عربي
Wednesday 24th of July 2024
0
نفر 0

مؤسسة الزواج ومتغيرات العصر

ليست الرابطة الزوجية مجرد علاقة تخص شخصين وإنما هي ظاهرة إجتماعية تتحدد من خلالها مجموعة من العلاقات يشترك فيها (المجموع العائلي) وأعني بذلك عائلة الزوج , والزوجة , والأقارب , والأبناء الذين يأتون ثمرة هذه الرابطة , وما وجود هذا المجموع الذي له علاقة مباشرة , أو غير مباشرة بشريكي الحياة إلا حماية لما قد يطرأ على مؤسسة الزواج من مصاعب تنجم عن سوء التكيف الزوجي , أو عن وفاة أحد الوالدين لسبب ما , فالرابطة الزوجية إذا ترتبط بعلاقة متينة مع محيطها الإجتماعي .
وعلى هذا الأساس فإن هذه الرابطة لا يمكن أن تكون وحدها مستقلة عن المجموع , مما يستوجب الإذعان لعدد من الأعراف التي تحدد علاقات المتزوجين بأهلهم , وتعين لهم طريقة الإلتزام بالواجبات المفروضة عليهم حتى تتمكن الأسرة الصغيرة من الاستمرار لما لها من قيمة في تماسك المجتمع ولمنع انحلالها كما حصل في بلاد الغرب,اذ ان الاسرة كما نعلم في مجتمعنا الراهن تقوم بوظائف اربع يمكن حصرها فيما يلي:
أولا : إنها تكفل للعلاقات الجنسية أكبر قيمة عاطفية ممكنة .
ثانيا : إنها تتعهد الأطفال بالتربية في جو من التعاطف القائم على الحكمة والعقل .
ثالثا : إنها تعد الفرد للحياة الجماعية القائمة على الأخذ والعطاء .
رابعا : إنها تعد الطفل بطريقة لا شعورية لحياة زوجية مرضية في المستقبل , ومعنى هذا أن الأسرة لا الفرد كما قال أحد المفكرين هي الخلية الإجتماعية الأولى .
إن هذا التعريف الموجز للأسرة بقي هو السائد إلى عهد قريب إذ بدأت تهب على مجتمعنا الكثير من عواصف التغيير المجتمعي , وقد بدأ ذلك في القرن التاسع عشر واستمر إلى وقتنا الحاضر حيث بدأ الزواج كمؤسسة يتعرض لكثير من التأثيرات السلبية خاصة في بلدان الغرب الأوروبي التي حدثت فيها تطورات إقتصادية وإجتماعية على درجة كبيرة من الأهمية , قلبت عددا من المفاهيم والقناعات السائدة عن الزواج , وحيث طالب البعض بأن يكون عقدا مدنيا يرتبط بالمزاج الفردي للشخص , في وقت بلغت فيه النزعة الفردية أوجها في تلك الفترة التي انفتح فيها باب الطلاق على مصرعيه , وأثر على مركز الأسرة الإجتماعي , ولا شك بأن إنفجار الثورة الصناعية وانتشار الآلة على نطاق واسع في البلدان الأوروبية فرض على الكثيرين من الناس الذهاب إلى المصانع (رجالا ونساءا) فضعف التماسك العائلي , وبدأت المرأة تتمتع بإستقلال إقتصادي ساعدها على التحرر من سطوة الحياة المنزلية , وجعل المنزل الأسري (فندقا للنوم فقط) كما قال أحد الدارسين , إضافة إلى حصول نتائج مهمة على صعيد التنشئة الأسرية المتعلقة بالأطفال الذين عانوا من إهمال الأم لهم , مما أدى إلى تزايد الجنوح بينهم بدرجة كبيرة أوجب مشرعي القانون على سن عدد من التشريعات للتخفيف من وطأة هذا التغيير عليهم , عن طريق تقديم عدد من التسهيلات للمرأة العاملة , كتحديد ساعات العمل , وضمان الأمومة , ومنعها من العمل في ساعات معينة من الليل , وفي اماكن حددها القانون لها , ولا يغيب عن بالنا هنا أن إنتشار العلم والمعرفة والتطور في مجالات العلوم الانسانية ساهم بشكل أو بآخر بتحديد أدوار جديدة للأسرة إن لم نقل ساهم بتغييرها لصالح التطورات والمتغيرات الجديدة التي تفاعلت على مدى قرن من الزمن وأدت إلى بروز مظاهر القلق , وعدم الإستقرار الإجتماعي , وبالتالي الأسري الذي إنتقل بدوره إلى بلداننا العربية بحكم العلاقات بيننا وبين دول الغرب عموما , وقد وصلت إلينا مظاهرالعدوى المجتمعية هذه إذا جاز لي التعبير عبر شبكة مهمة من العلاقات الإقتصادية التي قصرت المسافات بين الحضارات , وساهمت في حصول التطور الكبير لحجم المدن العربية وفي فترة زمنية قصيرة , ساعد عليها إكتشاف الثروات النفطية الهائلة في الوطن العربي الذي إرتبط بعلاقات وطيدة مع الغرب أوجبت تغييرا ملموسا في الحياة الإجتماعية خاصة في المناطق الريفية التي تركها شبابها وتوافدوا إلى المدن بأعداد كبيرة لتوفر أسباب العمل فيها .
وبناء على ما تقدم ونتيجة طبيعية لهذه المتغيرات تعقدت امور الأسرة وظهرت ازمات كثيرة إنعكست على الحياة فيها وفي اكثر من مجال , ويكفي أن نذكر أزمة السكن وانعدام الشروط العلمية للأبنية , والمتطلبات الكثيرة التي يفرضها بناء عائلة وارتفاع مستويات المعيشة لنعرف الصعوبات التي


source : البلاغ
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

هل نحن وحدنا في الكون؟
القهوة و الشاي ليس لهما علاقة بسرطان الثدي
ماهي علامات الحب..؟
الرجل والمرأة في المجتمع
لعبة الغيرة والشك .. أسبابها وآثارها المدمرة
وصول ضيوف المؤتمر السادس للمجمع العالمي لأهل ...
النساء في العاصمة الجزائرية ارتدين الحجاب بهدف ...
الانسان وباقي المخلوقات
الكربلائي يؤكد ضرورة توضيح لمعنى شعيرة "زيارة ...
صلة الوالدین

 
user comment