لا غلوّ في حبّ علي وما قاله :
السؤال : أُودّ أن أفهم مدى الغلوّ في الإمام علي ؟ وكيف أنّ الإمام علي روح من الرسول (صلى الله عليه وآله) ؟ وكيف أنّ الإمام علي (كرّم الله وجه) قال : " أنا عبد من عبيد الرسول " ؟
الجواب : نودّ إعلامك : أنّ الغلوّ بمعنى تجاوز الشيء حدّه ، لذا نهي عن الغلوّ في قولـه تعالى : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الحقّ } (1) ، لأنّ النصارى قالوا : إنّ المسيح ابن الله ، وهذا غلوّ في حقّ عيسى كونه ابن الله ، وغلوّ في حقّ الله تعالى لأنّهم نسبوا لـه ولداً ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً .
ثمّ إذا كان قصدك من الغلوّ في الإمام علي (عليه السلام) هو الحبّ الذي تكنّه الشيعة لـه ، فهذا لا يعدّ غلوّاً ، فإنّ الشيعة قد تبعت بذلك الله تعالى ورسوله ، ولم تتجاوز ذلك أبداً ، ففي حديث الراية ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " لأعطين الراية غداً رجلاً يحبّه الله ورسوله ، يفتح الله عليه " ، فإذا نحن بعليٍ وما نرجوه ، فقالوا : هذا علي ، فأعطاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ففتح الله عليه (2) .
____________
1- المائدة : 77 .
2- فضائل الصحابة : 15 ، مسند أحمد 5 / 333 ، صحيح البخاري 4 / 20 و 207 و 5 / 76 ، السنن الكبرى للبيهقي 6 / 362 ، مجمع الزوائد 6 / 150 ، مسند أبي داود : 320 ، كتاب السنّة : 594 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 46 و 108 و 173 ، خصائص أمير المؤمنين : 49 و 56 و 61 ، المعجم الكبير 7 / 31 و 18 / 237 ، دلائل النبوّة : 124 ، شرح نهج البلاغة 11 / 234 و 13 / 186 ، نظم درر السمطين : 98 ، كنز العمّال 10 / 468 و 13 / 162 ، فيض القدير 6 / 465 ، شواهد التنزيل 2 / 36 ، الثقات 2 / 12 و 267 ، الكامل في التاريخ 5 / 52 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 82 و 88 و 97 و 118 و 123 ، تهذيب الكمال 20 / 485 ، تهذيب التهذيب 7 / 296 ، الإصابة 4 / 466 ، أنساب الأشراف : 93 ، الجوهرة : 68 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 56 ، البداية والنهاية 4 / 211 و 7 / 251 و 372 ، السيرة النبوية لابن هشام 3 / 797 ، المناقب : 108 و 170 و 199 ، السيرة النبوية لابن كثير 3 / 351 ، سبل الهدى والرشاد 2 / 32 و 10 / 62 ، ينابيع المودّة 1 / 153 و 2 / 231 و 390 ، النهاية في غريب الحديث 2 / 140 ، لسان العرب 10 / 430 و 14 / 352 ، تاج العروس 7 / 133 .
|
الصفحة 441 |
|
وعن عوف بن أبي عثمان النهدي قال : قال رجل لسلمان : ما أشدّ حبّك لعلي! قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : " من أحبّ علياً فقد أحبّني ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني " (1) .
وهكذا ورد في علي بن أبي طالب كُلّ خير ، وفي موالاته كُلّ نجاة ، فهل حبّه الذي فرضه النبيّ (صلى الله عليه وآله) علينا يعدّ غلوّاً وتجاوزاً ، أعيذك بالله أن تجعل ما فعله النبيّ (صلى الله عليه وآله) غلوّاً وغير الحقّ ، وهكذا هو تعاملنا مع علي (عليه السلام) لا يتجاوز ما أمرنا النبيّ (صلى الله عليه وآله) في حبّه وولايته .
وأيضاً في قولـه تعالى : { وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } (2) فعن ابن عباس قال : { وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ } يعني يحبّ الله ، { وَرَسُولَهُ } يعني محمّداً ، { وَالَّذِينَ آمَنُواْ } يعني ويحبّ علي بن أبي طالب ، { فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } يعني شيعة الله ، وشيعة محمّد ، وشيعة علي هم الغالبون ، يعني العالون على جميع العباد ، الظاهرون على المخالفين لهم .
