عربي
Tuesday 7th of May 2024
0
نفر 0

تحرير المدينة المنورة والحجاز

تذكر الروايات أن الإمام المهدي عليه السلام  يخوض معركة أو أكثر في المدينة المنورة، على عكس الأمر في مكة.

فعن الإمام الباقر عليه السلام  قال في حديث طويل: (يدخل المدينة فتغيب عنهم عند ذلك قريش، وهو قول علي بن أبي طالب عليه السلام: (والله لودت قريش أن لي عندها موقفاً واحداً جزرَ جزور، بكل ما ملكته وكل ما طلعت عليه الشمس). ثم يحدث حدثاً، فإذا هو فعل ذلك قالت قريش: أخرجوا بنا إلى هذا الطاغية، فوالله لو كان محمدياً ما فعل، ولو كان علوياً ما فعل، ولو كان فاطمياً ما فعل. فيمنحه الله أكتافهم، فيقتل المقاتلة ويسبي الذرية، ثم ينطلق حتى ينزل الشقرة فيبلغه أنهم قد قتلوا عامله فيرجع إليهم فيقتلهم مقتله ليس قتل الحرة إليها بشيء! ثم ينطلق يدعو الناس إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم). ( البحار:52/342).

فهذه الرواية تذكر معركتين في المدينة: الأولى، بعد الحدث الذي يحدثه المهدي عليه السلام  فيها فتنكره قريش وغيرها، ويبدو أنه يتعلق بهدم مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم  وقبره الشريف وإعادة بنائهما، كما تذكر روايات أخرى، فيتخذ أعداؤه ذلك ذريعة لتحريك الناس عليه وقتاله، فيقاتلهم ويقتل منهم مئات كما في بعض الروايات.

وعندها يتمنى القرشيون، أي المنتسبون إلى قبائل قريش لو أن علياً أمير المؤمنين عليه السلام  كان حاضراً ولو بمقدار جزر جزور، أي بمقدار ذبح ناقة، لكي يخلصهم من انتقام المهدي عليه السلام ، لأن سياسة أمير المؤمنين عليه السلام  فيهم كانت الحلم والعفو.

والمعركة الثانية، بعد أن يقضي عليه السلام  على هذه الحركة المضادة، ويعين على المدينة حاكماً من قبله، ويخرج متوجها إلى العراق أو إيران، وينزل في منطقة الشقرة أو الشقرات وهي منطقة في الحجاز باتجاه العراق وإيران، وقد تكون محل معسكر جيشه، فيقوم أهل المدينة مرة أخرى بحركة مضادة ويقتلون الوالي الذي عينه عليهم، فيرجع إليهم ويقتل منهم أكثر مما قتل منهم الجيش الأموي في وقعة الحرة المشهورة ويخضع المدينة مجدداً لسلطته.

وعدد قتلى الحرة كما تذكر مصادر التاريخ أكثر من سبع مئة شهيد رضوان الله عليهم، وقد كانت ثورتهم على يزيد بن معاوية بعد ثورة الإمام الحسين عليه السلام، وهي ثورة مشروعة بعكس ثورة أهل المدينة هذه على الإمام المهدي  عليه السلام. وتشبيه فعل جيشه عليه السلام  بأهل المدينة بفعل جيش يزيد إنما هو من حيث كثرة القتلى فقط.

وقد أورد صاحب كتاب يوم الخلاص ص265جزءاً من رواية العياشي المتقدمة يفهم منه أن المهدي عليه السلام  يخوض حرباً في المدينة عند دخولها، ولكنها كما ترى تذكر معركتين بعد دخوله المدينة.

وروايات كتاب يوم الخلاص جميعها تحتاج إلى تدقيق في نسبتها إلى مصادرها، كما أن فيها تقطيعاً للروايات وضماً لأجزاء من بعضها إلى بعض آخر، ثم ينسبها إلى مصدر فيه جزء مما ذكره، أو جزء شبيه به!

ومن المحتمل أن يلاقي الإمام المهدي عليه السلام  مقاومةً عندما يدخل المدينة من بقية قوات السلطة أو قوات السفياني، وأن يخوض معهم معركة وينتصر عليهم، ولكني لم أجد رواية تدل على ذلك، ووجدت رواية تشير إلى رضا أهل المدينة به عليه السلام وعدم مقاومتهم له، ففي الكافي:8/224 عن الإمام الصادق  عليه السلام  قال في حديث طويل: (ويهرب يومئذ من كان بالمدينة من ولد علي عليه السلام  إلى مكة فيلحقون بصاحب هذا الأمر، ويقبل صاحب هذا الأمر نحو العراق، ويبعث جيشاً إلى المدينة فيأمن أهلها، ويرجعون إليها).

ويساعد على مضمون هذا الحديث ما كان لاقاه أهل المدينة من جيش السفياني، ثم معجزة الخسف به وضعف حكومة الحجاز، وربما انهيارها بعد حادثة الخسف بجيش السفياني.

