هي من سنّة عمر لا من سنّة الرسول :
السؤال : لماذا الشيعة لا يصلّون صلاة التراويح ؟ وكثير من صلوات السنّة ؟ ومن هذا المنطلق أهل السنّة يسمّون الشيعة بالروافض ، لأنّه على حدّ قولهم : أنّ الشيعة يرفضون اتباع سنّة الرسول (صلى الله عليه وآله) .
الجواب : إنّ الله تعالى فرض على عباده الفرائض ، وأوحى بها إلى رسوله (صلى الله عليه وآله) لتبليغ ذلك إلى أُمّته ، فكُلّ صلاة وصيام وحجّ وزكاة وغيرها من الفرائض كانت عن الله تعالى ، أوحاها إلى نبيّه (صلى الله عليه وآله) وبلّغها بدوره إلى أُمّته .
وهكذا ، فإنّ أيّة عبادة تسمّى توقيفية ، أي تتوقّف مشروعيتها على استئذان الشارع واعتباره إيّاها ، وما عدا ذلك من صلاة بما أنّها لم تكن من قبل النبيّ (صلى الله عليه وآله) مشرّعة فإنّها بدعة ، والبدعة هي إدخال ما ليس في الدين في الدين .
وعندها فإنّ العبادة التي لم يشرّعها الشارع تعدّ غير مشروعة وغير معتبرة ، ومن يدري فلعلّ ما نفعله دون إذن الشارع من العبادة التي هي التقرّب إلى الله تعالى ستكون مبعّدة عن الله تعالى ، بل سننال سخطه تعالى وغضبه .
ومن هنا فإنّ الشيعة الإمامية لا تتعدّى النصّ الوارد عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في إحداث أيّة عبادة لم يأمر بها (صلى الله عليه وآله) ، وليس لأحد الحقّ في تشريع عبادة معيّنة ، فإذا
|
الصفحة 196 |
|
شرّعها أحد دون النبيّ (صلى الله عليه وآله) صارت تلك العبادة بدعة ، واستحقّ بذلك سخط الله تعالى وغضبه .
وهكذا في صلاة التراويح ، فلم يرد فيها نصّ قرآني ولا حديث نبوي حتّى يمكننا أن نقول بشرعية هكذا عبادة ، أمّا إذا كانت مستندة إلى اجتهاد رجل ورأي يرتأيه ، فهذا ما لا تعتبره الإمامية مشروعاً بل تعتبره بدعة .
واليكِ ممّن اعترف بأنّ صلاة التراويح هي ليست من سنّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، بل هي من سنّة عمر بن الخطّاب ، وهو أوّل من سنّها وجمع الناس عليها ، كما نصّ عليه الباجي والسيوطي والسكتواري وغيرهم .
وإنّ إقامة النوافل بالجماعات في شهر رمضان من محدثات عمر ، وأنّها بدعة حسنة (1) .
( هويدا . ... . ... )
السؤال : لماذا لا نصلّي التراويح مثل أهل السنّة ؟
الجواب : نعلمك بأنّ صلاة التراويح في الواقع هي صلاة الألف ركعة النافلة في شهر رمضان ، وورد في فضل هذه الصلاة فضل كثير ، ولكن عمر بن
____________
1- كتاب الموطّأ 1 / 114 ، صحيح البخاري 2 / 252 ، السنن الكبرى للبيهقي 2 / 493 ، فتح الباري 4 / 219 ، المدونة الكبرى 1 / 222 ، تنوير الحوالك : 137 ، المغني لابن قدامة 1 / 798 ، الشرح الكبير 1 / 747 ، نيل الأوطار 3 / 63 ، نصب الراية 2 / 174 ، الجامع لأحكام القرآن 2 / 87 ، تفسير القرآن العظيم 1 / 166 ، تاريخ بغداد 8 / 51 ، سير أعلام النبلاء 10 / 70 ، تاريخ المدينة 2 / 714 ، سبل الهدى والرشاد 1 / 365 ، تحفة الأحوذي 3 / 450 ، المصنّف للصنعاني 4 / 259 ، صحيح ابن خزيمة 2 / 155 ، شرح نهج البلاغة 12 / 159 ، التعديل والتجريح 1 / 46 ، كنز العمّال 8 / 407 ، سبل السلام 2 / 10 .
|
الصفحة 197 |
|
الخطّاب أضاف إلى هذه النافلة " الجماعة " ، أي أنّها تصلّى جماعة لا فرادى .
