الإمام المهدی وطول العمر
من القضایا المهمة المرتبطهبالامام المهدی الموعود طول عمره، فان عمرالامام المهدی بدأ من سنة ولادته (عام 255) وهو مستتمر الی هذا الوقت(1426هجریة قمریة) والی زمن الظهور، ولا یدری متی یکون، وسیستمر بعده الی وقت الوفاة.
وعلی کل حال فان هذا المقدار من العمر الطویل وغیر العادی لم یعرف مثله
فی هذه العصور، ولعل الاعتقاد بهذا المقدار من العمر صعب علی بعض الناس ولهذا فانه یحتاج الی الدراسة والبحث، والتحقیق العلمیُ والطبّی وهولیس وللاسف من إختصاصی ولا أنه من صلاحیتی.
إن اکتشاف العلل وتحدید العوامل المؤدیة إلی طول العمر والشیخوخة والموت یحتاج إلی سلسلة من اللتحقیقات العمیقهوالواسعة التی تتم بواسطة جماعة من العلماء المختصین فی علوم متنوعة مثل علم الأَحیاء والطب وعلوم التغذیة والصحة والعلاج، وعلم المعرفة بالانسان وعلم الاجتماع وغیر ذلک من العلوم المرتبطة، وبتعاون هؤلاء المختصین واجتهادهم یمکن اکتشاف السر والسبب لطول عمر الانسان وایقافه علی المعلومات التی لو راعاها أمکنه أن یحافظ علی شبابه ویتمتع بالسلامة ویحظی فی المآل بطول العمر..
إن اکتشاف ما یضمن طول العمر لا یکون مفیداً للمعتقدین بالإِمام المهدی(عجل اللّه فرجه) فحسب بل ینفع جیع أبناء البشریة.
وهنا تجب الإِشارة والتذکیر بعدة نقاط:
1- ان الحد المتوسط فی عمر الاشخاص طیلة التاریخ وفی البلاد المختلفة لیس متساویة بل متفاوتٌ ومتغیر، وهذا التفاوت یرجع فی علله الی نوعیة التغذیة وکیفیتها ورعایة الامور الصحیة والتوقی من الامراض المعدیة والظروف البیئیة وتقدم العلوم الصحیة والطبیة.
2- إن عددا من الناس عاشوا أکثر من الحد المتوسط الذی عاشه أبناء نوعهم، وربما عاشوا مائة سنة. بل وربما عاش البعض استثناءً أکثر من مائة سنة، وبل وحتی ما یقرب من مائة وخمسین عاماً وهناک - حسب - الروایات من عاش مائتین سنة، وربما واصل الحیاة أکثر من ذلک بقلیل.
والنقطة الجدیرة بالتآمل ان أحدا من هؤلاء العلماء لم یعین سقفا معینا ً لعمر الانسان لا یمکن تجاوزه وان کان ذلک نادراً وبعیداً.
3- ان اللّه یحقق مشیئته عن طریق العلل والاسباب الطبیعیة ولکن قدرته لیست محدودة ولا أنها تنحصر فی العلل المتعارفة والمعروفة، بل یمکن ان یقوم بشییء عن طریق علل غیر معروفة کما یحدث ذلک فی موارد الاعجاز.
وعلی هذا الاساس یمکن القول بان وجود انسان معین وإِستمرار حیاته لمدة طویلة لو کان أمراً ضروریاً فان اللّه قادر علی أن یوفر العلل والاسباب الطبیعیة أو حتی غیر الطبیعیة لذلک، فلا یمکن إِنکار تصور أن یعمَّر شخص استثنائی مائة او ألف سنة، أوآلاف السنین.
4- ان علل والشیخوخة والموت لیست معروفة لنا، فاننا لا نملک دلیلاً علی أن جمیع أبناء البشر یشیخون ویفقدون قواهم الجسمیة فی سنین معینة علی وجه التحدید.
5- لقد أُشیر فی التاریخ الی أفراد مخصوصین أنهم عمَّروا مدداً طویلة جداً بل الف سنة بل وأکثر وطبعاً اثبات مثل هذه الاعمار الطویلة یحتاج الی دلیل قطعی ولکن لا یمکن ولا یجوزالتردید والشک فی اصل امکانیة ذلک .
إِن من الذین عمَّروا طویلاً جداً فی التاریخ هو النبی نوح وقد نص القرآن علی أن نوحاً لبث تسعمائة وخمسین عاماً یدعو قومه الی عبادة اللّه، ولکنه واجه مخالفة أکثریة الناس حتی أمطرت السماء مطراً غزیرا ووقع الطوفان وهلک جمیع الکفار ولم یبقَ إِلا هو ومن معه من المؤمنین به، الذین رکبوا معه السفینة فنجوا.
یستفاد من هذه الآیة ان النبی نوحا دعا قومه مدة تسعمائة وخمسین عاما .
علی أنه لیس معلوماً جیداً فی أی سن بعث بالنبوهکما أنه لیس من المعلوم أنه کم عاش بعد الطوفان ولن یستفاد أنه عاش أکثر من ألف سنة.
«وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَ هُمْ ظالِمُونَ. فَأَنْجَيْناهُ وَ أَصْحابَ السَّفِينَةِ وَ جَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ».[808]
وعلی هذا الاساس یکون القرآن الکریم الذی هو سند قطعی وغیر قابل للانکار قد أید وجود عمر یتجاوز ألف سنة، فإذا قبلنا بهذا القدر من العمر لم یعد من الممکن إِنکار ماهو اکثر من ذلک.