عربي
Wednesday 27th of November 2024
0
نفر 0

السرقة

من الذنوب الكبيرة السرقة، وقد ورد التصريح بأنها من الكبائر في روايات عديدة، حتى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله ـ في رواية ـ نفى عن السارق الإيمان وهو يسرق، كما ورد عنه صلى الله عليه وآله: "... ولا يسرق السارق وهو مؤمن"(1).
السرقة

من الذنوب الكبيرة السرقة، وقد ورد التصريح بأنها من الكبائر في روايات عديدة، حتى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله ـ في رواية ـ نفى عن السارق الإيمان وهو يسرق، كما ورد عنه صلى الله عليه وآله: "... ولا يسرق السارق وهو مؤمن"(1).
وورد عن الإمام الرضا عليه السلام: "حرّم الله السرقة لما فيها من فساد الأموال وقتل النفس لو كانت مباحة، ولما يأتي في التغاصب من القتل والتنازع والتحاسد، وما يدعو إلى ترك التجارات والصناعات في المكاسب، واقتناء الأموال إذا كان الشي‌ء المقتنى لا يكون أحد أحق به من أحد..." (2).
هذا ولا فرق في حرمة السرقة من الناحية الكميّة بين الكثرة والقلّة حتى لو كانت بمقدار إبرة أو خيط.
ولقد أشارت الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام إلى ذلك: "والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته. وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعلي ولنعيم يفنى ولذة لا تبقى، نعوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل وبه نستعين".
فنلاحظ أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام اعتبر سلب النملة ماتحمله من شعيرة فيه عصيان، ولقبح عمل السرقة جعل الله تعالى للسارق والسارقة حدّاً وعقاباً دنيوياً فقال سبحانه: "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"(3).
ولحكم قطع يد السارق تفاصيل وشرائط في كتب الفقه لا مجال لطرحها هنا.

أكل مال اليتيم

من الذنوب الكبيرة: أكل مال اليتيم، يقول سبحانه وتعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا"(4).
ويقول تعالى: "وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ"(5)، أي في حال صغرهم أنفقوا عليهم ولا تضيقوا، وبعد بلوغهم ورشدهم سلموها لهم.
ويقول جلَّ وعلا: "وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً"(6).
إذاً يجب التجنُّب عن ظلم اليتامى ومخافة الله في ذلك، ومن كان يخاف الضياع والظلم على أولاده بعد موته يجب عليه أن يخاف الله في يتامى الناس ولا يظلمهم.

الإحسان لليتيم

كما أنَّ لظلم اليتيم عقوبات دنيوية وأخروية، كذلك الإحسان لليتيم له أجر دنيوي وأخروي، خصوصاً في حفظ اليتامى وتكفلهم، وبذلك روايات عديدة نشير إلى بعضها:
عن الإمام الصادق عليه السلام: "من كفل يتيماً أوجب الله له الجنة كما أوجب جهنم على آكل ماله"(7).
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة إذا لقي الله تعالى، وأشار بالسبّابة والوسطى"
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله: "لا يلي أحدكم يتيماً فيحسن ولايته ووضع يده على رأسه إلا كتب الله له بكل شعرة حسنة، ومحا بكل شعرة سيئة ورفع له بكل شعرة درجة".
وعنه صلى الله عليه وآله: "إذا بكى اليتيم اهتز لبكائه العرش، فيقول الله تعالى: يا ملائكتي هذا اليتيم الذي غُيِّب أبوه في التراب، فيقول الملائكة أنت أعلم، فيقول الله تعالى يا ملائكتي إني أشهدكم أنَّ لمن أسكته وأرضاه أن أرضيه يوم القيامة".
ومن آثار مسح رأس اليتيم باليد من باب الترحم زوال مرض قساوة القلب كما ذكر ذلك في عدة من الروايات.

البخس في المكيال والوزن

من كبائر الذنوب بخس المكيال والميزان، ولقد أكد القرآن الكريم مراراً على ضرورة الوزن للناس بالقسطاس، وحذر من البخس والتطفيف في الميزان حتى أنَّه اعتبر ذلك في موضع، مرادفاً لنظام الخلق في عالم الوجود، حيث نقرأ في الآيتين من سورة الرحمن، قوله تعالى: "وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ *وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ" والآية تشير إلى أنَّ مسألة بخس الناس والتطفيف في الميزان ليست مسألة صغيرة، بل هي كبيرة وتدخل في صحيح أصول العدالة والنظام المهيمن على عالم الوجود برمّته.
في مكان آخر، يهدد القرآن المطففين، بقوله كما في سورة المطففين: "وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ".
بعض الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن كانوا يحاربون التطفيف بعد محاربة الشرك مباشرة، كما حصل لشعيب مع قومه، ولمَّا لم يلتفتوا إلى تعليمات نبيهم نالهم العذاب الأليم.
وعادة فإن الحق والعدل والنظام والحساب، كلُّ هذه الأمور تعتبر أصولاً أساسية للحياة، بل وتدخل في نظام الوجود والخلق، لذلك فابتعاد الناس عن هذا الأصل، خصوصاً بالنسبة لبخس الكيل والتطفيف في الميزان يؤدي إلى انزال ضربة شديدة بالثقة التي تعتبر جوهر استقرار التعامل الاقتصادي بين الناس.
وينبغي أن يلاحَظ هنا أنَّ الذين يخلون بالميزان ويطففون الكيل مسؤولون أمام من خانوه مسؤولية حقوقية، لذلك فإنَّ توبتهم لا تكتمل إلّا بردِّ الحقوق المغصوبة إلى أهلها، وإذا تعذر عليهم ذلك، فينبغي لهم اعطاء ما يساويها إلى الفقراء المساكين بعنوان ردِّ المظالم عن الأصحاب الحقيقيين.

