عربي
Sunday 12th of May 2024
0
نفر 0

التحريف بالزيادة

التحريف بالزيادة

وهناك معنى آخر من التحريف اتفقوا على عدم وقوعه في القرآن، ولا خلاف في ذلك، وهو التحريف بالزيادة، اتفق الكل وأجمعوا على أنّ القرآن الكريم لا زيادة فيه، أي ليس في القرآن الموجود شيء من كلام الادميين وغير الادميين، إنّه كلام الله سبحانه وتعالى فقط.

نعم ينقلون عن ابن مسعود الصحابي أنّه لم يكتب في مصحفه المعوّذتين(1) ، قال: لانّهما ليستا من القرآن.

إلاّ أنّ الكل خطّأه، حتّى في رواياتنا أيضاً خطّأه الائمّة سلام الله عليهم.

____________

(1) مسند أحمد 5 / 129، الاتقان في علوم القرآن 1 / 271.


الصفحة 15


فليس في القرآن زيادة، وهذا معنى آخر من التحريف.

التحريف بالنقصان

المعنى الذي وقع فيه النزاع هو التحريف بمعنى النقصان: بأن يكون القرآن الكريم قد وقع فيه نقص، بأن يكون غير مشتمل أو غير جامع لجميع ما نزل من الله سبحانه وتعالى بعنوان القرآن على رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، هذا هو الامر الذي يُتّهم الشيعة الاماميّة بالاعتقاد به.


الصفحة 16


 


الصفحة 17


 

تنبيهان

 

الاول: نفي قصد التغلب في البحث العلمي

قبل كلّ شيء، لابد من أن أُذكّركم بمطلب ينفعنا في هذا البحث وفي كلّ بحث من البحوث:

دائماً يجب أن يكون الذين يبحثون في موضوع من المواضيع العلمية، وبعبارة أُخرى: على كلّ مختلفين في مسألة، سواء كان هناك عالمان يختلفان في مسألة، أو فرقتان وطائفتان تختلفان في مسألة، يجب أن يكونوا ملتفتين وواعين إلى نقطة، وهي أن لا يكون القصد من البحث هو التغلّب على الطرف الاخر بأيّ ثمن، أن لا يحاولوا الغلبة على الخصم ولو على حساب الاسلام والقرآن، دائماً يجب أن يحدّد الموضوع الذي يبحث عنه، ويجب أن يكون الباحث ملتفتاً إلى الاثار المترتّبة على بحثه، أو على الاعلان عن وجهة نظره في تلك المسألة.


الصفحة 18


لاحظوا لو أنّ السنّيّ إتّهم الطائفة الشيعية كلّها بأنّهم يقولون بنقصان القرآن، فهذا خطأ إن لم يكن هناك تعصّب، إن لم يكن هناك عداء، إن لم يكن هناك أغراض أُخرى، هذا خطأ في البحث.

فيجب على الباحث أن يحدّد موضوع بحثه، فالتحريف بأيّ معنى ؟ قلنا: للتحريف معاني متعددة، ثمّ إنّك تنسب إلى طائفة بأجمعها إنّهم يقولون بتحريف القرآن، هل تقصد الشيعة كلّها بجميع فرقها، أو تقصد الشيعة الامامية الاثني عشرية.

لو قرأت كتاب منهاج السنة لرأيته يتهجّم على الطائفة الشيعية بأجمعها وبجميع أشكالها وأقسامها وفرقها، إذا سألته بأنّ هذه الاشياء التي تنسبها إلى الشيعة هم لا يقولون بها، يقول: إنّما قصدت الغلاة منهم، إنّك تسبّ الشيعة بأجمعها، ثمّ عندما تعتذر تقول قصدت بعضهم، هذا خطأ في البحث إنْ لم يكن غرض، إن لم يكن مرض.

إذن، يجب أن يحدّد البحث، فتقول في الطائفة الشيعية الاثني عشرية من يقول بتحريف القرآن بمعنى نقصان القرآن، لا أن تقول إنّ الشيعة تقول بتحريف القرآن، التحريف بمعنى النقصان، ففي الشيعة من لا يقول بتحريف القرآن، في الشيعة من لا يقول بنقصان القرآن، في الشيعة من ينفي نقصان القرآن، فكيف تنسب إلى كلّهم


الصفحة 19


هذا القول.

