السؤال: ما هي مكانة عبد الله بن جعفر ، ومحمّد بن الحنفية في وجداننا ؟ وهل هما مخلصان لأئمّة زمانهما ؟ ودمتم موفّقين لخدمة محمّد وآل محمّد (عليهم السلام) .
الجواب : إنّهما كانا من الموالين لخطّ أهل البيت (عليهم السلام) بلاشكّ ولا شبهة .
وأمّا الكلام فيهما من جهة عدم حضورهما في كربلاء ففيه وجوه وأقوال ، منها : أنّ تخلّفهما كان بأمر الإمام (عليه السلام) لمصالح شتّى .
____________
1- أُنظر : مناقب أمير المؤمنين 2 / 128 و 315 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 175 ، اختيار معرفة الرجال 1 / 327 ، الاختصاص : 82 ، مقاتل الطالبين : 44 ، شرح نهج البلاغة 16 / 16 و 44 ، ذخائر العقبى : 139 ، شواهد التنزيل 2 / 457 ، نقد الرجال 2 /332 ، جامع الرواة 1 / 365 ، تاريخ بغداد 10 / 305 ، تاريخ مدينة دمشق 13 / 279 ، تهذيب الكمال 6 / 250 ، وغيرها من المصادر .
|
الصفحة 405 |
|
ومنها : وجود المانع من مرض وغيره .
وعلى أيّ حال ، فلا إشكال في إخلاصهما وولائهما ؛ نعم من اليقين أنّ مكانتهما عند الشيعة وأئمّتها (عليهم السلام) لا تصل إلى مقام شهداء كربلاء ، الذين ضحّوا بكلّ غالٍ ونفيس في سبيل العقيدة ، وفدوا الإمام (عليه السلام) بأرواحهم وأجسامهم .
( السيّد محسن الميلاني . كندا . 25 سنة . طالب )
العباس يُعدّ في المرتبة الأُولى بعد المعصومين :
السؤال: هل يمكن القول بأنّ مقام أبي الفضل العباس (عليه السلام) أعلى من كلّ من هم دون المعصومين الأربعة عشر ؟ أفيدونا مأجورين .
الجواب : إنّ المتتبّع لتاريخ حياة أبي الفضل (عليه السلام) يلمس بوضوح : بلوغ العباس بن علي (عليهما السلام) درجة عالية من الالتزام بالشريعة ، وطاعة أُولي الأمر ، المتمثّلين بالأئمّة المعصومين (عليهم السلام) ، بأن يوكل الإمام الحسين (عليه السلام) إليه مهمّة حمل رايته في واقعة الطفّ ، وقيادة البيت الهاشمي في تلك المعركة .
وفي فقرات الزيارة الواردة عن الإمام الصادق (عليه السلام) بسند معتبر والتي يذكرها الشيخ القمّي (قدس سره) في مفاتيح الجنان يلمس القارئ سمو منزلة أبي الفضل (عليه السلام) ، وشهادة المعصوم (عليه السلام) بحقّه في بلوغه مراتب عدّة ، كما هو المستفاد من هذه الفقرات : " أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة لخلف النبيّ (صلى الله عليه وآله) " ، و " أشهد أنّك قتلت مظلوماً ، وأنّ الله منجز لكم ما وعدكم " ، و " أشهد وأشهد الله أنّك مضيت على ما مضى عليه البدريون والمجاهدون في سبيل الله " ، و " أشهد أنّك لم تهن ولم تنكل ، وأنّك مضيت على بصيرة من أمرك " .
وغيرها من الفقرات التي يستفاد منها : إنّ العباس (عليه السلام) يُعدّ في المرتبة الأُولى بعد المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) .
