عربي
Friday 3rd of May 2024
0
نفر 0

الإمام الكاظم عليه السلام علاّمة كل عصر

ـ روي عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى الكاظم (عليه السلام) قال: (دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال: (ما هذا؟ فقيل: علامة. فقال: وما العلامة في رأيكم؟ قالوا له: أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها، وأيام الجاهلية، والأشعار العربية. فقال (صلّى الله عليه وآله): ذاك علم لا يضر من جهله، ولا ينفع من علمه؛ ثم قال النبي (صلّى الله عليه وآله): إنما العلم ثلاثة:
الإمام الكاظم عليه السلام علاّمة كل عصر

ـ روي عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى الكاظم (عليه السلام) قال: (دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال: (ما هذا؟ فقيل: علامة. فقال: وما العلامة في رأيكم؟ قالوا له: أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها، وأيام الجاهلية، والأشعار العربية.
فقال (صلّى الله عليه وآله): ذاك علم لا يضر من جهله، ولا ينفع من علمه؛ ثم قال النبي (صلّى الله عليه وآله): إنما العلم ثلاثة:
2ـ آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنّة قائمة، وما خلاهنّ فهو فضل)(1).
ـ روى المجلسي عن الراوندي بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: لا خير في العيش إلا لمستمع واع، أو عالم ناطق)(2).
ـ وبهذا الإسناد قال:
3ـ (قال رسول اله (صلّى الله عليه وآله): أربع يلزم من كل ذي حجى وعقل من أمتي، قيل: يا رسول الله ما هي؟ قال:
1ـ استماع العلم. 2ـ وحفظه. 3ـ ونشره عنده أهله. 4ـ والعمل به.
ـ والآن ماذا عن أنواع العلم عند الناس.
قال الأربلي: قال ابن حمدون في تذكرته: قال موسى بن جعفر (عليه السلام): (وجدت علم الناس في أربع:
أولها: أن تعرف ربك ومفادها وجوب معرفة الله تعالى التي هي اللطف.
وثانيها: أن تعرف ما صنع بك من النعم التي يتعيّن عليك لأجلها الشكر والعبادة.
وثالثها: أن تعرف ما أراد منك: فيما أوجبه عليك وندبك إلى فعله لتفعله على الحد الذي أراده منك فتستحق بذلك الثواب.
ورابعها: أن تعرف ما يخرجك من دينك، وهي أن تعرف الشيء الذي يخرجك عن طاعة الله فتتجنّبه)(3).
ـ وعن موسى بن جعفر عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): سائلوا العلماء، وخالطوا الحكماء، وجالسوا الفقراء).
فسؤال العلماء توضيح وتصحيح، ومخالطة الحكماء غذاء للعقل وتوسع في المعرفة، ومجالسة الفقراء مؤانسة لهم ومشاركة في الإنسانية.
1ـ ففي الحديث الأول يوضح (عليه السلام) العلم الذي لا يضر من جهله، ولا ينفع من علمه: فعلم الأنساب، وعلم وقائع العرب، والأشعار العربية، كل هذه ليس فيها ما يبعث على غذاء الفكر، أو يزيد في حياة المسلمين الحضارية، أو يخلق تقدّماً وتطوّراً يساعدهم على النهوض في ركاب الحضارة الإنسانية. فهذه المعارف قلّل النبي (صلّى الله عليه وآله) من أهميتها ودعا إلى الاهتمام بسائر العلوم الأخرى لأنها لا تضر من جهلها ولا تنفع من علمها.
2ـ ثم بيّن (عليه السلام) العلم الأصيل الذي عليهم تعلمه فإنهم يجدونه في:
آية حكمة، أو فريضة عادلة أو سنّة قائمة. وهذا يعني التفقه في الدين ومعرفة الأحكام الشرعية، فقال لهم:
(تفقّهوا في دين الله، فإن الفقه مفتاح البصيرة، وتمام العبادة، والسبب إلى المنازل الرفيعة، والرتب الجليلة، في الدين والدنيا. وفضل الفقيه على العابد كفضل الشمس على الكواكب، ومن لم يتفقه في دينه لم يرض الله له عملاً..).
3ـ ثم وضّح (عليه السلام) طرق التعلم وكيفية الإفادة منه فحصرها في أربع:
