روي أن رجلا وافى أمير المؤمنين (عليه السلام)فقال له يا أمير المؤمنين خذ حد الله من جنى فقال له أمير المؤمنين ما ذا صنعت فقال لطت بغلام فقال له أمير المؤمنين لم توقب قال بل أوقبت يا أمير المؤمنين فقال له اختر واحدا من ثلاث ضربا بالسيف و أخذ السيف منك ما أخذ أو هدم جدار عليك أو حرقا بالنار فقال يا أمير المؤمنين و أيها أشد تمحيصا لذنوبي فقال (عليه السلام)الحرق بالنار فقال إني قد اخترته فنادى أمير المؤمنين بقنبر و قال أضرم له نارا فقال يا أمير المؤمنين أ تأذن لي أن أصلي ركعتين و أحسن قال (عليه السلام)صل فتوضأ و أسبغ ثم صلى ركعتين و أحسن فلما فرغ من صلاته سجد سجدة الشكر و جعل يبكي و يقول في سجوده و يدعو اللهم إني عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك مذنب خاطئ ارتكبت من ذنوبي كيت و كيت و قد أتيت حجتك في أرضك و خليفتك في بلادك و كشفت له عن ذنبي فعرفني أن تمحيصي في إحدى ثلاث خصال ضربي بالسيف أو هدم جدار علي أو حرقي بالنار و قد سألته عن أشدها تمحيصا لذنبي فعرفني أنه الحرق بالنار اللهم و إني قد اخترته فصل على محمد و آل محمد و اجعله تمحيصا لي من النار قال فبكى أمير المؤمنين ثم التفت إلى أصحابه و قال من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فينظر إلى هذا ثم قال قم يا هذا الرجل قد غفر الله لك ذنبك و درأ عنك الحد فقال له أصحابه يا أمير المؤمنين فحد الله في جنبه لا تقيمه فقال (عليه السلام)الحد الذي عليه لله سبحانه هو إلى الإمام إن شاء أقامه و إن شاء وهبه .
مرفوعا إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال كنت جالسا عند النبي المكرم (صلی الله عليه وآله وسلم)إذ دخل العباس بن عبد المطلب فسلم فرد النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)عليه و رحب به فقال يا رسول الله بم فضل علينا علي بن أبي طالب (عليه السلام)أهل البيت و المعادن واحدة فقال له النبي المكرم إذا أخبرك يا عم إن الله تبارك و تعالى خلقني و خلق عليا و لا سماء و لا أرض و لا جنة و لا نار و لا لوح و لا قلم و لما أراد الله تعالى بدو خلقنا فتكلم بكلمة فكانت نورا ثم تكلم بكلمة ثانية فكانت روحا فمزج فيما بينهما فاعتدلا فخلقني و عليا منهما ثم فتق من نوري نور العرش فأنا أجل من نور العرش ثم فتق من نور علي نور السماوات فعلي أجل من نور السماوات ثم فتق من نور الحسن (عليه السلام)نور الشمس و من نور الحسين (عليه السلام)نور القمر فهما أجل من نور الشمس و من نور القمر و كانت الملائكة تسبح الله و تقدسه و تقول في تسبيحها سبوح قدوس من أنوار ما أكرمها على الله تعالى .
فلما أراد الله جل جلاله أن يبلو الملائكة أرسل عليهم سحابا من ظلمة فكانت الملائكة لا ينظر أولها من آخرها و لا آخرها من أولها فقالت الملائكة إلهنا و سيدنا منذ خلقنا ما رأينا مثل ما نحن فيه فنسألك بحق هذه الأنوار إلا ما كشفت عنا فقال الله تبارك و تعالى و عزتي و جلالي لأفعلن فخلق نور فاطمة (عليه السلام)يومئذ كالقنديل و علقه في قرط العرش فزهرت السماوات السبع و الأرضون السبع و من أجل ذلك سميت فاطمة الزهراء و كانت الملائكة تسبح الله و تقدسه فقال الله عز و جل و عزتي و جلالي لأجعلن ثواب تسبيحكم و تقديسكم إلى يوم القيامة لمحبي هذه المرأة و أبيها و بعلها و بنيها .
