عربي
Sunday 24th of November 2024
0
نفر 0

السؤال : إنّي شيعي ولله الحمد ، ومن القائلين بعصمة الأنبياء ، وأطلب منكم شاكراً معرفة أدلّة عصمة الأنبياء ، وعلاقتها مع الآية التالية : { فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ قَالَ رَبِّ

الأدلّة على عصمة الأنبياء :

السؤال : إنّي شيعي ولله الحمد ، ومن القائلين بعصمة الأنبياء ، وأطلب منكم شاكراً معرفة أدلّة عصمة الأنبياء ، وعلاقتها مع الآية التالية : { فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لـه إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }(2) .

الجواب : إنّ الأدلّة على عصمة الأنبياء (عليهم السلام) كثيرة ، فقد ذكر العلاّمة الحلّي ثلاثة منها في " كشف المراد " (3) ، وأضاف إليها القوشجي دليلين آخرين في " شرح التجريد " (4) ، وذكر الإيجي تسعة أدلّة في " المواقف " (5) .

ونقتصر في هذا المجال على ذكر دليلين ، هما :

1ـ الوثوق فرع العصمة .

____________

1- منها : التوبة : 119 ، المائدة : 55 ، الرعد : 43 ، النساء : 41 ، الحجّ : 77 ـ 78 ، النحل : 43 ، الأنبياء : 73 ، السجدة : 24 ، النور : 55 .

2- القصص : 15 ـ 16 .

3- كشف المراد : 471 .

4- شرح تجريد العقائد : 358 .

5- المواقف : 359 .


الصفحة 320


إنّ التبليغ يعمّ القول والفعل ، فكما في أقوال النبيّ تبليغ فكذلك في أفعاله ، فالرسول(صلى الله عليه وآله) معصوم عن المعصية وغيرها ، لأنّ فيها تبليغاً لما يناقض الدين ، وهو معصوم من ذلك .

ولا يفتقر ذلك على زمن البعثة فقط ، وإنّما يشمل ما قبلها أيضاً ، لأنّه لو كانت سيرة النبيّ (صلى الله عليه وآله) غير سليمة قبل البعثة ، فلا يحصل الوثوق الكامل به ، وإن صار إنساناً مثاليّاً .

إذاً ، فتحقّق الغرض الكامل من البعثة ، رهن عصمته في جميع فترات عمره .

2ـ التربية رهن عمل المربّي .

إنّ الهدف العام الذي بُعث الأنبياء لأجله ، هو تزكية الناس وتربيتهم ، ومعلوم أنّ فاقد الشيء لا يعطيه ، فلذا لابدّ من التطابق بين مرحلتي القول والعمل ، وهذا الأصل التربوي يجرّنا إلى القول بأنّ التربية الكاملة المتوخّاة من بعثة الأنبياء ، لا تحصل إلاّ بمطابقة أعمالهم لأقوالهم ، فإنّ لسوابق الأشخاص وصحائف أعمالهم الماضية تأثيراً في قبول الناس كلامهم وإرشاداتهم .

أمّا ما ذكرته بالنسبة للآية المباركة من سورة القصص ، فإنّ الأصل في الأنبياء العصمة ، والأدلّة من القرآن والسنّة والعقل صريحة بالعصمة ، وكلّ ما ورد بحيث يكون ظاهره مناف للعصمة ، فلابدّ من البحث عن التأويل لـه وفهم معناه .

فقد روى الشيخ الصدوق (قدس سره) بسنده عن علي بن محمّد بن الجهم قال : " حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) ، فقال لـه المأمون : يا ابن رسول الله ، أليس من قولك : الأنبياء معصومون ؟ قال : " بلى " ... .


الصفحة 321


قال : ... فأخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : { فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } .

قال الرضا (عليه السلام) : " إنّ موسى (عليه السلام) دخل مدينةً من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها ، وذلك بين المغرب والعشاء ، فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوّه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوّه ، فقضى موسى على العدو وبحكم الله تعالى ذكره { فَوَكَزَهُ } فمات ، { قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } ، يعني الاقتتال الذي وقع بين الرجلين ، لا ما فعله موسى (عليه السلام) من قتله ، إنه ـ يعني الشيطان ـ عدوّ مضلّ مبين " .

فقال المأمون : فما معنى قول موسى (عليه السلام) : { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي } ؟

قال : " يقول : إنّي وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة ، { فَاغْفِرْ لِي } أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني ، فغفر لـه إنّه هو الغفور الرحيم .

قال موسى : ربّ بما أنعمت عليّ من القوّة حتّى قتلت رجلاً بوكزة ، فلن أكون ظهيراً للمجرمين ، بل أجاهد سبيلك بهذه القوّة حتّى ترضى ... " (1) .

( راشد علي . ... . ... )

عصمة الأئمّة في التشريع وغيره :

السؤال : تحية طيّبة وبعد .

ما هو الدليل على عصمة الأئمّة (عليهم السلام) في غير ما يرتبط بالشريعة ؟

____________

1- عيون أخبار الرضا 2 / 174 .


الصفحة 322


الجواب : هنالك عدّة أدلّة لبيان عصمتهم بشكل عام ، غير مختصّة بالعصمة في التشريع ، ونكتفي ببيان بعضها من القرآن الكريم :

قال تعالى : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } (1) .

