عربي
Saturday 16th of November 2024
0
نفر 0

في شكر الله تعالى

 في شكر الله تعالى

قال الله تعالى وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ و قال سبحانه لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ و قال وَ مَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ يريد به الجحود للنعمة و حقيقة الشكر الاعتراف بنعمة المنعم
و أوحى الله تعالى إلى داود اشكرني حق شكري فقال إلهي كيف أشكرك حق شكرك و شكري إياك نعمة منك فقال الآن شكرتني حق شكري و قال داود كيف كان آدم شكرك حق شكرك و قد جعلته أبا لأنبيائك و صفوتك و أسجدت له ملائكتك فقال إنه اعترف أن ذلك من عندي فكان اعترافه بذلك حق شكري
و ينبغي للعبد أن يشكر على البلاء كما يشكر من الرخاء
 و روي أن الله سبحانه قال يا داود إني خلقت الجنة لبنة من ذهب و لبنة

                         إرشادالقلوب ج : 1 ص : 123
من فضة و جعلت سقوفها الزمرد و طينها الياقوت و ترابها المسك الأذفر و أحجارها الدر و اللؤلؤ و سكانها الحور العين أ تدري يا داود لمن أعددت هذا قال لا و عزتك يا إلهي فقال هذا أعددته لقوم كانوا يعدون البلاء نعمة و الرخاء مصيبة
و لا شك أن البلاء من الأمراض و غيرها يوجب العوض على الألم و الثواب على الصبر عليه و يكفر السيئات و يذكر بالنعمة أيام الصحة و يحث على التوبة و الصدقة و هو اختيار الله تعالى للعبد و قد قال سبحانه وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
 و عن أبي الحسن موسى بن جعفر ع قال مثل المؤمن كمثل كفتي الميزان كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه ليلقى الله عز و جل و لا خطيئة له
و النعم قد يكون استدراجا فإنها توجب الشكر و الشكر أيضا نعمة يوجب الاعتراف بالتقصير و لا شك أن زيادة النعم و كثرتها ملهية عن الله تعالى و لهذا اختار لأوليائه و عباده الصالحين الفقر و حبس الدنيا عنهم
 لأنه قال في بعض وحيه و عزتي و جلالي لو لا حيائي من عبدي المؤمن ما تركت له خرقة يواري بها جسده و إني إذا أكملت إيمان عبدي المؤمن ابتليته بفقر الدنيا في ماله أو مرض في بدنه فإن هو جزع أضعفت ذلك عليه باهيت به ملائكتي و تمام الحديث و إني جعلت عليا ع علما للإيمان فمن أحبه و اتبعه كان هاديا و من تركه و أبغضه كان ضالا إنه لا يحبه إلا مؤمن و لا يبغضه إلا منافق
و من الشكر للنعمة أن لا يتقوى به أحد على معصية الله و شكر العوام على المطعم و الملبس و شكر الخاص على ما يختاره سبحانه من بأساء و ضراء و غيره
 و روي أن الصادق ع قال لشفيق كيف أنتم في بلادكم فقال بخير يا ابن رسول الله إن أعطينا شكرنا و إن منعنا صبرنا فقال له هكذا كلاب حجازنا يا شفيق فقال له كيف أقول قال له هلا كنتم إذا أعطيتم آثرتم و إذا منعتم شكرتم
و هذه درجته و درجة آبائه و أبنائه ع
 و روي أن سبب رفع إدريس إلى السماء أن ملكا بشره بالقبول و المغفرة فتمنى الحياة فقال له الملك لم تمنيت الحياة قال لأشكر الله تعالى فقد كانت حياتي لطلب القبول و هي الآن لبلوغ المأمول قال فبسط الملك جناحه‌

                         إرشادالقلوب ج : 1 ص : 124
و رفعه إلى السماء
و الشاكر يلاحظ المزيد لقوله تعالى لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ و الصابر يشاهد ثواب البلاء فهو مع الله لقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ فهو أعلى درجة و لهذا فضل معتقد البلوى نعمة على غيره
 و روي أن أول من يدخل الجنة الحامدون
و على كل حال فله الحمد على ما دفع و له الشكر على ما نفع.
 و روي أن الله تعالى أوحى إلى موسى ع فقال يا موسى أرحم عبادي المبتلى منهم و المعافى قال يا رب قد عرفت رحمة المبتلى فما بال المعافى قال لقلة شكره
و قوله تعالى وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها أي لا تقوموا بشكرها كلها و ذلك صحيح لأن في اللحظة الواحدة ينظر الإنسان نظرات لا تحصى و يسمع بأذنه حروفا لا تحصى و يتكلم بلسانه كلمات لا تحصى و تسكن منه عروق لا يعلم عددها و تتحرك منه عروق لا يعلم عددها و يتنفس بأنفاس لا تحصى و كذلك تتحرك جوارحه بحركات كثيرة فهذا في اللحظة الواحدة فكيف في يومه و سنته و طول عمره صدق الله العلي العظيم

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أدلّة القول بالتراخى :
الاعجاز العلمي واللغوي للبحر المسجور
الإيمان وعلامات المؤمن
حقوق الإخوان
صبر يوسف (عليه السّلام)
بأيّ حق ظلمتْ فاطمة
زيارة الامام جعفر الصادق (عليه السلام)
في شكر الله تعالى
آثار التوفيق ومعناه
في الدعاء

 
user comment