السؤال: ما هي قيمة أحاديث ابن عباس عند علمائنا ؟ هل هي مقبولة عندهم أو مردودة ؟
الجواب : لا إشكال في جلالة قدر ابن عباس عند الجميع ، كما يظهر ذلك من كلام العلماء والرجاليين .
نعم ، قد يكون هناك بعض الموارد الموجبة للتوقّف ، ولكن أُجيب عنها بما لا مزيد عليه (1) .
ومجمل الكلام حول هذا الشخص هو : أنّه كان موالياً وعارفاً للحقّ ، ولكن لأُمور لم تتّضح لحدّ الآن كان لا يقتحم الصراعات الموجودة آنذاك ، فكان شاهداً للحقّ إن صحّ التعبير ومدافعاً عنه في حدّ وسعه ، فيجب أن ننظر إلى حياته من هذه الزاوية حتّى نعرف التفسير الصحيح لمجموعة تصرّفاته ، ومواقفه في كافّة الجوانب .
ثمّ وإن كان ابن عباس ثقة ومعتمداً ، ولكن بالنسبة لأحاديثه ينبغي ملاحظة عدّة أُمور :
1-لا يخفى أنّ مجموعة كبيرة من الأحاديث المنسوبة إليه في كتب الفريقين سندها منقطع ، أي أنّها إمّا مرسلة أو مقطوعة ، فلا حجّية لمفادها ، إلاّ ما كانت منها تؤيّد بأخبار معتبرة أُخرى .
2-توجد هناك طائفة من الأخبار تنقل عن لسان ابن عباس بدون إسنادها
____________
1- أُنظر : قاموس الرجال 6 / 418 .
|
الصفحة 122 |
|
إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، أو إلى أحد من الأئمّة (عليهم السلام) ، أي أنّها آراؤه في تلك الموارد .
وهذا القسم أيضاً لا يعتبر حجّة من الناحية الشرعية ، إلاّ إذا كان موافقاً لما صدر عن المعصوم (عليه السلام) .
3-إنّ شخصية ابن عباس كانت معرّضةً للهجوم والتشويه من قبل أعداء الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، خصوصاً بني أُمية ، فدسّت الأيادي الأثيمة روايات وأحاديث في سبيل النيل من سمعته ، وهذه الفئة من الروايات جلّها بل كلّها جاءت عن طريق العامّة ، وعليه فينبغي التأمّل والتريّث في أحاديثه التي نقلت بإسنادهم ، وإن كانت معنعنة وغير مرسلة ومتّصلة ، خصوصاً في المواضع الخلافية بين الشيعة والسنّة .
|
الصفحة 123 |
|
( سلمان المحمّدي . البحرين ... )
الفضل بالتقوى لا والد زوجة النبيّ :
السؤال: كيف حصل أبو بكر على تلك المنزلة ، ليكون والد زوجة الرسول ؟
الجواب : قال تعالى : { ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } (1) .
فإذا كان من الممكن أن تكون زوجتا نوح ولوط من الكفّار ، ونوح ولوط من الأنبياء ، فلا يمكن أن نحكم بفضل على امرأة لمجرد كونها زوجة نبيّ ، والفضل يكون بالتقوى والقرب من الله والإخلاص له ، وكذلك قوله تعالى : { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ } (2) .
هذا كلّه في أزواج الأنبياء ، فكيف بآباء أزواج الأنبياء ؟!
( سعيد خليل . لبنان ... )
السؤال: نشكر لكم جهودكم في طريق الإصلاح ، وإظهار الدين الحقّ .
السؤال : نريد أن نعرف نبذة عن أبي بكر ، ودوره كيف كان ؟ شاكرين لكم جهودكم ، وأجركم عند الله إن شاء الله .
____________
1- التحريم : 10 .
2- الأعراف : 83 .
|
الصفحة 124 |
|
الجواب : سألت عن أبي بكر ، فنجيبك باختصار :
1-إنّ أبا بكر قد أغضب فاطمة (عليها السلام) فهجرته حتّى توفّيت ، رواه البخاري في صحيحه (1) ، ومسلم في صحيحه (2) ، وأحمد في مسنده (3) ، وروى ابن قتيبة قول فاطمة (عليها السلام) لأبي بكر: " والله لأدعون الله عليك في كلّ صلاة أُصلّيها " (4) .
2-إنّ أبا بكر لا يعرف معنى قوله تعالى : { وَفَاكِهَةً وَأَبًّا } (5) .
3-إنّ أبا بكر لسانه قد أورده الموارد (6) .
4-إنّ أبا بكر وعمر انهزما يوم خيبر وأُحد (7) .
5-إنّ أبا بكر وعمر رفعا أصواتهما عند النبيّ (صلى الله عليه وآله) حتّى نزل النهي (8) .
