عن أبى عبدالله(عليه السلام) " أنه سئل عن قول الله عزوجل: " فإذا نقر في الناقور"(4) قال: إن منا إماما مستترا فإذا أراد الله عز ذكره إظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله عزوجل "(5).

___________________________________

(1) قال العلامة الملجسى - رحمه الله -: الفترة بين الرسولين هى الزمان الذى انقطعت فيه الرسالة واختفى فيه الاوصياء، والمراد بفترة من الائمة خفاؤهم وعدم ظهورهم في مدة طويلة أو عدم امام قادر قاهر، فتشمل أزمنة سائر الائمة سوى أميرالمؤمنين عليهم السلام، والاول أظهر.أقول: ليس في الكافى قوله " يأتى ".

(2) في بعض النسخ " أبى الحسن الرضا عليه السلام ".

(3) قوله " إذا رفع علمكم " بالتحريك أى امامكم الهادى لكم إلى طريق الحق، وربما يقرء - بالكسر - أى صاحب علمكم، أو أهل العلم باعتبار خفاء الامام فان أكثر الخلق في ذلك الزمان في الضلالة والجهالة، والاول أظهر، وتوقع الفرج من تحت الاقدام كناية عن قربه وتيسر حصوله، فان من كان شئ تحت قدميه اذا رفعهما وجده، فالمعنى أنه لابد أن تكونوا متوقعين للفرج كذلك وان كان بعيدا، أو يكون المراد بالفرج احدى الحسنيين.(المرآة).

(4) المدثر: 8.

(5) الناقور فاعول من النقر بمعنى التصويت وأصله القرع الذى هو سبب الصوت أى اذا نفخ في الصور.

وقال العلامة المجلسى: شبه قلب الامام عليهالسلام بالصور وما يلقى وينكت فيه بالالهام من الله تعالى بالنفخ، ففى الكلام استعارة مكنية وتخييلية، والنكت: التأثير في الارض بعود وشبهه، و " نكتة " مفعول مطلق للنوع.

(*)

[188]

41 - حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد عن الحسن بن على الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن [أبى بصير] عن أبى عبدالله(عليه السلام) أنه قال: لابد لصاحب هذا الامر من غيبة ولا بد له في غيبته من عزلة، و نعم المنزل طيبة(1)، وما بثلاثين من وحشة ".

42 - وأخبرنا محمد بن يعقوب، عن عدة من رجاله، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبى أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: " إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها "(2).

حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن أبى أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم مثله.

43 - حدثنا علي بن الحسين المسعودي(3) قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن على الكوفي، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن جبلة، عن علي بن أبى حمزة، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " لو قد قام القائم لانكره الناس لانه يرجع إليهم شابا موفقا(4)، لا يثبت عليه إلا

___________________________________

(1) العزلة - بالضم - الاعتزال، أى المفارقة عن الخلق.

وطيبة - بالكسر -: اسم للمدينة الطيبة، فيدل على أنه غالبا في المدينة وحواليها اما دائما أو في الغيبة الصغرى، وما قيل من أن الطيبة اسم موضع يسكنه عليه السلام مع أصحابه سوى المدينة فهو رجم بالغيب، ويؤيد الاول ما في الكافى عن أبى هاشم الجعفرى في حديث " قال: قلت لابى محمد عليه السلام: فان حدث بك حدث فأين أسأل عنه؟ قال بالمدينة "، وقوله: " ما بثلاثين من وحشة " أى هو عليه السلام مع ثلاثين من مواليه وخواصه، وليس لهم وحشة لاستيناس بعضهم ببعض، والباء بمعنى مع.ثم قال العلامة المجلسى: قيل هذا مخصوص بالغيبة الصغرى.وفى غيبة الشيخ " لابد في عزلته من قوة ".

(2) " عن " متعلق بغيبة بتضمين معنى الخبر، والظاهر تعلقه بالفعل لكن بتضمين أو بتقدير مضاف، أى خبر غيبته.

(المرآة).

(3) " المسعودى " زائد من النساخ.

(4) الموفق - بفتح الفاء -: الرشيد، وبكسرها - بمعنى القاضى.وقال العلامة المجلسى - رحمه الله -: لعل المراد بالموفق المتوافق الاعضاء المعتدل الخلق، أو هو كناية عن التوسط في الشباب بل انتهائه، أى ليس في بدء الشباب، فان في مثل هذا السن يوفق الانسان لتحصيل الكمال.