أولاً: استماع العلم: فعلى المتعلم أن يصغي جيداً لما يسمعه من العالم لأن فنّ الاستماع هام كفنّ التعليم، ومن لم يسمع جيداً لا يستوعب جيداً.
ثانياً: الحفظ: وهو أمر ضروري لأن الذاكرة خزانة المعارف والعلوم فمن لا يحفظ لا يستطيع الإفادة ممّا تعلّمه.
ثالثاً: نشر العلم. ومن واجب العالم أن ينشر علمه ولا يبقيه محصوراً في صدره ذلك حتى يفيد به الآخرين. لأنّ العالم الذي يخزن علمه ويبخل به على سواه كالغني البخيل يخزن ماله فلا يفيد نفسه ولا يفيد غيره. لكن على العالم أيضاً أن يعرف أين ينشر علومه. عليه أن يضع الشيء في مواضعه، فلا ينشره إلا عند أهله. ذلك أن الماء يسقي به الزارع الأرض الخصبة وليس الأرض الرملية.
رابعاً: اقتران العلم بالعمل.
اقتران العلم بالعمل هو الغاية المرجوة. قال الدكتور زكي نجيب محمود في كتاب تجديد الفكر العربي: (من علامات هذا العصر المميزة أنه عصر العلم المقترن بالعمل والموصول أحدهما بالآخر. فإذا وجدت علماً مزعوماً لا يجيء بمثابة الخطة الدقيقة لعمل يؤدي فقل أنه ليس من العلم في شيء إلا باسم زائف).
لكن هذا الجديد المزعوم أعلنه أهل البيت (عليهم السلام) منذ أكثر من 1300 سنة.
العلم عند أهل البيت (عليهم السلام)
العلم بمعناه الشامل هو أن نعرف الشيء كما هو في حقيقته وواقعه ولا وزن لأي علم عند أهل البيت (عليهم السلام) إلا أن يجلب نفعاً، أو يدفع شرّاً تماماً كما قالوا عن العقل. لأن العلم عقل، والعالم هو العاقل. قال العالم والفيلسوف جابر بن حيّان تلميذ الإمام الصادق (عليه السلام): العقل والعلم والنور كلمات مترادفة.
فالعالم يعقل الأمور ويميز بين صحيحها وسقيمها ولا يستطيع أن يسكب علوماً بدون العقل، وبالعقل يتمكن العالم من كشف الأمور الغامضة وإخراجها من الظلام فيوضحها بنور عقله.
أما الجهل بالشيء مع العلم به هو أننا لا نتصوره إطلاقاً.
والجهل بالعلم هو تصور الشيء على غير ما هو عليه من حيث لا نحس ونشعر بالخطأ فنكون عندها بعيدين عن الواقع.
جاء في نهج البلاغة: (لا خير في علم لا ينفع) وجاء في سفينة البحار: عن الإمام الكاظم (عليه السلام): (أولى العلم بك ما لا يصلح لك العمل إلا به) والغاية من هذا أن الهدف من العلم إتقان العمل النافع.
قال الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله): (من أراد العمل منكم فليعلمه وليتقنه).
العلم أولاً والإتقان ثانياً؛ وهنا يكمن سر الفنون والفوارق بين المتعلمين. وإننا نجد الكثير من الناس من حصّلوا العلم ونالوا شهادات، لكن لم ينجحوا في حياتهم العملية. وهذا يعود إلى عدم إتقانهم العلوم التي حصّلوها. مثل الأطباء والمحامين والقضاة والأساتذة والمعلمين في المدارس والجامعات. فتحصل العلم شيء والفن في التعليم هو شيء آخر، المهم طريقة العطاء والأسلوب والعمل بلا علم ضرره أكثر من نفعه. قال بعض الحكماء: العمل بلا علم كشجرة بلا ثمر. وقال الإمام الصادق (عليه السلام):
(العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا تزيده سرعة السير إلا بعداً) فإذا كان العلم مرادفاً للنور فكيف لهذا الجاهل أن يستدل على طريقه وهو فاقد النور؟
وهنا نتذكر وصية الإمام الكاظم (عليه السلام) لهشام عندما قال له: يا هشام: (إن ضوء الجسد في عينه، فإن كان البصرمضيئاً استضاء الجسد كله، وإن ضوء الروح العقل، فإن كان العبد عاقلاً كان عالماً بربّه، وإن كان عالماً بربّه أبصر دينه، وإن كان جاهلاً بربّه لم يقم له دين، وكما لا يقوم الجسد إلا بالنفس الحيّة فكذلك لا يقوم الدين إلا بالنية الصادقة، ولا تثبت النية الصادقة إلا بالعقل.