ويضاف الى هذا التيار العالم المؤيد للمهدي عليه السلام  شعور أهل المدينة بأن المهدي عليه السلام  منهم.

وهذه الرواية تشير كما ترى إلى أنه عليه السلام  لا يأتي هو إلى المدينة في تلك الفترة رأساً، بل يرسل اليها جيشاً. وهو احتمال قريب.

مهما يكن، فإن الروايات تذكر أن الله تعالى يفتح له الحجاز، ويعني ذلك سقوط بقايا حكومة الحجاز الضعيفة، وانسحاب بقايا قوات السفياني. وقد يتحقق فتح الحجاز ومبايعة أهله له بعد سيطرته عليه السلام  على مكة، وحدوث معجزة الخسف بجيش السفياني.

وبدخول الحجاز تحت حكم الإمام المهدي عليه السلام، تشمل دولته اليمن وإيران والعراق، رغم وجود فئات معارضة له في العراق.

ومن المرجح أن تكون دول الخليج أيضاً دخلت تحت حكمه، بحكم سيطرته على الحجاز، أو بمساعدة شعوبها ومساعدة أنصاره اليمانيين والإيرانيين.

ومن الطبيعي أن يكون لقيام دولة واحدة لهذه السعة بقيادة الإمام المهدي  عليه السلام  ردة فعل كبيرة عند الغرب والشرق، لأنها تمثل خطراً اساسياً عليهم، لسيطرتها على مضيق باب المندب ومضيق هرمز. والأهم من ذلك خطرها الحضاري ومدها الإسلامي الذي ترتعد له فرائض الغرب والشرق واليهود.

وقد تقدمت الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام  بأن أهل الشرق والغرب يلعنون راية المهدي عليه السلام، أي ثورته ودولته.

كما أن من المرجح أن يحركوا أساطيلهم البحرية في الخليج والبحار القريبة، بعد أن يفقدوا كل أنواع نفوذهم في المنطقة المحررة فلا يبقى أمامهم إلا المرابطة في البحار، والتهديد بقواتهم البحرية والجوية. وربما يكونون هم وراء معركة البصرة وبيضاء إصطخر، الآتي ذكرهما.

الإمام المهدي عليه السلام إلى إيران والعراق:

يوجد تفاوت في الروايات الشريفة حول تحرك الإمام المهدي عليه السلام  من الحجاز. فروايات مصادرنا الشيعية بشكل عام تذكر أنه يتوجه مباشرة من الحجاز إلى العراق. وبعضها يذكر أنه يتوجه إليه مباشرة من مكة، وهي تؤيد رواية روضة الكافي المتقدمة بأنه يرسل جيشاً إلى المدينة المنورة.

أما روايات مصادر السنة فهي بشكل عام تذكر أنه يتوجه من مكة إلى الشام والقدس، وبعضها يذكر أنه يتوجه إلى العراق ثم إلى الشام والقدس. وتنفرد رواية أو اثنتان في مخطوطة ابن حماد بأنه عليه السلام يأتي أولاً إلى جنوب إيران، حيث يبايعه الإيرانيون وقائدهم الخراساني وقائد جيشه شعيب بن صالح، ثم يخوض بهم معركة ضد السفياني في منطقة البصرة، ثم يدخل العراق.

فالأمر المجمع عليه في الروايات أن منطلق حركة ظهوره عليه السلام  من مكة وأن هدفه القدس، وأنه فيما بين ذلك يشتغل فترة في ترتيب أوضاع دولته الجديدة، خاصة العراق، وفي إعداد جيشه للزحف إلى القدس.

ومن الطبيعي أن أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم  والأئمة والصحابة والتابعين ليست في صدد بيان كل تحركاته وتنقلاته عليه السلام، بل بصدد بيان الأحداث الأساسية التي لاتضر بخطة حركته، وتبعث الأمل في نفوس المسلمين، ثم تكون إعجازاً ربانياً يقوي إيمان المسلمين عند ظهوره، ويدفعهم إلى نصرته وتأييده.

ومن المرجح أنه عليه السلام  يتنقل في هذه الفترة بين الحجاز وإيران والعراق واليمن حسب ما تقتضيه المصلحة، وأنه لا يشارك شخصياً في معارك جيشه إلا عندما يستوجب الأمر ذلك.

وقد رجحنا في فصل إيران رواية مجيئه عليه السلام  إلى جنوب إيران، لاعتبارات منها أن روايات مصادر الفريقين تذكر معركة البصرة بعد تحريره الحجاز، وأنها تكون معركة كبيرة وحاسمة.

ومنها، أن عمدة جيشه وجمهوره في تلك المرحلة على الأقل هم الإيرانيون، فمن الطبيعي أن يأتي إلى إيران من أجل الاعداد لمعركة البصرة والخليج.