قال سلمان فخرج العباس فلقيه أمير المؤمنين (عليه السلام)فضمه إلى صدره فقبل ما بين عينيه فقال بأبي عترة المصطفى من أهل بيت ما أكرمكم على الله يرفعه إلى أبي ذر رض قال سمعت رسول الله يقول افتخر إسرافيل على جبرائيل فقال أنا خير منك قال و لم أنت خير مني قال لأني صاحب الثمانية حملة العرش و أنا صاحب النفخة في الصور و أنا أقرب الملائكة إلى الله عز و جل قال جبرائيل (عليه السلام)أنا خير منك فقال بما أنت خير مني قال لأني أمين الله عز و جل على وحيه و أنا رسوله إلى الأنبياء (عليه السلام)و أنا صاحب الكسوف و الخسوف و ما أهلك الله عز و جل أمة من الأمم إلا على يدي فاختصما إلى الله جل و علا فأوحى الله عز و جل إليهما أن اسكنا فو عزتي و جلالي لقد خلقت من هو خير منكما قالا يا رب أ و تخلق من هو خير منا و نحن خلقنا من نور الله عز و جل قال الله تبارك و تعالى نعم و أومأ إلى القدرة أن انكشفي فانكشفت فإذا على ساق العرش الأيمن مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليه السلام)أحباء الله فقال جبرائيل (عليه السلام)يا رب فإني أسألك بحقهم عليك إلا جعلتني خادمهم قال الله تبارك و تعالى قد فعلت فجبرائيل (عليه السلام)من أهل البيت و إنه لخادمنا .
يرفعه إلى محمد بن ثابت قال قال رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)لعلي (عليه السلام)و أنا رسول الله و المبلغ عنه و أنت وجه الله و المؤتم به فلا نظير لي إلا أنت و لا مثلك إلا أنا صلوات الله عليهما .
و بهذا الإسناد روي قال رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)لعلي (عليه السلام)يا علي إن الله تبارك و تعالى خلقني و إياك من نوره الأعظم ثم رش من نورنا على جميع الأنوار من بعدي خلقه لها فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلينا و من أخطأه ذلك النور ضل عنا ثم قرأ وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُور يهتدي إلى نورنا .
و روي مسندا إلى رسول الله أنه قال نحن أهل البيت لا يقابل بنا أحد من عادانا فقد عادى الله و من والانا و ائتم بنا و قبل منا ما أوحى الله تبارك و تعالى إلينا و علمنا الله إياه و أطاع الله فينا فقد والى الله و نحن خير البرية و ولدنا منا و من أنفسنا و شيعتنا معنا من آذاهم آذانا و كان من أهل النار و من أكرمهم أكرمنا و كان من أهل الجنة .
يرفعه إلى محمد بن زياد فقال سأل ابن مهروان عبد الله بن عباس في تفسير قوله تعالى وَ إِنّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ قال كنا عند رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم فأقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)فلما رآه النبي المكرم تبسم في وجهه و قال مرحبا بمن خلقه الله تبارك و تعالى قبل كل شيء خلقني الله و عليا قبل أن يخلق آدم (عليه السلام)بأربعين ألف عام فقلت يا رسول الله كان الابن قبل الأب فقال نعم إن الله تبارك و تعالى خلقني و خلق عليا قبل أن يخلق آدم بهذه المدة و خلق نورا فقسمه نصفين خلقني من نصف و خلق عليا من النصف الآخر قبل الأشياء فنورها من نوري و نور علي ثم جعلنا عن يمين العرش ثم خلق الملائكة فسبحنا و سبحت الملائكة و هللنا و هللت الملائكة و كبرنا و كبرت الملائكة و كان ذلك من تعليمي و تعليم علي (عليه السلام).
