وما أدراك ما ليلة القدر!
وقد عرفنا من خلال الروايات؛ إنّ ليلة القدر تقع في الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان، والقرآن الكريم يحدّثنا عن هذه الليلة العظيمة متسائلاً ومشيراً إلى خطرها وعظمتهـا: «إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ»؛ أي أنّ علمك يا رسول الله بليلة القدر ضئيل بسيط إلاّ أن يكشف لك الخالق عن حقيقتها. وكلمة «مَآ أَدْرَاكَ» في القرآن تمنحنا مفهوماً عظيماً عن المعنى الذي يريد أن يطرحه الله سبحانه وتعالى. فالبعض يمرّ على بعض المعاني مروراً سريعاً خاطفاً، وينظر إليها نظرة سطحية، في حين أننا لابدّ في مثل هذه الحالات أن نتوجّه إلى العمق، وأن نتصوّر المعنى تصوّراً دقيقاً.
فالقرآن الكريم عندما يقول: «وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ» أو «وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ» (القارعة/3) أو «وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ» (الطارق/2)، فانه يستهدف أن يفهمنا أنّ جبل الإيمان والرسالة الذي نريد ان نتسلّقه حتّى نصل الى قمته هو جبل عالٍ، صعب العبور، وعر المسالك، مليء بالعقبات، فعلينـا أن نستعدّ منذ الآن له. فالعلم الذي نريد الحصول عليه - وهو علم ليلة القدر- ليس علماً سهلاً أو بسيطاً، فنحن ما الذي فهمناه من هذه الليلة؟ إنّنا نتبادل الكلمات فحسب، أما المعاني؛ فهي بعيدة عن متناولنا. فليلة القدر ليست كلمة تقال، ولا لقلقة لسان، بل هي ليلة عظيمة خير من ألف شهر لا نستطيع أن نتصوّر أبعاد معناها بسهولة..
source : sibtayn