الصلاة فی الادیان

الصلاة فی الأدیان هی حلقة الوصل بین الإنسان والإله، إذ تخاطب الإنسان أو توجهه لربه عن طریقها. عرفت الصلاة منذ فجر التاریخ، إذ یعود أول ذکر للصلاة فی مخطوطات یزید عمرها عن 5000 عام. تختلف الصلاة فی طریقتها وعدد مراتها وأسبابها وأحکامها بین دیانة وأخرى.

الصلاة فی الیهودیة
الصلاه الیهودیه کتب الحاخام موسى بن میمون القرطبی، بأن الصلاة لا تصح بدون غسل الأیدی (1). نظراً لأهمیة تنقیة الیدین قبل الشروع بالصلاة على الإنسان المسافر الذی لا یوجد لدیه ماء أن یبذل قصارى جهده للحصول علیه ولو اضطره ذلک إلى العودة إلى الوراء لمسافة میلٍ واحدٍ (لمدة عشرین دقیقة) کی یحصل علیه ویغسل یدیه، ثم یصلی. وکذلک إذا عرف بأنه سوف یجد الماء على بعد أربعة أمیال من سکان وجوده علیه أن یتابع مسیره لیصل إلیه. وإذا تعذر ذلک ولم یجد الماء فهو یستطیع أن یستعمل التراب أو الصخر أو نشارة الخشب لتنقیة الیدین (2) .
ونجد فی المِشنا (3)بأن الیهود یقفون للصلاة مقابل مکان البیت المقدس الذی کان فی أورشلیم. وقد قال الحاخام سعید الفیومی فی کتابه الذی کتبه بالعربیة:
(وأی راکب بحر أو نهر أو سفینة أو مرکب لیس یعرف القبلة فلیقصد ربه ویصلّی أمام وجهه أینما کان فإن عرف بیت المقدس منه فلیستقبله من جمیع أفاق العالم. ومن صلى فوق سریر أو کرسیّ أو وطاء مرتفع فصلاته غیر جائزة (4)، ولا یحلّ للمؤمن أن یأکلَ شیئا من الغد من قبل صلاة الغداة فی کل یوم ولا یحل له أن یعمل عملا من الصنائع أو شغل إذا حضرت الصلاة أیة صلاة کانت.)(5) .
وأضاف هذا الحاخام ماذا یفعل المصلی عندما یصلی، وکتب (یجب أن یصف قدمیه ولا یفرقهما. ویجب أن تعتقد إنه قائم بین یدی ملک الملوک وسید السادة ومِن أدب الصلاة أن یخفض المصلی طرفه إلى الأرض وأن یشیر بقلبه إلى السماء قاصدا ولا یرفع صوته لأن الله عالم کل خفیّ). (6)
إن الیهود یغطون رؤوسهم أثناء أداء الصلاة علامة للتقوى والاحترام أمام المولى تعالى (کتاب التثنیة الذی کتب الحاخام موسى بن میمون من شرائع الصلاة ٥: ٤: التلمود البابلی "سبت" ١٠أ و"تعنیوت" ١٩ب). ویغطی بعض الیهود رؤوسهم فی کل الأوقات لکن ذلک یعد من باب التقلید والعادة ولیس من باب الواجب الدینی (7) .
وخلال فترة التلمود وفی بعض الحالات، کانت الصلاة، لا تصح بدون غسل الجسم (8) وبالإضافة إلى ذلک وفی نفس الفترة وبعدهاکان الیهود یسجدون بعد الصلاة بالکامل وبخاصة فی أیام الصوم (9). وکان یهود الشام یخلعون أحذیتهم قبل الدخول إلى الکنس، ویغسلون أرجلهم أیضا قبل الصلاة (10). وکذلک قال الحاخام سعید الفیومی فی کتابه: (وینبغی أن نُثبت شروط الصلاة التی لا بد منها. أما قبل کل صلاة لا بد من غسل الیدین وحدّ ذلک إلى الزندین والرجلین إلى الکعبین من أیّ صنعة عملیة بعد الاستنجاء وغُسل الوجه على هذا الترتیب.) (11) .

