عربي
Wednesday 27th of November 2024
0
نفر 0

علائم المرتبطین المعصومین(ع) (القسم الثاني)

من محاضرات: سماحة آیة الله الشیخ مجتبی الطهراني
ترجمة: الأستاذ علي فاضل السعدي

علائم المرتبطین المعصومین(ع) (القسم الثاني)

7ـ العطاء، والإيثار والتكريم

إنَّ الزهد والقناعة كما يورثان عزة النفس فإنهما يقتضيان العطاء أيضاً، فالشيعي إن استطاع أن لا يتعلق بما عنده من أموال ورضي بشظف العيش فسينفق أمواله في أداء حوائج إخوته المؤمنين ولن يبخل عليهم، وبهذا السلوك سيوقّر الآخرين ويكرمهم. يقول الإمام الصادق (عليه السلام) في وصفه للشيعة:

إنّما الشيعة... إن لقوا مؤمناً أكرموه... وإن أتاهم ذو حاجة رحموه وفي أموالهم يتواسون.(33)

فالإحسان للمؤمنين له دور كبير دور للوصول إلى حقيقة الإيمان بالمستوى الذي اعتبروه معياراً لاختبار الشيعة. يقول الإمام الصادق (عليه السلام):

امتحنوا شيعتنا... إلى أموالهم كيف مواساتهم لإخوانهم فيها(34)

(فإن لم يكونوا أهلاً للاحسان فليسوا من شيعتنا)

فمن لا يبالي لما يعانيه إخوانه المؤمنون من هموم ومآسي ولا يهم في قضاء حوائج إخوانه المؤمنين ، لا يحقّ له أن يدّعي التشيّع. لأنّ شيعة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) هم المحسنون الذين لا يتهاونون في مساعدة إخوانهم.

فعن محمد بن عجلان وهو من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) قال كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل رجل فسلم فسأله كيف من خلّفت من إخوانك؟ قال: فأحسن الثناء وزكى وأطرى، فقال له: كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم؟ فقال: قليلة، قال: وكيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم؟ قال: قليلة، قال: فكيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟ فقال: إنك لتذكر أخلاقا قل ما هي فيمن عندنا، قال: فقال: فكيف تزعم هؤلاء أنهم شيعة.(35)

لقد استلهم الشيعة هذه الخصلة أيضاً وكبقية الخصال الحميدة من أئمتهم؛ كما يقول الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في وصفهم:

شيعة علي هم الذين يقتدون بعلي (عليه السلام) في إكرام إخوانهم المؤمنين(36)

لقد كان مخاطب الإمام في هذا الكلام شخص زعم أنه شيعيا؛ لكن الإمام نفى هذا الزعم وسمّاه محباً. ثم أضاف (عليه السلام) لكلامه الأوّل:

ما عن قولي أقول لك هذا، بل أقوله عن قول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فذلك قوله "وعملوا الصالحات" قضوا الفرايض كلها، بعد التوحيد واعتقاد النبوة والإمامة وأعظمها قضاء حقوق الإخوان في الله (37)

إنّ قضاء حوائج المؤمنين هي من الحقوق التي تقع على عاتق ميسوري الحال منهم والشيعي الأصيل يمثل المصداق الحقيقي للآية القرآنية: "الذين آمنوا وعملوا الصالحات".(38) فهم المؤمنون بالله الذين يسلكون سلوكا حسناً، ومن جملة هذا السلوك قضاء الحوائج المادية للمؤمنين. وقمّة ذلك أن يؤثر الآخرين على نفسه، فهو ورغم ما يعيشه من حرمان، إلّا أنّه يقدم للمؤمنين ما يحتاجه، وليس هذا إلّا الإيثار. يقول الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في قسم من هذا الكلام:

... شيعة علي (عليه السلام) هم الذين يؤثرون إخوانهم على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة(39)

لقد استلهم الشيعي الإيثار من أئمته الأطهار (عليهم السلام) الذين أفطروا من صيامهم على الماء لثلاثة أيام وآثروا المسكين واليتيم والأسير رغيف الشعير الذي ما كانوا يملكون غيره حتى انزل الله فيهم سورة الدهر (الإنسان) وتحدث عن ذلك بقوله:

"وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا"(40)

فالشيعة تلامذة مدرسة إمامهم الذي قسّم طعامه رغم بساطته، مع قاتله أشقى الأشقياء وهو على فراش الموت.