قال ابن حماد في ص86 من مخطوطته: (حدثنا الوليد بن مسلم ورشد بن سعد، عن أبي رومان، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة بعث في طلب أهل خراسان، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي، فيلتقي هو والهاشمي برايات سود على مقدمته شعيب بن صالح، فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر، فيكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني. فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه).

ورغم ضعف هذه الرواية واضطراب متنها، لكنها تؤيد ما ورد عن معركة البصرة في فصل العراق.

كما أن روايات ردة فعل أهل الشرق والغرب العنيفة على نجاح ثورة المهدي عليه السلام  تؤيد ما ورد في بعض روايات حرب البصرة من أن الطرف المقابل للمهدي عليه السلام  وأنصاره يكونون الغربيين أهل الأناجيل، المرجح أن يكون جيش السفياني المذكور فيها واجهة للقوات الغربية.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام  في خطبة طويلة عن البصرة: ( فيتبعه من أهلها عدة من قتل بالأبلة من الشهداء، أناجيلهم في صدورهم)  (شرح النهج لابن ميثم خ128).

وإذا صح أن هذه الرواية تقصد معركة البصرة والخليج التي تقصدها رواية ابن حماد في حركة الظهور، فإنها ستكون من الضخامة والأهمية بحيث يتضح بعدها للناس أن ميزان القوة أصبح لمصلحة المهدي عليه السلام : (فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه).

وتذكر رواية في تفسير العياشي عن الإمام الباقر عليه السلام في تفسير قوله تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ)  أن الإمام المهدي عليه السلام  يدخل العراق في سبع قباب من نور: (ينزل في سبع قباب من نور، لايعلم في أيها هو، حين ينزل في ظهر الكوفة فهذا حين ينزل). وفي رواية أخرى: (إنه نازل في قباب من نور حين ينزل بظهر الكوفة على الفاروق).

وقد تكون هذه الحادثة كرامة ربانية للإمام المهدي عليه السلام، وقد تكون تعبيراً عن دخوله العراق في سرب من الطائرات أو وسائل مشابهة عبرت عنها الروايات بقباب من نور، ويساعد عليه ذكرها تفسيراً للآية الشريفة.

والروايات عن أعماله عليه السلام  في العراق كثيرة، ذكرنا بعضها في فصل العراق ونجمل ما بقي منها هنا.

فمنها، الروايات الكثيرة التي تذكر تصفيته لأوضاع العراق الداخلية وقتله فئات الخوارج عليه، وقد تقدم أكثرها في محله.

ومنها، دخوله الكوفة والنجف وكربلاء، وأنه يتخذ الكوفة عاصمة له ويبني قربها مسجد الجمعة العالمي، الذي يكون له ألف باب كما تذكر الروايات. فعن الإمام الصادق عليه السلام  قال: (إن قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربها، واستغنى العباد عن ضوء الشمس، ويعمر الرجل في ملكه حتى يولد له ألف ذكر لا يولد فيهم أنثى. يبني في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب، وتتصل بيوت الكوفة بنهر كربلاء وبالحيرة، حتى يخرج يوم الجمعة على بغلة سفواء يريد الجمعة فلا يدركها). (البحار:52/330).

وفي ص331عن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (فإذا كانت الجمعة الثانية قال الناس: يا ابن رسول الله، الصلاة خلفك تضاهي الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والمسجد لا يسعنا، فيخط مسجداً له ألف باب يسع الناس عليه أصيص)  أي بناء محكم. وقد يكون ذكر الألف باب لبيان سعة المسجد، الذي يبدو أنه مسجد الجمعة، الذي يقصده الناس من أنحاء العالم لصلاة الجمعة خلف الإمام المهدي عليه السلام. وقد يشمل المسجد مع مطاره ومواقف السيارات كل المساحة بين الكوفة وكربلاء، البالغ طولها نحو ثمانين كيلومتراً.

ومنها، إظهاره لمكانة كربلاء المقدسة وكرامة جده سيد الشهداء الإمام الحسين  عليه السلام، وإعطاء كربلاء مكانتها العالمية، وقد ذكرت ذلك الروايات، فعن الإمام الصادق عليه السلام: (وليصبرن الله كربلاء معقلاً ومقاماً، تختلف إليه الملائكة والمؤمنون، وليكونن لها شأن من الشأن). (البحار:53/12).

ومنها، الآية التي تظهر منه في نجف الكوفة، حيث يلبس درع جده النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويركب مركباً خاصاً يضئ للعالم، فيراه الناس في بلادهم وهو في مكانه! فعن الإمام الصادق عليه السلام  قال: (كأني بالقائم عليه السلام على ظهر النجف لابساً درع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  فيتقلص عليه، ثم ينتفض بها فتستدير عليه، ثم يغشي الدرع بثوب إستبرق، ثم يركب فرساً له أبلق بين عينيه شمراخ، ينتفض به، لايبقى أهل بلد إلا أتاهم نور ذلك الشمراخ، حتى يكون آية له. ثم ينشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  فإذا نشرها أضاء لها ما بين المشرق والمغرب). (البحار:52/391).