____________
1- المستدرك على الصحيحين 3 / 130 ، المناقب : 70 .
2- المائدة : 56 .
|
الصفحة 442 |
|
قال ابن عباس : فبدأ الله في هذه الآية بنفسه ، ثمّ ثنّى بمحمّد ، ثمّ ثلّث بعلي ، ثمّ قال : فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " رحم الله علياً ، اللهم أدر الحقّ معه حيث دار " .
قال ابن مؤمن ـ من علماء أهل السنّة ـ : " لا خلاف بين المفسّرين أنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين علي " (1) .
فإذا كان الأمر في علي هكذا ، فهل هذا غلوّ ؟ وهل تقول الشيعة غير هذا في علي (عليه السلام) ، فهذه مرويّات أهل السنّة تؤكّد ما تذهب إليه الشيعة ، وما تعتقده في علي ، فهل هذا يعدّ غلوّاً فيه ؟!
وما ذكرته من السؤال : كيف أنّ الإمام علي (عليه السلام) روح من الرسول (صلى الله عليه وآله) ؟ فإنا نؤكّد أنّ المقصود من الروح في سؤالك تعني به إمّا قبل الخلقة ، وإمّا بعد الخلقة :
أمّا قبل الخلقة : فإنّ حديث النورانية يؤكّد أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) كانا نوراً واحداً ، فلمّا خلق الله آدم قسّم ذلك النور إلى جزئين ، فجزء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجزء علي (عليه السلام) ، وهذا الحديث قد تواتر عند علماء أهل السنّة ، كما تواتر عند علماء الشيعة ، فعن سلمان المحمّدي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : " كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى ، قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلمّا خلق الله آدم قسّم ذلك النور جزأين ، فجزء أنا ، وجزء علي بن أبي طالب " (2) .
هذا بعض ما رواه علماء أهل السنّة في أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) كانا نوراً واحداً ، ثمّ قسّم إلى نورين : أحدهما النبيّ (صلى الله عليه وآله) والآخر علي (عليه السلام) ، ممّا يعني أنّهما روح واحدة في أصل خلقتهما ، وهي ما تعنيه أحاديث النور الواحد الآنفة الذكر .
____________
1- شواهد التنزيل 1 / 246 .
2- نظم درر السمطين : 7 و 79 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 67 ، جواهر المطالب 1 / 61 ، ينابيع المودّة 1 / 47 و 2 / 307 ، شرح نهج البلاغة 9 / 171 ، المناقب : 145 ، الرياض النضرة 3 / 103 .
|
الصفحة 443 |
|
أمّا بعد الخلقة : فإنّ القرآن قد نصّ على ذلك في قولـه تعالى : { فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } (1) ، فعن جابر : { وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } رسول الله وعلي ، { أَبْنَاءنَا } الحسن والحسين ، { وَنِسَاءنَا } فاطمة (2) .
وعن ابن عباس قال : نزلت في رسول الله وعلي { وَأَنفُسَنَا } (3) ، وقال الشعبي : { وَأَنفُسَنَا } علي بن أبي طالب (4) .
والخطاب كان موجّهاً من النبيّ (صلى الله عليه وآله) للنصارى بقولـه : { وَأَنفُسَنَا } ، يعني نفس النبيّ الذي هو علي ، لأنّ الضمير " نا " وهو ضمير المتكلّم يرجع إلى علي ، فعلي (عليه السلام) نفس النبيّ (صلى الله عليه وآله) بمقتضى سياق الآية .
هذا ما أمكننا ذكره في هذه العجالة ، ومنه ثبت أنّ علياً نفس النبيّ ، أي روحه كما عبّرت في سؤالك .
وعن حبشي بن جنادة السلولي قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " علي منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ علي " (5) .
____________
1- آل عمران : 61 .
2- الدرّ المنثور 2 / 39 ، تفسير القرآن العظيم 1 / 379 .
3- شواهد التنزيل 1 / 160 .
4- أسباب نزول الآيات : 68 .