 

[189]

من قد أخذ الله ميثاقه في الذر الاول ".

وفي غير هذه الرواية أنه قال(عليه السلام): " وإن من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شابا وهم يحسبونه شيخا كبيرا ".

44 - محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثني عمر بن طرخان، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن علي بن عمر بن علي بن الحسين(عليهما السلام) عن أبي عبدالله جعفر بن محمد(عليهما السلام) أنه قال: " القائم من ولدي يعمر عمر الخليل عشرين ومائة سنة يدرى به، ثم يغيب غيبة في الدهر، ويظهر في صورة شاب موفق ابن اثنين وثلاثين سنة، حتى ترجع عنه طائفة من الناس، يملا الارض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما وجورا "(1).

___________________________________

(1) كأن في الخبر تقديما وتأخيرا من قبل الراوى أو الكاتب والاصل فيه هكذا " القائم من ولدى يعمر عمر الخليل عشرين ومائة سنة يدرى به، ثم يغيب غيبة في الدهر حتى يرجع عند طائفة من الناس ويظهر في صورة شاب موفق ابن اثنى وثلاثين سنة، يملا الارض قسطا - الخ ".

ومعناه أن الناس، بعد ما مضى من عمره الشريف عشرون ومائة سنة يشكون في أمره ويرجع بعضهم عنه، والعمر الطبيعى عند الناس مائة وعشرون سنة، وفى هذه المدة ينتظرونه فاذا انقضت المدة يرتابون فيه، وتصرف الرواة أو النساخ في ألفاظ أمثال هذه الاخبار ليس بقليل كما أن الشيخ روى هذا الخبر عن محمد بن همام بسند المتن لكنه هكذا " ان ولى الله يعمر عمر ابراهيم الخليل عشرين ومائة سنة ويظهر في صورة فتى موفق ابن ثلاثين سنة " بدون ذكر باقى الخبر، واختلاف لفظهما بل مفهومهما واضح مع أن السند متحد.ثم قوله: " يدرى به " كأن معناه: لا ينسى ذكره.

هذا وقد نقل العلامة المجلسى(ره) الخبر عن غيبة الشيخ في البحار وقال روى النعمانى مثله، وزاد في آخره " حتى ترجع عنه طائفة - وذكر إلى آخر الحديث " ثم قال: لعل المراد عمره في ملكه وسلطنته، أو هو مما بدا لله فيه.

انتهى.وهو كما ترى.

(*)

[190]

إن في قول أبي عبدالله(عليه السلام) هذا لمعتبرا ومزد جرا عن العمى، والشك و الارتياب وتنبيها للساهي الغافل، ودلالة للمتلدد الحيران.

أليس فيما قد ذكر و ابين من مقدار العمر والحال التى يظهر القائم(عليه السلام) عليها عند ظهوره بصورة الفتى والشاب ما فيه كفاية لا ولي الالباب؟ وما ينبغي لعاقل ذي بصيرة أن يطول عليه الامد، وأن يستعجل أمر الله قبل أوانه وحضور أيامه بلا تغيير، ولذكرا للوقت الذي ذكر أنه يظهر فيه مع انقضائه فان قولهم(عليهم السلام) الذي يروي عنهم في الوقت إنما هو على جهة التسكين للشيعة(1) والتقريب للامر عليها إذ كانوا قد قالوا: إنا لا نوقت، ومن روى لكم عنا توقيتا فلا تصد قوه ولا تهابوا أن تكذبوه، ولا تعملوا عليه، وإنما شأن المؤمنين أن يدينوا الله بالتسليم لكل ما يأتي عن الائمة(عليهم السلام)، وكانوا أعلم بما قالوا.

لان من سلم لامرهم وتيقن أنه الحق سعد به، وسلم له دينه، ومن عارض وشك وناقض واقترح على الله تعالى، واختار، منع اقتراحه، وعدم اختياره ولم يعط مراده وهوه، ولم يرما يحبه(2)، وحصل على الحيرة والضلال والشك والتبلد، والتلدد(3) والتنقل من مذهب إلى مذهب، ومن مقالة إلى اخرى، وكان عاقبة أمره خسرا.