وفيها عن أمير المؤمنين عليه السلام  قال: ( كأنني به قد عبر من وادي السلام إلى مسيل السهلة على فرس محجل له شمراخ يزهر، يدعو ويقول في دعائه: لا إله إلا الله حقاً حقاً، لا إله إلا الله تعبداً ورقاً. اللهم معز كل مؤمن وحيد، ومذل كل جبار عنيد، أنت كنفي حين تعييني المذاهب، وتضيق عليَّ الأرض بما رحبت.

اللهم خلقتني وكنت غنياً عن خلقي، ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين.

يا منشر الرحمة من مواضعها، ومخرج البركات من معادنها، ويا من خص نفسه بشموخ الرفعة فأولياؤه بعزه يتعززون.

يا من وضعت له الملوك نير المذلة على أعناقهم، فهم من سطوته خائفون..الخ.).

وسوف نشير إلى ما يظهره الله تعالى على يده من إمداد غيبي وكرامات ومعجزات، والروايات التي تذكر تطور العلوم في عصره عليه السلام.

ومنها، أنه يتخذ السهلة مسكناً له ولعياله، وهي قرب الكوفة من جهة كربلاء، وقد وردت بذلك عدة روايات، وهي تشير الى أن يكون له بعد ظهوره زوجة وأولاد  عليه السلام.

ومنها، أنه عليه السلام يطيل المكث في العراق قبل توجهه إلى القدس: (ثم يأتي الكوفة فيطيل المكث بها ما شاء الله أن يمكث). (البحار:52/224).

ويبدو أن السبب في ذلك مضافاً إلى تثبيت الوضع داخل العراق واتخاذه مركزاً لحكمه، أنه يجمع نخبة معاونيه وأنصاره من العالم في العراق، ويعد قواته العسكرية ويبعثها إلى البلاد من العراق، ثم يتوجه بجيشه إلى فتح القدس.

فعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: ( إذا دخل القائم الكوفة لم يبق مؤمن إلا وهو بها أو يجئ (يحن)  إليها، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام. ويقول لأصحابه سيروا بنا إلى هذا الطاغية). (البحار:52 /330).

وعنه عليه السلام  قال: (كأني بالقائم على نجف الكوفة وقد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه، وهو يفرق الجنود في البلاد). (البحار:52/337)  

وفي رواية: ( وشعيب بن صالح على مقدمته)، وهو قائد جيشه.

وتذكر بعض الروايات أن أول جيش يبعثه عليه السلام  يبعثه إلى قتال الترك، ففي مخطوطة ابن حماد ص58 عن أرطاة قال: ( يقاتل السفياني الترك ثم يكون استئصالهم على يد المهدي و(هو)  أول لواء يعقده المهدي يبعثه إلى الترك).

وقريب منه في الملاحم والفتن لابن طاووس ص52، وقد نقل(ره) في كتابه من كتاب ابن حماد سبعين صفحة أو أكثر.

ويبدو من مجموع الروايات أنه عليه السلام  يقوم في العراق بعدة أعمال أساسية تتعلق بترتيب أوضاع دولته الجديدة وترسيخ حكمه فيها، وتأمين حدودها الشرقية من جهة روسيا والصين، ثم بالإعداد الشعبي والسياسي والعسكري لمعركة فتح القدس الكبرى.

الزحف نحو القدس:

ذكرت بعض الروايات أن المهدي عليه السلام يرسل جيشاً لقتال الروم عند أنطاكية ويرسل فيه بعض أصحابه فيستخرجون تابوت السكينة من غار بأنطاكية وفيه نسخة التوراة والإنجيل الأصليتين(مخطوطة ابن حماد ص98)، ويبدو أن إظهار هذه الآية للغربيين عملٌ لتحييد قواتهم التي تكون مرابطة عند ساحل أنطاكية، عن المشاركة في معركة فتح القدس.

وقد ورد أن هذه القوات تنزل هناك على أثر النداء السماوي في شهر رمضان، وأن الله تعالى يظهر لهم أهل الكهف آية، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: (وتقبل الروم إلى ساحل البحر عند كهف الفتية، فيبعث الله الفتية من كهفهم مع كلبهم، منهم رجل يقال له مليخا وآخر خملاها، وهما الشاهدان المسلمان للقائم). (البحار:52/275)، ولعل المعنى أن مليخا وخملاها يأتيان إلى المهدي عليه السلام   ويبايعانه، أو يسلمان إليه مواريث تكون مع أهل الكهف.

