عربي
Friday 22nd of November 2024
0
نفر 0

السؤال : شكراً على الإجابة .

لا يطرأ عليها البداء :

السؤال : شكراً على الإجابة .

لقد اطلعت على أسباب الغيبة ، وسؤالي فقط : هل يمكن اعتبار الغيبة من أُمور البداء ؟ حفظكم الله ورعاكم .

الجواب : إنّ أصل مسألة الإمام المهدي (عليه السلام) وغيبته وظهوره ، من المبادئ التي لا يطرأ عليها البداء .

نعم قد يحصل في بعض الخصوصيات ، من طول فترة الغيبة أو قصرها ، وعلائم الظهور وفقاً للمصلحة الإلهية .

وقد وردت رواية في هذا المجال تؤكّد وتصرّح بهذا الموضوع ، عن أبي هاشم الجعفري قال : كنّا عند أبي جعفر محمّد بن علي الرضا (عليهما السلام) ، فجرى ذكر السفياني ، وما جاء في الرواية من أنّ أمره من المحتوم ، فقلت لأبي جعفر (عليه السلام) : هل يبدو لله في المحتوم ؟


الصفحة 469


قال (عليه السلام) : " نعم " ، قلنا لـه : فنخاف أن يبدو لله في القائم ! قال (عليه السلام) : " إنّ القائم من الميعاد والله لا يخلف الميعاد " (1) ، وفيها إشارة إلى الآية { إِنَّ اللهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } (2) .

( جاسم محمّد علي . الكويت . ... )

شبهات وردود حول مسألة السرداب :

السؤال : أُريد توضيحاً كاملاً عن مسألة السرداب ، والإجابة على الشبهات المثارة حوله ، وشكراً لكم .

الجواب : كان الإمام المهدي (عليه السلام) خلال الفترة الأُولى من حياته ، يعيش في بيت أبيه الإمام العسكري (عليه السلام) ، وكان يتستّر عن عيون الحكّام وجواسيسهم ، ويلجأ أحياناً إلى مخبأ في البيت ، يسمّونه " السرداب " ، وكان السرداب ـ ولا يزال حتّى اليوم ـ يستعمل في بيوت العراق للوقاية من حرّ الصيف اللاهب .

فإذا اشتدّ الطلب عليه ، أو حوصر بيته ، كان يخرج من البيت محاطاً بعناية الله ورعايته ، ويغيب مدّة يحضر فيها المواسم الدينية ، أو يزور مجالس أصحابه الأوفياء ، يحلّ مشاكلهم ، ويقضي حوائجهم ، من حيث لا يعرفه إلاّ الصفوة المخلصون منهم .

وحين بدأت غيبته الكبرى (عليه السلام) ، خرج من بيت أبيه في سامرّاء إلى أرض الله الواسعة ، يعيش مع الناس ، ويقاسي ما يقاسون ، ويحضر مواسم الحجّ وغيرها من المناسبات ، دون أن يعرفه أحد ، حسب التخطيط الإلهي ، والمصلحة الإسلامية العامّة ، الأمر الذي هو سرّ من سرّ الله ، وغيب من غيبه ، كما قال الإمام الصادق (عليه السلام) .

____________

1- الغيبة للنعماني : 303 .

2- آل عمران : 9 ، الرعد : 33 .


الصفحة 470


وقد استغلّ الحاقدون زيارات المؤمنين لمرقد الإمامين الهادي والعسكري (عليهما السلام) في سامرّاء ، واتّهموهم بالقول بأنّهم يعتقدون أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) دخل السرداب وما زال فيه ، وهذا لاشكّ افتراء رخيص ، وادّعاء باطل .

فقد عرفنا أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) ، غادر بيت أبيه نهائياً ، ليعيش كما يعيش غيره من الناس ، وذلك حتّى يحين وقت المهمّة التي ادّخره الله لها ، فيظهر ليحقّ الحقّ ويزهق الباطل ، ويملأ الدنيا قسطاً وعدلاً ، بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً ، تسليماً بقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، الذي لا ينطق عن الهوى ، ومصداقاً لوعد ربّ العالمين ، بأن يرث المؤمنون الأرض وما عليها .

