عربي
Wednesday 24th of July 2024
0
نفر 0

الصحة في الأسرة

الصحة في الاسرة

 

أهمية الصحة والنظافة في الاسلام‌

 

بعد الفراغ من مقدمات الزواج، وانطلاق الزوجين بحياتهما الزوجية عليهما الاعتناء بالجوانب التي تمثل البنية التحتية للحياة، وعدم الغفلة عنها والتقاعس ازاءها.

ومن بينها الجانب الصحي والنظافة في جميع شؤون الحياة، إذ يجب ان يحظى الجسم بالمزيد من الاهتمام في الجانب الصحي وكذا الشعر والفم والاسنان والملابس والفراش والوسائل المعيشية لا سيما ادوات الطبخ وكل ما له صلة بالحياة اليومية.

هنالك فئة من الازواج الشباب يغفلون عند بداية حياتهم الزوجية عن النظافة والصحة ويصبّون جلّ اهتمامهم على الاكل والشرب والاستمتاع بالملذّات الظاهرية، ويغيب التنظيم والانضباط والطهارة والنظافة من حياتهم، في حين ان ذلك مما ترفضه الفطرة السليمة والعقل السليم، والدين الاسلامي يرفض ذلك رفضاً قاطعاً، بل يستهجنه، ناهيك عن احتمال سيادة هذه الغفلة والفوضى على الحياة بمرور الزمن وتُصبح تهديداً لسلامة البيت واهله في جميع الجوانب الظاهرية والباطنية، لا سيما الاولاد فقد يترك اثاراً سلبية عليهم ويحولهم إلى كيانات تتصف باللامبالاة والتقاعس والوهن تمثل عبثاً على المجتمع، ويغدو وجودهم بؤرة للرذيلة والدناءة وشتى المفاسد والموبقات.

وقد عبّر تعالى في كتابه الكريم عن محبّته للذين يهتمون بطهارتهم ونظافتهم‌

الاسرة  و نظامها فی  الاسلام، ص: 174

ظاهرياً وباطنياً ويولون العناية لصحة ابدانهم وارواحهم، ويحافظون عليها من الادران على اختلاف انواعها، إذ يقول تعالى:

«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» «1».

ان الاسلام يعتبر لا نظير له بين سائر الاديان في اهتمامه بالطهارة والنظافة والصحة على كافة الاصعدة، والقوانين الصحية لهذه المدرسة التي تربو على الخمسة آلاف قانون والتي جاء جانبٌ منها في الجزئين الاول والثاني من وسائل الشيعة، تفوق القوانين الصحية باسرها، وهي تثير الدهشة في ظرافتها وحثها وترغيبها على الالتزام بهذه القوانين.

وقد حدد الاسلام خمسة عشر شيئاً على انّها من وسائل الطهارة والنظافة، حيث لا يرى مثل هذا السياق والنهج في سائر المذاهب الموجودة في العالم.

وحرّم الاسلام في كثير من الموارد التلوث والتلويث والعمل على التلويث، واعتبر مرتكبه ضالًا يستحق العذاب الالهي يوم القيامة.

فقد اعتبر الماء الجاري وماء البئر والعين والماء الراكد الذي يتجاوز ثلاثة اشبار ونصف طولًا وعرضاً وعمقاً، والماء القليل الذي يسقط على الجسم النجس وهو بمقدارٍ يطهر ذلك الجسم، والارض واشعة الشمس المباشرة والاستحالة، كل ذلك اعتبره من المطهرات.

وقد اشار الرسول الاكرم (صلى الله عليه و آله) في بعض الاحاديث إلى اهمية النظافة والطهارة، تعتبر من عجائب الأحكام الاسلامية.

يقول (صلى الله عليه و آله):

«الطهور شطرٌ من الايمان» «2».

______________________________
(1)- البقرة: 222.

(2)- ميزان الحكمة: 5/ 558.

الاسرة  و نظامها فی الاسلام، ص: 175

واعجبا! إذ يكمن نصف الايمان في الجوانب الاخلاقية والعملية ونصفه الآخر في النظافة والطهارة!!

ويقول (صلى الله عليه و آله) أيضاً:

«أول ما يحاسبُ به العبدُ طهورهُ» «1».

وكان رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله) اكثر الناس اهتماماً بصحة الفم والاسنان، وشعر الرأس والوجه، والملابس واثاث البيت، والمحلة والشارع والمدينة، وبل انّه كان شديد الاهتمام ازاء الاموات، فحكمه بتغسيل الاموات بالسدر والكافور والماء الصافي وتحنيط مواضع السجود بالكافور وحفر القبر والدقة والتنظيم بحفر اللحد واهالة التراب كي تُصان الجوانب الصحيحة للمدينة والمنازل والبشر من خلال تحلل جسد الميت داخل القبر وتفاعله مع التراب والكافور، كل ذلك يعد من عجائب احكامه وخوارق علومه ورؤاه (صلى الله عليه و آله).

لقد بلغت عناية ذلك الوجود المقدس بالطهارة ظاهرياً وباطنياً مستوىً رفيعاً بحيث انّ معصوماً كأميرالمؤمنين (عليه السلام) الذي كان علمه وبصيرته يعتبر تجلياً لعلم اللَّه وحكمته، وصفوه بانه الاطيب والاطهر، ودعا العالمين إلى الاقتداء به (صلى الله عليه و آله) في تطهير الروح والبدن، فيقول (عليه السلام):

«فتأسَّ بنبيِّك الأطيب الاطهر (صلى الله عليه و آله) فإنّ فيه اسوة لمن تأسّى» «2».