وعلى هذا، فإن الإمداد الغيبي هو الذي يجعل الغربيين يتريثون في خوض المعركة إلى جانب اليهود والسفياني ضد المهدي عليه السلام، وتكون الآية الأولى ظهور أصحاب الكهف، والآية الثانية استخراج أصحاب المهدي عليه السلام   تابوت السكينة ونسخاً من التوراة والإنجيل من غار بأنطاكية ومحاجتهم بها.

ولذا يستبعد أن تقع بينهم وبين المهدي عليه السلام معركة عند أنطاكية.

كما أن نزول قواتهم على الساحل التركي وليس في تركيا، قد يشير إلى أن تركيا تكون خارجة عن نفوذهم، أو يكون تم تحريرها في تلك الفترة بثورة شعبها، أو بجيش المهدي عليه السلام.

ولكن قوات الروم التي تنزل الرملة على ساحل فلسطين، والتي تصفها بعض الروايات بمارقة الروم تشارك على ما يبدو في معركة القدس إلى جانب اليهود والسفياني.

كما أن بعض الروايات تذكر أنه عليه السلام يرسل جيشه إلى الشام لخوض معركة القدس، مما يطرح احتمال أنه لا يشارك بنفسه في المعركة، بل يدخل القدس بعد هزيمة أعدائه، ولكن أكثر الروايات تذكر أنه يسير بنفسه مع جيشه، ويعسكر في (مرج عذراء)  القريب من دمشق.

فعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (ثم يأتي الكوفة فيطيل المكث بها ما شاء الله أن يمكث حتى يظهر عليها. ثم يسير حتى يأتي العذراء هو من معه، وقد التحق به ناس كثير، والسفياني يومئذ بوادي الرملة. حتى إذا التقوا وهو يوم الأبدال، يخرج أناس كانوا مع السفياني مع شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ويخرج ناس كانوا مع آل محمد إلى السفياني، فهم من شيعته حتى يلحقوا بهم، ويخرج كل ناس إلى رايتهم وهو يوم الأبدال. قال أمير المؤمنين عليه السلام : ويقتل يومئذ السفياني ومن معه حتى لا يدرك منهم مخبر، والخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب). ( البحار:52/224).

وتدل هذه الرواية على عدة أمور: منها، الحالة الشعبية العامة المؤيدة للإمام المهدي عليه السلام حيث يدخل جيشه سوريا بدون مقاومة مذكورة ويعسكر على بعد ثلاثين كيلو متراً من دمشق. إلى آخر ما ذكرناه في حركة السفياني.

معركة الإمام المهدي عليه السلام  مع اليهود:

حاصل الحالة السياسية في المنطقة التي تفهم من الروايات قبيل معركة القدس: أن الروم الغربيين يكونون في حالة تخوف من مواجهة الإمام المهدي  عليه السلام  بسبب انتصاراته المفاجئة، وانتصارات أصحابه في اليمن والحجاز والعراق، وربما انتصاره عليهم في معركة الخليج. وبسبب الموجة الشعبية العارمة له في الشعوب الإسلامية، وخاصة مسلمي المنطقة.

ولابد أن الآيات الربانية التي تسبق ظهوره عليه السلام  وترافقه تكون ذات تأثير على الشعوب الغربية أيضاً وتزيد في ارتباك حكوماتها، فلا تقوم بأكثر من إرسال قواتها إلى ساحل أنطاكية وساحل الرملة في فلسطين أو مصر، ويكون دور الغربيين في المعركة بشكل عام مساندة حلفائهم اليهود والسفياني.

أما وضع اليهود فيكون أكثر قلقاً ورعباً، لأن المعركة مصيرية بالنسبة إليهم ولكنهم يفضلون أن لا يواجهوا جيش المهدي مباشرة، بل بواسطة خط دفاعهم(العربي)  بقيادة السفياني، وهذه قاعدة وسنة آلهية في الحكومات المترفة أنها تفضل أن يقاتل غيرها نيابة عنها، وأن تبقى في الخط الثاني أو الثالث، كما نشاهد في اليهود عموماً.

أما الحالة الشعبية في المنطقة فتبلغ شدة تأييدها للإمام المهدي عليه السلام أنها تكاد تطيح بالسفياني وتضم بلاد الشام إلى دولة الإمام المهدي عليه السلام ، لولا الإسناد الخارجي القوي للسفياني وجيشه من الروم واليهود.

ولا يبعد أن يرافق تراجع قوات السفياني أمام زحف جيش المهدي عليه السلام، أن تكون بلاد الشام في حالة فراغ أو شبه فراغ سياسي.