وعلينا نحن إلى ذلك الوقت ـ وقت ظهوره الشريف ـ أن نجنّد أنفسنا لنكون من أعوانه وأنصاره ، وذلك بأن نتقيّد بتعاليم رسالة جدّه المصطفى (صلى الله عليه وآله) ، وأن نكون من أُمّة تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وتأبى الظلم وتحارب الظالمين ، لنستحقّ أن نكون من جنوده (عليه السلام) ـ جنود الحقّ والعدل والإيمان ـ داعين إلى الله سبحانه أن يعجّل فرجه ، ويسهّل مخرجه ، ويجعلنا من أنصاره ، والدعاة إلى سبيله .

كما قلنا : إنّ السرداب هو المكان الذي يحفر تحت الأرض في الأماكن الحارّة عادة ، يكون بعيداً عن الشمس ، وقريباً من الرطوبة يكون بارداً ، وقد كان ذلك من القديم ، ولكن اعتقاد الشيعة به ليس لأجل أنّه يسكن فيه الإمام ، حيث لم يتفوّه بذلك أحد قط ، بل لأجل أنّه كان في بيت الإمام الهادي والإمام الحسن العسكري (عليهما السلام) ، وأنّ الإمام الحجّة كان في أوائل عمره فيه ، لأجل كونه تراثاً فيه ذكريات الأئمّة نحترمه ، وأمّا كون الإمام يسكن فيه فهو تهمة مفتراة ، وهي ليست تهمة مستحدثة ، بل كانت من القديم .

نعم ، هناك رواية واحدة تقول : إنّ الإمام حينما هجموا عليه بعد الصلاة على أبيه ، التجأ إلى السرداب ، وغاب عن الأنظار ، ولكن ليس معنى ذلك ، أنّه مقيم فيه إلى الآن .


الصفحة 471


وقد علّق الأُستاذ محمّد أبو زهره عن الفرقة الإثنى عشرية بقولـه : " والاثنا عشرية ، يرون أنّ الإمامة بعد الحسين لعلي زين العابدين ابنه ، ثم لمحمّد الباقر ، ثمّ لجعفر الصادق ، وبعد جعفر الصادق ابنه موسى الكاظم ، ثمّ لعلي الرضا ، ثمّ لمحمّد الجواد ، ثمّ علي الهادي ، ثمّ للحسن العسكري ، ثمّ لمحمّد ابنه ، وهو الإمام الثاني عشر ، ويعتقدون أنّه دخل سرداباً في دار أبيه بسر من رأى ، وأُمّه تنظر إليه ، ولم يعد بعد ، وهو المهدي المغيّب ، ويترقّبون كُلّ حين ليحكم ويملأ الأرض عدلاً ... " .

وليت الأُستاذ أبو زهره قد تأمّل ـ ولو قليلاً ـ لوجد نفسه غنياً عن هذه المقولة المجحفة ، فالإمامية تقول بغيبة الإمام المهدي (عليه السلام) ، ودخوله إلى السرداب كانت حالة طارئة ، دفعته للاختفاء فيه عند مداهمة السلطة لبيت أبيه (عليه السلام) ، وكانت خطوة احترازية ذكية ، أربك فيها السلطة وقت ذاك ، بعد أن كانت القوّة المسلّحة المرسلة من قبل الخليفة لم تتوقّع دخوله في سرداب بيته ، فإن إخفاء نفسه في بيته المداهم لم يكن متوقّعاً ، فمن المستبعد لديهم أنّ المهدي الملاحق من قبلها ، يختفي في مكان قريب منها ، ثمّ هو يخرج من بينهم خارج الدار ، وهم ينظرون إليه ، لعدم توقّعهم أنّ الملاحق هذا الفتى الذي يخرج من السرداب ، ولم يعرفوا شكله حيث أخفاه أبوه عن أعين العامّة ، فمتى يتاح للقوّة المداهمة معرفته ، وملاحقته بعد ذلك ؟

هذا ما كان من خبر السرداب الذي ترويه الشيعة ، وهو الموافق تماماً للخطوات الاحترازية الأمنية المتّخذة من قبل أيّ شخص مطارد ، وقد دوهم بيته غيلة ، فضلاً عن المهدي (عليه السلام) ، الذي اتّخذ في اختفائه خطوات طبيعية ، ثمّ هي مناورة سريعة غير مرتقبة لا من قبل النظام ، ولا من قبل القوّة المداهمة ، حيث أربكها تماماً ، واسقط ما في أيديها ، ورجعت خائبة لم تحقّق مهمّتها بعد ذلك .


