عربي
Thursday 26th of December 2024
0
نفر 0

الإمام الحجة وعاشوراء

بسم الله الرحمن الرحيم

إن النهضة الحسينية المباركة لهي حدث كوني عظيم يستقي منه الشيعي الموالي عقائده المرتوية من عبق الشهادة وروح الولاء المتبادل فتربط بينه وبين سيد الشهداء وأصحابه عليه وعليهم السلام , اذ هي أعظم حدث وقع في تاريخ الكون وليس في تاريخ الكون حدث مثله قط
وقد جرى على عترة النبي صلى الله عليه وآله ما لم يجرِ على احد من العالمين , حتى وصل الحال بأهل البيت عليهم السلام انهم كانوا يخشون على شيعتهم شناعة حادثة كربلاء , فلم يحدثوهم بكل ما جرى عليهم .
وشاءت الإرادة الإلهية أن يعوض سيد الشهداء بما يغبطه به الأولون والآخرون , ومما عوض الله به سيد الشهداء عليه السلام أن جعل الأئمة الطاهرين المعصومين التسعة من ذريته , وقد روى ابن عباس قول النبي صلى الله عليه وآله له والحسين عليه السلام على عاتقه يقبله : من زاره عارفا بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة وألف عمرة ، ومن زاره كمن زارني ، ومن زارني كمن زار الله في عرشه ، وحق الزائر على المزور وهو الله تعالى أن لا يعذبه في النار ألا إن الإجابة تحت قبته والشفاء في تربته ، والأئمة من ذريته .
فما جرى في يوم الحسين عليه السلام قد أقرح جفون الأئمة , والأيام على ذلك شواهد , فلا يذكر عندهم الحسين إلا و تذرف دموعهم حرارةً و حسرةً , فهذا الإمام الرضا يندبه فيقول: إن يوم الحسين أدمى جفوننا، إن يوم الحسين أسبل دموعنا وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء, ويبقى الشعار في الندبة لايوم كيومك يا أبا عبد الله يزدلف إليه فيه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الأمة فيقتلونك وينتهبون ثقلك ويسبون ذراريك
وأما الإمام عجل الله حاله كحالهم في ذلك كيف وقد وُكِلَ بأخذ الثار واذخر لشفاء صدور آل البيت عليهم السلام وشيعتهم وإن بظهوره شفاء لصدر الحسين عليه السلام الحسين.
ولسنا نستطيع أن نحيط بمقدار العلاقة والارتباط بين سيد الشهداء والإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف وذلك لعظمتها بل ولا بين كربلاء وبين الإمام الحجة .
وليس من باس إن نذكر شواهد هذا الارتباط بينهما :
الشاهد الأول : إقامته وحضوره مجالس عزاء سيد الشهداء
فقد جاء في زيارة الناحية عنه عجل الله فرجه الشريف :فلئن أخرتني الدهور ، وعاقني عن نصرك المقدور ، ولم أكن لمن حاربك محاربا ، ولمن نصب لك العداوة مناصبا ، فلأندبنك صباحا ومساء ، ولأبكين عليك بدل الدموع دما ، حسرة عليك وتأسفا على ما دهاك وتلهفا ، حتى أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتئاب .
فهو سائر مسيرة أبائه الطاهرين الذين كانوا يحيون عاشوراء ويحثون عليها كما هو حال الإمام الصادق (ع) : أنه إذا هل هلال عاشوراء اشتد حزنه وعظم بكاؤه على مصاب جده الحسين (ع) فإذ فرغوا من البكاء يقول لهم : أيها الناس اعلموا أن الحسين حي عند ربه يرزق من حيث يشاء وهو (ع) دائماً ينظر إلى موضع عسكره ومصرعه ومن حلّ فيه من الشهداء وينظر إلى زواره والباكين عليه والمقيمين العزاء عليه وهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنازلهم في الجنة وإنه ليرى من يبكي عليه فيستغفر له ويسأل جده وأباه وأمه وأخاه أن يستغفروا للباكين على مصابه والمقيمين عزاءه ويقول :

لو يعلم زائري والباكي عليّ ما له من الأجر عند الله تعالى لكان فرحه أكثر من جزعه وإن زائري والباكي عليّ لينقلب إلى أهله مسروراً وما يقوم من مجلسه إلا وما عليه ذنب وصار كيوم ولدته أمه .
ومثله ما حكي عن جده الرضا في ما رواه دعبل الخزاعي قال : دخلت على سيدي ومولاي علي بن موسى الرضا (ع) فرأيته جالساً جلسة الحزين الكئيب وأصحابه من حوله فلما رآني مقبلاً قال لي مرحباً بك يا دعبل مرحباً بناصرنا بيده ولسانه ، ثم إنه وسع لي وأجلسني إلى جانبه ثم قال لي يا دعبل أحب أن تنشدني شعراً فإن هذه الأيام أيام حزن كانت على أهل البيت وأيام سرور كانت على أعدائنا خصوصاً بني أمية ، يا دعبل من بكى أو أبكى على مصابنا ولو كان واحداً أجره على الله ، يا دعبل من ذرفت عيناه على مصابنا وبكى لما أصابنا من أعدائنا حشره الله معنا في زمرتنا يا دعبل من بكى على مصاب جدي الحسين غفر الله ذنوبه ، ثم إنه (ع) نهض وضرب ستراً بيننا وبين حرمه وأجلس أهل بيته من ورائه ليبكوا على مصاب جدهم الحسين (ع) ثم التفت إلي وقال لي يا دعبل ارث الحسين (ع) .