وأمّا تحديد هذه المرتبة ومقدارها فعلمها عند الله تعالى ، لأنّ العصمة لطف إلهيّ وملكة نفسانية ، لا يتسنّى الاطلاع عليها ، نعم يمكن للمعصوم أن يخبر عنها .
|
الصفحة 406 |
|
( إبراهيم حسين لمع . الكويت . 32 سنة . طالب جامعة )
الكتب الشيعية المعتبرة ونقلها للأحاديث الضعيفة :
السؤال: كنت أتصفّح بعض مواقع إخواننا أهل السنّة ، والذين أقول عنهم إخواننا حتّى ولو كانت مواقعهم تكفّرنا ، وندعو لهم بالهداية .
قد أثاروا الكثير من الشبهات علينا كتحريف القرآن ، ونوم الإمام علي (عليه السلام) في نفس الفراش مع عائشة والرسول (صلى الله عليه وآله) .
ولكنّني بعد البحث وجدت ردوداً في مواقعنا على هذه الشبهات وهي مقنعة , ففي معظم الأحيان فإنّ الروايات الواردة حتّى في الكافي حول هذا الموضوع هي روايات ضعيفة ، بل وغير معتبرة , فإذا كانت كذلك لماذا تضمّنها هذا الكتاب القيّم ؟ ولم يتمّ إسقاطها منه ؟ آجركم الله .
الجواب : نحن لا ندّعي أن كتاب " الكافي " من الكتب التي لا يوجد فيها إلاّ الصحيح من الحديث ، كما يدّعي أهل السنّة في بعض كتبهم كالبخاري ومسلم وأنّه لا يوجد فيها إلاّ الصحيح من الحديث .
بل نقول : كلّ كتبنا حتّى المعتبرة منها ككتاب الكافي من المحتمل أن توجد فيه روايات ضعيفة ، أي لم نحرز فيها شرائط الحجّية ، لا بمعنى أنّها مكذوبة ومجعولة ومدسوسة وموضوعة ، والسبب في ذلك : إنّ كثير من المحدّثين لم يشترطوا في جمعهم أن يكون الحديث صحيحاً ، بل جمعوا من الأحاديث ما يعلمون أنّ بعضها مرسلاً ، أو أن أصحابها مجهولون ، وما إلى ذلك .
وعذرهم في ذلك هو : مادام يحتمل أن تكون الرواية صادرة عن الإمام (عليه السلام) فهم يدوّنوها ، ووزرها على من رواها ، وهو ليس مقصوراً على الشيعة ، وكذلك الحال في دلالة الروايات ، فإنّ المحدّثين وإن استبعدوا بعض الأحاديث ، فإنّهم أيضاً يدوّنونها مادام يحتمل من التغيّر والتأويل ما يجعل ذلك الحديث
|
الصفحة 407 |
|
صحيحاً ، كما أنّ العلماء والمحدّثين لا يرون أنفسهم أنّهم أفقه الفقهاء في مضامين الأحاديث ، فإنّهم وإن لم يقبلوا بعض الأحاديث من جهة المضمون ، إلاّ أنّهم ينقلونها إلى من هو أفقه قولاً منهم ، عملاً بقول الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ، وبلّغها من لم تبلغه ، يا أيّها الناس ليبلّغ الشاهد الغائب ، فربّ حامل فقه ليس بفقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه " (1) .
ومن هنا فالبحث في صحّة وضعف بعض الأحاديث لم يتوقّف لحدّ الآن ، لأنّ جرح الرجال وتعديلهم ما يكون حسّي ، وما يكون حدسي اجتهادي ، ثمّ إنّ بعض الأحاديث لها معاضد ومؤيّد ، وبعضها يظهر لها طرق أُخرى ، ثمّ أنّ مباني تضعيف وتوثيق الرجال تختلف بين علماء الرجال ، وبالتتبع تصحّح أو تحسّن أو تضعّف الأحاديث ، فلاحظ .