8ـ الشجاعة والبسالة

لإعراض القلب عن الدنيا وارتباطه بالله ثمرات مختلفة، من جملتها الشجاعة وعدم الخشية في سبيل الله تعالى. فإذا تحوّل قلب الإنسان إلى حبّ الله وأوليائه فسيتيسّر الفداء والتضحية في هذا الطريق، فالشيعة رغم كونهم كالأسود في النهار وفي ساحات الوغى إلّا أنك تراهم راكعين ساجدين وجلين خائفين إذا ما عسعس الليل.

يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصفهم:

رهبانُ بالليل أسد بالنهار(41)

وقد ورد هذا الوصف عن الإمام الباقر (عليه السلام) في وصف الشيعة.(42)

إنّ هذا الوصف وغيره من أوصاف الشيعة، ينطبق وبصورته الكاملة على أئمتهم (عليهم السلام) حتى وصف إمامهم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بـ"أسد الله"

9ـ الصمت الحسن ونشر فضائل ألأئمة (عليهم السلام)

يتصف شيعة المعصومين (عليهم السلام) بحفظ ألسنتهم فلا ينطقوا ولا يتحدثوا عبثاً، فقد تعلموا من أئمتهم أن يكون لهم قلب (أي عقل وفكر) يضمروه خلف ألسنتهم. ليفكروا أولاً فإن رأوا أن في الكلام مصلحة تكلّموا بكلام طيب، وإلّا اختاروا السكوت وصمتوا. فقد ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) نقلاً عن أجداده المعصومين (عليهم السلام) أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأمير المؤمنين (عليه السلام):

يا علي... محبّوك معروفون في السماء السابعة... هم أهل الدين والورع والسّمت الحسن...(43)

يقول سليمان بن مهران وهو من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) يقول:

معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا، قولوا للناس حسنا، واحفظوا ألسنتكم، وكفوها عن الفضول، وقبح القول.(44)

فوصية الإمام (عليه السلام) تظهر حقيقة أنّ شيعة المعصومين (عليهم السلام) لابدّ وأن يتصفوا بمثل هذا الوصف. فالشيعي ورغم أنّه لا ينفصل عن مجتمعه ويعيش بين الناس ويمضي أيّامه بينهم، لكنه يراقب لسانه إلى درجة تظن أنّه يعيش الرهبانية، وهذا ما نجده في رواية نوف بن عبد الله البكالي حاجب أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث يقول:

قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام):

يا نوف، شيعتي والله الحلماء... تعرف الربّانية في وجوههم والرهبانية في سمتهم... (45)

فالشيعي الأصيل لا ينطق جزافاً، لكنّه يتحدث ويجاهر في بيان المعارف الإلهية والفضائل الولائية ويقول كلاما حسنا. فهو لا يتهاون في بيان أحقيّة أئمته ولا يصمت في هذا إلّا عند الضرورة التي تفرضها التقية. فالشيعة يحبّون أئمتهم حبّاً جمّاً ولسانهم ينطق ببيان فضائلهم الجمّة، ويذكروهم بشغف ولوعة فتنقدح حينها حماسة وحرارة في قلوب الآخرين. فقد ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) وفي تتمة كلامه المنقول عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصف من أحبّ أمير المؤمنين (عليه السلام) حبا حقيقيا يقول:

... وألسنتهم ناطقة بفضلك... (46)

10ـالفرح لفرح المعصومين (عليهم السلام) والحزن لحزنهم

يمتاز الشيعي بحبّ أئمته حباً يؤهله أن يكون على أهبة الاستعداد للتضحية في سبيله. فهو لا يتردد في تقديم المال والنفس في سبيل المعصومين؛ لأنّه يحبهم أكثر من كل شيء أو من كلّ شخص. وقد أوردنا فيما مضى وصف الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) الشيعة بقوله:

إن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الأرض فاختارنا، واختار لنا شيعة ينصروننا، ويفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا، أولئك منا وإلينا.(47)

إن الارتباط القلبي بين الشيعة وأئمتهم يصل إلى درجة من القوّة والتأثير بحيث يعتصر قلب الشيعي بمجرد إن يحسّ بحزن أو أسى قد انتاب إمامه (عليه السلام)، وإن لم يطّلع بشكل محسوس على ما أصابه. فقد ورد عن أبي بصير أنه قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك يا ابن رسول الله إني لأغتمّ وأحزن من غير أن أعرف لذلك سببا، فقال (عليه السلام):

إن ذلك الحزن والفرح يصل إليكم منّا لانّا إذا دخل علينا حزن أو سرور كان ذلك داخلا عليكم لانّا وإياكم من نور الله عزّ وجل فجعل طينتنا وطينتكم واحدة.(48)

ويستوحى من كلام الإمام (عليه السلام) الوارد في هذه الرواية وفضلاً عن العلاقة المتجذّرة بين الشيعة وأئمتهم (عليهم السلام) أن مصدر هذه العلاقة هو ضمير الشيعة. فهذا الارتباط الفطري هو من ينقل السرور والأسى من قلب المعصوم إلى قلب شيعته، هذا في حين يعيش الإمام هذه الحالة أيضا فهو يحزن لحزن شيعته.

11- بذل النفس والمال في إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام)

يبلغ الوله عند شيعة أهل البيت (عليهم السلام) مستوى يعلن فيه الشيعي عن استعداده لتقديم كل أنواع التضحية في سبيلهم. فهو لا يعبأ بأن يقدّم ماله ونفسه في سبيلهم، لأنّه يحبهم أكثر من كل شيء أو شخص، فقد مرّ كلام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في وصفه شيعته بقوله:

... يبذلون أموالهم وأنفسهم فينا...(49)

ولعل أروع وأرفع مثل لهذا الوصف وهذه الخصال تضحية أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) في الدفاع عن حريمه (عليه السلام). فقد ضحى هؤلاء عن وعي بكل ما لديهم في سبيل مولاهم، ووفوا بعهدهم، حيث عاهدوه على التضحية بكل شيء، ولم يساورهم أدنى شك في ذلك. فقد ورد أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) كان قد خيرهم بين البقاء في ركبه أو تركه، ولم يلزمهم الوفاء ببيعته إلّا أنهم أجابوا قائلين:

... لا والله لا نفعل ذلك ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلنا ونقاتل معك حتى نرد موردك فقبّح الله العيش بعدك(50)

إنّ معرفة سيد الشهداء (عليه السلام) بخصلة أصحابه تلك كانت السبب الذي دفعه إلى نعت أصحابه بما يلي:

"أمّا بعد فانّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ولا أهل بيت أبرّ وأوصل من أهل بيتي فجزآكم الله عني خيراً".(51)

-----------------------------------------------
(1 ) حار الأنوار: العلامة المجلسي، ج65 ص164 ح4 نقلا عن غيبة النعماني.

وقد ورد عن سدير الصيرفي قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: والله ما يسعك القعود، فقال: ولم يا سدير؟ قلت: لكثرة مواليك وشيعتك وأنصارك والله لو كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) ما لك من الشيعة والأنصار والموالي ما طمع فيه تيم ولا عدي، فقال: يا سدير وكم عسى أن يكونوا؟ قلت: مائة ألف، قال: مائة ألف؟ قلت: نعم، ومائتي ألف قال: مائتي ألف؟ قلت: نعم ونصف الدنيا قال: فسكت عني ثم قال يخف عليك أن تبلغ معنا إلى ينبع. قلت: نعم فأمر بحمار وبغل أن يسرجا فبادرت فركبت الحمار فقال: يا سدير أترى أن تؤثرني بالحمار قلت: البغل أزين وأنبل قال: الحمار أرفق بي فنزلت فركب الحمار وركبت البغل فمضينا فحانت الصلاة، فقال: يا سدير انزل بنا نصلي، ثم قال: هذه أرض سبخة لا تجوز الصلاة فيها فسرنا حتى صرنا إلى أرض حمراء ونظر إلى غلام يرعى جداء فقال: والله يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود، ونزلنا وصلينا فلما فرغنا من الصلاة عطفت على الجداء فعددتها فإذا هي سبعة عشر. (الكافي: الكليني ج2 ص242 ح4).