وإن إماما هذه منزلته من الله عزوجل - وبه ينتقم لنفسه ودينه وأوليائه وينجز لرسوله ما وعده من إظهار دينه على الدين كله ولو كره المشركون حتى لا يكون في الارض كلها إلا دينه الخالص به وعلى يديه - لحقيق(4) بأن لا يدعي

___________________________________

(1) ما قاله المؤلف في توجيه الخبر غير وجيه، وليس في الخبر تعيين الوقت منجزا حتى يحتاج إلى هذا التوجيه لئلا يعارض أخبار عدم التوقيت، والوجه فيه ما تقدم منا والا فلا نعلم المراد منه ونرد علمه إلى قائله صلوات الله عليه، ولا نحوم حول الفضول.

(2) في بعض النسخ " ولم ير صاحبه ".

(3) التبلد: عجز الرأى وضعف الهمة، وفى بعض النسخ " التبار " وهو الهلاك.و التلدد: التحير.

(4) " لحقيق " خبر " ان " ومعناه لجدير.

(*)

[191]

أهل الجهل محله ومنزلته، وألا يغوي أحد من الناس نفسه بادعاء هذه المنزلة لسواه، ولا يهلكها بالايتمام بغيره، فإنه إنما يوردها للهلكة ويصليها النار، نعوذ بالله منها، ونسأله الاجارة من عذابها برحمته.

45 - حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، قال: حدثنا محمد بن علي الكوفي، عن إبراهيم بن هاشم(1)، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " يقوم القائم وليس في عنقه بيعة لاحد ".

46 - حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: يقوم القائم وليس لاحد في عنقه عقد ولا عهد ولا بيعة "(2).

(فصل) ومما يؤكد أمر الغيبة ويشهد بحقيتها وكونها، وبحال الحيرة التى تكون للناس فيها وأنها فتنة لا بد من كونها ولن ينجو منها إلا الثابت على شدتها ما روي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) فيها وهوما:

1 - حدثنا به علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن أبى الجارود، عن مزاحم العبدي، عن عكرمة بن صعصعة، عن أبيه قال: كان علي(عليه السلام) يقول: " لا تنفك هذه الشيعة حتى تكون بمنزلة المعز لا يدرى الخابس(3) على

___________________________________

(1) رواية أبى سمينة عن ابراهيم بن هاشم غريب، ولم أعثر عليه الا في مورد آخر.

(2) تقدم الخبر بهذا السند ص 171 تحت رقم 4.

(3) في القاموس: خبس الشئ بكفه: أخذه، وفلانا حقه: ظلمه وغشمه، والخبوس: الظلوم، واختبسه: أخذه مغالبة، وماله: ذهب به، والمختبس: الاسد كالخابس.

وفي بعض النسخ هنا وفيما يأتي " الجاس " وهو من جسه بيده أى مسه.

(*)

[192]

أيها يضع يده(1) فليس لهم شرف يشرفونه، ولاسناد يستندون إليه في امورهم "(2).

2 - وأخبرنا علي بن الحسين بإسناده، عن محمد بن سنان، عن أبى الجارود، قال: حدثنا أبوبدر، عن عليم، عن سلمان الفارسي - رحمه الله تعالى - أنه قال: " لا ينفك المؤمنون حتى يكونوا كمواة المعز(3)، لا يدري الخابس على أيها يضع يده، ليس فيهم شرف يشرفونه ولاسناد يسندون إليه أمرهم ".

3 - وبه عن أبى الجارود، عن عبدالله الشاعر - يعنى ابن عقبة(4) - قال: سمعت عليا(عليه السلام) يقول: " كأنى بكم تجولون جولان الابل تبتغون مرعي، ولا تجدونها يا معشر الشيعة ".

4 - وبه عن ابن سنان، عن يحيى بن المثنى [العطار]، عن عبدالله بن -

___________________________________

(1) يعنى حتى يكونوا في الذلة والصغار كالمعز، لايدرى الظالم أيهم يظلم، كقصاب يتعرض لقطيع غنم لا يدرى أيها يأخذ للذبح، أو كالذئب يتعرض لقطيع المعز لايدرى أيها يفترس.

(2) الشرف المكان العالى أى ليس لهم مأوى ومعقل يشرفونه ويلتجئون اليه للاحتراز عن سيول الفتن والحوادث، أو الشرف بمعنى العلوبين الناس فالمعنى ليس لهم شرف يتشرفون بسببه فيدفع عنهم الاذى والقتل.

وفى بعض نسخ الحديث " ليس لهم شرف ترقونه " فهو بالمعنى الاول أنسب.

