مؤمنون من نوع خاص:
نظرا لعظمة وضخامة الغايات التي بعث الله الإمام المهدي لتحقيقها ولجسامة المهمات التي أناط به أمر تنفيذها، فقد هيأ الله تعالى له فئة مؤمنة صادقة من نوع خاص، لتحمل معه أعباء مرحلة تأسيس وبناء دولة الحق ـ دولة آل محمد ـ. وأفراد تلك الفئة التي هيأها تعالى لنصرة المهدي هم خلاصة شيعة رسول الله، وأهل بيته المؤمنة التي عزلت وصمدت وتمسكت بدينها عبر التاريخ، وحملت لواء الحق والإسلام الحقيقي وسط كثرة إدارات ظهرها للحق وللاسلام وساهمت مساهمة فعالة مع أئمة الضلالة لحل عرى الإسلام كلها عروة بعد عروة وتغريبه غربة كاملة عن الحياة، وعزل وتغريب المتمسكين به. إنها رمز الفئة الطاهرة المؤمنة الظاهرة الصابرة حتى ينزل عيسى ابن مريم. (الحديث رقم 29 ج 1 ومصادره المدونة تحته)، الفئة التي تمسكت بالحق، ولم تعبأ بما ناوأها (الحديث: 30 ج 1). إنها عصابة الحق التي لم تبال بمن خالفها، (الحديث: 31) ج 1)، ومصادره، إنها الفئة التي أعاضت العدو على كثرته وقهرته، (الحديث 32)، ولم تكترث بخذلان الغوغاء لها (الحديث 33 ج 1)، إنها الفئة المسلمة التي حفظت جوهر الدين، وجسدت وجوده مع قلتها (حديث رقم 37)، إنها الفئة التي تفقهت في دينها، وقامت على أمر الله، ورفضت فقه الهوى بكل أشكاله وألوانه، وصمدت أمام مكر تزول منه الجبال، (الحديث رقم 38 ج 1، ومصادره المدونة تحته) إنهم الناجمون بالابتلاء الإلهي، الذين محصوا وغربلوا كغربلة الزوان من القمح. (الحديث رقم 731 ج 3). إنهم أولياء حقا، الذين تمسكوا بالثقلين كتاب الله وبيان النبي لهذا الكتاب وبعترة النبي أهل بيته، لذلك استحقوا شرف الولاية، وحتى تتحقق هذه السمة المميزة لهم ينادي مناد بعد الخسف مباشرة: (بأن أولياء الله هم أصحاب المهدي). (راجع الحديث رقم 648 ج 3).
لكل هذه الأسباب أجزل الله ثوابهم، وأعطى الواحد منهم أجر خمسين شهيدا من شهداء الصحابة. (راجع الحديث رقم 25 و 26 ج 1). ولما سئل الرسول عن سر هذه المكافأة والجزالة الإلهية بالعطاء، قال: إنكم لم تحملوا ما حملوا ولم تصبروا صبرهم. (راجع الحديث رقم 26 ج 1).
نوعيات ونماذج من أعوان المهدي وأنصاره:
يمد الله تعالى عبده ووليه الإمام المهدي بنوعيات ونماذج من الأنصار والأعوان تتناسب مع نبل الغايات وجسامة المهمات وخطورتها، وهي نماذج ونوعيات بشرية نادرة ومميزة من جميع الوجوه، ومؤهلة للمساهمة بثورة عالمية نوعية تطبع العالم سريعا بطابعها، وتصنع للبشرية عصرا ذهبيا، ما فرحت بمثله قط ولن تفرح، لأنه سيكون الثمرة الفعلية لكفاح الأنبياء والرسل والأوصياء وعباد الله الصالحين الذين واجهوا أئمة الضلالة وأعوانهم عبر التاريخ البشري.