وقد أورد ابن حماد في مخطوطته نحو عشرين حديثاً تحت عنوان: (خروج المهدي من مكة إلى بيت المقدس)  وورد عدد منها في مصادرنا الشيعية أيضاً. منها ص96، عن ابن وزير الغافقي أنه سمع علياً يقول: (يخرج في اثني عشر ألفاً إن قلوا وخمسة عشر ألفاً إن كثروا، يسير الرعب بين يديه، لا يلقاه عدو إلا هزمهم بإذن الله، شعارهم أمت أمت، لا يبالون في الله لومة لائم، فيخرج إليهم سبع رايات من الشام فيهزمهم ويملك، فترجع إلى المسلمين محبتهم ونعمتهم وقاصتهم وبزارتهم، فلا يكون بعدهم إلا الدجال. قلنا: وما القاصة والبزارة؟ قال يقبض الأمر حتى يتكلم الرجل بأشياء لا يخشى شيئاً).

وفيها: (ويسير المهدي حتى ينزل بيت المقدس، وتنقل إليه الخزائن، وتدخل العرب والعجم وأهل الحرب والروم وغيرهم في طاعته).

وفي ص97: (فيقول (أي المهدي)  أخرجوا إلي ابن عمي حتى أكمله، فيخرج إليه فيكلمه، فيسلم له الأمر ويبايعه: فإذا رجع السفياني إلى أصحابه ندمته كلب فيرجع ليستقيله، فيقتتل هو وجيش السفياني على سبع رايات، كل صاحب راية منهم يرجو الأمر لنفسه، فيهزمهم المهدي).

وفيها: (فيستقيله البيعة فيقيله، ثم يعبي جيوشه لقتاله فيهزمه، ويهزم الله على يديه الروم). والسفياني في النسب الظاهر ابن عم الإمام المهدي عليه السلام، لأن أمية وهاشم كما هو معروف أخوان.

وإذا صح شيء من هذه الروايات فهي سياسة حكيمة وخلق عظيم من الإمام المهدي عليه السلام، يريد بها أن يصرفه عن غيه، أو يقيم عليه مزيداً من الحجة، ولكن السفياني سرعان مايندم على تأثره الموقت بشخصية الإمام المهدي عليه السلام، ويُندِّمه أقاربه بنو كلب، بل قادة جيشه السبعة الذين يكون السفياني بالحقيقة قيادة اتحادية لهم، ومن وراء ذلك أسيادهم الروم واليهود.

وفي رواية الملاحم والفتن عن أمير المؤمنين عليه السلام  في وصف هذه المعركة قال: (فيغضب الله على السفياني، ويغضب خلق الله لغضب الله تعالى، فترشقهم الطير بأجنحتها، والجبال بصخورها، والملائكة بأصواتها! ولا تكون ساعة حتى يهلك الله أصحاب السفياني كلهم، ولا يبقى على الأرض غيره وحده فيأخذه المهدي فيذبحه تحت الشجرة التي أغصانها مدلاة على بحيرة طبرية).

وتذكر بعض روايات هذه المعركة نوعاً آخر من الإمداد الغيبي للمسلمين فيها، مضافاً إلى ما ذكرته الرواية المتقدمة: (أنه يسمع يومئذ صوت من السماء منادياً ينادي: ألا إن أولياء الله فلان، يعني المهدي، فتكون الدبرة على أصحاب السفياني، فيقتلون حتى لايبقى منهم إلا الشريد). (ابن حماد ص 97).

والظاهر أن الأحاديث الواردة في مصادر الفريقين عن قتال المسلمين لليهود في آخر الزمان تقصد هذه المعركة، بدليل تشابه مضامينها وتعابيرها، والروايات الواردة في تفسير قوله تعالى: (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً). بالإمام المهدي عليه السلام  وأصحابه.

ومن أشهر أحاديثها في مصادر السنة، الحديث الذي رواه مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  قال: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهود من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر يا مسلم هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود). (التاج الجامع للأصول:5/356 وأحمد:2/417)، ويشبهه ما رواه مسلم والترمذي في كتاب الفتن، والبخاري في كتاب المناقب: (يقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم).

كما ورد في أحاديث المهدي عليه السلام  من طرق الفريقين روايات عديدة عن استخراجه عليه السلام تابوت السكينة، وأسفاراً من التوراة ومحاجة اليهود بها. ويبدو أن ذلك يكون بعد انتصاره عليهم ودخوله القدس.

ولم أجد في الروايات تحديداً لعدد القوات التي تشترك في هذه المعركة سواء قوات المسلمين مع المهدي عليه السلام أو لعدد قوات السفياني واليهود والروم. وقد ورد في بعضها أن عدد قوات السفياني التي تنزل عند بحيرة طبرية يكون مئة وسبعين ألفاً. ولكن توجد عدة مؤشرات تدل على أن عدد قوات الجانبين تكون كبيرة جداً، منها، ما في الرواية المتقدمة عن الإمام الباقر عليه السلام: (وقد ألحق به ناس كثير). ومنها، سعة جبهة المعركة التي تمتد من طبرية إلى القدس في أكثر الروايات، وبعضها تذكر مرج عكا وصور ودمشق أيضاً.

