عربي
Saturday 23rd of November 2024
0
نفر 0

كرم الإمام الكاظم ( عليه السلام )

كرم الإمام الكاظم ( عليه السلام )

من أبرز خصائص أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) البر والإحسان إلى الناس كافّة ، وبصورة خاصّة الطبقة الضعيفة ، فكانوا يخصّونهم بجزيل فضلهم ، ونبل عطاياهم ، حتّى كان من منهجهم في الليالي المظلمة ، هو الطواف على بيوت الفقراء والمساكين بالأغذية والمال ، وهم لا يعرفونهم .

قال ابن الصبّاغ المالكي : كان موسى الكاظم ( عليه السلام ) أعبد أهل زمانه ، وأعلمهم ، وأسخاهم كفّاً ، وأكرمهم نفساً ، وكان يتفقّد فقراء المدينة ، ويحمل إليهم الدراهم والدنانير إلى بيوتهم والنفقات ، ولا يعلمون من أي جهة وصلهم ذلك ، ولم يعلموا بذلك إلاّ بعد موته .

وقال محمّد بن عبد الله البكري : قدمت المدينة أطلب ديناً فأعياني ، فقلت : لو ذهبت إلى أبي الحسن موسى فشكوت إليه ، فأتيته في ضيعته ، فذكرت له قضيّتي ، فدخل ولم يقم إلاّ يسيراً حتّى خرج إليّ ، فقال لغلامه : ( إذهب ) ، ثمّ مدّ يده إليّ ، فرفع إليّ صرّة فيها ثلاثمائة دينار ، فركبت دابتي وانصرفت .

كما رووا عن عيسى بن محمّد بن مغيث القرطبي ، قال : زرعت بطّيخاً وقثاءاً وقرعاً في موضع بالجوانية ، على بئر يقال لها : أم عظام ، فلمّا قرب الخير ، واستوى الزرع ، بغتني الجراد ، فأتى على الزرع كلّه ، وكنت غرمت على الزرع ، وفي ثمن جملين مائة وعشرين ديناراً ، فبينما أنا جالس إذ طلع موسى بن جعفر بن محمّد ، فسلّم ، ثمّ قال : ( أي شيء حالك ؟ ) .

فقلت : أصبحت كالصريم ، بغتني الجراد فأكل زرعي ، قال ( عليه السلام ) : ( وكم غرمت فيه ؟ ) فقلت : مائة وعشرين ديناراً مع ثمن الجملين ، فقال ( عليه السلام ) : ( يا عرفة زن لأبي المغيث مائة وخمسين ديناراً ، فربحك ثلاثون ديناراً والجملان ) .

فقلت : يا مبارك ادخل وادع لي فيها بالبركة ، فدخل ودعا ، وحدّثني عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنّه قال : ( تمسّكوا ببقايا المصائب ) ، ثمّ علقت عليه الجملين وسقيت ، فجعل الله فيها البركة وزكت ، فبعث منها بعشرة آلاف .

وقال علي بن عيسى الأربلي : مناقب الكاظم وفضائله ومعجزاته الظاهرة ، ودلائله وصفاته الباهرة ، تشهد أنّه افترع قبّة الشرف وعلاها ، وسماها إلى أوج المزايا فبلغ أعلاها ، وذلّلت له كواهل السيادة فركبها وامتطاها ، وحكم في غنائم المجد فاختار صفاياها واصطفاها .

طالت أصوله ، فسمت إلى أعلى رتب الجلال ، وسمت فروعه فعلت إلى حيث لا تنال ، يأتيه المجد من كل أطرافه ، ويكاد الشرف يقطر من أعطافه .

فكان كما قال الشاعر :

أتاه المجد من هنا وهنا ** وكنا له كمجتمع السيول

السحاب الماطر قطرة من كرمه ، والعباب الزاخر نغبة من نغبه ، واللباب الفاخر من عبد من عبيده وخدمه ، كأن الشعرى علّقت في يمينه ، ولا كرامة للشعرى العبور ، وكأن الرياض أشبهت خلائقه ، ولا نعمى لعين الروضة الممطور .

وهو ( عليه السلام ) غرّة في وجه الزمان ، وما الغرر والحجول ، وهو أضوأ من الشمس والقمر ، وهذا جهد من يقول : بل هو والله أعلى مكانة من الأوصاف وأسمى ، وأشرف عرفاً من هذه النعوت وأنمى ، فكيف تبلغ المدائح كنه مقداره ، أو ترتقي همّة البليغ إلى نعت فخاره ، أو تجري جياد الأقلام في جلباب صفاته ، أو يسري خيال الأوهام في ذكر حالاته ؟

كاظم الغيظ ، وصائم القيظ ، عنصره كريم ، ومجده حادث وقديم ، وهو بكل ما يوصف به زعيم ، الآباء عظام ، والأبناء كرام ، والدين متين ، والحق ظاهر مبين ، والكاظم في أمر الله قوي أمين ، وجوهر فضله غالٍ ثمين ، وواصفه لا يكذب ولا يمين ، قد تلقّى راية الإمامة باليمين ، فسما ( عليه السلام ) إلى الخيرات منقطع القرين ، وأنا أحلف على ذلك فيه ، وفي آبائه وأبنائه ( عليهم السلام ) باليمين .

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

وصية الإمام الكاظم ( عليه السلام ) لهشام بن الحكم ...
الظروف السياسية في عصر الإمام الكاظم
السيّدة فاطمة بنت الإمام الكاظم عليه السّلام
الإمام الكاظم سجين الحق وقائد المعارضة السلمية
ادعية الامام الکاظم عليه السلام
أدعية الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) لأيام ...
مناظرة الإمام الكاظم ( عليه السلام ) مع هارون ...
إمامة الإمام الكاظم ( عليه السلام )
سیرة الامام موسی الکاظم(ع)
إمامة الإمام الكاظم ( عليه السلام )

 
user comment