يجرب الباحثون الآن تقنية جديدة لتميز الأعصاب الموجودة في الحبل الشوكي ، التي تتحكم في الخطوات المتتابعة يمينا و يسارا خلال عملية المشي . و قد توصل الباحثون إلى نتائج جعلتهم على بعد خطوات من الفهم الكامل للدائرة العصبية التي تنسق حركات المشي ، و التي ستكون مهمة جدا في تطوير علاجات جديدة لمرضى الشلل.
طبقا لما يقوم به الباحثين ، فأن استعمال هذه التقنية الجينية ، سيزيد من معرفتنا عن شبكات الأعصاب المتخصصة في الحبل الشوكي ، و بالتالي من معرفتنا للدائرة العصبية المسؤولة عن الحركة في الحبل الشوكي . بالإضافة إلى أن الفهم الجيد لهذا الموضوع سيكون له دور حاسم في تطوير خطط جديدة لإعادة الوظائف الحركية ، التي تتعطل بسبب الشلل نتيجة أذى أو مرض في الحبل الشوكي .
يعمل الباحثون على تعريف هذه الأعصاب ، و بالتالي إيجاد تطبيقات يمكن أن تكون مفيدة في تعريف الدائرة الداخلية في الحبل الشوكي ، المسؤولة عن العلميات الأخرى مثل عملية التنفس ، بالإضافة إلى حركات لا إرادية أخرى لا تدخل ضمن مجال عمل الدماغ .
نشر فريق البحث بقيادة مارتن دو كولدنغ من معهد سالك للدراسات الإحيائية ، و ثوماس ام. شيسيل من جامعة كولومبيا ، بحث في مجلة أعصاب (Neuron ) ، يهدف هذا البحث حسب قول كولدنغ : " إلى تعريف الأعصاب التي تدخل في دائرة تدعى ، محرك النموذج المركزي (Central pattern generators ) ، و التي تولد إشارات الحركة المتناسقة يسار – يمين ، و التي تجعل المشي ممكنابالطبع فأن لدى الناس معرفة بأن الأعصاب المحركة الموجودة في هذه الدائرة تؤدي إلى عمل العضلات ، لكن لاأحد يعلم ما هي الأعصاب الداخلية الموجودة ضمن الأعصاب الحركية ، و المسؤولة عن تنظيم عملية المشي المنسقة " . ثم يضيف : " الدراسات التشريحية السابقة لم تزود بأي جزيئات او وظائف مهمة يمكن أن تعمل على تميز هذه الأعصاب الداخلية " . " ، ثم يكمل قوله : "
في دراسات سابقة ، شاركت فيها الساندرا بيراني من مختبر شيسيل ، ذكرت أن مجموعة عملية من الأعصاب الداخلية ، تدعى الأعصاب الداخلية في أو ( VO ) ، تحتاج إلى مفتاح جيني يدعى دي بي اكس واحد ( Dbx1 ) ، ليطور فعالية هذه الأعصاب . مثل هذه المفاتيح الجينية ، التي تدعى أيضا بعوامل النسخ ( Transcription Factors ) ، تتحكم في فعالية مجموعة من الجينات خلال فترة تكوينها ، و تخصصها في الجنين .
يجرب الباحثون الآن تقنية جديدة لتميز الأعصاب الموجودة في الحبل الشوكي ، التي تتحكم في الخطوات المتتابعة يمينا و يسارا خلال عملية المشي . و قد توصل الباحثون إلى نتائج جعلتهم على بعد خطوات من الفهم الكامل للدائرة العصبية التي تنسق حركات المشي ، و التي ستكون مهمة جدا في تطوير علاجات جديدة لمرضى الشلل.
كذلك لاحظت بيرني و زملائها الامتداد التشريحي لمثل هذه الأعصاب ، التي تحمل المفتاح الجيني دي بي اكس واحد ( Dbx1 ) ، في الحبل الشوكي لفأر ، و تظهر هذه الأعصاب امتدادا في أحد جوانب الحبل الشوكي ، و في الوقت نفسه تعبر إلى الجانب الآخر من الحبل الشوكي لترتبط بالأعصاب الحركية . علمت بيرني أن مثل لوحة الامتداد هذه تميز الدائرة التي تتحكم في فعالية المحرك الداخلي لعملية المشي يمين – يسار .
