لماذا نسینا ثورة بحرین؟

لقد نسى الجميع بمن فيهم (الثوار) و(ائتلافات الثورة) و(الإسلاميين) و(العلمانيين) من عرب وعجم ، واحدة من أهم ثورات المنطقة ، وتآمر الجميع على اغتيالها بليل ؛ إنها ثورة الشعب البحرينى ضد فساد واستبداد الحكم هناك ، ذلك الحكم الذى كان (حليفاً استراتيجياً لمبارك) ، أما لماذا نسوا أو تناسوا ، ثورة الجوعى والمضطهدين فى تلك المملكة ، فلسبب بسيط للغاية ؛

لماذا نسینا ثورة بحرین؟

  لعله هو ذاته السبب الذى بسببه سوف يتم (اغتيال الثورة المصرية) ؛ إنه آل سعود والأمريكان ، إنه ذهب المعز السعودى ، وسيف واشنطن ؛ لقد نسى الجميع ، من جملة ما نسى أن ثمة احتلال سعودى مسلح وعلنى ، للأرض وللبشر ، جرى قبل أكثر من شهر ؛ ولم تتطهر الأرض البحرينية منه حتى اليوم ؛ حول هذا النسيان ، وتلك القضية دعونا نسجل ما يلى عله يفيد ويوقظ النوم الهاجعين من مثقفينا ، وسياسيينا الذين يرون نصف الحقيقة ، ويتعاملون بكثير من النفاق والانتقاء مع ثورات المنطقة الحقيقية :

أولاً : ما جرى ولايزال يجرى فى البحرين ، كان انتفاضة وثورة شعبية ضد حكم وراثى فاسد مستبد وتابع لواشنطن (يوجد فى البحرين واحدة من أكبر القواعد العسكرية الأمريكية فى العالم) ؛ لقد حاول النظام البحرينى ، ومن وآلاه من مثقفين عرب ، ورجال دين من نوعية الشيخ يوسف القرضاوى الصامت دوماً عن قاعدة العديد الأمريكية المجاورة لمنزله ومسجده فى قطر ؛ أن يصوروا ما جرى فى البحرين باعتباره (انتفاضة شيعية) ضد (أهل السنة) ؛ وهذا تزوير فج للواقع ومخالفة واضحة لحقيقة الأمور ، فالثورة هناك ، كانت تجمع بين ظهرانيها سنة وشيعة ، عمال وطلاب ورجال دين ، وأحزاب وإعلاميين ، من كافة المشارب والاتجاهات والمذاهب ، ولم تكن أبداً ثورة مذهبية بالمعنى الذى أراد مؤيدو النظام الحاكم تصويره للناس خارج البحرين ؛ أو حاول بعض رجال الدين المنافقين ، أن يزيفوا به ما يجرى هناك ، ولقد ساعدهم فى ذلك ، أن أتباع المذهب الشيعى فى البحرين ، هم الأغلبية (70% تقريباً من تعداد الشعب) ، ومن ثم كان أغلب المنخرطين فى الثورة هم من شيعة البحرين ، ولكنهم شاركوا فى الثورة باعتبارهم بحرينيين ، وليس باعتبارهم شيعة مرتبطين بإيران كما روج النظام ، لقد شاركوا لأنهم أغلبية الشعب وليس لأن الأمر كان صراعاً مذهبياً ، والذى إن تم تصويره بهذا الشكل فإن ذلك لن يكون سبة أو إهانة للشيعة بقدر ما سيمثل إهانة لأهل السنة هناك ، حين يتم تصويرهم على أنهم يقبلون بالفساد والاستبداد الملكى ، وبالتبعية لواشنطن ، وهو أمر غير صحيح ، ومشاركتهم الإيجابية فى الثورة تنفى ذلك وتؤكد فساد حجة النظام الملكى وأتباعه وشيوخه الذين مردوا على النفاق رغم بلوغهم من العمر أرذله .

 ثانياً : من الخطأ الدينى والسياسى القول بأن الاحتلال السعودى المسلح للبحرين (أكثر من ألف جندى مع أحدث الأسلحة والآليات) هو مساعدة إنسانية باسم اتفاقية (درع الجزيرة) لأهل البحرين ، فهذه الاتفاقية وفق بنودها لا تستخدم إلا ضد احتلال أجنبى وهو أمر غير قائم فى ثورة البحرين والواقع المر والمعلومات القادمة من هناك تؤكد أن ما جرى هو احتلال مسلح من بلد لبلد آخر ، وعمليات القتل والإرهاب المنظم ضد المواطنين البحرينيين هو سياسة ثابتة مارسها الجيش السعودى منذ دخل (المنامة) وحتى لحظة كتابة هذا المقال ، والطريف أنه جيش لم يضبط مرة واحدة مدافعاً عن فلسطين أو ضد الاحتلال الأمريكى فى العراق ؛ ومن ثم ، نحن أمام (احتلال) عسكرى مجرم ، لا يجوز إلباسه أى لباس آخر ولا ينبغى أن تضللنا الآلة الإعلامية الأمريكية الخليجية (بقيادة الجزيرة والعربية) عن رؤية الحقيقة أو الجهر بها .

 ثالثاً : السؤال الآن : أين الإعلام الحر (الجزيرة والعربية) الذى يزعم مساندة الثورات العربية، فإذا به يساند بعضها ويتناسى عمداً البعض الآخر فينكشف دوره وطبيعته ؟ .. أين علماء الأزهر ؟ أين علماء الإسلام الثقاة ؟ ، أين ثوار مصر وتونس وإعلامهم الحر ، من جريمة الاحتلال السعودى تلك ، ومن جريمة القمع الرسمى البحرينى لواحدة من أهم ثورات الربيع العربى ؟ إن الصمت هنا جريمة ، والتردد فى الجهر بالحق ، خيانة ، للدين ، وللثورة التى نتغنى بها .
 نحن نعلم أن المال السعودى والإعلام الخليجى ؛ طاغٍ ، ويشبه إلى حد كبير " المسيح الدجال" فى فتنته الكبرى ؛ إلا أن المؤمن الحقيقى بالإسلام ، وبالناس ، وبالثورة ، بإمكانه أن يقرأ على (جبين) هذا الزمن السعودى / الأمريكى ؛ " لقد كفر " ؛ بحقوق الناس ومصالح الأمة وثوراتها ، ونحسب أن فى الأمة ، من لايزال يستطيع الفرز والقراءة الصحيحة .. والجهر بالحق ، وإلى أن يتم ذلك ، لا نملك ، لشعب البحرين ، إلا أن نردد عليهم قوله تعالى (الذين قال لهم الناس ، إن الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم ، فزادهم إيماناً) صدق الله العظيم ، زادكم الله إيماناً وثباتاً .. وصبراً جميلاً فالنصر حتماً قريب !!