الصلاة فی المسیحیة
تعریف الصلاة فی المسیحیة :
إن "الصلاة" هی صلةُ الإنسان الروحیة بالله خالقه. وهی کما سمَّاها بعض المفسرین بأنها التنفس الروحی للمؤمن الذی بدونه لا یقدر أن یحیا روحیاً. والصلاة المسیحیة هی التعبیر الصادر من قلب المؤمن یخاطب به أباه السماوی لیحمده ویشکره ویطلب منه ما یحتاج إلیه. فالصلاة إذاً هی اللغة التی یعبر فیها المؤمن عن حبه لله وشکره له وعن ولائه لشخصه الکریم. ومن خلال صلاته یقدم المصلّی طلباته وتوسلاته لسدِّ احتیاجاتٍ معینة سواء کانت تخصّه هو أو تخصُّ غیره. فاحتیاجات الإنسان کثیرة یمکنه أن یعرضها على الله فی صلاته، ویرجوا الاستجابة لها بحسب مراحم الله وإحساناته. إنَّ نظرة المسیحیة لله عدا عن کونه الخالق العظیم القادر على کل شیء فهو أیضاً إلهٌ محبٌ حنانٌ، وهو أبٌ عطوفٌ رحیمٌ بأبنائه المؤمنین، وهو صدیقٌ أمینٌ حافظٌ للعهد مع کل من دخل معه فی عهد ولاءٍ صادق. لذلک فکلمات الصلاة التی یرفعها المؤمن لله تأتی عَفَویَّه من منطلق هذه المفاهیم فیعبّر فی صلاته، عن حبه وولائه کما یقدم طلباته وأدعیته وتوسلاته بکلماتٍ تخرج من قلبه تعبّر فعلیاً عن مشاعره وهو یقف فی محضر الله أثناء صلاته. ما أرید أن أوضِّحه هنا هو أن الصلاة المقبولة لدى الله هی الصلاة النابعة من قلب المصلّی من داخله من أحاسیسه، یخاطب بها الله ویتحدث إلیه کالخالق العظیم والأب الرحیم. یحدثنا إنجیل الوحی عن الصلاة بأنها علاقة فردیة بین المؤمن والله فهی علاقة شخصیة تربط الفرد المؤمن بربه. لذلک فهی لیست شیئاً یُفاخَرُ به أمام الناس لأن الصلاة علاقة مع الله ولیست علاقة مع الناس، وهو سبحانه الفاحص القلوب والعالِم بالنیّات. أما الناس لو رؤوا إنساناً یصلّی لا یرون إلا الظاهر، لذلک تظاهر الإنسان بصلاته أمام الناس یُحذِّرُ منه الانجیل، لأن التظاهر بالصلاة أو الصوم یعمّم الریاء ویکثر من النفاق فی الأمة، ویَحْرِفُ المصلی عن جوهر الصلاة للاهتمام بمظاهرها الخارجیة وکسب مدیح الناس. (12) .
الصلاة فی الاسلام
فی الإسلام تؤدى الصلاة خمس مرات یومیاً فرضا على کل مسلم بالغ عاقل خالی من الأعذار، بالإضافة لأنواع أخرى من الصلاة تمارس فی مناسبات مختلفة مثل صلاة العید، وصلاة الجنازة، وصلاة الاستسقاء. راجع موضوع الصلاة فی الاسلام .

الصلاة فی الهندوسیة
یُعتبر الاستحمام، وارتداء الثیاب النظیفة ذات اللون الأصفر أو الأبیض، هذا مع غسل الأیدی والأفواه بالماء المعطّر، ویؤدی کلّ من الرّجل والمرأة الصلاة بهیئة مختلفة عن الآخر، فالرّجل یجلس متربعاً والمرأة تجثو على رکبتیها، أمّا أداء الصلاة فیکون أداؤها کما یلی: (لیس فی الهندوسیة صلاة جامعة، ولا صلاة جماعة، فالصلاة کلّها فردیة) (13).
أمّا من ناحیة الوقت، فقد جاء فی (منوسمرتی)، أنهم یقیمونها فی الیوم مرتین: صباحاً ومساءً، فصلاة الصبح علیه أن یؤدیها وهو واقف على قدمیه من انبلاج الفجر حتّى مطلع الشمس، ویقرأها فی صلاة المساء، وهو جالس، إلى ظهور النجوم، فصلاة الصبح بهذه الطریقة تُذهب کلّ ذنوب اللیل، وصلاة المساء تُذهب کلّ ذنوب النهار.
وقد تشدّد الهندوس فی أمر الصلاة، وقد نصت منوسمرتی على طرد من لـم یؤدّها ویصبح من المنبوذین (الشودار) أو یُحرم من حقوق المولودین ثانیة، أی من انتقلت إلیهم روح کانت لها حیاة سابقة.
ولشدّة ولع الهنود بالتنسک والاعتزال فی الغابات وعلى ضفاف الأنهار، رؤوا أنَّه «لا بأس بأن یقوم المرء بالعبادات حتّى ولو بقراءة کایتری وحدها، وذلک بالقرب من نهر أو غابة، وهو مطمئن البال، مستجمع الفکر».
المصادر :
1- کتاب التثنیة "باب المحبة" من الشرائع الصلاة ٤ :٢)
2- قول حکماء أرض إسرائیل فی التلمود البابلی "برکات" ١٥أ
3- "برکات" ٤ :٥
4- التلمود البابلی "برکات" ١٠ب
5- جامع الصلوات والتسابیح مطبوع فی أورشلیم ١٩٤١ صفحة ٣٠
6- جامع الصلوات والتسابیح صفحة ٢٩
7- التلمود البابلی "سبت" ١٥٦أ
8- المِشنا "برکات" ٣:٥
9- التلمود البابلی "مجیلّة" ٢٢ب
10- الشرائع الشامیة من الجنیزة فی القاهرة» مطبوع فی أورشلیم ١٩٧٣م، صفحة ١٣٠
11- جامع الصلوات والتسابیح صفحة ٢٩
12- لذلک یقول المسیح القدوس فی عظته على الجبل المدونة فی إنجیل متى الأصحاح الخامس الکلمات التالیة :
13- کتاب أدیان الهند الکبرى / للشلبی