يحاول غولدنغ و زملاءه اكتشاف هل أن الأعصاب الداخلية مثل في أو ( VO ) ، تشارك بشكل حقيقي في مولد النموذج المركزي المتحكم بتناغم المشي يمين و يسار؟، ذلك من خلال الدراسات الإلكترو وظيفية Electrophysiological ، على الحبال الشوكية للفئران . و قد وجدوا ذلك ، فطالما الحبال الشوكية طبيعية ، فهي تظهر فعالية الإلكترونية مثالية من قبل الأعصاب الحركية بالنسبة لتناسق حركة المشي يمين – يسار . أما بالنسبة للفئران المحورة جينيا ، و التي فقدت المفتاح الجيني دي بي اكس واحد ( Dbx1 ) ، فقد أظهرت حركات غير طبيعية عند التحفيز . هذا النموذج غير الطبيعي بالنسبة لحركاته سيكون صفة مميزة للمشي غير المنسق ( ataxia ) ، في حالة الفئران التي عانت من طفرة جينية في دي بي اكس واحد .
طبقا لبحث كولدنغ و شيسيل ، فأن مناقشة مولد النموذج المركزي ، سيوفر نظام تصميمي قيم لفهم الآلية عمل الدائرة الداخلية للحبل الشوكي . يقول كولدنغ في هذا المجال : " يوجد أنظمة قليلة نأمل بفهمنا لها ، أن نتعلم كيف أن مكونات الدائرة يمكنها توليد بعض مظاهر الحركة ، سيمكـننا ذلـك من الوصول إلى الفهـم الكامل لهذا النظام " .
يحاول غولدنغ وزملاءه اكتشاف هل أن الأعصاب الداخلية مثل في أو ( VO ) ، تشارك بشكل حقيقي في مولد النموذج المركزي المتحكم بتناغم المشي يمين و يسار؟،
يرى شيسيل ، أن هذه بداية لما يعرف بالحصاد الكبير لمعرفة جديدة من خلال استخدام هذا المجال . فهو يقول : « أن استعمال هذه التقنية الجينية ، سيميز في البداية الأعصاب الداخلية من نوع في أو ( VO ) فقط ، و التي ستمثل البداية لما سيتفرع من تقنيات ، ستعمل على تعريف مواد خاصة في الأعصاب الموجودة في الدماغ و الحبل الشوكي » . يكمل شيسيل فيقول : " نعتقد أن هناك درزن من المجموعات المختلفة من الأعصاب الداخلية ، التي لدى كل مجموعة منها هوية جينية مستقلة ، في مثل هذه القضية ، هناك واحدة من هذه المجموعات ، يمكن أن تصنع جزيئات تتدفق في سبيل إصلاح هذه الأعصاب ، و عادة تتضمن مثل هذه الإصلاحات مجموعات جزئية من الأعصاب المتخصصة غير الفعالة ، فمن خلال استعمال عوامل النسخ المميزة لتغير فعاليتها أو إدخال مواد لإخمادها ، أي جعلها غير فعالة ، أو حتى قتلها " . ثم يكمل : " مع تقنيات الإخماد هذه على سبيل المثال ، يمكنك تحليل التصرفات الحركية الداخلية عندما تكون هذه الأعصاب فعالة ، ثم مقارنتها من خلال جعل هذه الأعصاب خامدة ، غير فعالة ، و ملاحظة التغييرات ، ثم إرجاع فـعاليتها مـرة أخرى " .
ربما تساعد هذه التقنيات التعريفية و الإصلاحية ، العلماء على تطوير خطط طبية سريرية لإعادة تشغيل الحبل الشوكي . يقول شيسيل في هذا المجال : " جزء من مشكلة إعادة القدرة على الحركة عند المرضى المصابين بأذى في الحبل الشوكي ، هي في كيفية إعادة تأسيس الارتباط بين الدماغ و الحبل الشوكي ، بالإضافة إلى جزء آخر من المهم جدا الوصول إليه ، و هو الفهم الكافي لأنظمة الحركة في الحبل الشوكي ، و الذي يؤدي فهمه الجيد إلى إنجاز أو إخراج عملية إعادة تشغيل الوصلات بشكل صحيح لإنجاز الوظائف " . ثم يضيف : " تمثل هذه التقنية خطوة صغيرة باتجاه معرفة مفهوم التحكم في الأعصاب الداخلية للحبل الشوكي ، عندما ندرك هذا المفهوم ، سيكون لدينا الأساس في كيفية صيانة الحبل الشوكي المحطم من خلال إعادة تشغيل الأعصاب الداخلية و بالتالي إعادة الوظيفة الأساسية للحبل الشوكي" .
ستمكن تقنيات التعريف الجيني الباحثين من التميز بين أنواع الأعصاب التي لديها تأثير في نماذج الحبال الشوكية المصابة عند حيوانات المختبر ، و المهمة في إعادة تشغيل وظائف الحبل الشوكي . يختتم شيسيل قوله : " ربما تمكننا هذه المعرفة من وضع خطط لاختيار أماكن للتركيز عليها في إعادة نمو بعض المركبات المركزية الأساسية في الحبل الشوكي المصاب ، وبالتالي نعطي اهتماما اقل إلى الخلايا الأقل أهمية " .
source : تبیان