صفات العالم الصحيح

جاء في أصول الكافي للشيخ العلامة الكليني تحت عنوان: المستأكل بعلمه: قال الإمام الصادق (عليه السلام): (أوحى الله إلى داود لا تجعل بيني وبينك عالماً مفتوناً بالدنيا، فيصدّك عن طريق محبتي، فإنّ أولئك قطاع طريق عبادي المريدين).
ومعنى ذلك إيّاك أن تركن إلى من يتخذ من عقله وعلمه خادماً مطيعاً لبلوغ أهوائه الشخصية ومطامعه الخاصة؛ لأنّه يقطع عليك الطريق إلى رحمتي ومرضاتي، وعلى كل من أراد الحق والعدل من عبادي.. ولا جزاء عند أهل البيت (عليهم السلام) لقاطع الطريق إلا القتل أو الصلب أو قطع اليد أو الرجل أو النفي، كما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى وفي كتاب وسائل الشيعة وغيره من المراجع الموثوقة من كتب الحديث والفقه لشيعة أهل البيت (عليهم السلام).
وقال أحد الحكماء: أسوأ الأزمان زمن نجد فيه العلماء على أبواب الحكام.
وفي كتاب أشعة من بلاغة الإمام الصادق (عليه السلام): (إن في جهنم رحى تطحن العلماء الفجرة). يعلق على هذا المقال الشيخ العلامة محمد جواد مغنية فيقول: (قال هذا قبل ظهور الآلة التي جعلت قوى الشر أعظم فتكاً وافتراساً لأرواح الأبرياء وأجسادهم، وأكثر نهباً واغتصاباً لحقوق الناس وارزاقهم! ثم يتابع رحمه الله:ولا أدري أي شيء كان يقول الإمام الصادق (عليه السلام) لو وجد في هذا العصر؟! وقد قرأ مقالاً في مجلة الهلال المصرية عدد تشرين الأول سنة 1972م بعنوان النبي والعلم جاء فيه:
(إن أعظم تكريم للعلم أن يكون أول أمر أنزله الله سبحانه على نبيه (صلّى الله عليه وآله) (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ)(4).
ونحن في حياتنا نرى كثيراً من القراءة، منها ما تكون باسم الله، وتكون في خدمة الإنسان.
ومنها ما تكون باسم التسلّط والهوى والاستعلاء الكاذب، والاستكبار. مثل قراءة إسرائيل في فلسطين ولبنان وسوريا والأرض العربية السليبة، وكقراءة أمريكا في أرض فيتنام.
كل ذلك علم وقراءة، ولكنها ليست باسم الله العلي العظيم بل باسم الشيطان الرجيم!!).

حدود العلم

العلم بحر واسع لا حدود له، يتجدد ويتطور يوماً بعد يوم. جاء في أصول الكافي عن الإمام الصادق (عليه السلام): (العلم يحدث يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة). ومعنى هذا أن لا حد له، وبذلك نطق العلم الحديث.
نشرت مجلة المعرفة السورية في العدد الثلاثين جاء فيه:
(إن التقدم العظيم الذي أحرزه علماء الطبيعة في أوائل القرن التاسع عشر ملأهم غروراً وخيلاء، وظنوا أنهم قد فرغوا من بناء صرح العلم.. حتى جاء القرن العشرين، فتبين أنهم كانوا في أول الطريق، وأن المسير بعيد وبلا نهاية).
وذلك ما من شيء إلا ويمكن أن يكون محلاً للبحث ظاهراً كان أم باطناً، ماضياً أم حاضراً، حتى الشيء الواحد يكون كل آن في شأن.
وقال سبحانه: (... وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)(5).
وقال عزّ وجلّ: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَ قَلِيلاً)(6).
وقال تعالى: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)(7).
وجاء في مستدرك نهج البلاغة أن الإمام علي أمير المؤمنين قال: (العلم أكثر من أن يحصى، فخذوا من كل شيء أحسنه).
والحقيقة أننا إذا أردنا إحصاء العلوم والمعارف التي عرفها الإنسان لا يمكننا حصرها تماماً فهي عديدة ومتنوعة في شتى الحياة الإنسانية. لكننا نستطيع أن نأخذ من كل علم أحسنه وافضله، وهذا يعود إلى ثقافة الإنسان وتعمقه في معارفه وحسن تحصيلها.

