مواهب الإمام الكاظم ( عليه السلام ) العلمية
لا شك فيه أن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) كان أعلم أهل عصره ، وأدراهم بجميع العلوم .
أما علم الفقه والحديث فكان ( عليه السلام ) من أساطينه ، وقد احتَفّ به العلماء والرُواة وهم يسجلون ما يفتي ( عليه السلام ) به وما يقوله من روائع الحِكَم والآداب .
وقد شهد الإمام الصادق ( عليه السلام ) عملاق هذه الأمة ورائد نهضتها الفكرية بوفرة علم ولده بقوله ( عليه السلام ) : ( إنّ ابني هذا - وأشار إلى الإمام الكاظم ( عليه السلام ) - لو سألتَه عما بين دَفّتَي المصحف لأجابك فيه بِعِلم ) .
وقال ( عليه السلام ) في فضله أيضاً : ( وعنده عِلم الحِكمة والفِهم والسّخاء ، والمعرفة بما يحتاج إليه الناس فيما اختلفوا فيه من أمْرِ دينهم ) .
وقد روى العلماء عنه ( عليه السلام ) جميع أنواع العلوم مما امتلأت به الكتب .
وقال الشيخ المفيد : وقد روى الناس عن أبي الحسن ( عليه السلام ) فأكثروا ، وكان أفقه أهل زمانه .
ونقل عن أبي حنيفة أنه قال : حججتُ في أيّام أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) ، فلمّا أتيتُ المدينة دخلتُ دارَه ، فجلستُ في الدهليز أنتظر إذنه ( عليه السلام ) ، إذ خرج صبيّ فقلت : يا غلام أين يضع الغريب الغائط من بلدكم ؟
قال : على رَسْلِك ، ثم جلس مستنداً إلى الحائط ثم قال :
تَوَقَّ شُطوط الأنهار ، ومَساقط الثمار ، وأفنية المساجد ، وقارعة الطريق ، وتوارَ خلف جدارٍ ، وشلّ ثوبك ، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ، وضع حيث شئتَ .
فأعجبني ما سمعت من الصبي ، فقلت له : ما اسمك ؟
فقال : ( أنا موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب ) .
فقلت له : يا غلام ، ما المعصية ؟
فقال : ( إن السيّئات لا تخلو من إحدى ثلاث : إمّا أن تكون من الله وليست من العبد ، فلا ينبغي للرب أن يعذّب العبد على ما لا يرتكب ، وإمّا أن تكون منه ومن العبد ، وليست كذلك ، فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الضعيف .
وإمّا أن تكون من العبد – وهي منه – ، فإن عَفا فَكرمه وَجُوده ، وإن عاقب فبذنب العبد وجَريرَته ) .
قال أبو حنيفة : فانصرفت ولم ألقَ أبا عبد الله ، واستغنيتُ بما سمعتُ .