الأحاديث الشريفة حول التطفيف

1ـ عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "ما نقض قوم العهد إلا سلّط الله عليهم دعوّهم، وما حكموا بغيرما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، وما ظهرت الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات، وأخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حُبس عنهم القطر"(8).
2ـ نصيحة أمير المؤمنين عليه السلام: حين كان أمير المؤمنين عليه السلام يفرغ من إدارة الحكومة يأتي إلى سوق الكوفة ويقول: "يا أيها الناس اتقوا الله وأوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين".

حبس الحقوق من غير عذر

من الذنوب الكبيرة والتي تدخل في عنوان أكل السحت، حبس الحقوق من غير عذر، يعني إذا كان لأحد حق في ذمة الغير وطالبه بحقه، وكان ذلك الشخص قادراً، ومع ذلك لم يؤدِّ الحق، فإنه بذلك يرتكب ذنباً كبيراً.
فعن الإمام الرضا عليه السلام في تعداده للذنوب الكبيرة: "وحبس الحقوق من غير عسر"(9).
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "من حبس حق المؤمن أقامه الله يوم القيامة خمسمائة عام على رجليه حتى تسيل عرقه أو دمه وينادي مناد من عند الله، هذا الظالم الذي حبسوا عن الله حقه".
عنه عليه السلام: "فيوبّخ أربعين يوماً ثم يؤمر به إلى النار".
وعنه عليه السلام:" إذا كان يوم القيامة ناد منادٍ: أين الصَدود لأوليائي؟ فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم، فيقال: هؤلاء الذين آذوا المؤمنين ونصبوا لهم وعاندوهم وعنّفوهم في دينهم ثم يؤمر بهم إلى جهنم... كانوا والله الذين يقولون بقولهم ولكنهم حبسوا حقوقهم وأذاعوا عليهم سرهم".
وعنه عليه السلام: "أيّما مؤمن حبس مؤمناً عن ماله وهو يحتاج إليه لم يذق والله من طعام الجنة، ولا يشرب من الرحيق المختوم".
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: "أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم ولا مال ولا متاع له، قال صلى الله عليه وآله: إن المفلس من أمتي من أتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وحج ويأتي قد شتم هذا، وأكل مال هذا، وهتك دم هذا، وضرب هذا، فيؤتى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياه عليه ثم يطرح في النار".

القرض

ثواب إعطاء القرض وعقاب تركه
عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "من أقرض مؤمناً قرضاً ينظر به ميسوره كان ماله في يده زكاة، وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه"(10).
ينبغي أن يكون للمقترض قصد إرجاع المال للمقرض، فالذي لا يتمكن من أداء الدين، ينبغي أن لا يتورط بالاستدانة، حتى لا يتهم بالكذب، وعدم الأمانة.
عن الإمام الصادق عليه السلام: "من استدان ديناً فلم ينوِ قضاءه كان بمنزلة السارق".

يجب إمهال المدين العاجز

إذا لم يكن المقترض قادراً على أداء دينه حتى ببيع ما يزيد عن حاجته من أمواله وجب على الدائن إعطاؤه مهلة حتى يدفع إليه عند التمكن، ويحرم عليه مطالبته وإيقاعه في المشقة والحرج، كما يقول تعالى: "وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"(11).
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "إياكم وإعسار أحد من إخوانكم المسلمين أن تعسروه بشي‌ء يكون لكم قبله وهو معسر، فإنَّ أبانا رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول: ليس لمسلم أن يعسر مسلماً، ومن أنظر معسراً أظلّه الله يوم القيامة بظلّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه".

لا بد من وفاء الدين أو القرض

عن الإمام الباقر عليه السلام: "أول قطرة من دم الشهيد كفارة لذنوبه إلا الدين فإنَّ كفارته قضاؤه"(12).
ويكفي دليلاً على ذلك ما ورد من أنَّ رجلاً من الأنصار مات وعليه ديناران ديناً، فلم يصلِّ عليه النبي صلى الله عليه وآله وقال: صلّوا على صاحبكم حتى ضمنها عنه بعض قرابته.