فأنشد دعبل أبياتاً منها :
أفاطم لو خلت الحسين مجدلاً *** وقد مات عطشاناً بشط فـرات

إذاً للطمت الخد فاطم عنـده *** وأجريت دمع العين في الوجنات

وهذا السيد حيدر الحلي رحمه الله تعالى حينما كان في طريقه إلى كربلاء المقدسة - ومعروف السيد حيدر الحلي بحولياته وهي عبارة عن قصائد لا يقرأها سوى مرة في السنة - وكانت لديه حولية لم يقرأها على أحد من قبل .
فتأخر السيد حيدرالحلي عن موكب العلماء المتوجه إلى كربلاء المقدسة حتى يسبغ وضوءه وعندما أسبغ وضوءه أراد اللحاق بالقافلة إذ اعترض طريقه رجل - سيد من العلماء - نوراني ، جمال وجهه لا مثيل له أبداً ..
قال السيد حيدرالحلي ما رأيت مثل هذا الجمال بعمري أبداً .. واستوقف السيد حيدر وقال له سيد حيدر اقرأ لي
قصيدتك العينية ، علماً بان هذه القصيدة لم يقرأها السيد حيدر على أحد أبدأ حتى أهله لم يكونوا على علم بها. ومن عادة السيد حيدر قراءة الحولية عند رأس الحسين عليه السلام يوم العاشر من محرم كل سنة ، في كل سنة حولية جديدة ..
يقول هذا السيد .. قال لي سيد حيدر اقرأ لي قصيدتك العينية ، فقرأها السيد حيدر رأساً وأولها " الـلـه يـا حـامـي الـشـريـعـة " وصرت أشمر بيـديّ أمامه أقول له : -

مـات الـتـصـبـر فـي انـتـظـارك أيـهـا المـحـيـيِّ الـشـريـعـة
كـم ذا الـقـعـود وديـنـكـم هـدمـت قـواعـده الـرفـيـعـة
تـنـعـى الـفـروع أصـولـه وأصـولـه تـنـعى فـروعـه

وهو يسمع ويبكي إلى أن قلت " سيدي " مخاطباً إياه :-

سـيـدي يا صـاحب الأمـر
مـاذا يـهيـجك إن صـبـرت لوقـعـة الـطـف الـفـظـيـعـة
أتـرى تـجـيء فـجـيـعـة بـأمـض مـن تـلـك الـفـجـيـعـة
حـيـثُ الـحـسـيـن ُعـلـى الـثـرى خـيـل ُالـعـِدا طـحـنـت ضـلـوعـَه

قَــتـَـلـَـتـْـهُ آل ُأمـيـةٍ ظامي إلى جنب الشريعة
فارتفع صوته بالبكاء ...

