وسط تزاید اهتمام الناس بصحتهم وسعیهم نحو الحفاظ على جسمهم بأفضل حالاته، رأى علماء أنه لتحقیق ذلک یجب على الأشخاص أن یلاحظوا أن لکل عضو من أعضاء جسمهم حقا علیهم، خصوصا وأن الحفاظ على عافیة کل عضو من شأنه أن ینعکس إیجابا على سائر الأعضاء لأنها مترابطة وإذا ما مرض أحدها فإنه سیؤثر سلبا على الأخرى.
ورأى العلماء أنه من الضروری الاعتناء بالدماغ أولا لأنه المحرک الأساسی لجسم الإنسان، ویقول "غاری سمول" الطبیب فی مرکز لوس أنجلوس لعلاج أمراض الشیخوخة، إنه من الضروری أن یقوم الأشخاص سواء الکبار أو الصغار بممارسة نشاطات تحفز الجانبین الأیمن والأیسر من الدماغ، مثل الأحاجی أو الألعاب الإلکترونیة التی من شأنها أن تحافظ على اللیاقة الذهنیة للدماغ.
ونقول کمسلمین: إن تلاوة القرآن وتدبره والتعمق فی أسراره وإعجازه أفضل ریاضة لخلایا الدماغ، لأن خالق الدماغ هو منزل القرآن عز وجل! والغرب یبحث عن أی شیء مثل الموسیقى أو الرقص أو ألعاب الغولف والتنس... لینشط خلایا دماغه، ولکن من رحمة الله بنا أن وهبنا الصلاة التی هی أفضل ریاضة على الإطلاق!
یؤکد العلماء أنه من الضروری أن ینتبه الأشخاص إلى طبیعة أکلهم، لأنه عامل أساسی فی الحفاظ على صحة الدماغ، بحیث یجب علیهم أن یأکلوا الأغذیة الغنیة بالمواد المضادة للأکسدة، مثل اللوز والعنب البری، وأغذیة غنیة بأحماض Omega-3 مثل سمک السلمون، مبینیین فی الوقت نفسه أن ممارسة الریاضة مفیدة للدماغ کذلک، على عکس الافتراض الشائع أن الریاضة وصحة الدماغ أمران منفصلان.
وهذه الفواکه سخرها الله لنا لنستفید منها ونبنی أجساماً قویة ونعیش حیاة مطمئنة. ولکن القرآن ذکر أنواعاً محددة من الفاکهة مثل التین والزیتون والعنب والرمان والعسل والتمر... وهذه المواد قد کشف فیها العلماء فوائد عظیمة للدماغ. وینبغی أن نستبدل الأطعمة الصناعیة بهذه الأغذیة الطبیعیة المذکورة فی کتاب الله عز وجل، وذلک لنحصل على صحة أفضل.
ویقول العلماء فی دراسات حدیثة إن ثانی عضو جسدی یجب على الأشخاص الحفاظ علیه هو القلب، وذلک للوقایة من العلل التی تصیبه مثل ارتفاع ضغط الدم والکولسترول، والتی قد تؤدی إلى الإصابة بنوبات قلبیة التی من الممکن أن تؤدی إلى موت محقق.
وعلاجا لهذه المسألة رأى العلماء أنه من الضروری أن یداوم الأشخاص على لعب الریاضة التی تحسن من استهلاک الأکسجین فی الجسم، وأن یحرصوا على أن یخففوا من کمیة الملح فی طعامهم وأن یزیدوا بالمقابل من تناول الفاکهة والخضروات.
إن النبی صلى الله علیه وسلم أعطى اهتماماً کبیراً للقلب بل قال: (ألا وإن فی الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد کله وإذا فسدت فسد الجسد کله ألا وهی القلب)(1). وفی هذا الحدیث إشارة إلى أهمیة القلب والاهتمام به والمحافظة على صحته، ونقول کمسلمین إن أفضل علاج للقلب هو ذکر الله تعالى! فالله یقول: (الَّذِینَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِکْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِکْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)(2).