عدم رد الدين ظلم للمسلمين

وعن النبي صلى الله عليه وآله: "مطل المسلم الموسر ظُلم للمسلمين"(13).
أمَّا أنَّه ظلم لشخص الدائن فذلك واضح، وأمَّا أنَّه ظلم لسائر المسلمين فلعله من جهة أنَّه يكون سبباً في أن لا يقرض باقي المسلمين خوفاً من التساهل في أداء الدين.
وبعبارة أخرى: إنَّ التساهل والتسامح في أداء الدين مع وجود القدرة يسدُّ باب الخير والمعروف، فلا يجرؤ بعد ذلك أحد على أن يقرض الآخر، في حين أنَّ القرض من أكبر الخيرات.
فعن الإمام الصادق عليه السلام: "لعن الله قاطعي سبيل المعروف، وهو الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره فيمنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره"(14).

قصة لطيفة

جاء في كتاب (دار السلام) للمحقق النوري: عن السيد حسن بن السيد علي الأصفهاني أنه قال: كنت مشغولاً بطلب العلم في النجف الأشرف حين مات أبي، وتعهد بأعمال أبي بعض أخوتي، ولم يكن لي علم بتفاصيلها، وبعد مضي سبعة شهور من وفاته توفيت أمي في أصفهان، وحملوا جنازتها إلى النجف الأشرف، وفي ليلة من تلك الليالي رأيت والدي في المنام فقلت له: إنك توفيت في أصفهان وأنت الآن في النجف الأشرف، فقال بلى. بعد وفاتي نقلوني إلى هذا المكان، فسألته عن والدتي قريبة منك؟ فقال هي في النجف ولكن في مكان آخر، وعلمت أنها ليست بدرجة أبي فسألته عن حاله فقال:
كنت في الضيق والشدة والآن ارتحت منها فتعجبت وقلت: هل مثلك من يعذب؟ فقال: نعم، إن الحاج رضا كان له عليّ دين وكان يطالبني به لذا كنت في شدّة.
يقول السيد حسن الأصفهاني: فاستيقظت فزعاً، وكتبت رؤياي لأخي الذي كان وصياً لوالدي وطلبت منه التحقيق في ذلك، فكتب لي في الجواب: إنني فتشت في دفاتر ديون والدي فلم أجد اسم حاج رضا، فكتبت إليه: إجهد أن تعرف ذلك الشخص ثم تسأله ما إذا كان يطلب والدي؟
فكتب لي في الجواب: سألته: فقال: نعم كنت أطلب والدك ولم يكن يعلم بذلك أحد إلا الله وقد سألتك بعد وفاته هل يوجد اسمي في سجل الدائنين فقلت لا، ولم يكن لديّ سند استند إليه في ذلك الدين، ولم يكن لي طريق لإثباته.
لما سمعت ذلك أردت أن أدفع له ذلك المبلغ فلم يقبل وقال قد أبرأت ذمته.
تأمل أيها المؤمن في هذا الحديث: عن الإمام الباقرعليه السلام:
"الظلم ثلاثة، ظلم يغفره الله، وظلم لا يغفره، وظلم لا يدعه الله، فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك، وأما الظلم الذي يغفره الله فظلم الرجل فيما بينه وبين الله، وأما الظلم الذي لا يدعه فالمداينة بين العباد"(14).
المصادر :
1- الذنوب الكبيرة، دستغيب، ج‌1، ص‌369.
2- ميزان الحكمة، ري شهري، مج‌4، ص‌452.
3- المائدة: 38.
4- النساء: 10.
5- النساء: 2.
6- النساء: 9.
7- الذنوب الكبيرة، دستغيب، ص‌187.
8- الذنوب الكبيرة، دستغيب، ج‌1، ص‌384.
9- الذنوب الكبيرة، دستغيب، ج‌1، ص‌9.
10- الذنوب الكبيرة، دستغيب، ج‌2، ص‌16.
11- البقرة: 280.
12- الذنوب الكبيرة، دستغيب، ج‌2، ص‌18.
13- ن.م، ص‌15.
14- الذنوب الكبيرة، دستغيب، ج‌2، ص‌15.
15- الذنوب الكبيرة، دستغيب، ج‌2، ص‌22


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السيد محمد قلي اللكهنوي
الألفة والحبّ
عندما تتعب الروح ما هو العلاج؟
آية الله الآصفي: من سمع مظلوما يستغيث فلم يغثه ...
تربية الأطفال بين الهدف والوسيلة
زيارة عاشُوراء غَير المشهُورة
تأثير التلفزيون على الأطفال
ماذا يحب الرجل في المرأه ..
دعوة للتكامل مع الاحتفاظ بخصوصية الآخر
خصائص الأسرة المسلمة

 
user comment