5- فضائل الصحابة : 15 ، تحفة الأحوذي 10 / 152 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 495 ، الآحاد والمثاني 3 / 183 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 45 و 128 ، خصائص أمير المؤمنين : 90 ، المعجم الكبير 4 / 16 ، نظم درر السمطين : 79 ، الجامع الصغير 2 / 177 ، كنز العمّال 11 / 603 ، كشف الخفاء 1 / 205 ، شواهد التنزيل 1 / 319 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 345 ، تهذيب الكمال 5 / 350 ، سير أعلام النبلاء 8 / 212 ، الجوهرة : 63 ، البداية والنهاية 5 / 232 و 7 / 394 ، ينابيع المودّة 2 / 78 و 96 و 3 / 143 ، الصواعق المحرقة 2 / 356 .
|
الصفحة 444 |
|
وقولـه (صلى الله عليه وآله) : " علي منّي وأنا منه " يعني أنّ " من " التي تفيد التبعيض ، تؤكّد أنّ علياً من النبيّ ، أي امتداد لـه وهو نفسه ، وليس في ذلك دعوى تدّعيها الشيعة دون ما تستند إلى نصوصٍ صريحة صحيحة .
على أنّ كلامنا هذا يؤكّده أبو بكر في حقّ علي (عليه السلام) ومنزلته ، فعن ابن السمّاك : أنّ أبا بكر قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : " لا يجوز أحد الصراط إلاّ من كتب لـه علي الجواز " (1) .
أمّا قولك : إنّ علياً (عليه السلام) قال : " أنا عبد من عبيد الرسول " ، فهذا لا ينافي عبودية علي لله تعالى ، فعلي عبد لله ، ورسول الله عبد لله تعالى ، ومعنى قولـه: " أنا عبد من عبيد محمّد " ، يعني أنا تابع من أتباعه ، ومطيع لـه ، وهو بمعنى قولك : إنّ زيد عبد لعمرو ، أي أنّ عمرو لـه حقّ الطاعة على زيد ، ولا يعني أن تريد يعبد عمرواً ، فالعبد هنا تابع لسيّده ومطيع لـه ، وهذا منتهى إخلاص علي للنبي (صلى الله عليه وآله) ، فهو يقرّ لـه بالطاعة والاتباع ، وليس كما تتصوّر أنّ ذلك يعني العبودية المطلقة ، فالعبودية المطلقة لله تعالى وحده لا يشاركه فيه أحد ، ومن قال خلاف ذلك فهو كافر مشرك .
( هادي محمّد . الكويت . ... )
ليس في خطبتي البيان والطتنجية غلوّ :
السؤال : هل لخطبة البيان والطتنجية سند ؟ وإذا كان لها سند ألا تفيد الغلوّ ؟ شكراً لمساعيكم .
الجواب : كثيراً ما يتساءل عن خطبة البيان والخطبة الطتنجية سنداً ودلالةً ، بل كُلّ ما هناك من ألفاظ وصفات إلهية نسبت للمعصومين (عليهم السلام) ممّا تفيد الغلوّ ، بل
____________
1- ذخائر العقبى : 71 ، ينابيع المودّة 2 / 404 و 3 / 230 ، الصواعق المحرقة 2 / 369 ، الرياض النضرة 3 / 118 .
|
الصفحة 445 |
|
الشرك والكفر ، لو أُريد منها معانيها الظاهرية أمثال قولهم (عليهم السلام) : " نحن الأوّل ، والآخر ، والظاهر ، والباطن " وإلى غير ذلك .
فنقول وبالله التوفيق : إنّ الأُمّة المحمّدية قد خصّت من دون الأُمم بفضيلة الإسناد ، وفُضّلت على سائر الشرائع بنعمة الاستناد والاتصال بالمعصومين (عليهم السلام) بالرجال الثقات والممدوحين ، وعليه فكُلّ خبر ما لم يكن مسنداً متّصلاً لا قيمة لـه ولا حجّية ، من أيّ أحد صدر ، ولأيّ شخص نُسب ، وما أرسل منه أو رفع ، أو وقف لـه أحكامه الخاصّة به ، مذكورة في محلّها ، وعليه :
أوّلاً : لم يذكر لأمثال هذه الخطب سنداً معتبراً ، بل قد نجده أرسل ـ بالمعنى الأعم ـ مع أنّا نجد غالب كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) وخطبه مسندة في مواطن ، وإن كانت مرسلة في النهج وغيره .
