الماء والحرارة

المياه الجارية على‌ سطح الأرض تتبخر بفعل حرارة الشمس؛ فيتصاعد البخار فيصل إلى‌ الطبقات الباردة فيتحول سحاباً والسحاب‌
نظام العشره فى المنظور الاسلامى، ص: 28
ينزل مطراً، والكل يعلم لو لم يهطل المطر، ماذا سيحدث!
وهل تعلم انّه اذا لم تصل الحرارة بالدرجة اللازمة إلى‌ مياه سطح الأرض لا تُنزل السماء غيثها؟! ولو كانت المياه على‌ نمط بحيث تحتاج إلى‌ حرارة أشد من الحد الطبيعي للتبخير لما كان هناك مطر؟ واذا كان البخار الذي يتصاعد لم يقوَ على‌ ايصال نفسه إلى‌ الطبقات الباردة، لما هطل مطر؟ وان كان البخار الذي يصل إلى‌ الطبقات الباردة فاقداً لقابلية الانقباض فما حصل مطر؟ ولو ان السُحُب بقيت ناقصة ولم تبلغ مداها، فما كان مطر؟ ولو لم تجذب جاذبية الأرض قطرات المطر ولم تجرها نحوها، ما نزل مطر؟ وان لم تتوفر مئات أسباب أخرى‌ مؤثرة في المطر، فما كان مطر أيضاً «1».
وهذه تساؤلات تستحق التوقف عندها مليّاً!
الريح والمطر
أتدري مدى‌ أهمية الرياح لحياة الحيوانات والنباتات؟ وهل تعرف أيُّ نظام بديع يسود حركة الرياح في العالم؟
ان الرياح تصنع المطر ولو لم يكن هناك ريح لما وجد مطر؛ ان علماء الطبيعة يقولون: السحاب ظاهرة كهربائية والظواهر الكهربائية اذا كانت من شحنة واحدة، لدفع كل واحد منهما الآخر واذا كانت من نوعين فحينئذ يجذب كل منهما الآخر.
______________________________
 (1)- نشانه‌هايى از او (بالفارسية): السيد رضا الصدر: 41.
نظام العشره فى المنظور الاسلامى، ص: 29
من خواص الرياح هو انّه يجمع بين ظاهرتين كهربائيتين يؤديان إلى التجاذب ويتحقق الاتحاد الكهربائي، وعليه ان السبب الفاعل في تلاقح الظاهريتين الكهربائيتين اللتين ينتج منهما وليد يسمى‌ المطر؛ هو الرياح.
ولو لم تكن الرياح الموسمية التي تقبل من جهة المحيطات والتي تجري في المناطق الحارة، لزدادت الحياة صعوبة لشدة الحرفي تلك المناطق، فان الرياح تقضي على‌ ارتفاع درجة الحرارة وتهيى‌ء تلك المناطق لعيش الانسان ومن تلك المناطق هي شبه القارة الهندية التي تعد من المناطق الحارة الا انّه بفضل هبوب الرياح أصبحت تصلح للعيش.
إن الرياح البرية والبحرية التي تجري في كافة المناطق الحارة، جعلت الحياة في موانئها ممكنة.
وهناك رياح حارة تهب من المناطق الحارة وتجري إلى‌ المناطق الباردة وتُخفّض من حدّة برودتها.
إن أهل العلم يعرفون شدة الحرارة تحت خط الاستواء، وأنهم يعلمون بأنَّ حرارة الاستواء بطبيعتها تتصاعد، وبإزاء ذلك تُقبِل ريح باردة تسير بشكل مائل من القطبين الشمالي والجنوبي باتجاه المناطق الاستوائيّة فتجعلها صالحة للعيش.
إنَّ للرياح دور في تغيير وضع مطر المناطق، ففي اندنوسية وأمثالها جعلت الصيف فصلا للامطار في حين ان فصل الامطار في لبنان مثلًا هو الشتاء.
وأما في بعض المناطق- ولعل قطاع «دار شينغ» الهندي منها- يهطل‌
نظام العشره فى المنظور الاسلامى، ص: 30
المطر على مدار السنة فكمية المطر في دارسينغ يبلغ أحد عشر متراً في السنة! فاختلاف فصول هطول المطر على الأرض يؤدي إلى‌ تنوع أقسام النباتات لكي يستطيع الانسان أن يستمتع بها ويستفيد منها.
ففي حياة أكثر النباتات جانبان: جانب الانوثة وجانب الذكورة مثل الخنثى‌ (ذكر+/ انثى‌)، اذا لقحت النباتات تأتي بفاكهة جيدة ولو لم تلقح فتصبح فاكهتها رديئة.
فالتلقيح الذي يتم على‌ يد الانسان، يختص بالنخيل والأشجار المطعَّمة التي تقع موضع اهتمام الانسان، وهناك تلقيح آخر يحصل من طريق الريح بحيث تُلقّح انثى الأشجار بذكرها؛ بهذا يتضح انّه لو لم يتم التلقيح بالريح لما عثرنا على‌ فاكهة سليمة في العالم.
إن التلقيح بالريح يعمل في النخيل أيضاً وهو عبارة عن ان الريح ينتشل الذرات من ذكر الشجر ثم ينقلها إلى‌ انثاه؛ علماً بأن التلقيح يحصل من طريق الحشرات أيضاً.
ما أوردناه هو جانب واحد من خدمات الريح وان كانت خدماته تفوق بكثير ممّا ذكرناه.