و كان في علم الله السابق أن لا يدخل النار محب لي و لعلي و كذا كان في علمه أن لا يدخل الجنة مبغض لي و لعلي ألا و إن الله عز و جل خلق الملائكة بأيديهم أباريق من اللجين مملوءة من ماء الجنة من الفردوس فما أحد من شيعة علي إلا و هو طاهر الوالدين تقي نقي مؤمن بالله فإذا أراد أحدهم أن يواقع أهله جاء ملك من الملائكة الذين بأيديهم أباريق الجنة فطرح من ذلك الماء في إنائه الذي يشرب فيه فيشرب ذلك الماء فنبت الإيمان في قلبه كما ينبت الزرع فهم على بينة من ربهم و من نبيهم و من وصيي و وصيي علي بن أبي طالب و من ابنتي الزهراء ثم الحسن ثم الحسين ثم الأئمة من ولد الحسين صلوات الله عليهم أجمعين قلت يا رسول الله كم هم قال أحد عشر أبوهم علي بن أبي طالب ثم قال النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)الحمد لله الذي جعل محبة علي و الإيمان سببين .
مرفوعا إلى مسعدة قال كنت عند مولاي الصادق إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى ظهره متكئا على عصاه فسلم عليه فرد (عليه السلام)قال الشيخ يا ابن رسول الله ناولني يدك لأقبلها فأعطاه يده فقبلها ثم بكى فقال أبو عبد الله (عليه السلام)و ما يبكيك يا شيخ فقال جعلت فداك أقمت أنتظر على قائمكم منذ مائة سنة أقول هذا الشهر و هذا الشهر و هذه السنة و هذه السنة و قد كبر سني و دق عظمي و اقترب أجلي و لا أرى فيكم ما أحب أراكم مقتولين مشردين و أرى أعداءكم تطير بالأجنحة فكيف لا أبكي فدمعت عينا أبي عبد الله (عليه السلام)ثم قال يا شيخ إن أبقاك الله حتى ترى قائمنا كنت في السنام الأعلى و إن حلت بك المنية جئت يوم القيامة مع ثقل محمد فإنه (صلی الله عليه وآله وسلم)قال إني مخلف فيكم الثقلين فتمسكوا بهما فلن تضلوا كتاب الله و عترتي أهل بيتي فقال الشيخ إذا لا أبالي بعد ما سمعت هذا الخبر ثم قال الشيخ يا سيدي بعضكم أفضل من بعض قال لا نحن في الفضل سواء و لكن بعضنا أعلم من بعض ثم قال يا شيخ ألا إن شيعتنا يقعون في فتنة و حيرة في غيبته و هناك ثبت على هداه المختصون اللهم أعنهم على ذلك .
مرفوعا إلى محمد بن يعقوب النهشلي قال حدثني الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)عن آبائه الكرام (عليه السلام)عن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)عن جبرائيل عن ميكائيل عن إسرافيل عن الله تبارك و تعالى قال أنا الله الذي لا إله إلا أنا خالق بقدرتي اخترت منهم من شئت نبيا و اخترت من جميعهم محمدا حبيبا و خليلا و صفيا فبعثته رسولا إلى سائر خلقي و جعلته سيدهم و خيرهم و أحبهم إلي و اصطفيت عليا فجعلته أخا له و وزيرا و وصيا و مؤديا بعده إلى خلقي و خليفته على عبادي يبين لهم كتابي و يسير فيهم بحجتي و جعلته العلم الهادي من الضلالة بأبي الذي أوتي منه بيتي الذي دخله كان آمنا من ناري و حصني الذي لجأ إليه حصنته به من مكروه الدنيا و الآخرة و وجهي الذي توجه به لم أصرف وجهي عنه و حجتي في أهل السماوات و الأرض على جميع من فيهن من خلقي لا أقبل عمل عامل منهم إلا بالإقرار بولايته مع نبوة أحمد فهو يدي المبسوطة على عبادي و عيني الناظرة إلى خلقي بالرحمة و هو النعمة التي أنعمت بها على من أحببت من عبادي فمن أحبه و تولاه أنعمت عليه بولايته و معرفته فو عزتي و جلالي أقسمت أنه لا يتولاه أحد من عبادي إلا حرمت عليه النار و أدخلته الجنة و لا يبغضه أحد من عبادي أو عدل عن ولايته عنه إلا أبغضته و أدخلته النار .