العلم والعمل

قيمة كل علم من العلوم تظهر نتائجها بالعمل، فالعلم ضروري وهام لكن الأهم التطبيق العملي ففيه تتبلور مهارة كل فرد من الافراد المتعلمين. وهذا يعود بلا ريب إلى المواهب الذاتية المخبؤة في الداخل فكم نجد من الأشخاص الموهوبين لكن الظروف لم تساعدهم على اظهار مواهبهم عملياً. وما نبغي إليه هو أن فائدة العلم مقرونة بالعمل.
قال الدكتور زكي نجيب محمود في كتاب تجديد الفكر العربي:
(من علامات هذا العصر المميزة أنه عصر العلم المقترن بالعمل والموصول أحدهما بالآخر. فإذا وجد علماً مزعوماً لا يجيء بمثابة الخطة الدقيقة لعمل يؤدي فقل إنه ليس من العلم في شيء إلا باسم زائف).
وهذا الجديد المزعوم جاء عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
قال الإمام علي (عليه السلام): (من علم عمل). وهو يشير إلى أن العمل يفتح آفاقاً جديدة لمعارف جديدة، وهذه المعارف الكريمة تخدم بدورها النشاط العملي. وهكذا تتم الدورة الحياتية. ومعنى هذا أن العلم لا حد له كما سلف القول.
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (من لم يصدق قوله عمله فليس بعالم...
العلم مقرون بالعمل فمن علم عمل، والعلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل).
وقال الفيلسوف الملا صدرا(8) في شرح أصول الكافي: (العلم والعمل كالروح والجسد يتصاحبان ويتكاملان معاً، وإن كان مرتبة من العلم تستدعي عملاً بحسبه، وكل عمل يهيئ لنوع آخر من العلم).
وكما ترى هكذا جمع أهل البيت (عليهم السلام) بين العلم النظري، والعلم العملي. بين الفكر واليد، في مركب واحد. وهل أفضل من إطاعة اليد للفكر؟ فكلما ازدادت الإطاعة بينهما كلما كان الإتقان والإبداع في الأعمال فالتوافق بين الفكر واليد يعني تقدماً حضارياً راقياً في جميع أنواع الفنون: العلمية والأدبية والفنية والاجتماعية.. كالطب والبناء وإعمار الأرض وجميع العلوم والمهن والمعارف..
فالعلم هو اكتساب المعرفة الصحيحة من مصادرها السليمة، والفن يكمن في إخراج هذه العلوم وكيفية تطبيقها عملياً. ولنا في تجارب العلماء أفضل مثل على ذلك. وهذه التجارب هي التي ينادي بها العلماء في العصر الراهن. فالفيلسوف وعالم الاجتماع الانكليزي (فرنسيس بيكون) هو ـ حسب ما يزعمون ـ هو أول من دعا صراحة إلى اتخاذ العلم سبيلاً للارتقاء بحياة الإنسان العملية!(9).
وكم من حقائق اكتشفها الأوائل من معين العلوم الأصل (كتاب الله) الكريم، ثم اشتهر بها الأواخر. حتى الذرة التي اكتشفها قبل اينشتين وماركوني العالم العربي الجلدكي صاحب كتاب: الشذور(10).
كما ورد في كتاب من هدي القرآن الكريم للأستاذ أمين الخولي نقلاً عن الكامل لابن الأثير: أن عالماً مسلماً لم يعلن عن اسمه (اكتشف محرقاً جديداً أقوى ما عرف، وقدمه لجيش صلاح الدين الأيوبي ـ وقد بلغت القلوب الحناجر ـ خوفاً من حشود الصليبيين، فأحرق ما تفنن به الأعداء من إقامة أبراج لم يكن لجيش المسلمين عليه من قوة. وما من شك كان لهذا الاختراع الوقع الحسن في نفوس المسلمين عامة. قدر صلاح الدين هذا العمل وبذل لصاحبه الأموال والأقطاع، فرفضها وقال له: إنما عملت هذا العمل لله ومن أجل مساعدة عباد الله من المسلمين، وهذا واجبي الشرعي، ولا أريد الجزاء إلا من الله تعالى ثم اختفى هذا الإنسان النبيل العظيم دون أن يحمل التاريخ عنه شيئاً حتى اسمه.