إنّ تحلية الرجس بـ" أل " دليل على الشمولية والعموم ، كما قرّر في محلّه من علم اللغة ـ سواء أُريد منها الاستغراق أو الجنس ـ ولا يمكن جعلها عهدية ، لعدم تقدّم ذكر أو إشارة إلى الرجس حتّى تكون عهدية ، وهذه الشمولية تعني نفي الرجس عن هؤلاء البررة نفياً عامّاً ، شاملاً لجميع مستويات الرجس ، سواء على مستوى الاعتقاد ، أم الأعمال ، أم الأخلاق والسلوك ، أم التعلّق بغير الله تعالى ، فكُلّ رجس وكُلّ قذارة قد أذهبها الله تعالى عنهم ، وأثبت مكانها الطهارة المؤكّدة .

وقال تعالى : { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } (2) .

حيث تفيد هذه الآية المباركة أنّ كُلّ ظلم ـ وبجميع أقسامه ـ ممنوع عن منصب الإمامة ، والمعروف في اللغة أنّ الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه ، فتكون النتيجة ممنوعية كُلّ فرد من أفراد الظلمة عن الارتقاء لمنصب الإمامة ، سواء كان ظالماً في فترة من عمره ثمّ تاب أو لا .

ومن السنّة النبوية :

ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) متواتراً قولـه : " إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً " .

____________

1- الأحزاب : 33 .

2- البقرة : 124 .


الصفحة 323


وبما أنّ القرآن الكريم محفوظ من الزلل والخطأ لأنّه من عند الله تعالى ، فكذلك ما قرن به ، وهم عترة محمّد (صلى الله عليه وآله) ، وإلاّ لما صحّت المقارنة .

وحاشا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقول شيئاً من عنده { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى } (1) .

( حسن عبد الله . ... . ... )

تفسير قولـه : { هَمَّتْ بِهِ هَمَّ بِهَا }

السؤال : بعد الدعاء لكم بطول العمر والتوفيق والتسديد لكُلّ خير وصلاح ، نرجو التكرّم بالجواب على السؤال التالي :

قال أحد المفسّرين عند تفسيره لقولـه تعالى : { وَهَمَّ بِهَا } (2) : وهكذا نتصوّر موقف يوسف ، فقد أحسّ بالانجذاب في إحساس لا شعوري ، وهمّ بها استجابة لذلك الإحساس ، كما همّت به ، ولكنّه توقّف وتراجع .

علماً أنّه في مكان آخر يقول : إنّ همّ يوسف هذا الذي كان نتيجة الانجذاب اللاشعوري ، هو أيضاً لا شعوري بل طبعي ، وأنّ قصد المعصية من يوسف لم يحصل .

فما رأيكم بقولـه هذا ؟ هل يتنافى مع عصمة الأنبياء (عليهم السلام) حسب رأي الشيعة في العصمة أم لا ؟ وإن كان جوابكم بأنّه مناف لها ، فالرجاء بيان وجه المنافاة .

الجواب : إنّ ما نقلتموه في تفسير تلك الآية لا يتوافق مع العقيدة الصحيحة في شأن الأنبياء (عليهم السلام) ، ولمزيد من التوضيح نذكر رؤوساً للنقاط الهامّة في هذا المجال :

____________

1- النجم : 4 .

2- يوسف : 24 .


الصفحة 324


أوّلاً : إنّ عصمة الأنبياء (عليهم السلام) مسألة ثابتة بالأدلّة العقلية والنقلية ـ كما ذكر في محلّه ـ وعليه فالانجذاب نحو المعصية ـ حتّى ولو كان عن غير شعور ـ يتنافى مع مقام العصمة ، لأنّ العصمة هي الابتعاد عن المعصية والهمّ بها .

ثانياً : إنّ قول ذلك القائل يتعارض مع روايات أهل البيت (عليهم السلام) في هذا المجال ، ففي أكثرها إنّ متعلق الهمّ يختلف عند يوسف (عليه السلام) وامرأة العزيز ، إذ أنّ امرأة العزيز همّت بفعل الفاحشة ، ولكن يوسف (عليه السلام) همّ بعدم فعلها ، أو أنّ يوسف (عليه السلام) همّ بضربها ، أو قتلها إن أجبرته على ذلك .

ثالثاً : على فرض عدم قبول هذه الروايات ـ سنداً أو دلالةً ـ فالآية بظاهرها كافية في ردّ كلام القائل ، فإنّ { لولا } ملحقة بأدوات الشرط ، وتحتاج إلى جزاء ، فجملة { وَهَمَّ بِهَا } تكون جزاءً مقدّماً عليها .

وأمّا على تقدير كلام ذلك القائل ، فاللازم أن تكون الجملة هكذا " فلولا " أو " ثمّ لولا " أي السياق حينئذٍ يقتضي أن يؤتى بعبارة فصلية لا وصلية .

( علي العلي . الكويت . ... )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : هل كانت الشيعة في زمن الرسول ؟ وما رأي ...
السؤال : لماذا نرى بالمذهب الشيعي الصلاة على ...
هل منزلة الأئمة الأطهار أرفع منزلة من الأنبياء ...
السؤال : من المؤكّد أنّ العصمة الموعودة من الله ...
الخطبة الشقشقية
لماذا صار يوم عاشوراء اعظم الايام مصيبة
السؤال : هذه شبهة وردت في إحدى مواقع الوهّابية في ...
السؤال : هل توجد رواية في كتب أهل السنّة تبيّن ...
ما هو سرّ الخليقة وفلسفة الحياة؟!
السؤال : قال الإمام علي أمير المؤمنين : " أنا الذي ...

 
user comment