يرفعه إلى الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)قال حدثني أبي جعفر عن أبيه الباقر (عليه السلام)قال حدثني أبي علي قال حدثني أبي الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)قال بينما أصحاب رسول الله جلوس في مسجده بعد وفاته يتذاكرون فضله إذ دخل علينا حبر من أحبار اليهود من أهل الشام قد قرأ التوراة و الإنجيل و الزبور و صحف إبراهيم و الأنبياء و عرف دلائلهم فسلم علينا و جلس و لبث هنيئة ثم قال يا أمة محمد ما تركتم لنبي درجة و لا لمرسل فضيلة إلا و قد نحلتموها لمحمد نبيكم فهل عندكم جواب إن أنا سألتكم فقال له أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)سل يا أخا اليهود ما أحببت فإني أجيبك عن كل ما تسأل بعون الله و مشيئته فو الله ما أعطى الله عز و جل نبيا و لا مرسلا درجة و لا فضيلة إلا و قد جمعها لمحمد (صلی الله عليه وآله وسلم)و زاده على الأنبياء و المرسلين أضعافا مضاعفة و لقد كان رسول الله إذا ذكر لنفسه فضيلة قال و لا فخر و أنا أذكر لك اليوم من فضائله من غير ازدراء مني على أحد من الأنبياء ما يقر الله به أعين المؤمنين شكرا لله على ما أعطى محمدا و زاده عليهم الآن فاعلم يا أخا اليهود أنه كان من فضله (صلی الله عليه وآله وسلم)عند ربه تبارك و تعالى و شرفه ما أوجب المغفرة و العفو لمن خفض الصوت عنده فقال جل ثناؤه في كتابه إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ ثم قرن طاعته بطاعته فقال مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ ثم قربه من قلوب المؤمنين و حببه إليهم و كان يقول (صلی الله عليه وآله وسلم)خالط حبي دماء أمتي فإنهم يؤثروني على الآباء و الأمهات و على أنفسهم و لقد كان أرحم الناس و أرأفهم فقال الله تبارك و تعالى لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ و قال الله عز و جل النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ و أزواجه أمهاتهم و الله لقد بلغ من فضله (صلی الله عليه وآله وسلم)في الدنيا و من فضله في الآخرة ما تقصر عنه الصفات و لكن أخبرك بما يحمله قلبك و لا يدفعه عقلك و لا تنكره بعلم إن كان عنده فقد بلغ من فضله أن أهل النار يهتفون و يصرخون بأصواتهم ندما أن لا يكونوا قد أجابوه في الدنيا فقال الله عز و جل يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النّارِ فيقولون يا ليتنا أطعنا الله و أطعنا الرسول و قد ذكر الله تعالى الرسل فبدأ به و هو آخرهم لكرامته ص فقال جل ثناؤه وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوح و قال إِنّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوح وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ و النبيون قبله فبدأ به (صلی الله عليه وآله وسلم)و هو آخرهم و لقد فضله على جميع الأمم فقال عز من قائل كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فقال اليهودي إن آدم (عليه السلام)أسجد الله الملائكة له فهل فضل لمحمد (صلی الله عليه وآله وسلم)بمثل ذلك فقال علي (عليه السلام)قد كان ذلك و لئن أسجد الله عز و جل لآدم ملائكته فإن ذلك لما أودع الله عز و جل صلبه من الأنوار و الشرف إذ كان هو الوعاء و لم يكن سجودهم عبادة له و إنما كان سجودهم طاعة لأمر الله و تكرمة و تحية مثل السلام من الإنسان على الإنسان و اعترافا لآدم بالفضيلة و لقد أعطى محمدا أفضل من ذلك و هو أن الله تعالى صلى عليه و أمر ملائكته أن يصلوا عليه و أمر جميع خلقه بالصلاة عليه إلى يوم القيامة فقال جل ثناؤه إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً فلا يصلي عليه في حياته أحد و بعد وفاته إلا صلى الله عليه بذلك عشرا و أعطاه من الحسنات عشرا بكل صلاة صلى عليه و لا أحد يصلي عليه بعد وفاته إلا و هو يعلم بذلك و يرد على المصلي و المسلم مثل ذلك إن الله تعالى جعل دعاء أمته فيما يسألون ربهم جل ثناؤه مرفوعا من إجابته حتى يصلوا فيه عليه (صلی الله عليه وآله وسلم)فهذا أكبر و أعظم مما أعطى الله تبارك و تعالى لآدم (عليه السلام).
