وفي فضل المشهد الغروي الشريف على مشرفه أفضل الصلاة والسلام ، وما لتربته والدفن فيها من المزية والشرف.
روي عن ابن عباس انّه قال : الغري قطعة من الجبل الذي كلم الله جلّ شأنه موسى تكليماً ، وقدس عليه تقديساً ، واتخذ ابراهيم عليه السلام خليلاً ، واتخذ محمّد صلى الله عليه وآله حبيباً وجعله للنبين مسكناً.
وروي انّ أمير المؤمنين عليه السلام نظر الى ظهر الكوفة فقال : ما أحسن منظرك ، وأطيب قعرك ، اللّهم اجعل قبري بها.
ومن خواص تربته اسقاط عذاب القبر وترك محاسبة منكر ونكير للمدفون هناك كما وردت الأخبار الصححية عن أهل البيت عليهم السلام.
(روي عن أمير المؤمنين عليه السلام انّه كان اذا أراد الخلوة بنفسه ، اتى الى طرف الغري . فبينما هو ذات يوم هناك مشرف على النجف ، وإذا برجل قد أقبل من البرية راكباً على ناقة وقدامه جنازة فحين رأى علياً عليه السلام قصده حتّى وصل اليه وسلّم عليه ، فردّ علي عليه السلام ، وقال له : من أين ؟
قال : من اليمن.
قال : وما هذه الجنازة التي معك ؟
قال جنازة أبي أتيت لادفنها في هذه الارض.
فقال له علي عليه السلام : لمَ لا دفنته في أرضكم ؟
قال : أوصى اليّ بذلك ، وقال : (انّه يدفن هناك رجل يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر) .
فقال له علي عليه السلام : أتعرف ذلك الرجل ؟
قال : لا .
فقال عليه السلام : أنا والله ذلك الرجل ، أنا والله ذلك الرجل . قم فادفن أباك. فقام ، فدفن اباه).
ومن خواص ذلك الحرم الشريف انّ جميع المؤمنين يحشرون فيه(1).
روى الكليني في الكافي(2) بالإسناد الى حبّة العرني قال :
(خرجت مع أمير المؤمنين عليه السلام الى الظهر ـ أي ظهر الكوفة ، وهو النجف الأشرف كان يسمّى بذلك لوقوعه بظهر الكوفة ـ فوقف بوادي السلام كأنّه مخاطب لأقوام . فقمت بقيامه حتّى أعييت ، ثمّ جلست حتّى مللت ، ثمَّ قمت حتّى نالني مثل ما نالني أولاً ، ثمَّ جلست حتّى مللت ، ثمّ قمت وجمعت ردائي فقلت : يا أمير المؤمنين إني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة.
فقال لي : يا حبّة إن هو إلاّ محادثة مؤمن أو مؤانسته .
قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، وانّهم لكذلك ؟
قال : نعم ، ولو كشف لك لرأيتهم حلقاً حلقاً محتبين يتحادثون .
فقلت : أجسام أم أرواح ؟
فقال : أرواح . وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلاّ قيل لروحه : الحقي بوادي السلام وانّها لبقعة من جنّة عدن).
وروى أيضاً بالإسناد الى أبي عبدالله عليه السلام قال : (قلت له : انّ أخي ببغداد ، وأخاف أن يموت بها .
فقال : ما تبالي حيثما مات ، أما انّه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض وغربها إلاّ حشر الله روحه الى وادي السلام .
قلت له : واين وادي السلام ؟
قال : ظهر الكوفة . أما إنّي كانّي بهم حلق حلق قعود يتحدثون).
وقال الديلمي :(وروى جماعة من صلحاء المشهد الشريف الغروي انّه رأى : انّ كلّ واحد من القبور التي في المشهد الشريف ، وظاهره : قد خرج منه حبل ممتد متصل بالقبة الشريفة صلوات الله على مشرفها).
وفي دار السلام للعلاّمة المرحوم الشيخ النوري قدس سره صاحب مستدرك الوسائل ، قصة غريبة عجيبة ذكرها في المجلد 2 ، ص 68 ـ 69 ، تحت عنوان (رؤيا فيها معجزة وفضيلة عظيمة للدفن في وادي السلام) ، فراجعها واستفد.
-------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
1- الشيخ الديلمي فيه الارشاد ص 440
2- الکافي : ج 3 ، ص 243 ، باب في أرواح المؤمنين
source : tebyan