وكما هو المعلوم : أنّ العبادات توقيفية ، أي أنّها تؤدّى كما ذكرها الشارع ، والإضافة على ما جاء به الشارع يكون بدعة ، ولهذا لمّا أضاف عمر الجماعة إلى النافلة وقال : نعمت البدعة .
( محمّد . عمان . 22 سنة . طالب جامعة الطبّ )
أدلّة مشروعيتها عند أهل السنّة :
السؤال : ما هو دليل العامّة على مشروعية صلاة التراويح ؟ وما هو ردّنا العلمي على ذلك ؟
الجواب : ابتدع أهل السنّة صلاة التراويح ـ وهي قيام ليالي شهر رمضان جماعة ـ ودليلهم : أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي جمع الناس على إمام واحد ، ولم يشرّعها النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ولم يسنّها بل كانت سنّة عمر .
على أنّ عمر بن الخطّاب قال معترفاً بأنّها ليس من تشريع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بل هي بدعةً ابتدعها ، إلاّ أنّه وصفها أنّها بدعة حسنة .
قال عبد الرحمن بن عبد القاري : " خرجت مع عمر بن الخطّاب ليلة في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرّقون ، يصلّي الرجل لنفسه ، ويصلّي الرجل فيصلّي بصلاته الرهط .
فقال عمر : إنّي أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثمّ عزم فجمعهم على أُبي بن كعب ، قال : ثمّ خرجت معه في ليلة أُخرى والناس يصلّون بصلاة قارئهم ، فقال عمر : نعمت البدعة هذه ... " (1) .
____________
1- المغني لابن قدامة 1 / 798 ، تحفة الأحوذي 3 / 450 ، نصب الراية 2 / 174 ، كنز العمّال 8 / 407 ، تلخيص الحبير 4 / 247 ، كتاب الموطّأ 1 / 114 ، تنوير الحوالك : 137 ، الشرح الكبير 1 / 747 ، نيل الأوطار 3 / 63 ، صحيح البخاري 2 / 252 ، فتح الباري 4 / 219 ، المصنّف للصنعاني 4 / 259 ، صحيح ابن خزيمة 2 / 155 .
|
الصفحة 198 |
|
على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان قد نهى عنها ، وإليك ما رواه البخاري : حدّثنا عبد الأعلى بن حمّاد قال : حدّثنا وهيب قال : حدّثنا موسى بن عقبة ، عن سالم أبي النضر ، عن بسر بن سعيد ، عن زيد بن ثابت : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) اتخذ حجرة ، قال : حسبت إنّه قال : من حصير في رمضان فصلّى فيها ليالي ، فصلّى بصلاته ناس من أصحابه ، فلمّا علم بهم جعل يقعد ، فخرج إليهم فقال : " قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم ، فصلّوا أيّها الناس في بيوتكم ، فإنّ أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة " (1) .
وأنت ترى صراحة نهي النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن الإتيان بهذه الصلاة ، ومن ثمّ اعترف عمر بأنّها لم تسنّ من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، بل ابتدعها من عنده ، علماً أنّ البدعة : الحدث وما ابتدع من الدين بعد الإكمال .
ومن الغريب تقسيم ابن الأثير البدعة إلى بدعتين : بدعة هدى وبدعة ضلال ، وقال : " وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله (صلى الله عليه وآله) ، ومن هذا النوع قول عمر : نعمت البدعة هذه ، لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيّز المدح سمّاها بدعة ومدحها ، لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) لم يسنّها لهم ، وإنّما صلاّها ليالي ثمّ تركها ولم يحافظ عليها ، ولا جمع الناس لها ، ولا كانت في زمن أبي بكر ، وإنّما عمر جمع الناس عليها وندبهم إليها ... " (2) .
وهذا كما ترى من غريب ما يعتذر به ، فاعترافه بدعة وإنّها لم يأمر بها النبيّ (صلى الله عليه وآله) ولم يسنّها ، دليل كاف على أنّها بدعة ، وكُلّ بدعة ضلالة ، وكُلّ ضلالة في النار .