يقول عندما وصلت إلى مصيبة عبدالله الرضيع قــلــت : -

ورضيعُه بدم الوريدِ مخضبٌ فاطلب رضيعه

قال يا سيد حيدر لا تكمل ، لأن هذا الرضيع له منزلة خاصة عند كل أهل البيت ، منزلة حزن وألم وبكاء ،
كل الأئمة يذكرون عبد الله الرضيع ويبكون عليه.
الشاهد الثاني : زيارته لجده الحسين عليه السلام
فانه قلما نجد عيدا من الاعياد او مناسبة من المناسبات إلا و للحسين فيها زيارة خاصة ناهيك عن الزيارات العامه تعظيما لتلك الشعيرة و أن حامي الشريعة لا يتخلف عنذلك قطعا ناهيك عن الزيارات الخاصة الواردة عنه كزيارة الناحية المقدسة والتي ستشهدنا بمقاطع منها كما سبق وهي المروية في كتاب المزار - محمد بن المشهدي - ص 496 - 505
قال . ومما خرج من الناحية عليه السلام إلى أحد الأبواب ، قال : تقف عليه صلى الله عليه وتقول : السلام على ادم صفوة الله من خليقته ، السلام على شيث ولي الله وخيرته ، السلام على إدريس القائم لله بحجته ، السلام على نوح المجاب في دعوته ، السلام على هود الممدود من الله بمعونته ، السلام على صالح الذي توجه الله بكرامته . السلام على إبراهيم الذي حباه الله بخلته ، السلام على إسماعيل الذي فداه الله بذبح عظيم من جنته ، السلام على إسحاق الذي جعل الله النبوة في ذريته ، السلام على يعقوب الذي رد الله عليه بصره برحمته . الي اخر الزيارة
ومما ذكر فيها من مقاطع الحادثة
السلام على المرمل بالدماء ، السلام على المهتوك الخباء ، السلام على خامس أصحاب أهل الكساء ، السلام على غريب الغرباء ، السلام على شهيد الشهداء ، السلام على قتيل الأدعياء السلام على ساكن كربلاء . السلام على من بكته ملائكة السماء ، السلام على من ذريته الأزكياء ، السلام على يعسوب الدين ، السلام على منازل البراهين ، السلام على الأئمة السادات ، السلام على الجيوب المضرجات السلام على الشفاه الذابلات ، السلام على النفوس المصطلمات ، السلام على الأرواح المختلسات ، السلام على الأجساد العاريات ، السلام على الجسوم الشاحبات السلام على الدماء السائلات ، السلام على الأعضاء المقطعات ، السلام على الرؤوس المشالات ، السلام على النسوة البارزات . السلام على حجة رب العالمين ، السلام عليك و على أبائك الطاهرين ، السلام عليك وعلى أبنائك المستشهدين ، السلام عليك وعلى ذريتك الناصرين . السلام عليك وعلى الملائكة المضاجعين
ومن مقاطعها الشريفة :
السلام على المقطوع الوتين ، السلام على المحامي بلا معين السلام على الشيب الخضيب ، السلام على الخد التريب السلام على البدن السليب ، السلام على الثغر المقروع بالقضيب ، السلام على الودج المقطوع ، السلام على الرأس المرفوع ، السلام على الأجسام العارية في الفلوات ، تنهشها الذئاب العاديات ، وتختلف إليها السباع الضاريات .
ومن مقاطعها الشريفة أيضا :
وأسرع فرسك شاردا ، والى خيامك قاصدا ، محمحما باكيا . فلما رأين النساء جوادك مخزيا ، ونظرن سرجك عليه ملويا ، برزن من الخدور ، ناشرات للشعور, على الخدود لاطمات, وللوجوه سافرات وبالعويل داعيات ، وبعد العز مذللات ، والى مصرعك مبادرات والشمر جالس على صدرك ، مولغ سيفه على نحرك ، قابض على شيبتك بيده ، ذابح لك بمهنده قد سكنت حواسك ، وخفيت أنفاسك ، ورفع على القنا رأسك ، وسبي أهلك كالعبيد ، وصفدوا في الحديد ، فوق أقتاب المطيات ، تلفح وجوههم حر الهاجرات يساقون في البراري والفلوات ، أيديهم مغلولة إلى الأعناق ، يطاف بهم في الأسواق . فالويل للعصاة الفساق ، لقد قتلوا بقتلك الاسلام ،
وهناك بهذا العنوان (زيارة الناحية) زيارة اخرى يتعرض فيها عجل الله تعالى فرجه الشريف لذكر أصحاب الحسين عليهم السلام ويسلم عليهم بأسمائهم وحدا واحدا.
الشاهد الثالث :طلبه للثار للحسين عليه السلام:
فمن خصوصياته عجل الله تعالى فرجه الطلب بالثار من قتلة جده الحسين عليه السلام , و في الوارد عنهم عليهم السلام بعض التفاصيل في كيفية اخذ الثار وان كان في بعض الاوجه باخذه الثار اخراج بعض الاجساد غضه طرية بعد ان ترجع لها الارواح باذن ربه سبحانه وتعالى.
ورد عن الإمام الباقر عليه السلام انه قال: نحن الذين نزلت بحقنا الآية الشريفة: {وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا}(الإسراء:33) ،
وقال عليه السلام : " القائم منا إذا قام طلب بثار الحسين …" (بحار الأنوار 218:44)
وجاء في زيارة عاشوراء الدعاء بذلك : ( وأن يرزقني طلب ثاركم مع إمام هدى ظاهر ناطق بالحق منكم)
وفي عبارة سابقة:
بأبي أنت وامّي لقد عظم مصابي بكَ فاسأل الله الذي اكرم مقامك واكرمني بك ان يرزقني طلب ثارك مع امام منصور من أهل بيت محمدٍ
وجاء في دعاء الندبة: " أين الطالب بدم المقتول بكربلاء "

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

احاديث واقوال الامام المهدي(عج)
أصحاب المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) صفاتهم ...
المهدي العباسي:
الإنتظار عند الإسلام والمسيحية
علائم الظهور في تقييم عام
أدلة وجود الإمام المهدي (عج)-2
الملامح الشخصية للامام المهدي عليه السلام
نسب الإمام المهدي (عج)
المهدي والحسين عليه السلام الدور والتجلي
التحسس من صفات المنتظرين

 
user comment