الصفحة 472


إذاً ، لم تعد كلمة السرداب انتقاصاً لمسألة الغيبة ، حتّى يعدّها الآخرون عملية مستهجنة ، تدلل على سخف فكرة الغيبة ، فأصل الغيبة ومستلزماتها لا علاقة لها أصلاً بقضية السرداب ، إنّما هو مقدّمة تكتيكية كان الإمام قد عملها بعد مداهمة قوّات الأمن لبيته ، ثمّ يعاجلهم بعد ذلك بالخروج فوراً دون أدنى تأخير ، فلم تكن مسألة السرداب هي المعبّر عن الغيبة إذن .

ولم يقل أحد أن سيظهر من السرداب ، بل تردّد في الأحاديث أنّه يخرج في بيت الله الحرام ، نعم قد وردت زيارة في السرداب ، كما وردت زيارات في أماكن أُخرى ، بل تستحبّ زيارته في كُلّ مكان ، وفي كُلّ زمان .

إنّ اعتماد مفردات بسيطة مستهجنة سوف يوحي للآخرين شعوراً بالسخرية والاستخفاف ، وهكذا فإن ّ اقتران أيّة فكرة مهما تكن عظيمة في جميع خطواتها بهذا النحو من المفردات الساذجة سيوحي بسذاجتها ، لما يتركه هذا الاقتران من انطباع نفسي لدى القارئ أو السامع ، فالسرداب الذي جعله البعض شعاراً لغيبة الإمام المهدي (عليه السلام) ، هو تسرّع غير لائق في تحليل فكرة إسلامية أصيلة ، استندت إلى برنامج علمي دقيق ، وخطوات أمنية محسوبة ، فضلاً عن دعمها بنصوص نبوية متواترة .

إنّ خطوات المشاريع التثقيفية ، خصوصاً في طرح غيبة المهدي ، ترافقها خطوات استفزازية ، تحفّز القارئ إلى الحذر من فكرة المهدي ، وتسلّمه إلى دائرة التشكيك في مبتنيات الفكرة المهدوية .

ولعلّ من أحسن من انصف في مجال التاريخ للفرقة الإثنى عشرية ، هو الأُستاذ أبو زهرة ، ومع ذلك فإنّ توجّساً يحيط كلامه بالحذر مرّة ، والاستخفاف ثانية ، عند طرحه لعقيدة المهدي ، ولعلّ الذي دعاه إلى ذلك عدّة أُمور ، منها :

أوّلاً : الموروث الثقافي الذي يطارده .


الصفحة 473


وثانياً : فإنّ عدم رجوعه إلى أحاديث نبوية قد سلّم هو بها ، كما سلّم غيره عن ظهور المهدي ، قد أربك تقييماته هذه ، فجاءت وكأنّها استجابة لمشاريع تقليدية مضادّة .

وثالثها : ولعلّ الأهمّ هو إغفاله لكتب علماء الإمامية ، ومراجعة ما أثبتته بطرق الفريقين حول فكرة المهدي ، وكونها فكرة إسلامية ، قالت بها جميع المذاهب ، وأنّ مسألة السرداب لم تكن شعاراً لأطروحة الغيبة الإلهية ، وإنّما هي من إفرازات العصبية المذهبية ، ابتدعها نفر للتقليل من شأن هذه الأطروحة ، والاستخفاف بفلسفتها .

وقد ساهمت حقبة فكرية غير ناضجة في قلب صورة الحدث الإسلامي ، وراحت تزاحم مبتنيات تركيبة العقل المسلم ، الذي درج على مرتكزات الخلافة ، والتي عنونتها أدبيات الفكر المعصومي على إنّها خلافة نبوّة ، وجاهدت مبتنيات سياسية غير رشيدة ، أن تعنونها على أنّها خلافة ملك قيصري ، أو أبهة كسروية ، وبين هذين العنوانيين حفلت مطوّلات التاريخ الإسلامي بلائحة من التبريرات ، يتكفّلها الكاتب التقليدي ، ليلزم بها القارئ المتطّلع إلى قراءة الحدث الإسلامي بموضوعية وواقعية ، وهيأت هذه الحقّبة الفكرية للكاتب الإسلامي أن يكون مجرد سارد قصصي ، يحاكي في نقل التاريخ قصص ألف ليلة وليلة ، ليسرد الحدث الإسلامي هكذا دون تحليل ، أو إذا أحسن التدبير فإنّه لا يكون سوى مخرج لدراما قصصية ، يتفكّه بها القارئ ليضيفها إلى دائرة ترفه الأدبي .