و لقد أنطق الله تعالى صم الصخور و الشجر بالسلام و التحية له و كنا نمر معه فلا يمر بعشب و لا شجرة إلا قالت السلام عليك يا رسول الله تحية له و إقرارا لنبوته (صلی الله عليه وآله وسلم)و زاده الله تبارك و تعالى تكرمة بأخذ ميثاقه قبل النبيين و أخذ ميثاق النبيين بالتسليم و الرضا و التصديق له فقال جل ثناؤه وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوح وَ إِبْراهِيمَ أن آمنوا بي و برسولي قالوا آمنا و قال الله تعالى النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ و قال الله تبارك و تعالى وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ فلا يرفع رافع صوته بكلمة الإخلاص بشهادة أن لا إله إلا الله حتى يرفع صوته معها بأن محمدا رسول الله في الأذان و الإقامة و الصلاة و الأعياد و الجمع و مواقيت الحج و في كل خطبة حتى في خطبة النكاح و في الأدعية .
ثم ذكر اليهودي مناقب الأنبياء و أمير المؤمنين (عليه السلام)أثبت للنبي المكرم ما هو أعظم منها تركنا ذكرها طلبا للاختصار حتى وصل إلى أن قال اليهودي فإن الله تعالى ناجى موسى على طور سيناء بثلاث مائة و ثلاثة عشر كلمة مع كل كلمة يقول له يا موسى إني أنا الله فهل فعل بمحمد (صلی الله عليه وآله وسلم)شيئا من ذلك فقال علي (عليه السلام)لقد كان كذلك و محمد ناجاه الله تعالى فوق سبع سماوات رفعه عليهن فناجاه في موطنين أحدهما عند سدرة المنتهى و كان له هناك مقام محمود ثم عرج به حتى انتهى به إلى ساق العرش و قال الله تعالى دَنا فَتَدَلّى و دلي له رفرف أخضر غشي عليه نور عظيم حتى كان في دنوه كقاب قوسين أو أدنى و هو مقدار ما بين الحاجب إلى الحاجب و ناجاه بما ذكره الله تعالى في كتاب في سورة البقرة قال الله تعالى وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ .
و كانت هذه الآية قد عرضت على سائر الأمم من لدن آدم (عليه السلام)إلى مبعث النبي المعظم محمد فأبوا جميعا أن يقبلوها من ثقلها و قبلها محمد (صلی الله عليه وآله وسلم)و أمته فلما رأى الله تعالى منه و من أمته القبول خفف عنه ثقلها فقال الله تعالى لمحمد آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ثم إن الله تعالى تكرم على محمد و أشفق عليه من شديد الآية التي قبلها هو أمته فأجاب عن نفسه و أمته فقال وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ فقال الله تعالى لهم المغفرة و الجنة إذا فعلوا ذلك فقال النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)سَمِعْنا وَ أَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ يعني المرجع في الآخرة فأجابه سبحانه قد فعلت ذلك تباهي أمتك الأمم قد أوجبت لهم المغفرة ثم قال الله تعالى أما إذا قبلتها أنت و أمتك و قد كانت من قبل عرضتها على الأنبياء و الأمم فلم يقبلوها فحق علي أن أرفعها عن أمتك فقال الله تبارك و تعالى لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ من خير وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ من شر .
