ولدت فی أمریکا ، ونشأت فی أسرة مسیحیّة ، ثمّ حصلت على شهادة جامعیّة ، ثمّ التقت ببعض المسلمات ، وتعرّفت من خلالهنّ على بعض تعالیم الدین الإسلامیّ وفق مذهب أهل البیت(علیهم السلام) ، فنالت هذه التعالیم إعجابها ، فدفعها ذلک إلى البحث حول الإسلام من أجل التعرّف على المزید من هذه التعالیم السامیة. فکان ذلک سبباً دفع إلى البحث عن الحقیقة.
واصلت دراستها للإسلام وبحثها عن المبادىء الإسلامیّة خلال تواجدها فی إیران ، واهتمّت کثیراً بقراءة الکتب الإسلامیّة حتّى تبلورت عندها القناعة الکاملة بأحقّیة الإسلام.
وبمرور الزمان اقتنعت "باربارا" بأحقّیّة الإسلام ، فأعلنت استبصارها ، واتّبعت منذ ذلک الیوم تعالیم الدین الإسلامیّ الحنیف.
باربارا دولاجی (مریم)
المرأة فی القرآن الکریم:
إنّ الأمر الذی نال إعجاب "باربارا" من الإسلام هو تکریمه للمرأة، وتعظیمه لشأنها، والنظر إلیها وإلى الرجل بعین واحدة، وخصوصاً فی موضع المسؤولیّة ، ولهذا قال تعالى: (إِنَّ المُسلِمِینَ وَالمُسلِماتِ وَالمُؤمِنِینَ وَالمُؤمِناتِ وَالقانِتِینَ وَالقانِتاتِ وَالصّادِقِینَ وَالصّادِقاتِ وَالصّابِرِینَ وَالصّابِراتِ وَالخاشِعِینَ وَالخاشِعاتِ وَالمُتَصَدِّقِینَ وَالمُتَصَدِّقاتِ وَالصّائِمِینَ وَالصّائِماتِ وَالحافِظِینَ فُرُوجَهُم وَالحافِظاتِ وَالذّاکِرِینَ اللّهَ کَثِیراً وَالذّاکِراتِ أَعَدَّ اللّهُ لَهُم مَغفِرَةً وَأَجراً عَظِیماً) (1)
کما قال تعالى حول أصل خلق المرأة: (وَمِن آیاتِهِ أَن خَلَقَ لَکُم مِن أَنفُسِکُم أَزواجاً لِتَسکُنُوا إِلَیها وَجَعَلَ بَینَکُم مَوَدَّةً وَرَحمَةً)(2)
وقال تعالى: (هُوَ الَّذِی خَلَقَکُم مِن نَفس واحِدَة وَجَعَلَ مِنها زَوجَها لِیَسکُنَ إِلَیها) (3)
وقال تعالى: (یا أَیُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذِی خَلَقَکُم مِن نَفس واحِدَة وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالاً کَثِیراً وَنِساءً)(4)
وقال تعالى: (وَاللّهُ جَعَلَ لَکُم مِن أَنفُسِکُم أَزواجاً وَجَعَلَ لَکُم مِن أَزواجِکُم بَنِینَ وَحَفَدَةً) (5) وهذه الآیات کلّها تبیّن وحدة الخلق والفطرة بین الرجل والمرأة ، وفیها قد کرّم الله تعالى المرأة، وجعل لها المنزلة الرفیعة .
مشاعرها بعد تحوّلها العقائدیّ:
إنّ البحوث التی أجرتها "باربارا" دفعتها فی نهایة المطاف إلى الاقتناع الکامل بأحقّیة الإسلام ، ولهذا أعلنت استبصارها.
وشعرت "باربارا" بعد اعتناقها للإسلام بأنّ الإسلام عرّفها بقیمتها وبمعنى الحیاة ، وحرّرها من مخاوف الضیاع والفناء ، وربّى فی نفسها یقظة الضمیر والإحساس بحرمة الحیاة، ومراعاة حقوق الآخرین، والتحرّر من نزعة الخنوع، والخضوع لغیر الله، ومنحها حرّیّتها وإحساسها بذاتها ونمّى فی نفسها فکرة الکمال الإلهیّ، وعرّفها کیفیّة التوجّه نحوها.