أما ما ورد في بعض الروايات من أن جيش المهدي عليه السلام يكون بضعة عشر ألفاً فهو جيشه الذي يخرج به من مكة إلى المدينة، وربما اشتبه بعض الرواة بينه وبين جيشه الذي يتوجه به من العراق إلى القدس، ويكون قائده شعيب بن صالح قائد قوات الإيرانيين، فهذا الجيش قد يزيد عدده على المليون جندي، لأنه يكون فيه قوات الإيرانيين واليمانيين والعراقيين وغيرهم من بلاد المسلمين، ثم ينضم إليه أعداد من بلاد الشام، وربما من غيرها.

ومع أن ابن حماد أورد روايات البضعة عشر ألفاً في عدد جيش المهدي  عليه السلام  في زحفه نحو القدس ص95 وما بعدها، إلا أنه أورد رواية في ص106 تذكر أن حرسه عليه السلام  عندما يدخل القدس يكون اثني عشر ألفاً: (ينزل رجل من بني هاشم بيت المقدس يكون حرسه اثنا عشر ألفاً).

ورواية ثانية ص107 تقول: (حرسه ستة وثلاثون ألفاً، على كل طريق لبيت المقدس اثنا عشر ألفاً). وهذا يدل على ضخامة جيشه عليه السلام.

كما أورد ص110، رواية عن بناء المهدي عليه السلام  للقدس تقول: (ينزل خليفة من بني هاشم يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، يبني بيت المقدس بناء لم يُـبْنَ مثله).

ومن الطبيعي أن يكون لانتصار الإمام المهدي عليه السلام  المفاجئ والكاسح ودخوله القدس الشريفة وقع الصاعقة على الغربيين، وأن يجن جنونهم لهزيمة حلفائهم اليهود وانهيار كيانهم.

وبمقتضى الحسابات السياسية، وما نعرفه من عنفوانهم الحالي، لابد أن يشنوا حملة عسكرية بحرية وجوية على الإمام المهدي عليه السلام  وجيشه، وأن يستعملوا كل ما يسنطيعون من أسلحة فتاكة.

ولكن يفهم من الأحاديث الشريفة أن عدة عوامل مهدئة تكون موجودة، ولعل من أهمها نزول المسيح عليه السلام  في القدس، ثم حالة الرعب التي تتعمق في الغربيين من مواجهة الإمام المهدي عليه السلام.

ويضاف إلى ذلك وسائل الإمداد الغيبي التي يملكها الإمام المهدي عليه السلام  ويستعمل بعضها في حركة ظهوره، والتي تستحق استعراضها في فضل خاص، وإن كان تأثيرها يكاد ينحصر بالشعوب الغربية، ويكون على حكوماتها ضعيفاً أو معدوماً. وقد يضاف إلى ذلك امتلاك المهدي عليه السلام   أسلحة متطورة تكافي أسلحة الغربيين، أو تتفوق عليها.

نزول المسيح عليه السلام  من السماء:

أجمع المسلمون على أن روح الله عيسى المسيح على نبينا وآله وعليه السلام ينزل من السماء إلى الأرض في آخر الزمان، وبذلك فسر أكثر المفسرين قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً). (النساء:159)، وقد نقله صاحب مجمع البيان عن ابن عباس وأبي مالك وقتادة وابن زيد والبلخي، وقال: واختاره الطبري.

وروى تفسيرها بذلك في البحار:14/530، عن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا، فلا يبقى أهله ملة يهودي ولا نصراني إلا آمن به قبل موته ويصلي خلف المهدي).

وأحاديث نزوله في مصادر الفريقين كثيرة منها الحديث المشهور عن النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  قال: (كيف بكم (أنتم)  إذا نزل عيسى بن مريم فيكم وإمامكم منكم). (البحار:52/383 ورواه البخاري:2/256، وروى غيره في باب: (نزول عيسى عليه السلام).

وأورد ابن حماد في مخطوطته من ص159 إلى ص162نحو ثلاثين حديثاً تحت عنوان: (نزول عيسى بن مريم  صلى الله عليه وآله وسلم وسيرته)  وتحت عنوان: (قدر بقاء عيسى بن مريم عليهما السلام  بعد نزوله).

منها، ص162الحديث المروي في الصحاح وفي البحار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  قال: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً وإماماً مقسطاً، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزيرة، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد)  وفيها: ( إن الأنبياء إخوة لعلات، دينهم واحد وأمهاتهم شتى. أولاهم بي عيسى بن مريم، ليس بيني وبينه رسول، وإنه لنازل فيكم فاعرفوه، رجل مربوع الخلق، إلى البياض والحمرة. يقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية. ولا يقبل غير الإسلام، وتكون الدعوة واحدة لله رب العالمين).