فلو أنّ شيعيّاً أيضاً بادر وانبرى للدفاع عن مذهبه، وعن عقائده، فاتّهم السنّة كلّهم بأنّهم يقولون بتحريف القرآن، وبنقصانه، إذن، وقع وفاق بين الجانبين من حيث لا يشعرون على أنّ القرآن محرّف وناقص، وهذا ممّا ينتفع به أعداء الاسلام وأعداء القرآن.

فلا يصحّ للشيعي أن ينسب إلى السنّي أو إلى السنّة كلّهم بأنّهم يقولون بتحريف القرآن ونقصانه، كما لا يصحّ للسنّي أن يطرح البحث هكذا.

 

الثاني: طرح البحث تارة على صعيد الروايات وتارة على صعيد الاقوال

في كلّ بحث، تارة يطرح البحث على صعيد الروايات، وتارة يطرح البحث على صعيد الاقوال، وهذا فيه فرق كثير، علينا أن ننتبه إلى أنّ الاقوال غير الروايات، والروايات غير الاقوال، فقد تكون هناك روايات وأصحاب المذهب الرواة لتلك الروايات لا يقولون بمضامينها ومداليلها، وقد يكون هناك قول وروايات الطائفة المتفق عليها تنافي وتخالف ذلك القول.

إذن، يجب دائماً أن يكون الانسان على التفات بأنّه كيف


الصفحة 20


يطرح البحث، وما هو بحثه، وما هي الخطوط العامّة للبحث، وما هو الموضوع الذي يبحث عنه، وكيف يريد البحث عن ذلك الموضوع، هذا كلّه إذا كان الغرض أن يكون البحث موضوعياً، أن يكون البحث علميّاً، لا يكون فيه تهجّم أو تعصّب أو خروج عن الانصاف.

فالنقطة التي أُؤكّد عليها دائماً هي: أنّ أبناء المذهب الواحد إذا اختلفوا في رأي، عليهم أن يطرحوا البحث فيما بينهم بحيث لا ينتهي إلى الاضرار بالمذهب، وأيضاً الطائفتان من المسلمين، إذا اختلفتا في رأي، في قضيّة، في مطلب، عليهما أن يبحثا عن ذلك الموضوع بحيث لا يضرّ بالاسلام كلّه، بحيث لا يضرّ القرآن كلّه.

أيصح أنّك إذا بحثت مع سنّي حول شيء من شؤون الخلافة مثلاً، وأراد أن يتغلّب عليك فيضطرّ إلى إنكار عصمة النبي مثلاً، هذا ليس أُسلوب البحث، هذا غرض من الباحث، وقد شاهدناه كثيراً في بحوث القوم، وهذا من جملة نقاط الضعف المهمّة الكبيرة عندهم، إنّهم إذا تورّطوا، وخافوا من الافحام، نفوا شيئاً ممّا لا يجوز نفيه، أو أنكروا أصلا مسلّماً من أُصول الاسلام.

وعلى كلّ حال، فهذه أُمور أحببت أنْ أُذكّركم بها، لانّها تفيد دائماً، وفي بحثنا أيضاً مفيدة جدّاً.


الصفحة 21


لا يمكن أن ننسب إلى السنّة كلّهم أنّهم يقولون بنقصان القرآن، هذا لا يجوز، كما لا يجوز للسنّي أن ينسب إلى الطائفة الشيعية الاثني عشرية أنّها تقول بنقصان القرآن، هذا لا يجوز.

ثمّ على كلّ باحث أن يفصل بين الروايات، وبين الاقوال، وهذا شيء مهم جدّاً، ففي مسألة تحريف القرآن بمعنى النقصان، تارة نبحث عن الموضوع على صعيد الروايات، وتارة نبحث عن الموضوع على صعيد الاقوال، والروايات والاقوال تارةً عند السنّة، وتارة عند الشيعة الامامية الاثني عشرية.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الحب بعد الأربعين
زيارة أئمة البقيع: الإمام جعفر الصادق
سيرة الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
في تأويل قوله تعالى قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ ...
الثورة الحسينية اسبابها ومخططاتها القسم الاول
رؤية العارفين أرقى من الرؤية البصرية
قوّة المسلمين في وحدتهم
ما هو اسم الحسين عليه السلام
ما بين التفكر و ((التأمل الارتقائي))
رسم المصحف وقواعده

 
user comment