(2 ) النحل: 43.

(3 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج75، ص346 ح4؛ نقلاً عن فقه الرضا، ص337.

(4 ) المصدر السابق، ج65، ص177، ح34؛ نقلا عن أمالي الصدوق، ص576.

(5 ) النساء: 59.

(6 ) مستدرك الوسائل: المحدث النوري، ج11، ص256، ح12920.

(7 ) وسائل الشيعة: الحر العاملي، ج15، ص247، ح20409.

(8 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج65 ص162 ح11 نقلا عن تفسير الإمام (عليه السلام)، ص316.

وقد ورد هذا التساؤل والإجابة في سياق حديث نفي تشيع رجل اتهمه قائد الحرس [الوالي] بالسرقة وإلقاء القبض عليه وقد روى شهود الحادثة ما وقع بما يلي:

قال أبو يعقوب يوسف بن زياد وعلي بن سيّار رضي الله عنهما: حضرنا ليلة على غرفة الحسن بن علي بن محمد (عليه السلام) وقد كان ملك الزمان له معظما وحاشيته له مبجلين إذ مذ مر علينا والى البلد - والي الجسرين - ومعه رجل مكتوف، والحسن بن علي مشرف من روزنته، فلما رآه الوالي ترجل عن دابته إجلالا له فقال الحسن بن علي (عليه السلام): عد إلى موضعك، فعاد وهو معظم له، وقال يا ابن رسول الله أخذت هذا في هذه الليلة على باب حانوت صيرفي فاتهمته بأنه يريد نقبه والسرقة منه، فقبضت عليه، فلما هممت أن أضربه خمسمائة سوط وهذه سبيلي فيمن اتهمته ممن آخذه لئلا يسألني فيه من لا أطيق مدافعته ليكون قد شقي ببعض ذنوبه قبل أن يأتيني من لا أطيق مدافعته، فقال لي: اتق الله ولا تتعرض لسخط الله فاني من شيعة أمير المؤمنين، وشيعة هذا الإمام أبي القائم بأمر الله (عليه السلام) فكففت عنه، وقلت: أنا مار بك عليه، فان عرفك بالتشيع أطلقت عنك، وإلا قطعت يدك ورجلك، بعد أن أجلدك ألف سوط، وقد جئتك به يا ابن رسول الله، فهل هو من شيعة علي (عليه السلام) كما ادعى؟ فقال الحسن بن علي (عليه السلام): معاذ الله، ما هذا من شيعة علي وإنما ابتلاه الله في يدك لاعتقاده في نفسه أنه من شيعة علي (عليه السلام) فقال الوالي: كفيتني مؤنته إلّا أن أضربه خمسمائة لا حرج علي فيها، فلما نحاه بعيدا فقال: ابطحوه فبطحوه وأقام عليه جلادين واحدا عن يمينه وآخر عن شماله فقال: أوجعاه فأهويا إليه بعصيهما لا يصيبان إسته شيئا إنما يصيبان الأرض فضجر من ذلك، فقال: ويلكم تضربون الأرض؟ اضربوا إسته، فذهبوا يضربون إسته فعدلت أيديهما فجعلا يضرب بعضهما بعضا ويصيح ويتأوه. فقال لهما: ويحكما أمجانين أنتما يضرب بعضكما بعضا؟ اضربا الرجل فقالا ما نضرب إلا الرجل، وما نقصد سواه، ولكن يعدل أيدينا حتى يضرب بعضنا بعضا قال: فقال: يا فلان ويا فلان حتى دعا أربعة وصاروا مع الأولين ستة، وقال: أحيطوا به فأحاطوا به، فكان يعدل بأيديهم، ويرفع عصيهم إلى فوق، فكانت لا تقع إلا بالوالي فسقط عن دابته، وقال: قتلتموني قتلكم الله ما هذا؟ فقالوا: ما ضربنا إلا إياه. ثم قال لغيرهم: تعالوا فاضربوا هذا فجاؤا فضربوه بعد فقال: ويلكم إياي تضربون؟ قالوا: لا والله ما نضرب إلا الرجل قال الوالي: فمن أين لي هذه الشجات برأسي ووجهي وبدني إن لم تكونوا تضربوني؟ فقالوا شلت أيماننا إن كنا قد قصدناك بضرب. قال الرجل: يا عبد الله يعني الوالي أما تعتبر بهذه الألطاف التي بها يصرف عني هذا الضرب ويلك ردّني إلى الإمام وامتثل في أمره، قال: فرده الوالي بعد إلى بين يدي الحسن بن علي عليهما السلام وقال: يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عجبنا لهذا أنكرت أن يكون من شيعتكم ومن لم يكن من شيعتكم فهو من شيعة إبليس وهو في النار وقد رأيت له من المعجزات مالا يكون إلا للأنبياء؟ فقال الحسن بن علي عليهما السلام قل أو للأوصياء، فقال: أو للأوصياء. فقال الحسن بن علي عليهما السلام للوالي: يا عبد الله إنه كذب في دعواه أنه من شيعتنا كذبة لو عرفها ثم تعمدها لابتلى بجميع عذابك، ولبقي في المطبق ثلاثين سنة ولكن الله رحمه لإطلاق كلمة على ما عنى، لا على تعمد كذب، وأنت يا عبد الله اعلم أن الله عزوجل قد خلصه بأنه من موالينا ومحبينا، وليس من شيعتنا، فقال الوالي: ما كان هذا كله عندنا إلا سواء فما الفرق؟ قال الإمام: الفرق أن شيعتنا هم الذين يتبعون آثارنا، ويطيعونا في جميع أوامرنا ونواهينا، فأولئك شيعتنا، فأما من خالفنا في كثير مما فرضه الله عليه فليسوا من شيعتنا. قال الإمام (عليه السلام) للوالي: وأنت قد كذبت كذبة لو تعمدتها وكذبتها لا ابتلاك الله عزوجل بألف سوط وسجن ثلاثين سنة في المطبق، قال: وما هي يا ابن رسول الله؟ قال: بزعمك أنك رأيت له معجزات إن المعجزات ليست له إنما هي لنا أظهرها الله فيه إبانة لحجتنا، وإيضاحا لجلالتنا وشرفنا، ولو قلت: شاهدت فيه معجزات، لم أنكره عليك، أليس إحياء عيسى الميت معجزة؟ أفهي للميت أم لعيسى؟ أو ليس خلقه، من الطين كهيئة الطير فصار طيرا بإذن الله أهي للطائر أو لعيسى؟ أو ليس الذين جعلوا قردة خاسئين معجزة فهي معجزة للقردة أو لنبي ذلك الزمان، فقال الوالي: أستغفر الله ربي وأتوب إليه. ثم قال الحسن بن علي (عليه السلام) للرجل الذي قال إنه من شيعة علي (عليه السلام): يا عبد الله لست من شيعة علي (عليه السلام) إنما أنت من محبيه. (بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 65، ص162- 160، ح11).