أثقلت الحقّبة الأُموية كاهل التاريخ الإسلامي بخروقات يرتكبها الخليفة الأُموي ، ليطلب بعد ذلك من كتّاب البلاط أن يؤرّخوا شخصية إسلامية ، على أنّها أسهمت في تطوير المفهوم الإسلامي ، وإعلاء كلمة الله في ظل حكمه .

لم يكن هذا التحرّك الفكري ينطلق من فراغ ، بل كان على أنقاض سياسة ما بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) ، والتي فتحت أبواب التبرير السياسي ، واستخدام


الصفحة 474


مصطلحات الاعتذار ، فمن محاولة إطفاء نائرة الفتنة التي توجسها كادر السقيفة ، كانت أهمّ أطروحة تبريرية سياسية لم تلق نجاحاً ملحوظاً ، حتّى محاولات استخدام اصطلاحات اعتذارية ، كالإجماع ، وأهل الحلّ والعقد ، وأقلّ ما يقال : إنّها محاولات مرتبكة أخفقت في مجال التطبيق الميداني .

هذه السياسة استخدمها الأُمويون ، ولهج في تطويرها منظروهم من كتّاب البلاط ، فقدّموا صيغاً تبريرية جاهزة ، يستخدمها البلاط حتّى ما بعد حياة الخليفة الأُموي ، فمن اللهو والعبث الذي قرّره كتّاب البلاط ، على أنّه تقدّم رائع في مجال الفنّ الإسلامي ، وصورة من صور تواضع الخلافة ، إلى الترف والبذخ داخل البلاط ، الذي عبّروا عنه أنّه قمّة الكرم والسخاء ، ومن البطش والجبروت الذي امتاز به آل أُمية ، فصوّروه بأنّه البأس والشجاعة في ذات الله وعزّة الدولة الإسلامية ، إلى حالات الإخفاق الفكري والثقافي ، فكان في منظوره حالة من حالات الوعي الفكري والنضوج الثقافي .

لم تتوقّف حالات الخرق الفكري هذه عند بني أُمية فحسب ، بل تابعهم على ذلك بنو العبّاس ، وافتتحوا عهد حكمهم بأهمّ شعار تبريري رفعوه كلافته ثورية تنادي بـ " الرضا من آل محمّد " ، وأكّدوا على ذلك في جميع أدبياتهم ، حتّى بدأت شعاراتهم تتهاوى إبّان عهد خليفتهم السفّاح ، الذي قرّر مشروع ملاحقة آل علي ، والتضييق عليهم ، وأكّد ذلك المنصور ، وطوّره الرشيد ، وتبعه الباقون .

وإذا أردنا دراسة هذه الحقّب الحاكمة ، ومعرفة ما أثقلته من خروقات شرعية وفكرية وثقافية على المفهوم الإسلامي ، فإنّ دراسة تقليدية لم تكن لتقدّم المطلوب ، بل محاولة دراسة التاريخ المقارن بين قائمتين من مدرستي النزاع كفيلة بأن تقدّم الرواية الإسلامية الواعية .

فدراسة قائمة خلفاء مدرسة النصّ ، المتمثّلة بآل البيت النبوي (عليهم السلام) ، وما صاحبها من قراءة سيرة الأئمّة الأطهار ، الذين مثّلوا الورع والتقوى والهدى


الصفحة 475


والخير والصلاح ، كفيلة بأن تكشف خروقات قائمة خلفاء مدرسة الإجماع ، وهو كما ترى فضح للتاريخ التبريري ، الذي درج عليه البعض من الكتّاب ، وإسقاط لجميع المرتكزات المغلوطة في أذهان الأُمّة ، من أنّ الخليفة ملك كسروي ، أو أمير قيصري ، بل إنّ الخلافة وراثة نبوّة ، وحمل رسالة ، وعيبة وحي السماء .

