ذكر ما نورده من اجابة الدعاء في رجب
نذكر الحديث مختصرا ، وهو ان رجل مر برجل أعمى مقعد ، فقال : اما كان هذا يسأل الله تعالى العافية ، فقيل له : اما تعرف هذا ؟ هذا الذي بهله بريق ( 1 ) - وكان اسم - بريق عياضا - فقال ادع لي
عياضا ، فدعاه ، فقال : حدثني حديث بني الضيعاء ، قال : انه حديث جاهلية وانه لا اردت لك به في الإسلام ، فقال : ذاك احرى ان تحدثنا ، قال : ان بني الضيعاء كانوا عشرة وكانت اختهم تحتي ، فأرادوا أن ينزعوها مني ، فنشدتهم الله تعالى
والقرابة والرحم ، فابوا الا ان ينزعوها مني ، فامهلتهم حتى دخل رجب مضر ( 2 ) شهر الله الحرام ( 3 ) ، فقلت : اللهم ادعوك دعاءها جاهدا على بني الضيعاء ، فاترك واحدا كسيرا الرجل ودعه قاعدا اعمى ذا قيد ، يعني القائد .
اقول : ورأيت في رواية اخرى عوض : اللهم ، يا رب . قال : فهلكوا جميعا ليس هذا ( 4 ) ، فقال : بالله ما رأيت كاليوم حديثا اعجب ، فقال رجل من القوم : أفلا أحدثك بأعجب من هذا ؟ قال : حدث حتى تسمع القوم . قال : اني كنت من حي
من احياء العرب فماتوا كلهم ، فأصبت مواريثهم ، فانتجعت ( 5 ) حيا من احياء العرب يقال لهم : بنو مؤمل ، كنت بهم
زمانا طويلا ، ثم انهم ارادوا اخذ مالي ، فناشدتهم الله تعالى ، فابوا الا ان ينتزعوا مالي ، وقد كان رجل منهم يقال له :
رباح ، لقال يا بني مؤمل جاركم وخفيركم ( 6 ) لا ينبغي لكم اخذ ماله ، قال : فاخذوا مالي ، فامهلتهم حتى دخل رجب مضر شهر الله الحرام ، فقلت :
* ( هامش ) *
1 - بهله : لعنه .
2 - في خطبة النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع : ( . . . ان عدة الشهور عند الله اثنى عشر شهرا ، منها اربعة حرم : ثلاثة ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ) وذلك للاحتراز من رجب ربيعة لانها كانت تحرم رمضان وتسميه رجبا ، فبين عليه السلام انه رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ، لا رجب ربيعه الذي يقع بعد شعبان .
3 - في جميع المواضع : المحرم ( خ ل ) .
4 - ليس هذا يعني غير هذا .
5 - انتجع الكلا : طلبه في موضعه : انتجع فلانا ، طلب معروفه وجواره .
6 - خفره : اجاره ومنعه وحماح وآمنه ، الخفير : يطلق على المجير والمجار المراد هنا المجار . ( * )
اللهم ازلها عن بني المؤمل وارم على اقفائهم بمكتل ( 1 ) بصخرة أو عرض جيش جحفل ( 2 ) الا رباحا انه لم يفعل اقول : ورأيت في رواية اخرى عوض : اللهم ، يا رب اشقاني بنو المؤمل فارم - ثم ذكر تمامها : قال : فبينما هم يسيرون في
اصل جبل أو في سطح جبل إذ تداعى عليهم الجبل ، فهلكوا جميعا الا رباحا ، فانه نجاه الله تعالى ، فقال : والله ما رأيت كاليوم حديثا أعجب ، فقال رجل من القوم : أفلا أحدثك بأعجب من ذلك ؟ فقال : حدث حتى يسمع القوم . فقال : ان أبي
وعمي ورثا أباهما ، فأسرع عمي في الذي له وبين مالي فأراد بنوه ان ينزعوا مالي ، فناشدتهم الله تعالى والقرابة والرحم ، فابوا الا ان ينزعوا مالي ، فامهلتهم حتى دخل رجب مضر شهر الله فقلت : اللهم رب كل آمن وخائف وسامعا نداء كل هاتف
ان الخناعي أما يقاصف ( 3 ) لم يعطني الحق ولم يناصف فأجمع له الأحبة الألاطف ( 4 ) بين القرآن السوء والتراصف ( 5 ) .
* ( هامش ) *
1 - مكتل - كمنبر - الشديدة من شدائد الدهر .
2 - جيش جحفل : كثيف مجتمع .
3 - الخناعى : نسبة الى خناعة ( كثمامة - ابن سعد بن هذيل بن مدركه بن الياس بن مضر ، القصف : الكسر ، أي يا رب لا تقصف ولا تكسر الخناعى والحال انه لم يناصف ولم يعطني النصف .
4 - الأحبة : الاخلاء .
5 - القرآن - بالكسر - التتابع اثنين اثنين ، التراصف : التتابع والانضمام كلا . ( * )
قال : فبينما بنوه وهم عشرة في بئر ، إذ انهارت عليهم البئر وكانت قبورهم ، فقال : بالله ما أريت كاليوم حديثا أعجب ، فقال القوم : اهل الجاهلية كان الله يصنع بهم ما ترى فأهل الاسلام أحرى بذلك ، فقال : ان أهل الجاهلية كان الله يصنع بهم ما
تسمعون ليحجز بعضهم عن بعض ، وان الله جعل الساعة موعد اهل الاسلام والساعة أدهى وأمر . قال راوي هذا الحديث : هذه قصة عجيبة مشهورة تروى من وجوه ، وقال : معنى بهله أي لعنة ، من قول الله : ( ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) ( 1 ) .
اقول : وروي غير هذه الروايات ، وانما اقتصرنا على ما ذكرناه ليكون انموذجا في بيان اجابة الدعوات ( 2 ) .
* ( هامش ) *
1 - آل عمران : 61 . 2 - عنه البحار 97 : 41 .
source : sibtayn