یقول الخبراء: إن وثالث الأعضاء الذی یجب أن تسترعی انتباه وحرص الأشخاص هی العظام، خصوصاً وأنه عند تجاوز الأشخاص الثلاثین من العمر، یتوقف جسمهم عن تخزین الکالسیوم، وبالتالی لتعویض هذا النقص یجب علیهم أن یتناولوا أغذیة ملیئة به مثل الحلیب والأجبان. ومن الضروری أن یقوم الأشخاص بتدریبات ریاضیة لأجسادهم.
إن الله تعالى سخر لنا اللبن وقال: (وَإِنَّ لَکُمْ فِی الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِیکُمْ مِمَّا فِی بُطُونِهِ مِنْ بَیْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِینَ)(3). فهذا اللبن ضروری للعظام ولسلامة الجسد بشکل عام، فحبذا لو نترک شرب "البیبسی کولا" والمشروبات الغازیة والاصطناعیة ونرکز على اللبن ومشتقاته.
ومن الأعضاء الأساسیة التی رأى العلماء ضرورة المحافظة علیها تأتی العیون، إذ کلما زاد سن الإنسان کلما تعرضت عیناه إلى عدة أخطار، مثل ضعف البصر وصولاً إلى انعدام القدرة على القراءة دون نظارات. وبیّن العلماء أنه من الضروری أن یحافظ الناس على عیونهم عبر مراجعتهم أطباء العیون بشکل دوری للتأکد من عدم وقوع أی انتکاسات أو إصابات فی بصرهم، مع وقایة عیونهم من التعرض کثیراً للشمس مما قد یؤثر علیها سلباً.
بالنسبة لنا کمسلمین ینبغی أن نحافظ على نعمة البصر التی منَّ الله بها علینا، وأفضل طریقة لصیانة العیون وتجدید نشاطها أن نکثر من تلاوة القرآن والنظر فی المصحف الشریف. وأن نتأمل مخلوقات الله تعالى، فالله یقول: (وَفِی الْأَرْضِ آَیَاتٌ لِلْمُوقِنِینَ * وَفِی أَنْفُسِکُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)(4).
ومن تجربتی الخاصة أقول إننی عندما کنتُ أقرأ فی کتب عادیة (کتب علمیة أو لغویة) کان بصری یرهق ویتعب، ولکننی عندما أقرأ فی کتاب الله تعالى لساعات طویلة کل لیلة لا أشعر بأی تعب أو کلل، بل على العکس یرتاح بصری لرؤیة کلام الله تعالى، کیف لا والله تعالى هو القائل: (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّیْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا یَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَیَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ إِنَّمَا یَتَذَکَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)(5).
ونصیحتی لکل أخ وأخت أن أنفقوا کل وقتکم لله تعالى، واجعلوا کل أعمالکم لله، بل کل أهدافکم ینبغی أن تکون لله ومن أجل الله... والله تعالى لن یترک أو ینسى عباده، وهو القادر على أن یمتعهم بنعمه کیف یشاء، وأود أن أتذکر معکم عصر الصحابة الکرام علیهم رضوان الله، لقد کان أحدهم یرکب الخیل ویخوض المعارک وعمره فوق الستین... للأسف نحن الیوم إذا بلغ أحدنا الأربعین ربما لا یستطیع الرکض لمسافة کیلو متر واحد!
إن سبب قوة أجسادهم هی قوة الإیمان عندهم، وهذا ما نحتاج إلیه الیوم، أن نزداد إیماناً بهذا الخالق العظیم وأن نکون مثل سیدنا إبراهیم خلیل الرحمن الذی قال: (الَّذِی خَلَقَنِی فَهُوَ یَهْدِینِ * وَالَّذِی هُوَ یُطْعِمُنِی وَیَسْقِینِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ یَشْفِینِ) (6).
المصادر :
1- میزان الحکمة ج2 ص2600
2- الرعد: 28
3- النحل: 66
4- الذاریات: 20-21
5- الزمر: 9
6- الشعراء: 78-80
source : rasekhoon