وعليه ليس اشتهار هذا السرداب بسرداب الغيبة ، لأنّ الحجّة (عليه السلام) غاب فيه ـ كما زعمه البعض من يجهل التاريخ ـ بل لأنّ بعض الأولياء تشرّف بخدمته ، وحيث إنّه مبيت الثلاثة من الأئمّة ، ومعبدهم طوال المدّة ، كما حظى فيه عدّة من الصلحاء بلقائه ، صار من البقاع المتبرّكة ، فينبغي إتيانه بخضوع وحضور قلب ، والوقوف على الباب والدعاء .

وإنّ الإمامية تعتقد أنّ الحجّة اسمه يطابق اسم رسول الله ، وكنيته كنيته ، وشمائله شمائله ، وقد ولد في سر من رأى في 15 من شعبان سنة 256 هـ ، فلما توفّى أبوه غاب عن الأنظار ، لا أنّه دخل في السرداب ، وأُمّه تنظر إليه ، كما توجد هذه العبارات في بعض كتب العامّة ، وأنّ الشيعة الإمامية براء من هذه المعتقدات ، التي يلصقها بهم من أراد الحطّ من كرامة مذهبهم .

لقد أجمعت الفرقة الناجية على هذا الرأي الحسن ، الذي يعتري من الخرافات والخزعبلات الواهنة ، والقدسية التي نعقدها ، ما هي إلاّ ارتباط روحي ووجداني مع أثر من آثار ثلاثة أئمّة من أئمّة المسلمين في مكان واحد .

أوردت كتب التاريخ في عصر قتل الإمام الحسين (عليه السلام) قضيّة في غاية الغرابة .

فعندما حمل رأس الحسين (عليه السلام) على أسنة الرماح ، وطافوا به البلدان والأقطار ، مروا براهب مسيحي يتعبّد في صومعته ، أناخوا الرحال قليلاً ليستريحوا من عناء السفر ، فسألهم الراهب : رأس من هذا ؟ فقالوا لـه : رأس الحسين بن فاطمة بنت محمّد ، فسكت قليلاً ، ثمّ أعاد الراهب السؤال مرّة


الصفحة 476


أُخرى : رأس من هذا ؟ فقالوا لـه : هو رأس الحسين بن فاطمة بنت محمّد ، ثمّ أعاد نفس السؤال عليهم مرّة ثالثة ، ممّا أثار غضبهم .

تعجب الراهب من عملهم ، واستنكر عليهم فعلتهم المشينة ، فقال لهم : هذا ابن بنت نبيّكم قتلتموه ، وسلبتم أهل بيته وعياله ، ونحن لم نجد ما نتقرّب به إلى الله ، فنصبنا معبداً لحافر حمار نبيّنا المسيح نتبرّك به ، ليقرّبنا إلى الله زلفى ، فاسلم الراهب ببركة رأس الحسين (عليه السلام) ، بعد أن حمل عليهم وأثقل القول فيهم .

فهل يصحّ أن نلام ؟ ونحن نتتبع آثار العترة الطاهرة ، ونبحث عن بركاتهم ، وكُلّ ما يتّصل بهم ، مهما كانت ظروف تلك الموجودات ، وطبائعها الكونية .

قطعاً لا ، إنّ التجاذب الروحي ، وعنصر العاطفة الذي يتأجّج مع اقتراب المحبوب من حبيبه ، هو أساس السلوكيات التي نسلكها مع تلك الآثار الطيّبة ، كتعبير على مدى الحبّ المتفجّر من جوانب المحبّين ، والموالين للأئمّة (عليهم السلام) .

( فاطمة . إيران . 28 سنة . خرّيجة ابتدائية )

العامل في عصرها كالعامل في عصر الظهور :

السؤال : نشكركم على ما تبذلونه من خدمة لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، لدي سؤال : لا أدري هل هو مناسب أن أطرحه هنا أم لا ؟

دائماً ما يخطر ببالي إذا نحن لم تكن لنا السعادة لكي نكون مع سيّدنا ومولانا أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) لنفوز الفوز العظيم ، ولا سمح الله أن لم نكن مع مولانا الحجّة (عليه السلام) لننصره ، ونستشهد بين يديه ، أو نكون تحت ظلّه ، فما هي السعادة التي يجب أن نحصل عليها ؟

أو بعبارة أُخرى : فما هو ذنبنا ، وما هو تقصيرنا لأنّنا لم نكن مع أئمّتنا (عليهم السلام) ؟ هل هذا يتبع عالم الذرّ ؟ وهو نتيجة امتحاننا في ذلك العالم ؟ والله أنا لا أعلم كيف كنت في عالم الذرّ ، ولكنّي الآن أنا قلبي يقطر دماً على فراق


الصفحة 477


مولاي ومولى كُلّ مؤمن ومؤمنة أبا صالح المهدي ، روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء .

ولا أعلم هل تفوتني السعادة إن قلّ عمري وطال الظهور ؟ مثلما لم نحضر زمان أبي عبد الله لننصره ونستشهد بين يديه ؟ وشكراً لكم .

الجواب : إنّ العاملين بوظيفتهم في عصر الغيبة ينالون من المقام والرفعة والرتبة ما لا يقل عن عصر الظهور ، كما صرّحت به الأحاديث الكثيرة :

1ـ قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) : " إنّ أهل زمان غيبته القائلون بإمامته ، والمنتظرين لظهوره أفضل أهل كُلّ زمان ... أُولئك المخلصون حقّاً وشيعتنا صدقاً " (1) .

2ـ عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " يا علي ! واعلم أنّ أعظم الناس يقيناً قوم يكونون في آخر الزمان ، لم يلحقوا النبيّ ، وحجب عنهم الحجّة ، فآمنوا بسوادٍ في بياض " (2) .

3ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " انتظار الفرج بالصبر عبادة " (3) .

4ـ قال الإمام الصادق (عليه السلام) : " من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر ، كمن هو مع القائم (عليه السلام) في فسطاطه ... ، لا بل كمن قارع معه بسيفه ... ، لا والله ألا كمن استشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) " (4) .

5ـ قال الإمام الصادق (عليه السلام) : " من عرف إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر ، كان بمنزلة من كان قاعداً في عسكره " (5) .

6ـ قال الإمام علي (عليه السلام) : " المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله " (6) .

____________

1- كمال الدين وتمام النعمة : 320 .

2- بحار الأنوار 52 / 125 .

3- الدعوات : 41 ، الجامع الصغير 1 / 417 ، الجامع لأحكام القرآن 4 / 323 .

4- المحاسن 1 / 174 ، شرح الأخبار 3 / 571 .

5- الكافي 1 / 371 ، الغيبة للنعماني : 329 .

6- كمال الدين وتمام النعمة : 645 ، شرح الأخبار 3 / 560 .


الصفحة 478


7ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " أفضل أعمال أُمّتي انتظار الفرج من الله عزّ وجلّ " (1) .

8ـ قال الإمام الرضا (عليه السلام) : " انتظار الفرج من الفرج " (2) .

9ـ قال الإمام الصادق (عليه السلام) : " إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة ، المتمسّك فيها بدينه كالخارط للقتاد " (3) .

10ـ قال الإمام الباقر (عليه السلام) : " من مات وهو عارف لإمامه لم يضرّه ، تقدّم هذا الأمر أو تأخّر " (4) .

11ـ قال الإمام الصادق (عليه السلام) : " من عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه لانتظاره " (5) ، وغيرها من الأحاديث ، ممّا تدلّ جميعاً على ما ذكرنا ، بشرط الالتزام والبقاء على العقيدة الصحيحة والعمل الصالح .

( عبد المنعم الخلف . السعودية . 31 سنة . دبلوم )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : هل توجد رواية في كتب أهل السنّة تبيّن ...
ما هو سرّ الخليقة وفلسفة الحياة؟!
السؤال : قال الإمام علي أمير المؤمنين : " أنا الذي ...
ان زيارة عاشورا المشهورة ( التي نقرأها جميعا ) هي ...
السؤال: إنّه ليحزّ في نفسي أن أجد مثل هذه الإجابة ...
السؤال : ما هو الردّ على أهل السنّة ؟ حيث يقولون : ...
السؤال : إلى الإخوان العاملين في مركز الأبحاث ، ...
السؤال : لماذا الشيعة لا يصلّون صلاة التراويح ؟ ...
السؤال : ما هو مفهوم الرجعة ؟ وفي أيّ زمن تحصل ؟
السؤال: إذا كان الله في كُلّ مكان ، كما قال الإمام ...

 
user comment