( عيسى سلمان . البحرين . 36 سنة . طالب ثانوية )
ترجمة المختار الثقفي وتاريخ ثورته :
السؤال: من هو المختار ؟ ومتى كانت ثورته ؟
الجواب : قال ابن نما الحلّي حول المختار ما نصّه : " هو المختار بن أبي عبيدة بن مسعود بن عمير الثقفي ، وقال المرزباني : ابن عمير بن عقدة بن عنزة ، كنيته أبو إسحاق ، وكان أبو عبيدة والده يتنوّق في طلب النساء ، فذكر له نساء قومه ، فأبى أن يتزوّج منهن ، فأتاه آت في منامه ، فقال : تزوّج دومة الحسناء الحومة ، فما تسمع فيها للائم لومه ، فأخبر قومه ، فقالوا : قد أمرت ، فتزوّج دومة بنت وهب بن عمر بن معتب ، فلمّا حملت بالمختار ، قالت : رأيت في النوم قائلاً يقول :
____________
1- الكافي 1 / 403 .
|
الصفحة 408 |
|
ابشري بالولد |
أشبه شيء بالأسد |
إذا الرجال في كبد |
تقاتلوا على بلد |
كـان لـه الحـظّ الأشد |
|
فلمّا وضعت أتاها ذلك الآتي فقال لها : إنّه قبل أن يترعرع ، وقبل أن يتشعشع ، قليل الهلع ، كثير التبع ، يدان بما صنع ... .
كان مولده في عام الهجرة ، وحضر مع أبيه وقعة قس الناطف ، وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وكان يتفلّت للقتال فيمنعه سعد بن مسعود عمّه ، فنشأ مقداماً شجاعاً لا يتّقي شيئاً ، وتعاطى معالي الأُمور ، وكان ذا عقل وافر ، وجواب حاضر ، وخلال مأثورة ، ونفس بالسخاء موفورة ، وفطرة تدرك الأشياء بفراستها ، وهمّه تعلو على الفراقد بنفاستها ، وحدس مصيب ، وكفّ في الحروب مجيب ، ومارس التجارب فحنكته ، ولابس الخطوب فهذّبته .
وروي عن الأصبغ بن نباتة أنّه قال : رأيت المختار على فخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وهو يمسح رأسه ويقول: " يا كيّس يا كيّس " ، فسمّي كيسان ... " (1) .
وقد اختلفت الروايات عنه ، فمنها مادحة ، ومنها ذامّة ، فمن المادحة : ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال : " لا تسبّوا المختار ، فإنّه قتل قتلتنا ، وطلب بثأرنا ، وزوّج أراملنا ، وقسّم فينا المال على العسرة " (2) .
وكذلك ما ورد عن الإمام الباقر(عليه السلام) لابن المختار لمّا سأله عن أبيه ، فقال (عليه السلام): " سبحان الله ، أخبرني أبي والله أنّ مهر أُمّي ممّا بعث به المختار ، أولم يبن دورنا ؟ وقتل قاتلنا ؟ وطلب بدمائنا ، فرحمه الله ... ما ترك لنا حقّاً عند أحد إلاّ طلبه ... " (3) .
____________
1- ذوب النضار : 59 .
2- اختيار معرفة الرجال 1 / 340 ، خلاصة الأقوال : 276 ، رجال ابن داود : 277 .
3- اختيار معرفة الرجال 1 / 340 ، رجال ابن داود : 277 .
|
الصفحة 409 |
|
أمّا الروايات الذامّة : فمنها ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : " كان المختار يكذب على علي بن الحسين (عليهما السلام) " (1) ، وكذلك ما ورد عن علي بن الحسين (عليهما السلام) رفضه لإحدى هداياه ، وقوله (عليه السلام) لرسل المختار : " أميطوا عن بابي ، فإنّي لا أقبل هدايا الكذّابين ، ولا أقرأ كتبهم " (2) .
والروايات الذامّة للمختار ضعيفة السند جدّاً ، كما ذكر السيد الخوئي في معجمه (3) ، وقال أيضاً : " ويكفي في حسن حال المختار إدخاله السرور على قلوب أهل البيت (عليهم السلام) بقتله قتلة الحسين (عليه السلام) ، وهذه خدمة عظيمة لأهل البيت (عليهم السلام) ، يستحقّ بها الجزاء من قبلهم " (4) .
أمّا ثورة المختار ، فقد كانت ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر ، سنة ست وستين (5) .
( ... ... ... )