ومن هذه النوعيات والنماذج:
1 ـ 315 رجلا من أهل الشام ـ أهل الشام الذين حكمهم معاوية، وثقفهم بثقافة التاريخ المعادية لعترة النبي أهل بيته، من الشام التي انطلقت منها موجات العداء لأهل بيت النبوة، والحقد الأسود عليهم، فبعد أن يقول الناس لا مهدي، وبعد إياس تسير هذه الفئة المؤمنة من الشام إلى مكة، وتستخرج المهدي من بطن مكة من دار عند الصفا، ثم تبايعه، ويصلي بهم المهدي ركعتين صلاة المسافر، عند مقام إبراهيم، وبعدها يصعد المنبر ليعلن ظهوره وبداية عهده الذهبي. (راجع. الحديث رقم 312 ج 1 والمراجع المدونة تحته والحديث 316، والحديث رقم 641 و 648، والحديث 659 والحديث رقم 928 والحديث رقم 1091، وقد بين الإمام جعفر الصادق أسماء الـ 315 أو 312 وإلى أي بلد ينتمي كل واحد منهم راجع الحديث رقم 1099 و 1100).
2 ـ وجاء في الحديث رقم 316.. أنه إذا انقطعت التجارات والطرق وكثرت الفتن خرج سبعة رجال علماء من أفق شتى على غير ميعاد يبايع لكل رجل منهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا حتى يجتمعوا بمكة فيقول بعضهم لبعض ما جاء بكم؟ فيقولون جئنا في طلب هذا الرجل (يعني المهدي، ويبحثون عن المهدي ثم يعثرون عليه في النهاية ويبايعونه ويضعون أنفسهم تحت تصرفه).
3 ـ الخضر وإلياس من أصحاب المهدي أيضا، الخضر في البحر وإلياس في البر يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين ياجوج وماجوج ويحجان كل سنة ويشربان من ماء زمزم، (راجع الحديث رقم 315 ج 1). ومن المؤكد أنهما سيشهدان بيعة الإمام المهدي بين الركن والمقام وسيبايعانه، فمن غير الممكن عقلا أن تتم البيعة دون علمهما، أو يشهدا البيعة فلا يبايعان، لأن المهدي المنتظر ولي الله مثلهما، وهو حبيبهما وصديقهما.
4 ـ وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن النبي أنه قال: (أصحاب الكهف أعوان المهدي). (راجع الحديث رقم 313، والمراجع المدونة تحته).
5 ـ وروى الإمام علي: (... فيجمع الله تعالى له قوما قزع كقزع السحاب، يؤلف الله بين قلوبهم، لا يستوحشون إلى أحد، ولا يفرحون بأحد يدخل فيهم على عدة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون، وعلى عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر). (راجع الحديث رقم 641، والمراجع المدونة تحته، منها المستدرك للحاكم ج 4 ص 554، ومقدمة ابن خلدون ص 252 ـ 253 ف 43...).
ومثله قوله أيضا: (... وبقي المؤمنون، وقليل ما يكونون، تجاهد معه عصبان جاهدت مع رسول الله يوم بدر لم تقتل ولم تمت). (راجع الحديث رقم 646)..
ومثله قوله: (... يجمع الله له (للمهدي) عسكره في ليلة واحدة وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض. ثم ذكر تفصيلهم وأماكنهم وبلادهم... ويتقدم المهدي... ويسيرون جميعا إلى أن يأتوا بيت المقدس...
(الحديث رقم 659).
6 ـ وروي عن الإمام جعفر الصادق قوله: (الأبدال من أهل الشام والنجباء من أهل الكوفة يجمعهم الله لشر يوم لعدونا... (راجع الحديث 1092 ج 4).
وروى الإمام علي: (إذا قام قائم أهل محمد جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف، فأما الرفقاء فمن أهل الكوفة، وأما الأبدال فمن أهل الشام). (الحديث رقم 642 ج 3). ومثله قوله: (الأبدال بالشام، والنجباء بمصر والعصائب بالعراق) (الحديث 645). ومثله قول الإمام الباقر... إذا سمع العائذ بمكة (المهدي) بالخسف خرج مع اثني عشر ألفا فيهم الأبدال... (راجع الحديث 851).