هذا ما رووه أهل السنّة فضلاً عن الشيعة ، فكيف تكون بعد ذلك البدعة نوعان : بدعة هدى وبدعة ضلال ؟ وهذا العذر يمكن أن يعتذر به كُلّ أحد ، فإذا قلنا للسارق لماذا سرقت ؟ قال : السرقة نوعان : سرقة حرام وسرقة
____________
1- صحيح البخاري 1 / 178 .
2- النهاية في غريب الحديث 1 / 106 .
|
الصفحة 199 |
|
حلال ، وهذه سرقتي حلال ، فعلتها طلباً لقوت أطفالي ، وهكذا يمكن أن يفتح باباً للاعتذار عن كُلّ ذنب ومعصية ، ولا يحقّ لأحد الاعتراض عليه بعد ذلك .
على أنّه يمكن لأيّ أحد أن يبتدع صلاةً معيّنة ، أو عملاً معيّناً ويقول : هي بدعة ، ولكن نعمت البدعة هذه ... كما فعل من قبلي عمر !!
وأنت تعلم أنّ العبادة أمر توقيفي ، أي أنّها موقوفة من قبل الشارع ، فما لم يأمر به الشارع فلا يجوز الإتيان به ، فكيف نتعبّد بأمرٍ نهى عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟!
أليس العبادة هي التقرّب إلى الله تعالى ، فكيف نتقرّب إلى الله بشيء مبغوض ، فإنّ الأمر المنهي عنه مبغوض عند الله ، إذ لا ينهي النبيّ عن شيء إلاّ كونه مبغوض ، فكيف نتقرّب إلى الله بشيء مبغوض ؟!
وهل فات النبيّ (صلى الله عليه وآله) تشريع صلاة التراويح ؟ إذا كانت مندوبة عند الله تعالى ومطلوبة ، فهل غفل عن ذلك النبيّ (صلى الله عليه وآله) وسبقه إلى ذلك عمر ؟! سؤال نطرحه إلى كُلّ من رأى محبوبية صلاة التراويح وتشريعها .
فإننا أتباع سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وليس سنّة أحد ، فكُلّ سنّة دون سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بدعة ، وكُلّ بدعة ضلالة ، وكُلّ ضلالة في النار .
أعاذنا الله وإيّاك من البدع ، ووفّقنا للعمل بسنّة رسوله (صلى الله عليه وآله) .
( عبد الله . الكويت . 28 سنة . خرّيج ثانوية )
السؤال : تحية طيّبة ، وبعد :
أقول : لقد تقدّم القول : إنّ البدعة ـ في المعنى الاصطلاحي الشرعي ـ هي إدخال ما ليس من الدين في الدين ، وهذا التعريف ـ أي الإدخال في الدين ـ يحتمل معنى الزيادة ومعنى الإنقاص أيضاً .
ولنبدأ بتعريف صلاة التراويح : هي النافلة جماعة في ليالي شهر رمضان ، وإنّما سمّيت تراويح للاستراحة فيما بعد كُلّ أربع ركعات .
|
الصفحة 200 |
|
نبحث بما روى عن الرسول (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : " أيّها الناس إنّ الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في الجماعة بدعة ، وصلاة الضحى بدعة ، ألا فلا تجتمعوا ليلاً في شهر رمضان لصلاة الليل ، ولا تصلّوا صلاة الضحى فإنّ تلك معصية ، ألا فإنّ كُلّ بدعة ضلالة ، وكُلّ ضلالة سبيلها إلى النار " ثّم نزل (صلى الله عليه وآله) وهو يقول : " قليل في سنّة خير من كثير في بدعة " (1) .
وروي عن زيد بن ثابت قال : احتجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجيرة مخصفة أو حصيراً ، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليها ، فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلّون بصلاته ، ثمّ جاءوا إليه فحضروا ، وأبطأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنهم ، فلم يخرج إليهم ، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب ، فخرج إليهم مغضباً ، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " ما زال بكم صنيعكم حتّى ظننت أنّه سيكتب عليكم ، فعليكم بالصلاة في بيوتكم ، فإنّ خير صلاة المرء في بيته ، إلاّ الصلاة المكتوبة " (2) .
وعن أنس قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلّي في رمضان ، فجئت فقمت إلى جنبه ، وجاء رجل فقام أيضاً حتّى كنّا رهط ، فلمّا أحسّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّا خلفه جعل يتجوّز في الصلاة ، ثمّ دخل رحله فصلّى صلاة لا يصلّيها عندنا ، قال : قلنا لـه حين خرج : أفطنت بنا الليلة ؟ فقال : " نعم ، ذاك الذي حملني على الذي صنعت " (3) .