والسناد - بالكسر -: ما يستند اليه في الامور، والجملتان الاخيرتان كالتفسير لوجه التشبيه.

(3) أى حتى يكونوا بمنزلة المعز الميت، والمعز جنس واحدها: ماعز.وفى حديث " كالمعزى المواة التى لا يبالى الخابس أين يضع يده ".وفى روضة الكافى روى نحو الحديث الاول وفيه " كالمعزى المواة " وفى ذيله: سأل أحمد بن محمد راوى الحديث عن شيخه على بن الحكم: " ما المواة من المعز؟ قال: التى قد استوت لا يفضل بعضها على بعض " وقال العلامة المجلسى: لعل الراوى بين حاصل المعنى أى التشبيه بالميت انما هو في أنه لا يتحرك ولا يتأثر اذا وضعت يدك على أى جزء منه.ويحتمل على تفسيره أن يكون التشبيه لمجموع الشيعة بقطيع معز ضعفاء أو بمعز ميت، فالمراد أن يكون كلهم متساوين في الضعف والعجز.

(4) في بعض النسخ " يعنى ابن أبى عقب ".

(*)

[193]

بكير ; ورواه الحكم(1) عن أبي جعفر(عليه السلام) أنه قال: " كيف بكم إذا صعدتم فلم تجدوا أحدا، ورجعتم فلم تجدوا أحدا ".

5 - حدثنا عبدالواحد بن عبدالله قال: حدثنا محمد بن جعفر القرشي، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: حدثني محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(عليه السلام) أنه سمعه يقول: " لا تزالون تنتظرون حتى تكونوا كالمعز المهولة التي لا يبالي الجازر(2) أين يضع يده منها، ليس لكم شرف تشرفونه، ولا سند تسندون إليه أموركم ".

هل هذه الاحاديث - رحمكم الله - إلا دالة على غيبة صاحب الحق، وهو الشرف الذي يشرفه الشيعة، ثم على غيبة السبب(3) الذي كان منصوبا له(عليه السلام) بينه وبين شيعته وهو السناد الذي كانوا يسندون إليه أمورهم فيرفعها إلى إمامهم في حال غيبته(عليه السلام) والذي هو شرفهم، فصاروا عند رفعه كمواة المعز، وقد كان لهم في الوسائط بلاغ وهدى ومسكة للرماق(4) حتى أجرى الله تدبيره وأمضى مقاديره برفع الاسباب مع غيبة الامام في هذا الزمان الذى نحن فيه لتمحص من يمحص، وهلكة من يهلك، ونجاة من ينجو بالثبات على الحق، ونفي الريب والشك، والايقان بما ورد عن الائمة(عليهم السلام) من أنه لا بد من كون هذه الغمة، ثم انكشافها عند مشيئة الله، لاعند مشيئة خلقه واقتراحهم، جعلنا الله وإياكم يا معشر الشيعة المؤمنين المتمسكين بحبله المنتمين إلى أمره، ممن ينجو من فتنة الغيبة التى يهلك فيها من اختار لنفسه، ولم يرض باختيار ربه، واستعجل تدبير الله [سبحانه] ولم يصبر كما امر، وأعاذنا الله وإياكم من الضلالة بعد الهدى إنه ولي قدير

هذا آخر ما حضرني من الروايات في الغيبة، وهو يسير من كثير مما رواه الناس وحملوه، والله ولى التوفيق.

___________________________________

(1) كذا ولعل الصواب " رفعه إلى أبى جعفر عليه السلام ".

(2) المهولة أى المفزعة المخوفة فانه أقل امتناعا، والجازر: القصاب.

(3) اى أولا دالة على غيبة صاحب الحق ثم على غيبة السبب الذى بينه وبين الشيعة يعنى غيبة السفراء.

(4) كذا في نسخة، وفى بعضها " الارماق " وفى بعضها " لارماق ".

(*)

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

علماء السنة يجيزون لعن يزيد بن معاوية
آية اليوم يئس الذين ومسألة الإمام
العقل والروح مسيرة إحيائية واحدة
اليوم الآخر في القرآن الكريم
الرعية في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك ...
بغض بعض الصحابة لعلي(عليه السلام)
هل ان عيسی عليه السلام ابن الله جل وعلا
كيف يجزى الانسان بثار عمله في الدنيا
المعاد (1)
الامام علي (ع ) يرفض المبايعة على سيرة الشيخين :

 
user comment