عربي
Sunday 24th of November 2024
0
نفر 0

رعاية الشباب

إن مسؤولية تربية وتوجيه الشباب تقع على عاتق الجميع ، لأنها قضية إنسانية يجب أن يساهم فيها كل من له علاقة بشكل أو بآخر بالشباب .

ومن أجل إرشادهم ، وتمكينهم من تحقيق ذواتهم ، لا بُدَّ من الاطلاع الكافي على مشاكل الشباب وظروفهم ، وسنتطرق هنا إلى المناهج والخطط التي يجب اتِّباعها من أجل تنمية طاقاتهم ، وإيصالها إلى المستوى اللائق ، للمشاركة في إدارة أمور المجتمع :

أولاً : تقويمهم وتوجيههم لإدارة المجتمع :

إن أحد أسباب تخلّف بعض البلدان هو عدم توظيف طاقات الشباب وإهمالهم ، وفي بلدان أخرى عدم منح الشباب مكانتهم الحقيقية في المجتمع ، وإعطائهم أدواراً هامشية لا تساهم في بناء البلد .

كما أن سَبَب تخلّف بلدان أخرى هو استلام الشباب مسؤوليات كبيرة لم يؤهلوا لاستلامها ، إذ لم تكن هناك برامج تمهيدية ، فتُلقى على عاتق الشباب مسؤولية كبيرة جداً ، لا يدري كيف ينجزها ، بسبب قصور المربّين في توجيهه وتأهيله لها ، لذا فالضرورة تقتضي أن يدير الشباب الكثير من المواقع الحساسة والمهمة في المجتمع ، ويشترط في ذلك أمران أساسيان :

الأول : الإحاطة بمعرفة قدراتهم وقابليَّاتهم الحالية منها والمستقبلية .

الثاني : إعدادهم وتأهيلهم لاستلام المناصِب الحسَّاسة .

ومن أجل إنماء روح العمل والإدارة عند الشباب يجب أن يُمنحوا أدواراً مهمَّة في البيت والمدرسة ، فالإسلام يؤكد على أهمية مساهمة الشباب في أمور البيت ، وأن يُستشاروا في الأمور العائلية .

ثانياً : التزكية الأخلاقية :

لا يمكن للحياة الاجتماعية أن تدوم دون الاهتمام بالموازين الأخلاقية والعمل بها ، وتُعدّ تزكية النفس والتحلِّي بالموازين الأخلاقية ، ورعاية الأعراف الاجتماعية ، شروطاً أساسية في تحقيق السعادة ، فكم تضيع هدراً الكثير من القابليَّات والاستعدادات بسبب الانحراف الأخلاقي .

كما يجب أن نشجع الشاب ليتخلَّى عن الغرور والكِبر ، والقضاء على الانحرافات الخلقية التي نشأت في مرحلة الطفولة ، لأن أي انحراف أخلاقي سيتفاقم بمرور الزمان ، ويسبب كوارث أخلاقية للشاب وللآخرين ، فخطورة الشاب المنحرف لا تقتصر عليه فقط ، وإنما تؤثر على الآخرين ، وتسبب لهم الاضطرابات ، وتثير عندهم القلق .

ثالثاً : الاطِّلاع على الأمور المهمة :

من المشاكل التي تواجه المربِّين دائماً هي أن جسم الشاب ينمو إلى حَدٍّ يجعله يشعر بالغرور والتكبّر ، ويتصوّر أن له اطِّلاعاً تامّاً بجميع الأمور .

كما يتصوّر الآباء أيضاً أن أبناءهم بإمكانهم أن يُسَيِّروا أمورهم بأنفسهم ، فيما هم بأمَسِّ الحاجة إلى الاستفادة من خبرات وتجارب الماضي والحاضر .

وعليهم أن يدركوا الأهمية الفائقة للأمور الثقافية ، والاقتصادية ، والعقائدية ، والأخلاقية ، والسياسية ، فهي تلعب دوراً أساسياً في حياتهم ، فالتربية الصحيحة تمكِّن الشاب من مواجهة الانحرافات والمآزق ، وتمنحه الثقة بالنفس لمواجهة مشاكل الحياة .

رابعاً : الاهتمام بالأَبعاد الاجتماعية للشباب :

إن إحدى الوظائف الكبيرة التي يسعى الآباء والمربون إلى إنجازها ، هي إيجاد التطابق بين الحياة الفردية للشباب والحياة الاجتماعية .

فالشاب الذي تربَّى تربية سليمة ، لن يجد ثَمَّة مشاكل في حياته الاجتماعية ، وفي تعامله مع الآخرين ، ولن يجد صعوبة تحقيق استقلاليته ، فعدم الاهتمام بالشباب يعني تبديد أعمارهم وقدراتهم ، إذ تشير الإحصائيات أنَّ أغلب الشباب الذين وقعوا في هاوية الانحراف ما كانوا ليقعوا فيها لو نالوا اهتمام الآخرين ، وحَظوا برعايتهم .

خامساً : ضرورة مراقبة الشباب :

لابد من بذل الجهود الكثيفة للحيلولة ، دون بقاء الفراغ العاطفي والفكري عند الشاب ، وملء هذا الفراغ قبل أن يقع في هاوية الانحراف .

فالشباب يُشبَّهون بالأرض الخصبة ، يحصد منها ما يزرع فيها ، لذا يجب أن يتم زراعتها بالشكل صحيح وسليم ، قبل أن يستغلها الآخرون ، كما أن توجيه الشباب نحو الخير والفلاح لا يتمُّ إلا بإبراز المَحبَّة والاحترام لهم ، والتعامل معهم كأصدقاء .

ومن الخطأ أن تمنح الشاب حرية أكثر من الحَدِّ اللازم ، لأنها ستتحوَّل عنده إلى فوضى وعبثية ، وسيطلق العِنان حينها لرغباته وشهواته كيفما شاء ، لأن أكثر الانحرافات تنشأ من الإفراط والتفريط ، وما نقصده ليس كَبْت تَطلُّعاتهم وأمانيهم ، وإنَّما برمجتها بنحو يحول دون أن تتفاقم بشكل مرضي لا يمكن السيطرة عليه .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

شذوذ النساء الجنسی
وسواس الزوجين بين التدين واللاتدين
العقل في نهج البلاغة
العلاقة الزوجية بين الرومانسية والجنس
الاخلاق فی البیت
الطب قبل الاسلام
التقیة والإکراه
صفات الشيعة
السكر الابيض او كما يقولون السم الابيض واضراره ...
هواية التفكير الإيجابي-2

 
user comment