7 ـ وروي عن الإمام الباقر قوله: (إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله تعالى من ظهر الكوفة سبعين ألف صديق في أصحابه وأنصاره).... (الحديث رقم 867).
8 ـ أهل قم من أنصار الإمام المهدي وأعوانه: قال الإمام جعفر الصادق:
أتدري لم سمي قم؟ قلت: الله ورسوله وأنت أعلم، قال إنما سمي قم لأن أهله يجتمعون مع قائم آل محمد، ويقومون معه ويستقيمون عليه وينصرونه). (راجع الحديث رقم 1038). ومثله قول الإمام الصادق: (تربة قم مقدسة، وأهلها منا ونحن منهم لا يريدهم جبار بسوء إلا عجلت عقوبته ما لم يخونوا إخوانهم، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم جبابرة سوء أما إنهم أنصار قائمنا ودعاة حقنا، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: (اللهم اعصمهم من كل فتنة ونجهم من كل هلكة).
(راجع الحديث 1040 ج 4)، ومثله قول الباقر أيضا: (إن الله احتج بالكوفة على سائر البلاد وبالمؤمنين من أهلها على غيرهم من أهل البلاد، واحتج ببلدة قم على سائر البلاد وبأهلها على جميع أهل المشرق والمغرب من الجن والإنس، ولم يدع الله في قم وأهلها مستضعفا، بل وفقهم وأيدهم... (الحديث رقم 1041 ج 1).
9 ـ وقد رأيت في المباحث السابقة أن حملة الرايات السود هم من أنصار المهدي وأعوانه وهم كأهل قم من ايران المسلمة.
10 ـ أنصار وأعوان مدخرون: قال الإمام جعفر الصادق: (اركض برجلك فإذا بحر تلك الأرض على حافتيها فرسان قد وضعوا رقابهم على قرابيس سروجهم)... فقال أبو عبد الله: (هؤلاء أصحاب القائم عليه السلام. (راجع الحديث رقم 1101 ج 4).
من صفات أصحاب المهدي وأنصاره:
تحت عنوان: (مؤمنون من نوع خاص) عالجنا الفقرة السابقة الخط العام لأصحاب المهدي وأنصاره، وأبرزنا الصفات الإيمانية الأصيلة التي اتصفوا بها وأهلتهم لينالوا شرف محبة الإمام المهدي ونصرته وشرف المساهمة بتحقيق الغايات الكبرى التي بعث الله الإمام المهدي لتحقيقها وفي هذه العجالة سنذكر نماذج من الصفات الخاصة التي خلعها الله ورسوله على أصحاب المهدي وأنصاره:
1 ـ من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (... وهم أسد بالنهار رهبان بالليل). (الحديث 316 ج 1).
2 ـ وما رواه الإمام علي بقوله: (... لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون...). (الحديث رقم 641 ج 3).
3 ـ ومثله قوله: (... فبأبي وأمي من عدة قليلة أسماؤهم في الأرض مجهولة، قد دان حينئذ ظهورهم)... (الحديث رقم 643).
4 ـ إن أصحاب القائم شباب لا كهول فيهم إلا كالكحل في العين أو كالملح في الزاد، وأقل الزاد الملح). (الحديث رقم 644).
5 ـ (... ويقي المؤمنون، وقليل ما يكونون، ثلاثمائة أو يزيدون...).
(الحديث رقم 646 ج 3)..
6 ـ... ومثله قوله: (... ينادي مناد بأن أولياء الله هم أصحاب المهدي). (الحديث رقم 648).
7 ـ ومثله (طوبى لمن شهد... مع قائم أهل بيتي أولئك خير الأمة مع أبرار العزة). (الحديث رقم 651).
8 ـ (... قوم شديد كلبهم، قليل سلبهم، يجاهدون في سبيل الله، قوم أذلة عند المستكبرين، في الأرض مجهولون، وفي السماء معروفون..). (الحديث رقم 672 ج 3).
9 ـ ومثله قوله: (... يؤيده الله بملائكته ويعصم أنصاره...). (الحديث رقم 692).