وعن أبي سلمة ، أنّه سأل عائشة : كيف كانت صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في رمضان ؟
فقالت : ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يزيد في رمضان ولا في غيرها على إحدى عشرة ركعة ، يصلّي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثمّ يصلّي أربعاً فلا تسألوا عن حسنهن وطولهن ، ثمّ يصلّي ثلاثاً .
____________
1- من لا يحضره الفقيه 2 / 137 ، الاستبصار 1 / 468 ، تهذيب الأحكام 3 / 70 .
2- صحيح البخاري 7 / 99 ، صحيح مسلم 2 / 188 ، المعجم الكبير 5 / 144 .
3- صحيح مسلم 3 / 134 .
|
الصفحة 201 |
|
فقالت عائشة : فقلت : يا رسول الله ، أتنام قبل أن توتر ؟ قال : " يا عائشة ! إنّ عيني تنامان ، ولا ينام قلبي " (1) .
وسُئل عمر عن الصلاة في المسجد فقال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " الفريضة في المسجد ، والتطوّع في البيت " (2) .
ومثل هذه الأحاديث الصحيحة كثيرة جدّاً في كتب أرباب الحديث ، ولكن الغريب أنّ بعضهم قال : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) أتى بها ثمّ تركها من غير نسخ ، وهو يتعارض مع قولـه (صلى الله عليه وآله) : " فعليكم بالصلاة في بيوتكم " ، وقولـه (صلى الله عليه وآله) : " ذلك الذي حملني على الذي صنعت " ، وغضبه لاجتماعهم في النافلة ، لا يعني مطلقاً أنّ التراويح كانت عملاً جائزاً .
والأغرب من هذا كُلّه ، أنّ كتب الحديث والتاريخ تقول : أنّ صلاة التراويح من مبدعات عمر بن الخطّاب ... فلماذا هذه الدعاوى وهذه التعاليل ؟!
ولذا ، فإنّ صلاة التراويح لم يشرّعها الشارع المقدّس بل هي بدعة ، وقد روي عنه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : " من رغب عن سنّتي فليس منّي " (3) .
ومن أقوال علماء أهل السنّة بأنّ صلاة التراويح هي من فعل عمر بن الخطّاب ، وليست من عمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
قال أبو الوليد محمّد بن الشحنة حيث ذكر وفاة عمر في حوادث سنة 33 من تاريخه : " هو أوّل من نهى عن بيع أُمّهات الأولاد ، وجمع الناس على أربع تكبيرات في صلاة الجنائز ، وأوّل من جمع الناس على إمام يصلّي بهم التراويح ، الخ " .
ولما ذكر السيوطي في تاريخه أوّليات عمر نقلاً عن العسكري قال : " هو أوّل من سمّي أمير المؤمنين ... ، وأوّل من سنّ قيام شهر رمضان ـ
____________
1- الموطّأ 1 / 120 ، صحيح البخاري 2 / 47 و 252 ، صحيح مسلم 2 / 166 ، سنن أبي داود 1 / 301 .
2- الجامع الصغير 2 / 231 ، كنز العمّال 7 / 771 و 8 / 384 .
3- صحيح البخاري 6 / 116 ، صحيح مسلم 4 / 129 ، سنن النسائي 6 / 60 .
|
الصفحة 202 |
|
بالتراويح ـ ... ، وأوّل من حرّم المتعة ... ، وأوّل من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات ... " (1) .
وقال ابن سعد : " وهو أوّل من سنّ قيام شهر رمضان ـ بالتراويح ـ وجمع الناس على ذلك ، وكتب به إلى البلدان ، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة ، وجعل للناس بالمدينة قارئين ، قارئاً يصلّي بالرجال ، وقارئاً يصلّي بالنساء ... " (2) .
وقال الشوكاني : " وقال مالك وأبو يوسف وبعض الشافعية وغيرهم : الأفضل فرادى في البيت لقولـه (صلى الله عليه وآله) : " أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة " متّفق عليه .
وقالت العترة : إنّ التجميع فيها بدعة (3) .
