ان المعدة و الفم و الاسنان، والرغبة لتناول الماء و الخبز و سائر النعم، كل ذلك يعتبر من الالطاف الالهية على الانسان.
و قد وردت الكثير من الأحكام الهامة في القرآن الكريم و الروايات فيما يتعلق باكتساب الارزاق المحللة و طريقة استهلاكها، و الاعمال التي لها كامل التأثير على سلامة البدن والعقل و الروح وبالتالي سلامة الاسرة و المجتمع، و يبدو ان الالتزام ببعضها يعد واجباً شرعياً و الالتزام بالبعض الآخر واجباً أخلاقياً، و بعضها مستحبّ مؤكّد، و ان التمرد على تلك التي في حكم الواجب الشرعي يعتبر حراماً يستوجب العذاب الاخروي، و التهاون عن المستحبات يورث الخسران و الندم و تصدع البدن فيصبح عندها عرضة للاصابة بالامراض.
و من أهم الأحكام الواردة في القرآن الكريم وجوب استحصال المال و الرزق لادامة الحياة و توفير السكن و الملبس و المأكل عن طريق الحلال. يقول تعالى:
______________________________
(1)- ميزان الحكمة: 4/ 599.
(2)- نفس المصدر.
الأسرة و نظامها فی الإسلام، ص: 182
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ اشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ» «1».
«يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ» «2».
وقوله تعالى:
«كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» «3».
المطروح في هذه الاحكام وهو الطهارة والحلال و اجتناب الاسراف، فالواجب طهارة المأكل و حليته، و الحرام الاسراف في الاستهلاك.
ان عدم الاهتمام بحلّية المأكل و تناول المواد المحرّمة و الخبيثة التي تخلو من الطهارة، و السقوط في حبائل الاسراف، كل ذلك يعتبر تمرداً على الحق تعالى و ظلماً بحقٍ النفس و الآخرين، و هو مما يؤدي إلى عذاب اللَّه و عقوبته بلا شك و لا ترديد.
و يتعين على صاحب الدار ان يلمَّ بالتعاليم السامية التي يطرحها الاسلام في هذا المجال و يعمل على ان تأخذ طريقها إلى اهل الدار كي تحافظ الدار و العائلة على طهارتهما، و يتسنى لاهل الدار طيّ سبيل الكمال و السمو، و بذلك يتحولون إلى روافد خير و بركة بالنسبة لهم و للآخرين.
______________________________
(1)- البقرة: 168.
(2)- البقرة: 168.
(3)- الاعراف: 31.
الأسرة و نظامها فی الاسلام، ص: 183
source : الاسرة و نظامها فی الاسلام للأستاذ انصاریان