فكل ما يعرف عنه في المصادر التاريخية: إنسان من دمشق لا غير. وهذا هو العمل الشريف النبيل العمل في سبيل الله. حمل أئمة أهل البيت (عليهم السلام) مشعل النهضة العلمية في العالم الإسلامي، فأسسوا في حواضره معالم الحياة الفكرية، ودعوا المسلمين دعوات جادة تحمل طابع الإرشاد والتوجيه إلى الخير ليبنوا حياتهم الخاصة والاجتماعية على أساس من الوعي العلمي، وقد ملئت موسوعات الحديث والفقه بما أثر عنهم من أحاديث الترغيب في طلب العلم، عملاً يقول القرآن الكريم والرسول الأكرم محمد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله)، إن أول ما نزل الوحي على النبي (صلّى الله عليه وآله) نزل بآيات تدعو إلى التعلم وتطالبه بالقراءة. قال تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)(11).
ونجد القرآن الكريم بالإضافة إلى دعوته إلى التعليم وحضه على طلب العلم يبين درجات العلماء ويخاطب ذوي الألباب بقوله عزّ وجلّ:
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ)(12).
وقوله عزّ وجلّ: (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)(13).
والرسول الكريم وهو الأمين على دعوة ربه قال (صلّى الله عليه وآله): (طلب العلم فريضة على كل مسلم)(14).
وقد بين (عليه السلام) منزلة العلماء، وحث الأمة على احترامهم ومعرفة حقوقهم فقال (صلّى الله عليه وآله): (ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقّه)(15).
هذه لمحة سريعة عن موقف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لطلاب العلم وحاملي لواء التحرير من الجهل والضلال، وقد سار على مسيرته الأئمة المعصومون من أمير المؤمنين إلى ولده الحسن إلى أخيه الحسين إلى ابنه زين العابدين إلى ابنه الباقر إلى ابنه الصادق إلى ابنه الإمام موسى الكاظم عليهم جميعهم أفضل الصلاة وأزكى السلام.
عني الإمام موسى (عليه السلام) بهذه الدعوة الحضارية الخلاّقة فأمر جميع المسلمين بالجد على تحصيل العلم والتفقه في الدين، وحذّرهم من طلب بعض العلوم التي لا يستفيدون بها في تطوير حياتهم الفردية والاجتماعية.من هذه العلوم المفيدة لهم: الفقه الديني.
المصادر :
1- الكافي، ج1، ص32.
2- بحار الأنوار، ج1، ص168.
3- كشف الغمة، 2، ص255.
4- سورة العلق: الآية 3.
5- سورة يوسف: الآية 76.
6- سورة الإسراء: الآية 85.
7- سورة طه: الآية 114.
8- هو محمد بن إبراهيم الشيرازي الحكيم المعروف كان أعلم أهل زمانه في الحكمة، متقناً لجميع فنونها ـ كما قال صاحب السلافة. له الأسفار الأربعة، وشرح أصول الكافي للشيخ العلامة الكليني وتفسير بعض السور القرآنية و(كسر الصنام الجاهلية) و(شواهد الربوبية) وغيرها من المؤلفات القيمة.توفي في البصرة في حال توجهه إلى الحج وذلك سنة 1050هـ جاء ذلك في الكنى والألقاب، ج2، ص372. ويعد هذا العالم الجليل الذي قرن علمه بالعمل من شيعة أهل البيت المعروفين.
9- كتاب علم الاجتماع الأدبي للمؤلف، د. حسين الحاج حسن.
10- مجلة المعرفة السوية، العدد 150، ص27.
11- سورة العلق: الآية 1.
12- سورة الزمر: الآية 9.
13- سورة المجادلة: الآية 11.
14- سنن ابن ماجه، ج1، ص50 رواه أنس عن الرسول (صلّى الله عليه وآله).
15- مجمع الزوائد، ج1، ص121 رواه الإمام احمد بإسناد صحيح


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

فزت و ربِّ الكعبة
ترجمة الإمام علي زين العابدين ( عليه السلام )
موقف الامام الرضا عليه السلام من الحكم
من الغالب الحسين عليه السلام ، أم يزيد ؟
صور التقية في كتب العامة
وصايا الإمام الحسن المجتبى(ع)
مع الثورة الحسينية
وصاياالامام علي بن الحسين زين العابدين عليه ...
استهداف نبي الرحمة (ص) من الراهب بحيرى حتى براءة ...
كرامات السيدة المعصومة (عليها السلام)

 
user comment