(9 ) ولما جعل المأمون إلى علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ولاية العهد دخل عليه آذنه وقال: إن قوما بالباب يستأذنون عليك يقولون نحن شيعة علي فقال (عليه السلام): أنا مشغول فاصرفهم، فصرفهم فلما كان من اليوم الثاني جاؤا وقالوا كذلك مثلها فصرفهم إلى أن جاؤا هكذا يقولون ويصرفهم شهرين ثم أيسوا من الوصول وقالوا للحاجب: قل لمولانا إنا شيعة أبيك علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد شمت بنا أعداؤنا في حجابك لنا، ونحن ننصرف هذه الكرة ونهرب من بلدنا خجلا وأنفة مما لحقنا، وعجزا عن احتمال مضض ما يلحقنا بشماتة الأعداء! فقال علي بن موسى الرضا (عليه السلام): ائذن لهم ليدخلوا، فدخلوا عليه فسلموا عليه فلم يرد عليهم ولم يأذن لهم بالجلوس، فبقوا قياما فقالوا: يا ابن رسول الله ما هذا الجفاء العظيم والاستخفاف بعد هذا الحجاب الصعب ؟ أي باقية تبقي منا بعد هذا؟ فقال الرضا عليه السلام: اقرؤوا " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير" (الشورى:30) ما اقتديت إلا بربي عزوجل فيكم، وبرسول الله وبأمير المؤمنين ومن بعده من آبائي الطاهرين (عليهم السلام)، عتبوا عليكم فاقتديت بهم، قالوا لماذا يا ابن رسول الله ؟ قال: لدعواكم أنكم شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). ثم ذكر لهم ما مرّ أعلاه. وما كان منهم بعد آن سمعوا من الإمام إلّا أن قالوا: يا ابن رسول الله فانا نستغفر الله ونتوب إليه من قولنا، بل نقول كما عملنا مولانا: نحن محبوكم ومحبوا أوليائكم ومعادوا أعدائكم، قال الرضا (عليه السلام): فمرحبا بكم يا إخواني وأهل ودي ارتفعوا ارتفعوا ارتفعوا فما زال يرفعهم حتى ألصقهم بنفسه، ثم قال لحاجبه: كم مرة حجبتهم ؟ قال: ستين مرة فقال لحاجبه: فاختلف إليهم ستين مرة متوالية، فسلم عليهم وأقرئهم سلامي فقد محوا ما كان من ذنوبهم باستغفارهم وتوبتهم، واستحقوا الكرامة لمحبتهم لنا وموالاتهم، وتفقد أمورهم وأمور عيالاتهم فأوسعهم بنفقات ومبرّات وصلات، ورفع معرات. ( المصدر السابق)

(10 ) المصدر السابق، ج65، ص156 نقلا عن تفسير الإمام ص309.

(11 ) الصافات: 83 و84.

(12 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 65، ص156 ح11؛ نقلا عن تفسير الإمام، ص309.

(13 ) المصدر السابق، ص149، ح1 نقلا عن قرب الإسناد، ص38.

(14 ) النور: 37.

(15 ) النساء: 103.

(16 ) المدثر: 42.

(17 ) نهج البلاغة: صبحي الصالح، ص316، 317؛ والكافي: للكليني، ج5، ص36، ح1.

(18 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج45 ص21، الطبري ج4 ص344.

(19 ) وسائل الشيعة: الحر العاملي، ج4، ص57، ح498.

(20 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج65، ص180 ح 38 نقلا عن مشكاة الأنوار ص63.

(21 ) المصدر السابق.

(22 ) المصدر السابق، ص169 ح30.

( 23) وسائل الشيعة: الحر العاملي ج1، ص92، ح218.

(24 ) المصدر السابق، ج4، ص57، ح4498.

(25 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج65، ص177، ح34.

( 26) نهج البلاغة: صبحي الصالح، ص416

(27 ) وسائل الشيعة: الحر العاملي، ج1، ص92، ح218.

(28 ) المصدر السابق، ج4، ص57، ح4498.

(29 ) المصدر السابق، ص86، ح203.

(30 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج65، ص179، ح37 نقلا عن مشكاة الأنوار، ص61.

( 31) المصدر السابق، ص168، ح28.

يذكر أنّ المؤمن لو صار بحيث أنّه لو ترك الطعام والشراب لمات لوجب عليه أن يطلب الطعام فضلا عن كونه جائزا. فما ورد عن الإمام (عليه السلام) إمّا أن يكون كناية لشدّة عز الشيعي أو تحمل على محامل أخرى من قبيل "الطلب من دون عوض" بمعنى أن يطلب من الناس شيئا دون ثمن.