عقبة أمام استبصارها:
إنّ من الموانع التی واجهت بعد اقتناعها الکامل بصحّة العقائد الإسلامیة وفق مذهب أهل البیت(علیهم السلام) ، أنّها شکّت فی نفسها: هل أنّها قادرة على الالتزام بما أوجبه الإسلام والانتهاء عمّا نهى عنه؟
وکان هذا الأمر هو الذی یزلزل خطى فی إعلانها للدخول فی الدین الإسلامی ، لأنّها کانت معتادة فیما سبق أن تفعل ما تشاء من دون أیّ تقیید ، ومن دون مراقبة لنفسها ، أو بعبارة أصحّ أنّها کانت فیما سبق منجرفة مع المجتمع الأمریکی وتعمل وفق ما تملی علیها المیول والأهواء والرغبات ، ولکنّها إذا قرّرت الدخول فی الإسلام ، فإنّها لابدّ لها من الالتزام ببعض الأمور والسیر خلاف التیّار الاجتماعی السائد فی بعض الأحیان ، وهذا ما یتطلّب منها الصمود والثبات والاستقامة ، فکانت تفکّر هل هی قادرة على هذا الصمود ، وهل تمتلک المحفّز والدافع الذی یمنحها القوّة والاستقامة فی هذا السبیل؟
لماذا حرّم الإسلام بعض الأمور؟:
أدرکت خلال بحثها حول الدین الإسلامیّ بأنّ الإسلام لم یحرّم شیئاً اعتباطاً ، وإنّما حرّم على الإنسان ما من شأنه تلویث باطنه، وقتل ضمیره ووجدانه الأخلاقی الذی یبدّل حیاته إلى شقاء وتعاسة، ویحوّل سلوکه وتصرّفاته إلى خلُق حیوانی وتصرّفات بعیدة عن الإنسانیّة.
ومن هذا المنطلق حرّم الإسلام التلبّس بالرذائل النفسیّة ، کالتکبّر والحقد والیأس وسوء الظنّ والحسد والحرص و...; لیحافظ على النفس الإنسانیّة من التلوّث بالأدران ، ویحمیها من الرواسب المرضیّة ویطهّرها من کلّ دنس.
کما حرّم الإسلام کلّ الأمور التی تضرّ بصحّة الجسم... فحرّم شرب الخمر ، وممارسة الزنا ، وأکل لحم الکلب والخنزیر وأکل الدمّ ، لیصون بذلک جسم الإنسان من الأمراض والضعف وانهیار القوى.
کما حرّم الإسلام کلّ ما یخلّ بالتوازن الاجتماعی وکلّ ما یلوّث الصعید الاجتماعی ، ویحوّل الحیاة الدنیا إلى جحیم، منها: الظلم ، الربا ، الاحتکار ، الغش ، السرقة ، الکذب ، الغیبة ، الرشوة وقتل النفس المحترمة وجمیع الأمور التی تقود الإنسان إلى التحلّل والإنهیار الأخلاقی والفکری کالأفکار والصور والأفلام والثقافات الفاسدة.
استبصارها بعد ارتقاء وعیها الدینی:
وجدت نفسها بموازات ارتقاء مستوى وعیها الدینی وإلمامها بأسباب تحریم اللّه تعالى لبعض الأشیاء ، أنّها تمتلک المحفّز للصمود إزاء جمیع التیّارات المضادّة التی تقف بوجه استبصارها ، ولهذا واصلت دراستها وبحوثها للمزید من التعرّف على المعارف الإسلامیّة ، وبمرور الزمان وجدت نفسها قادرة على إعلان استبصارها والالتزام الکامل بالتعالیم الإسلامیّة ، فأعلنت استبصارها ، ثمّ سمّت نفسها "مریم" ثمّ سارت بعد ذلک بثبات على صراط الحقّ والإیمان والتقوى.
المصادر :
1- الأحزاب:35
2- الأعراف:189
3- الروم:21
4- النساء:1
5- النحل:72
source : .www.rasekhoon.net