أضف إلى هذا ، أنّ إعفاء النافلة من الجماعة يمسك على البيوت حظّها من البركة والشرف بالصلاة فيها ، ويمسك عليها حظّها من تربية الناشئة على حبّها والنشاط لها ، ذلك لمكان القدوة في عمل الآباء والأُمّهات ، والأجداد والجدّات ، وتأثيره في شدّ الأبناء إليها شدّاً يرسخها في عقولهم وقلوبهم .
وقال عبد الله بن سعد : سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أيّما أفضل : الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد ؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : " ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد ! فلأن أصلّي في بيتي أحبّ إليّ من أن أصلّي في المسجد ، إلاّ أن تكون صلاة مكتوبة " (4) .
____________
1- الإمامة والسياسة : 126 .
2- الطبقات الكبرى 3 / 281 .
3- نيل الأوطار 3 / 60 .
4- سنن ابن ماجة 1 / 439 ، الآحاد والمثاني 2 / 145 ، مسند الشاميين 2 / 159 .
|
الصفحة 203 |
|
وعن زيد بن ثابت : أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) ... فقال (صلى الله عليه وآله) : " ... فصلّوا أيّها الناس في بيوتكم ، فإنّ أفضل صلاة المرء في بيته ، إلاّ الصلاة المكتوبة " (1) .
وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " أكرموا بيوتكم ببعض صلاتكم " (2) .
وعنه (صلى الله عليه وآله) قال : " مثل الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحيّ والميت " (3) .
وعن جابر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده ، فليجعل لبيته نصيباً من صلاته ، فإنّ الله جاعل في بيته من صلاته خيراً " (4) .
وما روي عن ابن أبي الحديد : أنَّ الإمام (عليه السلام) بعث الحسن (عليه السلام) ليفرّقهم عن الجماعة في نافلة رمضان .
ففي شرح النهج : " روي أنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) لمّا اجتمعوا إليه بالكوفة ، فسألوه أن ينصب لهم إماماً يصلّي بهم نافلة شهر رمضان ، زجرهم وعرّفهم أنّ ذلك خلاف السنّة فتركوه ، واجتمعوا لأنفسهم وقدّموا بعضهم ، فبعث إليهم ابنه الحسن (عليه السلام) ، فدخل عليهم المسجد ومعه الدرّة ، فلمّا رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا : وا عمراه " (5) .
ومن خلال التأمّل في الروايات المتقدّمة ، تراها أجمعت على النهي عن أداء صلاة التراويح جماعة ، غاية الأمر أنَّ بعض الروايات أرجعت النهي
____________
1- مسند أحمد 5 / 182 ، صحيح البخاري 1 / 178 و 8 / 142 ، سنن النسائي 3 / 198 ، السنن الكبرى للبيهقي 2 / 494 و 3 / 109 .
2- المستدرك 1 / 313 ، المصنّف للصنعاني 1 / 393 ، صحيح ابن خزيمة 2 / 213 ، الجامع الصغير 1 / 212 .
3- مسند أبي يعلى 13 / 291 ، الجامع الصغير 2 / 528 ، كشف الخفاء 2 / 197 .
4- مسند أحمد 3 / 316 ، صحيح مسلم 2 / 187 ، المصنّف لابن أبي شيبة 2 / 157 ، مسند أبي يعلى 3 / 446 .
5- شرح نهج البلاغة 12 / 283 .
|
الصفحة 204 |
|
إلى أسباب خشية رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن تكتب عليهم أي أن تفرض عليهم فتكون جزءً من التشريع بتلك الكيفية .
فأعترف بأنّها بدعة وخلاف السنّة ، وهم يروون عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : " كُلّ بدعة ضلالة ، وكُلّ ضلالة في النار " (1) .
وأقول لمن يريد الحقّ : فليراجع المصادر ، ويبتعد عن التعصّب والجاهلية ، وليعلم بأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لأصحابه : " ذَرُوني ما تركتكم ، فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، ما نهيتكم عنه فانتهوا ، وما أمرتكم فأتوا منه ما استطعتم " (2) ، ثمّ يقول في الحديث التالي : " مَن أطاعني فقد أطاع الله ، ومَن عصاني فقد عصى الله " (3) .
ويقول الله تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَا نْتَهُوا } (4) ، وقال أيضاً : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } (5) .
وأخيراً ، نسأل الله تعالى أن يجمعنا على كلمة الحقّ .
( أبو علي . الكويت . ... )