وقال رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله):

«ان اللَّه طيبٌ يحبُّ الطيّب، نظيفٌ يحب النظافة» «3».

ان اهمية النظافة والطهارة ومنزلتهما من الرفعة والسمو بحيث يرتبط

______________________________
(1)- نفس المصدر.

(2)- نهج البلاغة: الخطبة 160.

(3)- ميزان الحكمة: 10/ 92.

الاسرة  و نظامها فی الاسلام، ص: 176

الحديث عنهما بالذات الالهية المقدسة.

يقول أميرالمؤمنين (عليه السلام):

«تنظفوا بالماء من النتنِ الريح الذي يتأذى به، تعهّدوا انفسكم فإنّ اللَّه عزوجل يبغض من عباده القاذورة الذي يتأنّف به من مجلس اليه» «1».

ويقول الرسول الاكرم (صلى الله عليه و آله):

«طهروا هذه الاجساد طهّركم اللَّه، فانّه ليس عبدٌ يبيت طاهراً الّا باتَ معه مَلَكٌ في شعاره، ولا يتقلب ساعةً من الليل الّا قال: اللّهم اغفر لعبدك فانّه بات طاهراً» «2».

وقال (صلى الله عليه و آله):

«بئس العبدُ القاذورة» «3».

وعنه (صلى الله عليه و آله) انّه قال:

«هلكَ المتقذرون».

عن جابربن عبداللَّه، قال: أتانا رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله) فرأى رجلًا شعثاً قد تفرق شعره فقال: أما كان يجد هذا ما يُسكِّن به شعره؟ وراى رجلًا آخر وعليه ثياب وسخة، فقال: أما كان هذا يجد ماءًيغسل به ثوبه؟ «4».

وقال الباقر (عليه السلام):

«كنسُ البيوت ينفي الفقر» «5».

وقال الصادق (عليه السلام):

______________________________
(1)- ميزان الحكمة: 10/ 92.

(2)- نفس المصدر.

(3)- نفس المصدر.

(4)- نفس المصدر.

(5)- ميزان الحكمة: 10/ 98.

الاسرة  و نظامها فی الاسلام، ص: 177

«غسل الاناء وكنس الفناء مجلبةُ للرزق» «1».

وقال أميرالمؤمنين (صلى الله عليه و آله):

«لا تأووا التراب خلف الباب فإنّه ماوى الشياطين» «2».

وقد اشتقت «الشيطان» من الشطن، وهي تعني الخبيث واللئيم والمخلوق المؤذي الشرّير.

هذه المعجزة العظيمة والخارقة تعتبر نتاجاً للرؤية التي كان يتمتع بها الرسول الاكرم (صلى الله عليه و آله) والائمة الطاهرون (عليهم السلام) حيث انهم انبأونا بذلك قبل قرون متطاولة من اكتشاف الميكروبات مستخدمين لفظ الشيطان أي المخلوق الخبيث واللئيم.

قال رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله):

«لا تبيّنوا القمامة في بيوتكم واخرجوها نهاراً فإنها مقعد الشيطان» «3».

وعنه (صلى الله عليه و آله) انّه قال:

«تنظفوا بكل ما استطعتم فإنّ اللَّه تعالى بنى الاسلام على النظافة، ولن يدخل الجنّة الّا كلُّ نظيف» «4».

وقال الرضا (عليه السلام):

«من اخلاق الانبياء التنظيف» «5».

وقال (صلى الله عليه و آله) لعائشة:

«إغسلي هذين الثوبين، أما عملتِ ان الثوب يسبّح، فإذا اتسخ انقطع تسبيحهُ» «6».

______________________________
(1)- نفس المصدر.

(2)- نفس المصدر.

(3)- ميزان الحكمة: 10/ 95.

(4)- نفس المصدر.

(5)- ميزان الحكمة: 10/ 95.

(6)- ميزان الحكمة: 10/ 94.

الاسرة و نظامها فی الاسلام، ص: 178

على ضوء الآيات المتعلقة باسباب التطهير، والطهارة والنظافة ومحبّة الحق تعالى لهما، وكذلك الروايات بشأن الطهارة والنظافة، يتعين على اهل الدار العناية بنظافة اجسامهم وملابسهم ونظافة آثاث المنزل وجوانبه بما وسعته قدرتهم وطاقتهم، واسنتاداً إلى القاعدة القرآنية التي تحث على التعاون على البر والتقوى، يتعين على صاحب الدار ان يعين زوجته على صعيد التنظيف.

وعلى الزوجة ايضاً ان تلتزم بواجبها الاخلاقي وتحافظ على نظافة الدار وآثاثه وملابس نزلائه، كي تدخل السرور على زوجها بذلك تنال رضى الحق تعالى، وتضمن سلامة اهل الدار وتقضي على اجواء المرض والآلام.

على ربّة البيت ان تعلم بأن العمل من اجل المنزل وتدبير اموره وتوفير سبل الراحة والاستقرار لاهله يُعتبر عبادة تستحق عليها الاجر والثواب ممن لدن الباري تعالى.

 


source : الاسرة و نظامها فی الاسلام للأستاذ انصاریان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

القهوة و الشاي ليس لهما علاقة بسرطان الثدي
ماهي علامات الحب..؟
الرجل والمرأة في المجتمع
لعبة الغيرة والشك .. أسبابها وآثارها المدمرة
وصول ضيوف المؤتمر السادس للمجمع العالمي لأهل ...
النساء في العاصمة الجزائرية ارتدين الحجاب بهدف ...
الانسان وباقي المخلوقات
الكربلائي يؤكد ضرورة توضيح لمعنى شعيرة "زيارة ...
صلة الوالدین
الحُضور في مواضع التهم

 
user comment