ثم ألهم الله تعالى نبيه (صلی الله عليه وآله وسلم)أن قال رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا فقال الله سبحانه لكرامتك يا محمد علي أن الأمم السابقة كانوا إذا نسوا ما ذكروا فتحت عليهم أبواب عذابي و قد رفعت ذلك عن أمتك فقال رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا يعني بالآصار الشدائد التي كانت على الأمم ممن كان قبل محمد فقال الله تعالى قد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة و ذلك إني جعلت على الأمم أن لا أقبل منهم فعلا إلا في بقاع من الأرض اخترتها لهم و إن بعدت و قد جعلت الأرض لك و لأمتك طهورا و مسجدا فهذه من الآصار و قد رفعتها عن أمتك و قد كانت في الأمم السالفة تحمل قربانها على أعناقها إلى بيت المقدس فمن قبلت ذلك منه أرسلت على قربانه نارا تأكله و إن لم أقبل ذلك منه رجع به مثبورا و قد جعلت قربان أمتك في بطون فقرائها و مساكينها فمن قبلت ذلك منه أضاعف له الثواب أضعافا مضاعفة و من لم أقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدنيا و قد رفعت ذلك عن أمتك و هي من الآصار التي كانت على الأمم السالفة و كانت الأمم السالفة مفروضا عليها صلواتها في كبد الليل و أنصاف النهار و هي من الشدائد التي كانت عليهم و قد رفعتها عن أمتك و قد فرضت عليهم صلواتهم في أطراف الليل و النهار في أوقات نشاطهم و كانت الأمم السالفة مفروضا عليهم خمسون صلاة في خمسين وقت و هي من الآصار التي كانت عليهم و قد رفعتها عن أمتك و كانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة واحدة و سيئتهم بسيئة واحدة و جعلت لأمتك الحسنة بعشر و السيئة بسيئة واحدة و كانت الأمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة لم تكتب له و إذا هم بسيئة كتبتها عليه و إن لم يعملها و قد رفعتها عن أمتك فإذا هم أحدهم بسيئة لم يعملها لم تكتب عليه و إذا هم بحسنة لم يعملها كتبت له حسنة و كانت الأمم السالفة إذا أذنبوا كتبت على أبوابهم و جعلت توبتهم من الذنب أن أحرم عليهم أحب الطعام إليهم و كانت الأمم السالفة يتوب أحدهم من الذنب الواحد المائة و المائتي سنة ثم لم أقبل توبته دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة و قد رفعت ذلك عن أمتك و إن الرجل من أمتك ليذنب المائة ثم يتوب و يندم طرفة عين فأغفر له ذلك كله و أقبل توبته و كانت الأمم السالفة إذا أصابهم أدنى نجس قرضوه من أجسادهم و قد جعلت الماء طهورا لأمتك من جميع الأنجاس و الصعيد في الأوقات و هذه من الآصار التي كانت عليهم و رفعتها عن أمتك .
قال رسول الله إذ قد فعلت ذلك بي فزدني فألهمه الله تبارك و تعالى أن قال رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ قال الله تعالى قد فعلت ذلك بأمتك و قد رفعت عنهم عظيم بلايا الأمم و ذلك حكمي في جميع الأمم أن لا أكلف نفسا فوق طاقتها قال وَ اعْفُ عَنّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا قال الله تعالى قد فعلت ذلك تباهي الأمم أمتك ثم قال فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ قال الله تعالى قد فعلت ذلك و جعلت أمتك يا أحمد كالشامة البيضاء في الثور الأسود هم القادرون و هم القاهرون يستخدمون و لا يخدمون لكرامتك علي و حق علي أن أظهر دينك على الأديان حتى لا يبقى في شرق الأرض و لا في غربها دين إلا دينك و يؤدون إلى أهل دينك الجزية و هم صاغرون وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى.