(32 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج65، ص177، ح34 نقلا عن أمالي الطوسي، ص576 ح1189.

(33 ) المصدر السابق، ص179 ح37

(34 ) وسائل الشيعة: الحر العاملي ج4، ص112، ح4650.

(35 ) الكافي: الكليني ج2، ص173، ح10.

(36 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي ج65 ص162 ح11 نقلا عن تفسير الإمام ص319.

(37 ) المصدر السابق، ص163، ح11 ووسائل الشيعة: الحر العاملي ج 16 ص221 ص221 ح21409.

(38 ) البقرة: 82.

(39 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي ج65 ص162 ح11.

(40 ) الدهر: 8.

وقد روي عن ابن عباس، ومجاهد، وأبي صالح. والقصة طويلة: جملتها أنهم قالوا: مرض الحسن والحسين (عليهما السلام)، فعادهما جدهما (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ووجوه العرب وقالوا: يا أبا الحسن! لو نذرت على ولديك نذرا. فنذر صوم ثلاثة أيام، إن شفاهما الله سبحانه، ونذرت فاطمة (عليها السلام) كذلك. وكذلك فضة فبرآ وليس عندهم شئ، فاستقرض علي (عليه السلام) ! ثلاثة أصواع من شعير من يهودي، وروي أنه أخذها ليغزل له صوفا، وجاء به إلى فاطمة (عليها السلام)، فطحنت صاعا منها، فاختبزته، وصلى علي المغرب، وقربته إليهم، فأتاهم مسكين يدعو لهم، وسألهم فأعطوه. ولم يذوقوا إلا الماء. فلما كان اليوم الثاني، أخذت صاعا فطحنته وخبزته، وقدمته إلى علي (عليه السلام) فإذا يتيم في الباب يستطعم، فأعطوه، ولم يذوقوا إلا الماء، فلما كان اليوم الثالث عمدت إلى الباقي، فطحنته واختبزته، وقدمته إلى علي (عليه السلام)، فإذا أسير بالباب يستطعم، فأعطوه ولم يذوقوا إلا الماء، فلما كان اليوم الرابع، وقد قضوا نذورهم، أتى علي (عليه السلام)، ومعه الحسن والحسين (عليهما السلام) إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبهما ضعف، فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونزل جبرائيل بسورة (هل أتى ) تفسير (مجمع البيان: الشيخ الطبرسي، ج 10، ص 209).

(41 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج65 ص191 ح47.

(42 ) المصدر السابق، ص180، ح38.

(43 ) المصدر السابق، ص150 ح3 نقلاً عن عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج1 ص261 ح27.

(44 ) المصدر السابق، ص151 ح6.

(45 ) المصدر السابق ص177 ح34.

(46 ) المصدر السابق، ص150، ح3.

(47 ) المصدر السابق، ج44، ص287، ح26. نقلا عن خصال الصدوق ج 2 ص 634، وغرر الحكم ص 117 ح 2050.

(48 ) بحار الأنوار: العلامة المجلسي، ج 71 ص 267 ح6.

(49 ) المصدر السابق، ج 44 ص287 ح26.

(50 ) الإرشاد: الشيخ المفيد، ج2 ص92.

(51 ) المصدر السابق، ص

 


source : www.abna.ir
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أهل البيت^ الحبل المتصل بين الخالق والمخلوق
مقام علي الأكبر (ع) في كلمات الأئمة (عليهم السلام)
وقفوهم إنهم مسئولون
مكانة السيدة المعصومة (عليها السلام):
يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا
ملامح شخصية الإمام جعفر الصادق عليه السلام
أحاديث في الخشية من الله (عزّ وجلّ)
أقوال علماء أهل السنة في اختصاص آية التطهير ...
فاطمة هي فاطمة.. وما أدراك ما فاطمة
معرفة فاطمة عليها السلام

 
user comment