ثانياً : صرف وجود خطبة أو رواية في كتاب ـ مهما كان ـ لا يكفي على مذهب الإمامية للحجّية ، ما لم يقرن بقرائن خاصّة مذكورة في محلّها ، وهذا ما يسمّى بالوجادة ، التي لا حجّية فيها ولا سندية لها في نفسها .
ثالثاً : إنّ إعراض العلماء موهن للخبر ، بل قد يسقطه عن الحجّية ، خصوصاً وهو في مرأى ومسمع منهم ، وأيضاً عدم وجوده في كتب الأُصول " لأُم " عند الطائفة ، وعدم درجه فيها مضعّف لـه .
رابعاً : وجود طائفة كبيرة من أخبار العرض ـ الأخبار العلاجية ـ وما ورد عنهم (عليهم السلام) مستفيضاً من قولهم عن الحديث : " ما خالف كتاب الله فهو : زخرف : لم نقله : وأضربه عرض الجدار ، و ... " ، وهي أحاديث لا تحصى كثرةً ، كما لنا أحاديث جمّة في إسقاط كُلّ حديث خالف العقول ، أو لزم منه الشرك والكفر ، إلاّ إذا أمكن تأويله أو حمله على محمل صحيح ، هذا بشكل عام ، وهي فائدة تنفع في موارد متعدّدة ، ومقامات أُخرى .
وأمّا ما يخصّ المقام فنقول :
|
الصفحة 446 |
|
أوّلاً : لقد نُسب للسيّد الخوئي (قدس سره) في خصوص خطبة البيان كون ألفاظها ركيكة ، وأنّها ليست بعربية فصيحة ، وأنّها مخالفة للسان أهل البيت (عليهم السلام) ، وهو كلام إنّما يتمّ عند أهل الفن خاصّة ، وفيه مجال للرّد والإبرام ، خصوصاً مع كون " حديثنا صعب مستصعب " ، وقولهم (عليهم السلام) : " ردّوه إلينا " ، كما ويخشى من تعميمه في مواطن أُخرى من غير من هو أهل لذلك .
ثانياً : وجود روايات صريحة صحيحة كثيرة مقابل هذه الأخبار الشاذّة النادرة ، وهذا كافٍ لإسقاطها عن الحجّية .
ثالثاً : إنّها مخالفة للعقل ، ولا يمكن القول بظاهرها من موحّد ، إلى غير ذلك من الوجوه الكثيرة ، التي لا غرض لنا هنا بإحصائها ، إذ لا نجد ثمّة ضرورة في ذلك .
والحاصل : إنّ عمدة الإشكال هنا أنّا لهم مع قولـه تعالى : { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ... } (1) ، وقولـه عزّ من قائل : { هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } (2) ، وقولـه عزّ اسمه : { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ } (3) وغيرها مثلاً وما أكثرها ، فكيف يردّ التعبير عنهم (عليهم السلام) أمثال هذه الألفاظ التي يستشمّ منها الغلوّ والكفر ، والعياذ بالله .
ولبّ الجواب عليه ـ فضلاً عمّا سلف ـ هو : إنّه وردت في كتبنا روايات كثيرة عنهم (عليهم السلام) صحيحة ، عندما ذكروا هذه الألفاظ فيها فسّروها لنا ، وقالوا : نقصد منها كذا ، فلو فسّرت بغير هذا من أيّ كان ، أو أخذ بظواهرها ، لكان ردّاً عليهم (عليهم السلام) ، ولابدّ من الأخذ بتأويلهم وبما فسّروه ، وإلاّ لكان باطلاً لم يقصدوه ولا يريدوه ، بل تقوّل عليهم وافتراء ، مثال ذلك :
____________
1- النجم : 43 ـ 44 .
2- الحديد : 3 .
3- البقرة : 258 .
|
الصفحة 447 |
|
أ ـ قولـه (صلى الله عليه وآله) : " أنا الأوّل والآخر " ، ثمّ فسّره بقولـه : " أوّل في النبوّة ، وآخر في البعثة " (1) .