فهذا أعظم يا أخا اليهود من مناجاته لموسى (عليه السلام)على طور سيناء ثم زاد الله محمدا أن مثل النبيين فصلى بهم و هم خلفه يقتدون به و لقد عاين تلك الليلة الجنة و النار و عرج به إلى السماء و سلمت عليه الملائكة فهذا أكثر من ذلك .
قال اليهودي فإن الله تعالى ألقى على موسى محبة منه فقال له علي (عليه السلام)لقد كان كذلك و محمد (صلی الله عليه وآله وسلم)ألقى عليه منه محبة فسماه حبيبا و ذلك أن الله تبارك و تعالى أرى إبراهيم (عليه السلام)صورة محمد (صلی الله عليه وآله وسلم)و أمته فقال يا رب ما رأيت من أمم الأنبياء أنور من هذه الأمة فمن هذا فنودي هذا محمد حبيبي لا حبيب لي من خلقي غيره أحببته قبل أن أخلق سمائي و أرضي و سميته نبيا و أبوك آدم يومئذ من الطين ما أجريت فيه روحا و لقد ألقيت أنت معه في الذروة الأولى و أقسم بحياته في كتابه فقال الله تعالى لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ أي و حياتك يا محمد و كفى بهذا رفعة و شرفا من الله عز و جل و رتبة .
قال اليهودي فأخبرني بما فضل الله تعالى أمة محمد على سائر الأمم قال علي (عليه السلام)لقد فضل الله تبارك و تعالى أمته على سائر الأمم بأشياء كثيرة أنا أذكر لك منها قليلا من كثير من ذلك قول الله تبارك و تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ و من ذلك أنه إذا كان يوم القيامة و جمع الله الخلق في صعيد واحد سأل الله تعالى النبيين هل بلغتم فيقولون نعم فيسأل الأمم فيقولون ما جاءنا من بشير و لا نذير فيقول الله عز و جل و هو أعلم بذلك للنبيين من شهدائكم اليوم فيقولون محمد و أمته فيشهد لهم أمة محمد المصطفى (صلی الله عليه وآله وسلم)بالتبليغ و تصدق شهادتهم شهادة محمد (صلی الله عليه وآله وسلم)فيؤمنون عند ذلك و ذلك قول الله عز و جل لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً يقول يكون محمد عليكم شهيدا أنكم قد بلغتم الرسالة .
و منها أنه أول الناس حسابا و أسرعهم دخولا إلى الجنة قبل سائر الأمم كلها و منها أيضا أن الله عز و جل فرض عليهم في الليل و النهار خمس صلوات في خمسة أوقات اثنتان بالليل و ثلاث بالنهار ثم جعل هذه الخمس صلوات تعدل خمسين صلوات و جعلها كفارة خطاياهم فقال الله عز و جل إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ يقول صلوات الخمس تكفر الذنوب ما اجتنب العبد الكبائر .
و منها أيضا أن الله تعالى جعل لهم الحسنة الواحدة التي يهم بها العبد و لا يعملها حسنة واحدة يكتبها له فإن عملها كتبها له عشر حسنات و أمثالها إلى سبعمائة ضعف فصاعدا .
و منها أن الله عز و جل يدخل الجنة من هذه الأمة سبعين ألفا بغير حساب وجوههم مثل القمر ليلة البدر و الذين يلونهم على أشد كوكب في السماء هم أمناؤه و لا اختلاف بينهم و لا تباغض بينهم .
و منها أن القاتل منهم عمدا إن شاء أولياء الدم المقتول أن يقفوا عنه فعلوا ذلك و إن شاءوا قبلوا الدية و على أهل التوراة و هم أهل دينكم يقتل القاتل و لا يعفى عنه و لا تؤخذ منه دية قال الله تبارك و تعالى ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ رَحْمَةٌ .