10 ـ ومثله: (... كأني بأصحاب القائم وقد أحاطوا بما بين الخافقين فليس من شيء إلا وهو مطيع لهم، حتى سباع الأرض، وسباع الطير يطلب رضاهم في كل شيء، حتى تفتخر الأرض وتقول مر بي اليوم رجل من أصحاب القائم...). (الحديث رقم 818).
11 ـ (... إن الله تعالى يلقي في قلوب شيعتنا الرعب، فإذا قام قائمنا وظهر مهدينا، كان الرجل أجرأ من ليث وأمضى من سنان). (الحديث رقم 821).
12 ـ (... إنكم مؤمنون ولكن لا تكملون إيمانكم حتى يخرج قائمنا فعندها يجمع الله أحلامكم فتكونوا مؤمنين كاملين...). (الحديث رقم 1093).
13 ـ (ثلاثمائة وثلاثة عشر وكل واحد منهم يرى نفسه في ثلاثمائة).
(الحديث رقم 1091).
14 ـ (... يعطي المؤمن قوة أربعين رجلا...). (الحديث 1099).
جموع المؤيدين للإمام المهدي:
بعد أن يظهر الإمام المهدي نفسه ويبايع في مكة، ويدخل أهلها في طاعته، وبعد أن ينتشر نبأ واقعة الخسف بجيش السفياني، وبعد أن يسمع الناس النداء السماوي، وتتوالى أنباء الآيات والمعجزات التي زود الله بها الإمام المهدي، يتردد اسم المهدي على كل لسان، ويتيقن الخاصة والعامة بأن نجم المهدي قد تألق بالفعل، وأن خطه هو الطريق إلى المستقبل، عندئذ يبدأ الناس بالتعرف عليه، والتعاطف معه، والتفكير بطرق التخلص من أئمة الضلالة، ولكن على استحياء، لأن لا شعورهم مسكون بالرعب والخوف من الظالمين، وبالتالي لن تكون لهم القدرة على المواجهة، لأنهم مهزومون من داخل نفوسهم، ولكنهم يقولون بأنفسهم لو جاءهم المهدي لما قاتلوه، أما المجتمعات التي تخلصت من حكم الظالمين فإن أبناءها سيؤيدون المهدي رغبة بما فيه يديه أو رهبة، أو قناعة بسيطة به. فبعد مبايعته في مكة وبسط سلطانه عليها يخرج معه عشرة آلاف مقاتل فيسير بهم وهو يحمل راية رسول الله: (السحابة) ودرع رسول الله (السابغة) ويتقلد سيف رسول الله ذي الفقار... (راجع الحديث رقم 831)، وفي المدينة يتبعه أناس منها بعد أن يبسط سلطانه عليها، ثم يؤيده حملة الرايات السود دون أن يروه، ويؤيده أناس من مصر ومن الشام، ومن العراق، ومن اليمن، ومن غيرها فيأتون إليه وينضمون لمعسكره أو ينتظرون قدومه، أو يبعثون له بالبيعة. وتصف الأحاديث أنماط هذا التأييد وإليك نماذجا منها.
1 ـ قال الإمام (الباقر): (إن الله يلقي في قلوب شيعتنا الرعب، فإذا قام قائمنا وظهر مهدينا، كان الرجل أجرأ من ليث وأمضى من سنان). (الحديث رقم 821 ج 3).
2 ـ ومثله قول الإمام الصادق: (بينما شباب الشيعة على ظهور سطوحهم ينامون، إذ توافوا إلى صاحبهم في ليلة واحدة على غير ميعاد، فيصبحون بمكة).
(الحديث رقم 1080).
3 ـ وقول الصادق أيضا: يكون مع القائم ثلاث عشرة امرأة، وعندما سئل وما يصنع بهن؟ قال: يداوين الجرحى، ويقمن على المرضى... (الحديث 1094).
4 ـ قال الإمام علي: إذا قام قائم آل محمد جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب، فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف... (الحديث رقم 642)..