ب ـ سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) : كيف أصبحت ؟ فقال : " أصبحت وأنا الصدّيق الأوّل الأكبر ، والفاروق الأعظم ، وأنا وصيّ خير البشر ، وأنا الأوّل وأنا الآخر ، وأنا الباطن وأنا الظاهر ، وأنا بكُلّ شيء عليم ، وأنا عين الله ، وأنا جنب الله ، وأنا أمين الله على المرسلين ، بنا عبد الله ، ونحن خزّان الله في أرضه وسمائه ، وأنا أُحيي وأنا أُميت ، وأنا حيّ لا أموت " .
فتعجّب الإعرابي من قولـه ، فقال (عليه السلام) : " أنا الأوّل ؛ أوّل من آمن برسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأنا الآخر ؛ آخر من نظر فيه لمّا كان في لحده ، وأنا الظاهر فظاهر الإسلام ، وأنا الباطن بطين من العلم ، وأنا بكُلّ شيء عليم ؛ فإنّي عليم بكُلّ شيء أخبر الله به نبيّه فأخبرني به ، فأمّا عين الله ؛ فأنا عينه على المؤمنين والكفرة ، وأمّا جنب الله ؛ فأن تقول نفس : يا حسرتا على ما فرّطت في جنب الله ، ومن فرّط فيّ فقد فرّط في الله ، ولم يخبر لنبيّ نبوّة حتّى يأخذ خاتماً من محمّد (صلى الله عليه وآله)، فلذلك سمّي خاتم النبيين محمّد سيّد النبيين ، فأنا سيّد الوصيين .
وأمّا خزّان الله في أرضه ؛ فقد علمنا ما علمّنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقول صادق ، وأنا أُحيي ؛ أُحيي سنّة رسول الله ، وأنا أُميت ؛ أُميت البدعة ، وأنا حيّ لا أموت لقولـه تعالى : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ... } " (2) .
ج ـ روي أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان قاعداً في المسجد ، وعنده جماعة ، فقالوا لـه : حدّثنا يا أمير المؤمنين ، فقال لهم : " ويحكم إنّ
____________
1- إعلام الورى 1 / 51 ، كشف الغمّة 1 / 13 .
2- آل عمران : 169 ، مناقب آل أبي طالب 2 / 205 .
|
الصفحة 448 |
|
كلامي صعب مستصعب ، لا يعقله إلاّ العالمون " ، قالوا : لابدّ من أن تحدّثنا ، قال : " قوموا بنا " ، فدخل الدار .
فقال : " أنا الذي علوت فقهرت ، أنا الذي أُحيي وأُميت ، أنا الأوّل والآخر ، والظاهر والباطن " ، فغضبوا وقالوا : كفر !! وقاموا .
فقال علي (عليه السلام) للباب : " يا باب استمسك عليهم " ! فاستمسك عليهم الباب ، فقال : " ألم أقل لكم إنّ كلامي صعب مستصعب ، لا يعقله إلاّ العالمون ؟! تعالوا أفسّر لكم ، أمّا قولي : أنا الذي علوت فقهرت ، فأنا الذي علوتكم بهذا السيف فقهرتكم حتّى آمنتم بالله ورسوله ، وأمّا قولي : أنا أُحيي وأُميت ؛ فأنا أُحيي السنّة وأُميت البدعة .
أمّا قولي : أنا الأوّل ؛ فأنا أوّل من آمن بالله وأسلم ، وأمّا قولي : أنا الآخر ؛ فأنا آخر من سجّى على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ثوبه ودفنه ، وأمّا قولي : أنا الظاهر والباطن ، فأنا عندي علم الظاهر والباطن " .
قالوا : فرّجت عنا فرّج الله عنك (1) .
د ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : " قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : أنا وجه الله ، أنا جنب الله ، وأنا الأوّل ، وأنا الآخر ، وأنا الظاهر ، وأنا الباطن ، وأنا وارث الأرض ، وأنا سبيل الله ، وبه عزمت عليه " .
قال معروف بن خربوذ : ولها تفسير غير ما يذهب فيها أهل الغلوّ (2) .
وعلّق عليه العلاّمة المجلسي (قدس سره) بقولـه : " وبه عزمت عليه ، أي بالله أقسمت على الله عند سؤال الحوائج عنه " (3) .
____________
1- الاختصاص : 163.
2- اختيار معرفة الرجال 2 / 471 .
3- بحار الأنوار 39 / 349 .
|
الصفحة 449 |
|
( ... . البحرين . ... )