و منها أن الله تعالى جعل فاتحة الكتاب نصفها لنفسه و نصفها لعبده قال الله تبارك و تعالى قسمت بيني و بين عبدي هذه السورة فإذا قال أحدهم الْحَمْدُ لِلّهِ فقد حمدني و إذا قال رَبِّ الْعالَمِينَ فقد عرفني و إذا قال الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فقد مدحني و إذا قال مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فقد أثنى علي و إذا قال إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ فقد صدق عبدي في عبادتي بعد ما سألني و بقية هذه السورة له .
و منها أن الله تبارك و تعالى بعث جبرائيل إلى النبي المكرم أن بشر أمتك بالزين و النساء و الرفعة و الكرامة و النضرة .
و منها أن الله عز و جل أباحهم صدقاتهم يأكلونها و يجعلونها في بطون فقرائهم يأكلون منها و يطعمون و كان صدقات من كان قبلهم من الأمم الماضين يحملونها إلى مكان قصي فيحرقونها بالنار و منها أن الله عز و جل جعل لهم الشفاعة خاصة دون الأمم و الله تبارك و تعالى يتجاوز عن ذنوبهم العظام بشفاعة نبيهم (علیه السلام).
و منها أنه يقال يوم القيامة الحامدون فتقدم أمة محمد (صلی الله عليه وآله وسلم)قبل الأمم و هو مكتوب أمة محمد هم الحامدون يحمدون الله تبارك و تعالى على كل منزلة يكبرونه على كل حال مناديهم في جوف السماء لهم دوي كدوي النحل .
و منها أن الله تبارك و تعالى لا يهلكهم بجوع و لا تجمعهم على ضلالة و لا يسلك عليهم عدو من غيرهم و لا يساخ ببيضتهم و جعل لهم الطاعون شهادة .
و منها أن الله عز و جل جعل لمن صلى منهم على نبيهم صلاة واحدة عشرة حسنات و محا عنه عشر سيئات و رد الله سبحانه عليه مثل صلاته على النبي المكرم (صلی الله عليه وآله وسلم).
و منها أنه جعلهم أزواجا ثلاثة أمما فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق بالخيرات و السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب و المقتصد يحاسب حسابا يسيرا و الظالم لنفسه مغفور له إن شاء الله تعالى .
و منها أن الله عز و جل جعل توبتهم الندم و الاستغفار و الترك للإصرار و كان توبة بني إسرائيل قتل أنفسهم و منها قول الله عز و جل لنبيه (صلی الله عليه وآله وسلم)أمتك هذه مرحومة عذابهم في الدنيا الزلزلة و الفقر .
و منها أن الله تبارك و تعالى يكتب للمريض الكبير من الحسنات على حسب ما كان يعمل في شبابه و صحته من عمل الخير يقول الله تبارك و تعالى لملائكته اكتبوا لعبدي مثل حسناته قبل ذلك ما دام في وثقي .
و منها أن الله عز و جل ألزم أمة محمد كلمة التقوى و جعل بدو الشفاعة لهم في الآخرة .
و منها أن النبي رأى في السماء ليلة عرج به إليها ملائكته قياما و ركوعا منذ خلقوا فقال يا جبرائيل هذه هي العبادة فقال جبرائيل صدقت يا محمد فاسأل الله ربك أن يعطيك القنوت و الركوع و السجود في صلواتهم فأعطاهم الله عز و جل ذلك فأمة محمد يقتدون بالملائكة الذين هم في السماء قال النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)إن اليهود يحسدونكم على صلاتكم و ركوعكم و سجودكم فالحمد لله الذي اختص أمة محمد بهذه الكرامة فبعث إليهم خير النبيين و وفقهم للاقتداء بالملائكة الذين هم في السماوات و نسخ بكتابهم كل كتاب نزل من السماء و جعله مهيمنا من الكتب و جعلهم يدخلون الجنة قبل سائر الأمم كلها كرامة من الله عز و جل و رحمة اختصهم بها .
المصدر :
ارشاد القلوب /الجزء الثاني ص 403 - 414
الشیخ ابو محمد الحسن بن محمد الدیلمی
source : rasekhoon