____________
1- صحيح البخاري 8 / 3 .
2- صحيح مسلم 5 / 154 .
3- مسند أحمد 1 / 6 .
4- الإمامة والسياسة 1 / 31 .
5- عبس : 31 ، تفسير القرآن العظيم 1 / 6 ، فتح الباري 13 / 229 .
6- الطبقات الكبرى 5 / 11 ، الموطّأ 2 / 988 ، مجمع الزوائد 10 / 302، المصنّف لابن أبي شيبة 6 / 237 و 8 / 572 ، كتاب الصمت وآداب اللسان : 50 و 55 مسند أبي يعلى الموصلي 1 / 17 شرح نهج البلاغة 7 / 90 و 10 / 137 ، كنز العمّال 3 / 834 ، فيض القدير 5 / 467 ، تفسير الثعالبي 2 / 176 ، العلل 2 / 132 و 3 / 269 ، التاريخ الكبير 8 / 90 ، الثقات 2 / 172 ، علل الدارقطني 1 / 109 و 159 تاريخ مدينة دمشق 8 / 345 ، وغيرها من مصادر أهل السنّة .
7- المستدرك على الصحيحين 3 / 37 ، مجمع الزوائد 9 / 124 ، شرح نهج البلاغة 17 / 168 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 107 ، خصائص أمير المؤمنين : 53 .
8- مسند أحمد 4 / 6 ، صحيح البخاري 6 / 46 و 8 / 145 ، الجامع الكبير 5 / 63 ، جامع البيان 26 / 155 ، أسباب نزول الآيات : 257 ، زاد المسير 7 / 177 ، الجامع لأحكام القرآن 16 / 303 ، تفسير القرآن العظيم 4 / 220 ، الدرّ المنثور 6 / 84 ، تفسير الثعالبي 5 / 267 ، الإحكام في أُصول الأحكام لابن حزم 6 / 804 ، تاريخ مدينة دمشق 9 / 191 ، أُسد الغابة 4 / 207 ، تاريخ المدينة المنوّرة 2 / 523 ، السيرة النبوية لابن كثير 4 / 78 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 437 .
|
الصفحة 125 |
|
6-روى مالك في " الموطّأ " عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال لشهداء أُحد : " هؤلاء أشهد لهم " ، فقال أبو بكر : ألسنا يا رسول الله إخوانهم ، أسلمنا كما أسلموا ، وجاهدنا كما جاهدوا ؟
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " بلى ، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي " ، فبكى أبو بكر ، ثمّ بكى ، ثمّ قال : أئنّا لكائنون بعدك (1) .
7-إنّ فاطمة (عليها السلام) قد دفنت ليلاً ، وصلّى عليها الإمام علي (عليه السلام) ، ولم يؤذن بها أبو بكر (2) .
( أحمد جعفر . البحرين . 19 سنة . طالب جامعة )
رفض مالك بن نويرة دفع الزكاة له :
السؤال: أردت أن استفسر عن بعض الأحداث التي جرت على مالك بن نويرة .
لماذا رفض مالك دفع الصدقات لأبي بكر ؟ وهل كان موالياً لأمير المؤمنين (عليه السلام) كما يقال ؟ وهل حقّاً امتنع مالك من دفع الزكاة ؟ وهل الرافض لدفع الزكاة يحكم عليه بالكفر ؟
الجواب : ورد في رواياتنا : بأنّ مالك جاء إلى رسول الله في أواخر حياته (صلى الله عليه وآله) ، فأخبره رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأنّ الخليفة بعده أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فولي الأمر الشرعي بنظر مالك وأتباعه كان أمير المؤمنين (عليه السلام) ، والصدقات لا تعطى إلى أحد إلاّ لولي الأمر الشرعي .
____________
1- الموطّأ 2 / 462 ، شرح نهج البلاغة 15 / 38 .
2- صحيح البخاري 5 / 82 ، صحيح مسلم 5 / 154 ، صحيح ابن حبّان 14 / 573 ، البداية والنهاية 5 / 307 ، السيرة النبوية لابن كثير 4 / 568 ، فتح الباري 7 / 378 ، شرح نهج البلاغة 16 / 281 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 163 ، السنن الكبرى للبيهقي 4 / 29 ، مسند الشاميين 4 / 198 ، الثقات 3 / 334 ، تاريخ المدينة المنوّرة 1 / 197 .
|
الصفحة 126 |
|
فامتنع مالك وقال : ندفع زكاتنا إلى فقرائنا .
ثمّ إنّ المانع من دفع الزكاة لا يحكم عليه بالكفر ، بأيّ صورة من الصور .
(... ... ... )