وقد ورد في عدد من روايات ابن حماد نزوله عليه السلام  في القدس، وفي بعضها عند القنطرة البيضاء على باب دمشق، وفي بعضها عند المنارة التي عند باب دمشق الشرقي. وفي بعضها باب لد بفلسطين.

كما أورد في بعضها أنه يصلي خلف المهدي عليه السلام، وأنه يحج إلى بيت الله الحرام كل عام، وأن المسلمين يقاتلون معه اليهود والروم والدجال. وأنه يبقى في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفاه الله تعالى ويدفنه المسلمون.

وورد في رواية عن اهل البيت عليهم السلام  أن الإمام المهدي عليه السلام  يقيم مراسم دفنه على أعين الناس، حتى لا يقول فيه النصارى ما قالوه، وأنه يكفنه بثوب من نسج أمه الصديقة مريم÷ويدفنه في القدس في قبرها.

والمرجح عندي في أمر نزوله عليه السلام  أن قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً). (النساء: 159)  يدل على أن الشعوب المسيحية واليهود جميعاً يؤمنون به، وأن الحكمة من رفعة إلى السماء وتمديد عمره أن الله تعالى ادخره ليؤدي دوره العظيم في هداية أتباعه وعباده، في مرحلة حساسة من التاريخ يظهر فيها المهدي عليه السلام  ويكون النصارى أكبر قوة في العالم، ويكونون أكبر عائق أمام وصول نور الإسلام إلى شعوبهم العالم، وإقامة دولته وحضارته الإلهية.

لذا فإن من الطبيعي أن تعم العالم المسيحي تظاهرات شعبية، وفرحة عارمة، ويعتبرون نزوله لهم في مقابل ظهور المهدي عليه السلام   في المسلمين.

ومن الطبيعي أن يزور المسيح  عليه السلام   بلادهم المختلفة، ويظهر الله تعالى على يديه الآيات والمعجزات، ويعمل لهدايتهم إلى الإسلام بالتدريج والنفس الطويل، وأن تكون أول الثمرات السياسية لنزوله تخفيف حالة العداء في الحكومات الغربية للإسلام والمسلمين وعقد اتفاقية الهدنة بينهم وبين الإمام المهدي عليه السلام  التي تذكرها الروايات.

وقد تكون صلاته خلف المهدي عليه السلام  على أثر نقض الغربيين معاهدة الهدنة والصلح مع المهدي عليه السلام  وغزوهم المنطقة بجيش جرار كما تذكر الروايات، فيتخذ المسيح عليه السلام  موقفه الصريح إلى جانب المسلمين، ويأتم بإمامهم.

أما كسر الصليب وقتل الخنزير فلا يبعد أن يكون بعد غزو الغربيين للمنطقة وهزيمتهم في معركتهم الكبرى مع المهدي عليه السلام.

كما ينبغي أن ندخل في الحساب التيار الشعبي الغربي المؤيد للمسيح عليه السلام   والذي يكون له تأثير ما على الحكومات قبل معركتهم الكبرى مع المهدي، وتأثير حاسم بعدها.

وأما حركة الدجال، فالمرجح عندي من أحاديثها أنها تكون بعد مدة غير قصيرة من قيام الدولة العالمية على يد المهدي عليه السلام  وعموم الرفاهية لشعوب الأرض، وتطور العلوم تطوراً هائلاً، وأنها حركة يهودية إباحية أشبه بحركة الهيپز الغربية الناتجة عن الترف والبطر. غاية الأمر أن حركة الأعور الدجال تكون متطورة ذات أبعاد عقيدية وسياسية واسعة، حيث يستعمل الدجال وسائل العلوم في ادعاءاته وشعوذاته، ويتبعه اليهود الذين هم في الحقيقة وراء حركته، ويستغلون المراهقين والمراهقات، وتكون فتنته شديدة على المسلمين.

وينبغي التثبت والتحقيق في الروايات التي تذكر أن المسيح عليه السلام  هو الذي يقتل الدجال، لأن ذلك من عقائد المسيحيين المذكورة في أناجيلهم، ولأن المجمع عليه عند المسلمين أن حاكم الدولة العالمية يكون الإمام المهدي  عليه السلام  ويكون المسيح عليه السلام  معيناً له ومؤيداً.

وقد وردت الروايات عن اهل البيت عليهم السلام  بأن الذي يقتل الدجال هم المسلمون بقيادة الإمام المهدي عليه السلام.


source : http//m-mahdi.com
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

بيعة الإمام الرضا (ع) بولاية العهد
إحتجاج الإمام الحسين عليه السلام يوم العاشر من ...
استحالة تحريف القرآن الكريم
المنهج الأثري
آية الله الميرزا محمد علي الشاه آبادي قدس سره
الغيبة
فکر الزهراء عليها السلام
مراحل حياة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام
واجبات الدولة في مجال مستوى المعيشة
الفتنة الجنسية

 
user comment